أمجاد الوسيط في الأناجيل الأربعة
خذوا مثلاً الأناجيل الأربعة التي فيها نري الابن بارزاً في كل منها. الابن الذي في ملئه, ليس أحد يعرفه إلا الآب- هذا الابن نراه في الأناجيل في أربعة صور منفصلة هي صفته كابن داود, وكالخادم (وليس كالمخدوم) وكابن الإنسان وكابن الله, وبهذا أمكننا أن نعرفه على صورة أفضل. هكذا أيضاً أسفار الوحي منفصلة, تفصل لنا الحق في أجزاء متميزة الملامح قلما ندركها على حقيقتها حسبما شكلتها حكمة الله ورسمت خطوطها. كذلك- الكنيسة, التي هي رسالة المسيح كجماعة (ولا نقول هي رسائل المسيح) فإنه لا يمكن أن يكون إنسان بمفرده "رسالة" لأن صفحته لا تتسع بما فيه الكفاية لكتابتها ومع ذلك فكل مؤمن يعكس حسب قياسه, نصيبه من الصورة الإلهية وبهذا النصيب يأخذ صفته (أو لونه) وهو يعلن المسيح أمام عيون الناس. فمثلاً تجد في مؤمن مثل أيوب الصبر العظيم والعجيب. وفي مؤمن آخر نشاطاً دؤوباً وربما نادراً ما تجد له مثيلاً. فالناس توصف بأبرز ما فيهم من صفات- (صفة أو أكثر سائدة ومتطورة) وعادةً هذه تطغي علي أو تنتقص من صفة أخرى. والناس بسبب قصور النظر فيهم لا يرون غير تلك الصفة البارزة السائدة.
هكذا أيها الأحباء يستعرض الله في مختلف معاملاته معنا صفاته المتنوعة- مرة في وهج قداسته وأخرى في روعة حقه وأخرى في جمال محبته وهكذا وهكذا وبهذا الأسلوب يوفق جلال عظمته مع صغرنا, ويتكلم إلينا بلغة نحتملها لندركه أكثر كما يريدنا هو أن ندرك.
- عدد الزيارات: 2784