Skip to main content

تعليم بولس

والآن نتكلم تفصيلاً عن هذه الأمور:

أولاً: المؤمن تبرر من كل شيء

في أعمال13 ولأول مرة نسمع صوت الوحي يكرز بلسان بولس. وفي العدد39 يضيف بولس إلى كل ما سبق أن كُرز به وإلى كل الحق الثمين الذي نُودِيَ به. يقول الرسول "بهذا (أي في المسيح) يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبروا منه بناموس موسى" (أي من كل لوم أو عيب أو خطأ). وبولس وحده هو الذي علّم أن المؤمن هو "في المسيح" (رومية8: 1). ولاحظوا أن بطرس يخبرنا عن غفران الخطايا وعن المجد العتيد. لكن بولس يخبرنا عن المسيح إنه "حياتنا" (كولوسي3: 4) وإن المسيح هو "برنا" 1(كورنثوس1: 30). وإننا "أُقمنا مع المسيح" (كولوسي3: 1). وإننا "أُجلسنا معه في السماويات" (أفسس2: 6). وفي يوم آتٍ عن قريب سوف "نتمجد أيضاً معه" (رومية8: 17).

فياله من إعلان غني ومبارك في الحاضر ومجيد في المستقبل. ويا صديقي المؤمن، ليتنا نفرح في هذا الإعلان وليتنا نعيش ونعمل به. وليت الحق الذي فيه يضيء حياتنا, وليتنا نتمسك بقوة به، وليت إعلان النعمة هذا يُنشّط ويُزيد من محبتنا لله ولبعضنا البعض.

ثانياً: الحق الخاص بالجسد الواحد

هذا الحق لم يُعلن في كتب العهد القديم. هذا حق خاص بالكنيسة وحدها. نحن نجد في (خروج19: 6) أن الرب قال لموسى: "وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة" كانت هذه هي إرادة الله لهذا الشعب، ولكنهم فشلوا في هذا فشلاً ذريعاً، وكأمة هم الآن مطروحون جانباً، لكن في المستقبل سوف يحقق الله قصده من جهتهم، عندما، بالنعمة، سيُحضَرون إلى ملء البركة في الزمن الألفي.

تكونت الكنيسة كجسد للمسيح في يوم الخمسين عندما اعتمد جميع المؤمنين بالروح القدس إلى جسد واحد اقرأ (1كورنثوس12: 12و13). وكلمة كنيسة تعني بكل بساطة "أناساً مدعوين أو مدعوين للانفصال". وعلى هذا فإن جميع المؤمنين في كل تدبير هم مدعوون لينفصلوا معاً. لكنها عندما يُنظر إليها كجسد المسيح يُقصد بها الكنيسة كجسد المسيح الذي تكون يوم الخمسين هذا الإعلان العجيب أخذه بولس من المسيح الممجد (أفسس3: 1-6) "إنه بإعلان عَرّفني بالسر.. الذي في أجيال أخر لم يُعرّف به بنو البشر كما قد أُعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح أن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده في المسيح بالإنجيل". أما باقي الرسل فقد تعلّموا هذا الإعلان من بولس بالروح القدس.

والآن روح الله يربط (أو يُتحد) كل مؤمن حقيقي بالمسيح، 1(كورنثوس12: 12و13) حتى إن كل اتحاد لجماعة دينية أو طائفة أخرى ليس لها سند كتابي. إن المسيح وكنيسته (التي تضم جميع المؤمنين) هم واحد.. "لأننا أعضاء جسمه من لحم ومن عظامه" (أفسس5: 30). ويا له من إعلان عن النعمة وعن المحبة، فليت قلوبنا تشدو بسبحه وبحمده.

ثالثاً: المعنى الخاص لعشاء الرب

من قبل أن يعلن الله إعلاناته لبولس كان التلاميذ وعدد من المؤمنين، يكسرون الخبز ويصنعون ذكرى موت الرب. "كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أعمال2: 42). وبعد ذلك جاء بولس وأضاف لهم بركة هذا الحق وهو أن الخبز الواحد (الرغيف الواحد) رمز لوحدانية المؤمنين مع المسيح. هذا تَسلّمه من الرب أي بإعلان (انظر 1كورنثوس10: 15-17) وأيضاً 1كورنثوس11: 23-26).

