Skip to main content

الروح مصدر التعليم

قبل أن نتناول النقطة الأولى عن تعليم بولس ندير الالتفات إلى حقيقة أن بولس قد سيق بالروح القدس لأنه يخبرنا في رسالة غلاطية( ص1: 11و12) عن مصدر إنجيله: "وأعرفكم أيها الأخوة الإنجيل الذي بشرتُ به أنه ليس بحسب إنسان. لأنني لم أقبله من عند إنسان ولا عُلّمته. بل بإعلان يسوع المسيح".. و"كل الكتاب هو موحيّ به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر. لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" 2(تيموثاوس3: 16). لكن هناك بعض المعلنات الخاصة بخدمة بولس لم تُعط إلا بعد أن تمجّد المسيح من جهة الخطية ككل وبعد أن تمجّد المسيح كإنسان عن يمين الله.

وشيء مهم جداً أن يتأمل القارئ هذه الأمور، واضعاً في ذهنه ما قاله بولس للغلاطيين (ص1: 11و12). "إنه ليس بحسب إنسان... بل بإعلان يسوع المسيح". وهكذا يتكلم بولس عن الإنجيل في (غلاطية2: 2) بقوله "الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم" وفي (رومية2: 16) يقول عنه "حسب إنجيلي".

نعلم من العهد القديم، أن الله كان يعلم خطايا شعبه، لكن الجذور التي أنتجت هذه الشرور والتي أفرخت هذه الآثام لم تكن موضوع قصاص ودينونة. لكن الآن يقول بولس أن "الله سيدين سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح". (رومية2: 16). ولأجل هذا السبب يكشف بولس عن هذا الحق الثمين الذي أُعلن من السماء: إن إثم خطية المؤمن انمحى بمجرد إيمانه وأن المؤمن قد مات بموت المسيح حتى أن المؤمن وخطيته قد انمحيا تماماً من أمام الله. نحن الآن بالإيمان قد صرنا في المسيح. والمؤمن الآن يقوم أمام الله في حياة جديدة لم تخطئ على الإطلاق. هذا هو معنى عبارة "تبرير الحياة"... "فإذاً كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة" (رومية5: 18).

وكل بركة مسيحية هي هبة. هي ليست شيئاً نتوصل إليه بمجهودنا بل ننالها بالإيمان، وكل تحريض مسيحي يتأسس على ما حصّلنا عليه فعلاً. وقلب الله ونعمة الله هما المصدر لكل بركة. وإلى القارئ هذه العبارات الكتابية التي يُشير فيها بولس إلى ذلك الإنجيل الذي أؤتمن عليه. أولاً قوله "وأعرّفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضاً تخلصون إن كنتم تذكرون أي كلام بشّرتكم به إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثاً" (كورنثوس15: 1).

وقوله "ليُحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه إن ثبتم على الإيمان متأسسين وراسخين وغير منتقلين عن رجاء الإنجيل الذي سمعتموه المكروز به في كل الخليقة التي تحت السماء الذي صرت أنا بولس خادماً له. الذي الآن أفرح في آلامي لأجلكم وأكمل نقائض شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة. التي صرت أنا خادماً لها حسب تدبير الله المعطى لي لأجلكم لتتميم كلمة الله" (كولوسي1: 23-25) وأيضاً "أُذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي. الذي فيه أحتمل المشقات حتى القيود كمذنب لكن كلمة الله لا تُقيد". (2تيموثاوس2: 8و9). هذه العبارات الأخيرة سلمها بولس إلى تيموثاوس مثل قوله "الذي خلّصنا ودعانا دعوة مقدسة... بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية- وإنما أُظهرت الآن بظهور مخلّصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل الذي جُعلتُ أنا له كارزاً ورسولاً ومُعلّماً للأمم.." (2تيموثاوس1: 9 و10 و11). "وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً" (2تيموثاوس2: 2).

إن خدمة بولس هي التي قدّمت تلك البركة الخاصة بالكنيسة باعتبارها "عروس المسيح"، وهي لازمة لنا لنُدركها إن كنا نريد أن نسلك بفطنة وبأمانة في أيام الخراب. إننا ننتظر مجيء المسيح ليأخذنا إلى نفسه قبل وقوع القضاء على هذا العالم الرافض لابن محبة الله.

وهذه الحقائق الثلاث الهامة جداً التي هي من مميزات يوم النعمة هذا، ينبغي أن تُعرف جيداً من جميع أولاد الله.

أولها: الحق الخاص بالكنيسة كجسد المسيح.

ثانيها: دعوة الكنيسة السماوية لانتظار ابن الله من السماء.

ثالثها: حضور الروح القدس كأقنوم إلهي يسكن في المؤمن (1كورنثوس6: 9) وأيضاً حضوره لقيادة القديسين عندما يجتمعون للسجود وللخدمة (1كورنثوس14).

هنا يتغنى المؤمن بكلام المرنم القائل:

 

إذ ربنـــا رأس وملــؤه نحــن

فلينتف الخوف إذاً والشكُّ والحــزن

قد دخل السمــا كسابــق لنــا

وفي السما الآن بـه أيضــاً مقامنــا

بالروح مقرونــون برأسنـا القديــر

وحسب صورة الأمين جميعنـا نصيـــر

ففي الطريــق الآن تحفظنـا النعمــة

حتى نراه بالعيــان ونشكـر الرحمــة

  • عدد الزيارات: 3087