Skip to main content

الفصل الثاني: أوصاف الاختطاف

القراءة من الكتاب المقدس

"ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين, لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام, فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه. فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب أننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين. لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله, سوف ينزل من السماء, والأموات في المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزّوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام" (تسالونيكي4: 13-18)

في هذا الفصل يقول الرسول بولس أن مجيء الرب ثانيةً سيكون مصحوباً بعدة أشياء:

أولاً, بالحضور الملائكي. يقول الرسول: "لأن الرب نفسه بهتاف, بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء." ويذكرنا هذا, ولا شك, بالحضور الملائكي في المجيء الأول عند ولادة يسوع في بيت لحم. فقد ظهر ملاك الرب للرعاة وبشّرهم بولادة المخلّص: "ثم ظهر معه بغتةً جمهور من الجند السماوي مسبّحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة." بيد أن هناك فرقاً بين الحضورين. في المجيء الأول كان الحضور الملائكي جزئياً إذ ظهر فقط "جمهور من الجند السماوي". أما في المجيء الثاني, فسيكون الحضور أكمل وأشمل لأن الرب سيأتي وجميع الملائكة القديسين معه, كما يقول متى في الإصحاح الخامس والعشرين من إنجيله.

ثانياً, سيكون مجيء الرب مصحوباً بقيامة الأبرار. يقول الرسول بالحرف الواحد: "الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه", ثم يقول: "والأموات في المسيح سيقومون أولاً". أي أن جميع الذين ماتوا في الإيمان ورقدوا في الرب على رجاء القيامة سوف يُبعثون من قبورهم أينما كانوا. لأن الأرواح التي يحضرها الرب معه ستلبس الأجساد مجدداً. يسألنا بعضهم: هل يُعقل أن يقوم الموتى الذين أكلتهم النار أو ابتلعتهم البحار أو غرقوا في الأنهار أو افترستهم الوحوش في القفار؟ وجوابنا هو: ولمَ لا؟ هل يستحيل على الله شيء؟ ألا يقدر الله الذي "قال فكان, أمر فصار". أن يقول فيكون, ويأمر فيصير؟ ألا يقدر الخالق الذي يحمل كلّ الأشياء بكلمة قدرته أن يقيم الموتى بكلمة قدرته ذاتها؟ نعم وألف نعم. فالذي جبلنا من تراب الأرض ونفخ فينا نسمة حياة يقدر أن يقيمنا من التراب مرة أخرى ويعيدنا إلى الحياة لأنه الله الكلي القدرة.

ثالثاً, تغيير المؤمنين الأحياء. يقول بولس: "نحن الأحياء الباقين", ويكررها مرتين في العددين الخامس عشر والسابع عشر. ماذا يحدث للأحياء؟ قلنا أن الموتى يقومون, فماذا عن الأحياء؟ يقول بولس نفسه في رسالته الأولى إلى كنيسة كورنثوس هذه الكلمات: "هوذا سرّ أقوله لكم. لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغيّر." ثم يقول: "هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم الفساد وهذا المائت يلبس عدم موت." أي أن الجسد الحالي سيكتسب مناعة ضد الفساد والموت, بحيث أنه يحيا إلى الأبد.

رابعاً, الاختطاف. نعم مجيء الرب ثانيةً سترافقه عملية خطف. لا خطف طائرات ولا خطف أرواح, بل خطف المؤمنين الأحياء والأموات ليكونوا مع الرب دائماً. يقول العدد السابع عشر من هذا الفصل: "ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعنا معهم (مع الموتى القائمين من الرقاد) في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب."

هذه النقطة الأخيرة هي التي سيدور عليها كلامي. سأتكلم عن الاختطاف الأخير أو بكلمة أخرى عن أوصاف الاختطاف.

لعلّك تقول إنّ هذا الأمر غريب أو غير معقول أو ربما هو من نسج الخيال, ولكن كلمة الله تؤكد أن الاختطاف سيتم سواء صدقنا أم لم نصدِّق, لأن الله صادق في كلامه.

