الظهورات قبل التجسد
الفصل الثاني
لقد تأكد لدينا، مما مر في الفصل الأول، أن الله ثالوث في وحدانية جامعة ووحدانية جامعة في ثالوث، وأن الآب والابن والروح القدس أقانيم ثلاثة في ذات الإله الواحد. وفي الفصل الثاني هذا يجب أن نتأكد أن الآب- الأقنوم الأول- ليس هو القائم بالظهورات لأن خادم عهد الفداء هو الأقنوم الثاني. وقد ختم المسيح، له المجد، على صدق هذه النظرية بقوله: "الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (يوحنا 1: 18)، وزاد هذه الحقيقة إيضاحاً بقوله: "الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ؟" (يوحنا 14: 9و10). ويجب أن نتأكد أن الآب من اختصاصه الفدائي إرسال الابن إلى العالم في ملء الزمان. ويجب أن نتأكد أن الروح القدس- الأقنوم الثالث- لم يقم بالظهورات أيضاً لأن من اختصاصاته العمل بتأثير ظاهر النتيجة في المؤمنين والشفاعة فيهم وإرشادهم، ولكنه منزّه عن الحكم والكيف والحصر والظهورات. وقد ذكر المسيح مثالاً لهذه الحقيقة فقال: "الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح" (يو 3: 8). ويجب أن نتأكد ونؤمن ونعتقد أن الابن- الأقنوم الثاني- المسيح- قد اختص بأمرين عظيمين في عمل الفداء: أحدهما، ظهوراته بصفة كونه الرب الإله قبل التجسد (وهذا موضوعنا هنا في الفصل الثاني) لتدبير شؤون الأنبياء ورجال الله وشعب الله. وثانيهما، قيامه بالفداء أثناء التجسد حين حمل خطايا الجنس البشري كله على الصليب. وبما أن الآب والروح لا يظهران، بل لم يظهرا، فظهورات الرب الإله "يهوه" في العهد القديم هي ظهورات المسيح.
والذي زاد القضية نوراً وجلاء وأهمية هو أن الظهورات المذكورة في العهد القديم من البراهين القوية الدالة على لاهوت المسيح رَبّ الْمَجْد، لأنها مصحوبة بالأسماء والألقاب والأعمال الإلهية في كل حادثة من حوادث الظهورات كما سيجيء.
ظهور المسيح لإبراهيم
"وظهر له الرب عند بلوطات ممراً... فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه... فقال الرب لإبراهيم لماذا ضحكت سارة قائلة أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت!... فقال الرب هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟...وأما إبراهيم فكان لم يزل واقفاً أمام الرب. فتقدم إبراهيم وقال أفتهلك البار مع الأثيم؟... عسى أن يوجد هناك عشرة. فقال لا أهلك من أهلك من أجل العشرة" (تكوين 18: 1-32).
إن هذه المقابلة، والبشرى بإسحق، والمحادثة بشأن سدوم وعمورة، تبين لنا بجلاء أن الرب بالحقيقة ظهر لإبراهيم وخاطبه إبراهيم. وقد شهد الوحي (تكوين 18: 1) بهذه الحقيقة شهادة كاملة بحروفها ومعناها بقوله: "وظهر له الرب عند بلوطات ممراً" ومن هو هذا الرب؟ أليس هو رَبّ الْمَجْد يسوع المسيح دون غيره؟ نعم إنه هو، دون سواه. ولكن ظهوره في صورة ثلاثة رجال دليل استنتاجي على أن الظهور ظهور الابن، ولكن الآب والروح مصادقان عليه. وإبراهيم نفسه لم يعرف أنه هو الرب إلا حينما عرّفه الرب أن الذي ظهر له أعلى من البشر، وأعلى من الملائكة ومن كل مخلوق، وأنه يهب البنين ويعطي البركات والحياة. "وقال الرجلان للوط من لك أيضاً ههنا.. وكل من لك في المدينة أخرج من المكان لأننا مهلكان هذا المكان... وكان لما أخرجاهم إلى خارج أنه (أي أن الرب) قال اهرب لحياتك. لا تنظر إلى ورائك.. اهرب إلى الجبل لئلا تهلك. فقال لهما (أي للملاكين) لوط لا يا سيد. (وهنا أفرد المنادى وهما اثنان) هوذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك وعظمت لطفك الذي صنعت إلي باستبقاء نفسي... هوذا المدينة هذه قريبة للهرب إليها وهي صغيرة. أهرب إلى هناك. أليست هي صغيرة فتحيا نفسي. فقال (الرب) له إني قد رفعت وجهك في هذا الأمر أيضاً... اسرع اهرب إلى هناك... فامطر الرب على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً من عند الرب من السماء" (تكوين 19: 12- 24).