ونحن لا نذكر الرب في يوم السبت (أي في يوم الراحة) لأن السبت الذي أعطي لإسرائيل هو حجة الله عن راحة خليقة آدم. لكن يوم أول الأسبوع (يوم الرب) هو يوم المسيحي، لأنه علامة الخليقة الجديدة ونحن جزء منها، (2كورنثوس5: 17) "إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً".

إن التلاميذ الأوائل كانوا يكسرون خبزاً في أول الأسبوع كما نتعلّم هذا من (أعمال20: 7) ونستطيع أن نقول إنه في اللحظة التي تُخطف الكنيسة للمجد، فحينئذ يبدأ (من جديد) يوم السبت (يوم الراحة) الذي سيعتبره الله يوم راحته وسوف يرتاح في ذلك اليوم شعبه "القديم" (اقرأ حزقيال46: 1-12) لكن في المسيحية نعرف إن حائط السياج المتوسط (أي العداوة) قد نُقض، وصار اليهودي والأممي واحداً في المسيح (أفسس2: 13-22). الجميع (أي جميع المؤمنين) صاروا الآن أعضاء جسد المسيح. والخبز قبل أن يُكسر يمثل هذا الحق الثمين حتى إننا لانكسر الخبز كخطاة مغفوري الخطايا أو كقديسين بل عندما نكسره الآن نفعل ذلك كأعضاء في جسد المسيح. إنه يُكلّمنا عن موت المسيح لأجلنا وما أعظم أن نتفكر في رب المجد ميتاً لأجلنا.

إن موت المسيح هو نهاية تاريخ آدم. وهكذا نكسر الخبز كخليقة جديدة في المسيح يسوع، متفكرين في عمق المحبة الإلهية مصورة في آلامه وموته. إننا الآن "أمام الله في المحبة". هذه حقيقة مباركة وثمينة ولا يُعبّر عنها لسان بشر، ولا يصل إليها إدراك إنسان. وإنما سنُدرك على صورة أفضل عندما نسبحه ونغني له في المجد.

رابعاً" مجيء المسيح ليأخذ عروسه

إن مجيء المسيح ليأخذ عروسه في صفته المسيحية الحقيقية، إنما يعلنه بولس فقط. لقد ذُكر مجيء المسيح في العهد القديم، لكنه يأتي كديّان، في كل مرة ذُكر فيها مجيئه هناك ولكي يُقيم ملكوته على الأرض. والمرة الأولى التي فيها يذكر المجيء هي في (يوحنا14: 1-3). ولاحظوا إنه لا ذكر في هذا المجيء المسيحي إلى حروب أو أوبئة أو مجاعات لأن هذه الأمور تسبق مجيء الرب إلى الأرض ليُقيم ملكوته، لكنها لا تذكر كأمور تسبق مجيئه لقديسيه السماويين.

وفي (1تسالونيكي4: 13-18) يُخبرنا بولس أنه تسلّم هذا الحق الثمين من الرب. وفي تلك الأعداد يعطينا ذلك الرجاء المسيحي الحاضر، إننا ننتظر ابن الله من السماء ونجتهد أن نذيع هذه البشارة لكي يخلص الخطاة من الدينونة القادمة التي ستعقب مجيئه لقديسيه السماويين ومن العقوبة الأبدية التي تنتظر جميع الذين لم يؤمنوا بالإنجيل.

والمسيح المُقام والمُرفع هو الباكورة، وبعد ذلك الذين هم له (سيلحقوه) في مجيئه (1كورنثوس15: 32). وبيتنا الأبدي هو في السماء (2كورنثوس5: 1). وعلى الأرض فسوف يتبارك إسرائيل (1) (انظر أشعياء62: 7 وصفنيا3: 20)[1].