إليك الآن أوصاف هذا الاختطاف:

أولاً, الاختطاف سيكون فجائياً. سيتم في لحظة في طرفة عين وعلى حين غرة. ولهذا تقول كلمة الله: "إن يوم الرب كلّص في الليل هكذا يجيء". يقول المسيح نفسه في الإصحاح الرابع والعشرين من إنجيل متى: "كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجوّن ويزوجوّن إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك. ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع. كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان". لاحظ عنصر المباغتة هنا. قال الرب: "ولم يعلموا حتى جاء الطوفان", أي جاء فجأة في ساعة لم ينتظروها.

انتبه جيداً لأن الكلام الذي ستقرأه الآن هو لخير نفسك ولتحذيرك وإنذارك, لئلا تهلك ضحية الإهمال والجهل وعدم الإيمان.

لا تستغرب إن فتحت الراديو في القريب العاجل (ربما اليوم) وسمعت المذيع يقول: "سيداتي سادتي, مازالت التقارير تردنا من كل أنحاء العالم مؤكدة أن الاختفاء الجماعي قد تمّ بالفعل والخبر صحيح مئة بالمئة. وأقل ما يمكن قوله هو أن العالم في حالة ذهول الآن". ويتابع المذيع قوله: "يبدو أن الحادثة قد شملت الكرة الأرضية كلّها منذ وقت قصير. فإن الآلاف بل الملايين من البشر قد اختفوا فجأة ومن دون سابق إنذار".

وهنا تفرك عينيك, قارئي العزيز, لتتأكد هل كنت في حلم أم في يقظة. وبينما أنت في حيرة من أمرك, يستأنف المذيع كلامه قائلاً: "وقد صرح شهود عيان بأمور كثيرة مبهمة ولكنهم جميعاً متفقون على أمرٍ واحد, وهو أن الملايين من الناس الذين كانوا موجودين على الأرض ليلة البارحة ليس لهم أثر اليوم. وهناك شائعات تقول إن قوة غريبة من خارج كوكبنا قد أعلنت الحرب علينا. ويرى بعضهم أن ما جرى ما هو إلاّ دينونة من الله".

ويتابع المذيع: "وقد دعت الأمم المتحدة إلى اجتماع طارئ, وكذلك فعلت معظم حكومات العالم لبحث هذه الظاهرة الغريبة, وقد وردتنا تقارير تقول أن بعضاً من الوزراء في حكومات بعض الدول قد اختفوا هم أيضاً. واليوم صرّح أحد الأساقفة قائلاً: إن ما حصل هو أقرب شيء إلى الاختطاف الذي يتحدث عنه الكتاب المقدس في الأناجيل حيث يقول يسوع: أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماء إلاّ أبي وحده".

ويختم المذيع كلامه: "أيها السيدات والسادة سنوافيكم تباعاً بما يردنا من أخبار وتقارير بهذا الشأن".

انتبه: سيتم هذا قريباً وقريباً جداً. فإن كنت حكيماً فأنت حكيم لنفسك وإن استهزأت فأنت وحدك تتحمل.