إن الذي خاطب لوطاً ملاكان، ولكن الرب ظهر له فيهما. وشعر لوط بظهور الرب له، فقال للملاكين "لا يا سيد"، ثم قال لهما "هوذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك وعظمت لطفك الذي صنعت إليَّ"، ثم قال لنا الوحي "فقال له إني قد رفعت وجهك في هذا الأمر"، فدلنا بهذه الصيغة المفردة أن الرب "يسوع" هو الذي ظهر للوط وخاطبه وأنقذه من نار الهلاك.
ظهوره لهاجر
"فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية.. فقال لها ملاك الرب ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ... وقال لها ملاك الرب تكثيراً أكثّر نسلك فلا يعد من الكثرة"، وقال لها ملاك الرب "ها أنت حبلى فتلدين ابناً" (تكوين 16: 7-11) "فدعت اسم الرب الذي تكلم معها أنت إيل رئي" لأنها قالت أههنا أيضا رأيت بعد رؤية؟ لذلك دعيت البئر "بئر لحي رئي" (تك 16: 13-14) والمعنى بئر الحي الذي يراني.
ظهر ملاك الرب لهاجر (وهو ذات المسيح) حينما هربت من مولاتها سارة وهي حبلى تخلصاً من الإذلال المر شفقة منه عليها لأنه هو المسيح الممسوح لينادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق.
ظهوره ليعقوب
"فخرج يعقوب... ورأى حلماً وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء. وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها.وهوذا الرب واقف عليها فقال أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله اسحق... فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حقاً أن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم... ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء" (تكوين 28: 10-17)
"فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَمَّا رَأَى أنه لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ... وَقَالَ: أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ.... لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ.. فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، وَنُجِّيَتْ نَفْسِي». (تك 32: 24-30)
في الظهور الأول ليعقوب استنتاج أن الرب الذي ظهر له هو المسيح، وهذا الاستنتاج مبني على وجود الرب على رأس السلم الذي قد يتخذ اسمي إلى الأبد” (خروج 3: 1-15).
ليست هذه هي المرة الوحيدة التي ظهر الله فيها لموسى، لأن الله ظهر له مراراً وتكراراً وخاطبه وجها لوجه. وإخبار ظهوره له تمتد من خروج 3: 1 إلى آخر سفر العدد. فهو تعالى ظهر له بكيفيات متعددة ومظاهر متنوعة، وسأله وأجابه ونهاه وأمره وباركه وانتهره، وأراه في كل هذه المواضع أنه هو "يهوه" وهذا هو اسم رَبّ الْمَجْد من قبل التجسد ولذلك قال له: "هذا اسمي إلى الأبد". ومن شاء أن يتأكد أن الرب الذي ظهر لموسى وخاطبه وجهاً لوجه وأوحى إليه هو المسيح، فليراجع هذه الظهورات في أماكنها كما مر.
ظهور وجه الرب أمام بني إسرائيل
"وقال موسى للرب... انظر أن هذه الأمة شعبك. فقال وجهي يسير فأريحك. فقال له إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا من ههنا... فقال الرب لموسى هذا الأمر أيضاً الذي تكلمت عنه افعله لأنك وجدت نعمة في عينيَّ وعرفتك باسمك" (خروج 33: 12- 17).
