فيلبس المبشر - مناسون
ثم نقرأ عن بيت فيلبس المبشر (أعمال21: 8- 14). وفيلبس هو الرجل الوحيد المشار إليه في الكتاب أنه مبشر. ونقرأ شيئاً عن أعماله في الإصحاحات الأولى من هذا السفر، ومع مجهوداته نرى حقيقة أخرى فقد كانت له أربع بنات يتمسكن بالحق. نعم فالإنجيل كان له قوة في بيته. لقد كان أميناً فيما للغير (لوقا16: 12، أعمال6: 4- 6)- أي في الخدمة المالية الموكولة إليه بين الأرامل في الكنيسة- فأصبح موضع ثقة واتصف بالغنى الحقيقي. أما بناته فكُنَّ يتنبأن، ومن الواضح أنهن كُنّ يمارسن خدمة النبوة في مجالهنّ الخاص، لأن بولس كان قد جاءه التحذير من السفر إلى أورشليم بواسطة أغابوس الذي أرسله الله من اليهودية على الرغم من وجوده في بيت فيلبس. والله لا يعمل إلا طبقاً لمبادئ كلمته. ونحن نسعد فعلاً عندما نرى الأخوات يرتضين أن يعملن داخل المجال المُعطى لهن من الله. إنه مجال واسع لخدمة الأخوات ولكن لا يتخذن مكان التسلط على الرجل (1تي2: 12).
وفي النهاية نقول أن بنات فيلبس كُنّ عذارى ألعل الطهارة هي سمة بيوتنا؟ إن العدو يسعى بخططه أن يُفسد بيوتنا. أيمكننا أن نستثني من ذلك دولاب ملابسنا. لقد كانت خلدة النبية حارسة الثياب ولم يكن أمراً غير متوقع أن تعرف فكر الله في أيام الخراب (2ملوك22: 14- 20). والكثير من الشابات تركن المقادس وحماية بيت آبائهن وفي تمرد وطيش فقدن تعففهن سريعاً. ولا ننسى المرأة الصخَّابة الجامحة في أمثال7 الملقَة بكلامها والتي لا تستقر قدماها في بيتها، وهي زانية متملقة، مدفوعة بشهواتها البغيضة. ويا لها من مفارقة هائلة أن نرى أخوات لهن الروح الوديع الهادئ (1بط3: 4)، وثيابهن تتفق مع روحهن.
وكان لبولس مسرة في البقاء مع شخص صرف حياته في خدمة الإنجيل. ولقد اتخذ بولس ذات الخطوة التي اتخذها فيلبس قبلاً من جهة خدمة الإنجيل. ومما لا شك فيه إنه امتياز لنفوسنا أن نُصغي إلى الحديث الذي كان يدور بينهما. ومن المهم كذلك لأولئك الناشطين في عمل الإنجيل أن يضعوا أيديهم في يد بولس. دعونا ألا نبالغ في التأكيد على بساطة الإنجيل ويكون ذلك على حساب مقاصد الله.
ومن البيت السعيد لفيلبس، انتقل بولس بعد ذلك إلى بيت مناسون الذي من قبرص ولا يقال شيئاً كثيراً عن مناسون ولكنه تلميذ قديم. إنها شهادة عظيمة أن نرى أخاً قديماً أو أختاً في اتباع مستمر للرب، وقد نجد كثيرين ممن كان لديهم موهبة بارزة وهم لم يتوقفوا فقط عن أن يكونوا تلاميذ للرب بل تركوا طريق الطاعة. إن بولس قَدَّر أمانة هذا الأخ وهكذا نحن نُقدّره. وعلينا أن نحسب أولئك الشيوخ المدبرين حسناً أهلاً لكرامة مضاعفة. كرامة لأجل شيخوختهم، وكرامة مضافة لأجل الأسلوب الذي به يمارسون مسئولياتهم الموضوع على عاتقهم من قبل الله. ولا ننسى هذا العقاب الخطير الذي نزل على الصبية الذين سخروا بصلعة أليشع (2ملوك2: 24). وربما تعلّم أولئك الصبية أسلوب الكلام هذا من والديهم المتكاسلين؟ فكيف نسوا التحذير "من أمام الأشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ وتخشى إلهك" (لاويين19: 32).
إن رغبة الله أن يتوافق الشيوخ والشباب معاً في وحدة وانسجام (انظر زكريا 8: 4). ولا يجب أن يكون هناك بين قديسي الله ما يسمى بصراع الأجيال. وكم يكون مهماً أن يدعو الإخوة الشباب الشيوخ لبيوتهم، وأن يسعى الإخوة الشيوخ إلى أن تمتد شركتهم بالصغار. إنه اجتماع مبارك بل وبيت سعيد الذي يتوافر فيه الاحترام المتبادل بين الصغار والكبار على السواء (مزمور133: 1).
إن الكثير من الشيوخ القديسين الأعزاء مثل مناسون يعيشون في جزيرة نائية أو أماكن منعزلة وبعيدة. إنهم محرومون من شركة الأصدقاء. فهل أولئك الذين منا يتمتعون بالصحة والطاقة يذهبون إليهم؟ لقد فعل بولس كذلك.
- عدد الزيارات: 5508