فليت قلوبنا تتجاوب مع هذا الحق برغبة صادقة وحارة قائلة "آمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤيا22: 20).

خامساً: غائبون عن الجسد مستوطنون عند الرب

لكن قبل هذه الإعلانات الثمينة بفم بولس، ليست لدينا أية إعلانات كتابية عن الفترة التي بين الموت وقيامة الجسد. يقول الكتاب أو بالحري بولس: "يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود (عدم الفساد) بواسطة الإنجيل" (2تيموثاوس1: 9و10). هذه هي الأمور التي على تيموثاوس أن يتمسك بها والتي تعلّمها من بولس "تمسّك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني في الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع" (2تيموثاوس1: 13).

كان اللص المائت على الصليب، هو أول من سمع عن هذا الحق وهو أنه بالانطلاق من هذه الحياة معناه أن يكون "مع المسيح". كان ذلك إعلاناً فردياً لنفس ذلك اللص وحده. لكن في (فيلبي1: 23) أعطى ذلك الإعلان لجميع القديسين "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذلك أفضل جداً". وكذلك "نثق ونُسّر بالاولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب" (2كورنثوس5: 8). وفي لوقا16 ينـزاح الستار قليل عن مثل الغني ولعازر. يقول الرب: "مات المسكين وحملنه الملائكة إلى حضن إبراهيم". ونحن لم نُخبَر أين هو حضن إبراهيم.

لذلك أيها القارئ المسيحي لا تدع أي تعليم يسلب منك هذا الحق الثمين الذي أنير بواسطة إنجيل بولس. إن قيامة الرب يسوع هي الشاهد القوي على أن كل قوة الشيطان قد تحطمت بالموت بالنسبة للمؤمن: "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب إذ جَرّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه" (كولوسي2: 15) وأيضاً "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عبرانيين2: 14و15).

إن ربنا العزيز الغالي قد "ذاق" الموت في تلك الساعات الثلاث المظلمة لما حمل دينونة الله في جسده على الخشبة. والآن- تبارك اسمه، لن نذوق نحن الموت. وعن الموت بالنسبة للمؤمن المسيحي يقال "الراقدون بيسوع" 1(تسالونيكي4: 14) وبينما يرقد الجسد، فالروح "تتغرب عن الجسد وتستوطن عند الرب" (2كورنثوس5: 8). فلنُسبح اسمه من أجل هذه النعمة المتفاضلة.

سادساً: قيامة الجسد الممجد

وبولس وحده يعطينا هذا الإعلان الثمين إننا في القيامة ستكون لنا أجساد تناسب المجد كجسد المسيح، "الذي سيُغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يُخضِع لنفسه كل شيء" (فيلبي3: 21) وأيضاً "كلنا نتغير... فإنه سيُبَوَق فيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير، لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت.." 1(كورنثوس15: 51-54). إن الذين سبقونا ليكونوا مع المسيح سوف يكونون منتظرين على صورة أفضل منا ونحن على الأرض، "ونحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء" (1تسالونيكي4: 16و17). وهو سيلاقينا ويدخل بنا إلى بيت الآب بهذه التحية "ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله" (عبرانيين2: 13).

ســوف نطيــر باختطــاف

نلاقــي ربنــا الكرــم

نرقــى جميعــاً بهتـــاف

للسكنـى في المجـد العظيـم

وحولــه سنبقــى دومــاً

مهلليــــن هاتفيـــن

يشبعنــا معــاً جمالـــه

إلــى آبــاد الآبديــن


1-اشعياء 62: 7 "يا ذاكري الرب لا تسكتوا ولا تدعوه يسكت حتى يثبت ويجعل أورشليم تسبيحه في الأرض" صفنيا3: 20 "في الوقت الذي فيه آتي بكم وفي وقت جمعي إياكم لأني أصيركم اسماً وتسبيحة في شعوب الأرض كلها حين أرد سبيكم قدام أعينكم قال الرب".

  • عدد الزيارات: 3292