الملائكة مخلوقون مخصصون للخدمة (انظر مت 4: 11 وعب 2: 2 وغلاطية 3: 19 الخ). ومع ذلك فقد أطلقت كلمة "ملاك" على شخص أسمى من الملائكة بل من كل مخلوق وظهر مراراً لشعبه المختار وأحياناً لأعمال إلهية خاصة كما قال الله لإسرائيل "ها أنا مرسل ملاكاً أمام وجهك ليحفظك في الطريق وليجيء بك إلى المكان الذي أعددته. احترز منه واسمع لصوته ولا تتمرد عليه لأنه لا يصفح عن ذنوبكم لأن اسمي فيه. ولكن إن سمعت لصوته وفعلت كل ما أتكلم به أعادي أعداءك وأضايق مضايقيك. فإن ملاكي يسير أمامك ويجيء بك إلى الأموريين الخ" (خروج 23: 20-23). وكذلك سمي هذا الملاك "وجهه" كما في (خروج33: 12- 15). ومن كلام موسى أمام الله نتأكد أن موسى فهم من كلام الله له أن وجه الرب هو ذات الرب الذي كان يتكلم معه لقوله "إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا... بماذا يُعلم أني وجدت نعمة في عينيك أنا وشعبك؟ أليس بمسيرك معنا؟" (خروج 33: 15 و16).
وبما أن الله لم يعلن نفسه إلا بواسطة ابنه الوحيد (كما في يو 1: 18) فيمكننا أن نتأكد أن "الملاك" المذكور في خروج 23: 20 -23 هو ذات المسيح يسوع ربنا له المجد، وأنه هو الذي دعي في ملاخي 3: 1 باسم "ملاك العهد"، وأن ملاك العهد هو الرب (قابل مل 3: 1 مع 4: 5)
نعم أننا لا يمكننا أن نحيط بطبيعة الظهورات التي ظهر بها الرب يسوع المسيح للآباء الأولين، ولا أن نحددها تماماً؛ ولكن نقول بكل احترام أن ظهوراته في العهد القديم كانت مقدمات لتجسده وخلاصه المذكور في العهد الجديد، لأنه بناسوته هو "نسل المرأة" ولكنه بلاهوته "يهوه الرب". فهو "عمانوئيل" صاحب الظهورات في العهد القديم والتجسد في العهد الجديد. فالملاك الذي يتمشى الآن بين المنائر الذهبية (رؤ 1: 13) هو الذي سار بوجهه أمام شعبه.
ظهوره لبلعام
"فحمي غضب الرب الله لأنه (أي بلعام) منطلق ووقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه وهو راكب أتانه... فأبصرت الأتان ملاك الرب واقفاً في الطريق... ثم كشف الرب عن عيني بلعام فأبصر ملاك واقفاً في الطريق وسيفه مسلول في يده فخر ساجداً على وجهه. فقال له ملاك الرب: لماذا ضربت أتانك الآن ثلاث دفعات... فقال بلعام لملاك الرب أخطأت... فقال ملاك الرب لبلعام اذهب مع الرجال وإنما تتكلم بالكلام الذي أكلمك به فقط". (العدد 22: 23-35).
إن ملاك الرب الذي ظهر لموسى في عليقة ملتهبة بالنار وقال له: "أنا إله آبائك" هو ملاك الرب الذي ظهر لبلعام في الطريق ليمنعه عن لعنة إسرائيل.
ومن قول بلعام لرسل بالاق "لا أقدر أن أتجاوز قول الرب... فالآن امكثوا... هذه الليلة لأعلم ماذا يعود الرب يكلمني به" (عدد 22: 18 و19)، ومن سجود بلعام لملاك الرب على وجهه سجود عبادة واحترام (عدد22: 31) يتضح لدينا أن ملاك الرب الذي ظهر له هو رَبّ الْمَجْد.
