ملء اللاهوت
"جسم البشرية الذي بلا خطية, لربنا يسوع المسيح" مكتوب في رسالة كولوسي ص 2: 9 "فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً"[1] وأيضاً في كولوسي ص 1: 18 "الذي هو البداءة بكرٌ من الأموات لكي يكون هو متقدماً في كل شيء"[2].
قبل أن نتكلم بالتفصيل عن هذا الموضوع الهام عن جسم بشرية الرب يسوع المسيح الذي بلا خطية, من المهم جداً أن نُلفت النظر إلى مجد هذا الشخص المبارك, فهو الكلمة الأزلي الأبدي (يوحنا1: 1). هو الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب يوحنا 1: 18. هو "الذي.. به أيضاً عمل العالمين والحامل كل الأشياء بكلمة قدرته" عبرانيين 1: 2 و3 الذي "كان كل يوم لذة الله دائماً قدامه" أمثال 8: 30. الذي دعيت كل الملائكة "لتسجد له" عبرانيين 1: 6. والذي إليه أتى مجوس (حكماء) المشرق "وخرُّوا وسجدوا له" متى 2: 11 وهو بعد طفلاً.
بهذه الأفكار التي تزحم الذاكرة, فإنه خطير جداً أن نتكلم عن ناسوت ربنا يسوع الكامل, وينبغي أن نفعل ذلك ساجدين أمامه "مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" 2كورنثوس 10: 5 - فإن سر شخصه المجيد لهو فوق إدراك العقل البشري, كما يقول الكتاب "وليس أحد يعرف الابن إلا الآب" متى 11: 27. ومادمنا لا نعرف سوى ما أعلنته الكلمة لنا, فإنه يلزمنا أن لا نذهب إلى أبعد من الحق المعلن سواء ما وعيناه في أفكارنا أو ما قيل تعليقاً على هذا الحق عن شخصه المبارك.
والآن نقول قبل كل شيء كلمة عما يقوله الوحي عن الإنسان الأول, آدم, في براءته في جنة عدن: لم يكن آدم يعرف شيئاً عن الخير والشر قبل أن يخطئ. كان هو في مكان الطاعة. اقرأ قول الرب له "وأوصى الرب الإله آدم قائلاً من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها" تكوين 2: 16 و17. إنه عندما خُلق, لم تكن له طبيعة ساقطة, ولا كانت له طبيعة مقدسة, لأن القداسة تنفر من الشر وتفرح في الحق (أو مع الفرح في الحق). بل كانت له طبيعة بريئة innocent. وهذه فقدها آدم بالسقوط ولم يستردها مرة أخرى أبداً – لأنه طرد من عدن ولم يعد إليها مرة أخرى أبداً. "وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر.. فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أُخِذَ منها. فطرد الإنسان وأقام شرقيّ جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" تكوين 3: 22- 24 فنسل آدم الذين يولدون الآن في العالم, لا يولدون بطبيعة بريئة بل بطبيعة ساقطة: "هأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" مزمور 51: 5. ولما جاء الزمان ليولد الرب يسوع حسب الوعد الإلهي, كانت الرسالة إلى مريم العذراء هكذا: "الروح القدس يحل عليكِ, وقوة العلي تظللكِ, أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله" لوقا 1: 35. هذا القدوس لم يكن ذا طبيعة بريئة أي بدون معرفة الخير ولا الشر- بل كان قدوساً, وهكذا كانه فعلاً. هو ابن الله. كان هو "الحمل الذي بلا عيب ولا دنس" 1 بطرس 1: 19 ويقول عنه الكتاب الذي ليس فيه خطية 1 يوحنا 3: 5 أي "لم تكن فيه طبيعة ساقطة". ومرة قال "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" يوحنا 14: 30. والرب يسوع تبارك اسمه كانت له كإنسان طبيعة قدوسة في هذا العالم. "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" عبرانيين 13: 8 وأيضاً "أرسل فداءًَ لشعبه. أقام إلى الأبد عهده. قدوسٌ ومهوب اسمه" مزمور 111: 9.
ونحن الذين نُكوِّن جزءاً من جنس آدم, وُلِدنا كلنا بالخطية مزمور 51: 5 "وكل واحد فينا يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته" يعقوب 1: 14. كلنا فينا طبيعة ساقطة, في كل واحد منا - "والمولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" يوحنا 3: 6. لذلك ينبغي أن يولد الإنسان ثانية حتى يصلح لملكوت الله. والحياة الجديدة التي يعطينا الله عندما نولد ثانية هي حياة المسيح نفسه. لذلك نقرأ هذه العبارة "المسيح حياتنا" كولوسي 3: 4.
هذه الحياة تسمى "الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق" (أو القداسة الحقيقية) Created in righteousness and true holiness أفسس 4: 24. وأيضاً نقرأ "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية لأن زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله" 1 يوحنا 2: 9.[3]
فكل هذه الأقوال الكتابية توضح بجلاء إن الله يعطي المؤمن حياة المسيح المخلوقة بحسب الله في البر وقداسة الحق وأنها لا تخطئ.
ومع ذلك نجد بعضاً ممن يجب أن يكونوا على نور من جهة شخص المسيح, الذين يُعلِّمون ذلك التعليم الخطير, بأن المسيح كان يمكن أن يخطئ رغم أنهم يعترفون بأنه لم يخطئ لكن مجرد هذا الفكر يسبب حزناً عميقاً قلبياً للذين يحبون ربنا يسوع المسيح ويعبدونه كالله الابن.
- عدد الزيارات: 5725