Skip to main content

مقدمة الناشر

"المريمات الثلاث كما وردت في الأناجيل" كتاب جمع فيه الكاتب – إدوارد دينيث – تأملاته التي حصلها لنفسه عندما توقف عند كل إناء من هذه الأواني المكرسة للرب. وهذا ما نحتاج إليه نحن أيضاً لكي نتوقف عند تلك الاختبارات ونتعلم. هذه الشخصيات النسائية اللاتي ارتبطن بالرب أثناء حياته على الأرض وموته ودفنه وقيامته، ثم اندمجن بعد ذلك في كنيسة الله على الأرض بعد ارتفاعه إلى السماء نرى فيهن نشاط النعمة والتدريب الإلهي الذي قادهن في الظروف المتنوعة إلى تمجيد الله والإتيان بأثمار نافعة. إن كلاً منهن متميزة عن الأخرى في الإعداد والتدريب الإلهي وكذلك في الثمر النفيس – ولكن جميعهن في جنة الرب يحق أن يقال عنهن بلغة عريس النشيد وهو يصف عروسه: "أختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم. أغراسك فردوس رمان مع أثمار نفيسة. فاغية (أي حناء) ونادرين. نادرين وكركم. قصب الذريرة وقرفة مع كل عود اللبان. مر وعود مع كل أنفس الأطياب. ينبوع جنات. بئر مياه حية وسيول من لبان" (نش 4: 13 - 15). هذا هو التنوع في الأثمار الذي يملأ جنة الرب إنه غرس الآب الذي لا يمكن أن يقلع وهو الساهر على تلك الغروس لينقيها تارة بالضيق والتأديب وتارة بالأحزان والضروريات وأخرى بالأوجاع والاضطهاد حتى تثمر جنته.

إن النفس التي بلا تدريب هي بلا ثمر. والذين يظنون أن الثمر يأتي من كثرة الخدمة والاهتمام بها كما كانت تخدم مرثا قديماً فإنهم لم يتعلموا بعد الجلوس عند قدمي الرب وتعلم أقواله أولاً – فالحاجة ماسة إلى الدرس الذي أتقنته مريم. والذين يخدمون الرب على مبدأ مرثا أي بالطريقة التي تحلو لهم دون أن يعرفوا طرق الرب وأساليبه الصحيحة في الخدمة فإنما يكدرون أنفسهم ويصنعون الشقاقات والعثرات مع إخوتهم ولا يرضون الرب، مع أن بواعثهم قد تهدف إلى مجد الرب بإخلاص. والذين يسيرون على هذا المبدأ كثيرون ممن يخدمون.

وليست النقطة هنا هو منع هؤلاء الذين يخدمون بهذا الأسلوب أو حتى تقديم النصيحة لهم بالامتناع عن الخدمة بل السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أنا إناء نافع لخدمة الرب؟ وهل يمكن أن يستخدمني الله لمجده؟ وما هي المؤهلات الأدبية والكتابية التي تتطلبها مني خدمة كهذه؟ وإذا أرى في نفسي الفشل والعجز إزاء تلك المسئولية فإنني عندئذ أنطرح عند قدميه طالباً أن أتعلم ما هو مكتوب واضعاً نفسي تحت تصرفه لكي ينقيني ويطهرني بكلمته فأتذلل وانسحق أمامه...... "ومن هو كفؤ لهذه الأمور؟" لقد فشلت مرثا في (لوقا 10) فاضطر الرب أن يجيزها في امتحان صعب وهو موت لعازر في (يوحنا 11) وما أمره درس ولكن لا مفر منه لتدريبها وتعليمها وما لبث الروح القدس يشهد لنجاحها في خدمة الرب بشكل صحيح في (يوحنا 12). وأمام مريم فهي مثال للمسيحيين في تقديم السجود. وقد نالت تقديراً عظيماً من الروح القدس الذي أشاد بعملها هذا، كما نالت من الرب نفسه مدحاً وتقديراً لما فعلته، هذا الذي يرتبط بانتشار الإنجيل في كل العالم كذكرى لها.

عندما نرى بين بعض المسيحيين الرغبة السائدة للتبشير بالخلاص بين الخطاة دون أن يصاحبه في نفوسهم الرغبة في تقديم السجود للرب فهذا يجعلنا نتشكك في نقاوة هذا الاتجاه. صحيح أننا نفرح بعمل التبشير وهذا من جهة، غير أنه من جهة أخرى ما لم تتدرب النفوس التي تخدم أن تأخذ مكانها في السجود بين القديسين فلن تصبح لخدمتهم قوة روحية ولا غرضاً صحيحاً. إن الإتيان بالنفوس للمسيح لتتمتع بعمله وتقبله مخلصاً هو التبشير الصحيح ومتى تمتعت النفس بخلاصها وقبلت عطية الروح القدس أمكن لها أن تأخذ مكانها بين الساجدين.

وما أغنى الدروس التي يريد الروح القدس أن يدربنا فيها أيضاً كلما قرأنا عن المواقف المختلفة في حياة مريم أم ربنا يسوع ومريم المجدلية إنها أثمار حلوة وشهية. نصلي أن تكثر وتنمو ليس بين القديسات فحسب بل لكل شعب الله أيضاً.

 

يوليو 1993 ثروت فؤاد

  • عدد الزيارات: 3010