ومن نبوة بلعام الموحى بها إليه من الله والتي قال فيها نبوة عن المسيح "وحي بلعام بن بعور. وحي الرجل المفتوح العينين. وحي الذي يسمع أقوال الله. الذي يرى رؤيا القدير مطروحاً وهو مكشوف العينين... وحي الذي يسمع أقوال الله ويعرف معرفة العلي. الذي يرى رؤيا القدير ساقطاً وهو مكشوف العينين. أراه ولكن ليس الآن. أبصره ولكن ليس قريباً. يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم... كل بني الوغى... ويتسلط الذي من يعقوب ويهلك الشارد من مدينة" (عدد 24: 3-19) بظهر لنا أن المسيح الذي تنبأ عنه بلعام هو الرب الذي ظهر له وحوّله من الشر إلى الخير ومن اللعنة إلى البركة.
ظهوره ليشوع بن نون
"وحدث لما كان يشوع عند أريحا أنه رفع عينيه ونظر وإذا برجل واقف قبالته وسيفه مسلول بيده. فسار يشوع إليه وقال له هل لنا أنت أو لأعدائنا؟ فقال كلا بل أنا رئيس جند الرب. الآن أتيت. فسقط يشوع على وجهه إلى الأرض وسجد وقال له: بماذا يكلم سيدي عبده؟ فقال رئيس جند الرب ليشوع: اخلع نعلك من رجلك لأن المكان الذي أنت واقف عليه هو مقدس. ففعل يشوع كذلك... فقال الرب ليشوع. انظر. قد دفعت بيدك أريحا وملكها جبابرة البأس" (يشوع 5: 13- 6: 2).
إن رئيس جند الرب الذي ظهر ليشوع بن نون هو الرب الإله. أولاً، لأنه قبل سجود يشوع ورضي عبادته. ثانياً، لأن الوحي شهد بأن رئيس جند الرب هو الرب بقوله:"فقال الرب ليشوع" (6: 2). ومما يدل على أن الرب الذي ظهر ليشوع هو المسيح الرب الذي ظهر لموسى بالذات قوله ليشوع: "اخلع نعلك من رجلك لأن المكان الذي أنت واقف عليه هو مقدس" (يش 5: 15) كما قال لموسى بالتمام. فالمسيح هو رئيس جند الرب، وملاك الرب و"يهوه".
ظهوره لجدعون
"وأتى ملاك الرب وجلس تحت البطمة التي في عفرة التي ليوآش الأبيعزري. وابنه جدعون كان يخبط حنطة في المعصرة لكي يهربها من المديانيين. فظهر له ملاك الرب وقال له. الرب معك يا جبار البأس. فقال له جدعون أسألك يا سيدي إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه وأين كل عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا قائلين ألم يصعدنا الرب من مصر. والآن قد رفضنا الرب وجعلنا في كف مديان. فالتفت إليه الرب وقال اذهب بقوتك هذه وخلص إسرائيل من كف مديان. أما أرسلتك... فقال له الرب إني أكون معك وستضرب المديانيين كرجل واحد" (قضاة 6: 11-25).
بالتأمل في العدد الرابع عشر نرى أن ملاك الرب الذي ظهر لجدعون هو الرب الإله، هو الأقنوم الثاني، هو أقنوم الخلاص، هو ابن الله، هو رَبّ الْمَجْد. وهذا واضح للذين يتأملون.
