تجربة الرب يسوع
والآن, ما كانت تجربة الرب يسوع إلا لكي تبرهن أي إنسان كان هو على هذه الأرض. لقد أتى إبليس بتجاربه إلى الإنسان الأول, آدم, ولكن آدم رضخ وانحنى أمام التجربة. وسقط من مركزه. ثم جاء الشيطان لتجربة الإنسان الثاني – الرب من السماء 1كورنثوس 15: 47 فإذا به يجد شخصاً له طبيعة قدوسة, وجاوب على كل تجاربه كما يجاوب عليها إنسان مستقل والجواب كان من المكتوب. جوابه كان ما هو مكتوب في كلمة الله – ونحن كمسيحيين الذين نمتلك حياة المسيح, عندما نجاوب الُمجرِّب بكلمة الله, نغلب مثله. لكن, بكل أسف, ما زالت فينا الطبيعة القديمة الساقطة كما فينا أيضاً الطبيعة الجديدة ومن ثم هناك إمكانية الانحناء أمام التجربة "وكل واحد يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته" يعقوب 1: 14. هذه العبارة لا تنطبق على الرب يسوع وما انطبقت عليه قط, لأنه هو الله. ولذلك نقرأ في العدد السابق "لأن الله غير مُجرَّب بالشرور" غلاطية 1: 13.
قد يقول البعض ملحوظة كهذه: إن الرب يسوع قال لأبيه في بستان جثسيماني "لتكن لا إرادتي بل إرادتك" لوقا 22: 42. هذه عبارة عظيمة وثمينة عندما نتأملها في النور الصحيح. فإن الرب يسوع كالقدوس, نفر من ذلك الوضع الذي يُعامَل فيه كخطية – وضع ذاته في تلك الساعات الثلاث المظلمة - حيث "جُعل خطية لأجلنا" 2 كورنثوس 5: 21. لكنه كان المطيع الكامل, الذي أتى ليفعل إرادة أبيه مهما كانت الكُلفة. وهكذا تلمع المحبة والنور بكل لمعانهما. إنه نفر نفوراً من الخطية, لأن الخطية, كانت مضادة جداً لإرادته القدوسة المباركة.لكنه بالمحبة والطاعة فعل إرادة الآب بذهابه إلى الصليب ليحمله, لكي يتمجد الآب وتُرفع الخطية إلى الأبد.
وبدلاً من أن نحاول أن نسبر غور السر الإلهي – سر أقنوم الرب يسوع - الذي هو الله الكامل والإنسان الكامل, دعونا ننحني أمامه كمجوس المشرق قديماً. هناك شيئان واضحان نتعلَّمهما من المكتوب: أولهما الخراب الشامل والكامل للإنسان الأول بالسقوط حتى أن إرادته في عداوة كاملة لله, وثانيهما أن الله بدأ من جديد بواسطة ابنه القدوس, ربنا يسوع المسيح, وبإرادته التي شغلها الشاغل عمل مشيئة الله الآب. وإذا ما بدأ الله في أن يعمل عملاً في إنسان فإنه يعطيه أولاً حياة جديدة, وكل شيء مقبول ومُسِر يأتي بعد ذلك, نابعاً من تلك الحياة الجديدة، "الذين ولدوا ليس من دمٍ ولا من مشيئة جسدٍ ولا من مشيئة رجلٍ بل من الله" يوحنا 1: 13. "والذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله" رومية 8: 8 فإن كنا على وضوح من إدراك أقنوم ربنا يسوع المسيح المجيد الذي يحل فيه كل ملء اللاهوت, ومن إدراك الطبيعتين - القديمة والجديدة - في المؤمن, فإننا بلا شك سنُحفظ من الوقوع في الغلطة القاتلة, غلطة إنكار إنسانية ربنا يسوع ابن الله التي بلا خطية.
بمجده الذي يعـادل الآب به وناسوتٍ له منه حد الكمــالِ
بهذين متحدين في واحد متفردٍ تطمو ينابيع الحب والخير الزلالِ
ليت الله يحفظ قلوب وأفكار شعبه في هذه الأيام الصعبة, من كل هجمة ضد شخص وعمل ابنه الحبيب.
- عدد الزيارات: 4523