ثانياً, الاختطاف سيكون انتقائياً... وليس كيفما اتفق, يقول بولس: "سنُخطف جميعاً معهم" (جميع المؤمنين الأحياء والأموات). وتقول كلمة الله: "ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السموات إلى أقصائها". أي أن الملائكة ستجمع المؤمنين المختارين من أربع زوايا الأرض: واحداً من هنا وآخر من هناك. ويقول يسوع بالحرف الواحد: "حينئذ يكون اثنان في الحقل, يؤخذ الواحد ويُترك الآخر. اثنتان تطحنان على الرحى, تُؤخذ الواحدة وتُترك الأخرى". تصوّر أي حال يكون حالك إن كنت في سيارة أو في طائرة- وكان السائق أو القبطان مؤمناً واختطف فجأة, وبقيت السيارة من غير سائق أو الطائرة من غير قبطان! تصوّر أيّ حال يكون حالك إن كنت تنتظر ابنك أو ابنتك ليعودا من المدرسة, وبعد انتظار طويل لم يعد أي منهما إلى البيت, لأنهما ذهبا ليكونا مع يسوع. ثم تصوّر حالة الفوضى والرعب التي تسود العالم في ذلك الوقت. عند ذاك تستيقظ ذاكرتك وإذا بالفرض والمجالات التي أضعتها تمرّ من أمامك كشريط سينمائي. وتتذكر الكتاب المقدس الذي لم تبالِ بقراءته وقد عَلَتْهُ طبقة كثيفة من الغبار. تتذكر الكنيسة والاجتماعات القريبة من بيتك التي لم تُلقِ إليها بالاً. تتذكر خدام الرب الذين كلّموك بكلمة الرب وشرحوا لك طريق الخلاص ولكنك قسّيت قلبك وأغمضت عينيك. وربما تتذكر صلوات المؤمنين لأجلك ودعواتهم الملّحة لك, من دون طائل.

وفي وسط هذا الجو المشحون بالخوف والقلق يتآكلك الندم حين لا ينفع الندم. تندم كما ندم يهوذا الأسخريوطي بعد فوات الفرصة, إذ لاتَ ساعة مندم.

أجل, الاختطاف سيكون فجائياً وانتقائياً. وسيكون أيضاً نهائياً. يقول الرسول بولس في الفصل الذي نحن في صدد الكلام عنه: "وهكذا نكون كل حين مع الرب..." نخطف نهائياً لنكون مع الرب دائماً. نفارق عالم الخطية والحزن والألم والدموع والتعب والحروب غير آسفين عليه.

لماذا نقول إن هذا الاختطاف نهائي؟ لأن هناك اختطافات وقتية يتحدث عنها الكتاب المقدس. مثل على ذلك اختطاف فيلبس. تقول كلمة الله: "واختطف روح الرب فيلبس فوجد في أشدود". وقد ذكر الرسول بولس أنه "اختُطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها". وكلاهما- أي فيلبس وبولس- بقيا على الأرض بعد هذا الاختبار المجيد. أما الاختطاف الذي سيتم عند رجوع المسيح إلى العالم فسيكون نهائياً, بحيث أننا سنكون كل حين مع الرب ولن نعود إلى ما كنا عليه في الماضي.

يقول بولس في ختام الإصحاح الرابع من هذه الرسالة: "عزّوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام". وطبعاً, هو يخاطب المؤمنين الحقيقيين المستعدين لمجيء الرب. فإن كنت مؤمناً متجدداً فطوباك لأنك اخترت النصيب الصالح الذي لن يُنزع منك. أمّا إن كنت عير متأكد من خلاص نفسك, فإني أحذّرك وأبشّرك في آن واحد. أحذرك من مغبّة الاستمرار في حياة الخطية والتيار الدنيوي. وأبشّرك بأن وقت التوبة والرجوع إلى الله لم يفت بعد. باستطاعتك أن تغتنم الفرصة المتبقية لك فتأتي إلى يسوع تائباً مؤمناً متكلاً عليه وحده لخلاص نفسك لأنه الوسيط الوحيد بين الله والناس, ولأنه المخلّص الذي ليس بأحد غيره الخلاص.

إنه بانتظارك. فتعال إليه الآن... لا تؤجل بل عجّل, وإلاّ فاتتك الفرصة إلى الأبد.

يقول بولس في الإصحاح الخامس من هذه الرسالة عينها: "حينما يقولون سلام وأمان يفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون..." أي أن غير التائبين وغير المستعدين سيفاجأون بهلاك مباغت.

قل للرب: يا يسوع ساعدني كي أتوب وأخلص في هذه اللحظة لأكون مستعداً عندما تأتي فأُخطف مع المؤمنين وأكون معك في كل حين.

  • عدد الزيارات: 14618