ظهوره لمنوح وامرأته
"وكان رجل اسمه... منوح وامرأته عاقر لم تلد. فتراءى ملاك الرب للمرأة وقال لها. ها أنت عاقر لم تلدي. ولكنك تحبلين وتلدين ابناً... ولا يعل موسى رأسه لأن الصبي يكون نذيراً لله من البطن وهو فبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين. فدخلت المرأة وكلمت رجلها... يصلي منوح إلى الرب... فسمع الله لصوت منوح فجاء ملاك الله أيضاً إلى المرأة وهي جالسة في الحقل ومنوح رجلها معها. فأسرعت المرأة... وأخبرت رجلها... فقام منوح... وجاء إلى الرجل... فقال منوح. عند مجيء كلامك ماذا يكون حكم الصبي ومعاملته. فقال ملاك الرب لمنوح. من كل ما قلت للمرأة فلتحتفظ. من كل ما يخرج من جفنة الخمر لا تأكل وخمراً ومسكراً لا تشرب وكل نجس لا تأكل... فقال ملاك الرب لمنوح وإن عملت محرقة فللرب أصعدها... فقال منوح لملاك الرب ما اسمك حتى إذا جاء كلامك نكرمك. فقال... لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب. فأخذ منوح جدي المعزى والتقدمة وأصعدهما على الصخرة للرب، فعمل عملاً عجيباً ومنوح وامرأته ينظران. فكان عند صعود اللهيب عن المذبح نحو السماء أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح ومنوح وامرأته ينظران. فسقطا على وجهيهما إلى الأرض.. فقال منوح لامرأته نموت موتاً لأننا قد رأينا الله. فقالت له امرأته لو أراد الرب أن يميتنا لما أخذ من يدنا محرقة وتقدمة الخ" (قض 13: 2- 13).
رأينا في هذا الظهور أن ملاك الرب وملاك الله رجل الله والرب والله هو واحد، وهو الذي ظهر لمنوح وامرأته وبشرَّهما بشمشون كما ظهر لإبراهيم وسارة وبشرهما بإسحق. هذا هو المسيح رَبّ الْمَجْد، بدليل أنه دعا نفسه "عجيباً" وتفسير الاسم "عجيب" مذكور في الباب الرابع (في التعليق على أشعياء 9: 6) فراجع الشرح هناك لتعلم أن هذا العجيب هو المسيح له المجد.
ظهوره لصموئيل
"وكان الصبي صموئيل يخدم الرب أمام عالي... وقبل أن ينطفئ سراج الله وصموئيل مضطجع في هيكل الرب الذي فيه تابوت الله أن الرب دعا صموئيل فقال هأنذا. وركض إلى عالي... ثم عاد الرب ودعا أيضاً صموئيل... وعاد الرب فدعا صموئيل ثالثة فقام وذهب إلى عالي وقال هأنذا لانك دعوتني، ففهم عالي أن الرب يدعو الصبي... فجاء الرب ووقف ودعا كالمرات الأول صموئيل صموئيل. فقال صموئيل تكلم لأن عبدك سامع. فقال الرب لصموئيل هوذا أنا فاعل أمراً في إسرائيل كل من يسمع به تطن أذناه. في ذلك اليوم أقيم على عالي كل ما تكلمت به على بيته. ابتدئ وأكمل" (1صم 3: 1-12).
جاء في 1 صم 3: 1 أن كلمة الرب كانت عزيزة في تلك الايام لم تكن رؤيا كثيراً. نعم كان الأمر هكذا بسبب إعوجاج بيت عالي الذي كان بمثابة حجاب مظلم قائم بين الله وشعبه؛ ولكن الرب يسوع المسيح الذي أخذ على عاتقه عهدة مصالحة الإنسان مع الله أبيه ظهر لذلك الغلام التقي النقي القلب والشفتين الحديث السن وأعلن له أنه لا بد من القضاء على بيت عالي ليزول ذلك الحجاب المظلم من بين الله وشعبه المختار. وفعلاً كانت إزالته لبيت عالي رمزاً إلى انشقاق حجاب الهيكل من أعلى إلى أسفل يوم الكفارة الدهرية العظيم. وعلى هذا فلا يمكن أن يكون الرب الذي ظهر لصموئيل إلا أقنوم المحبة والفداء رَبّ الْمَجْد الأعظم يسوع المسيح نفسه.
- عدد الزيارات: 11825