مقدمة: شفاعة المسيح
"يقدر أن يُخلِّص إلى التمام"
"فمن ثم يقدر أن يُخلِّص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم" (عب7: 25)
أهم وأعظم بقعة في أورشليم هي الأرض القائمة عليها كنيسة القبر المقدس والمكان الذي يشير إليه الآن ويقولون عنه أنه الجلجثة تالٍ في الدرجة للمكان الذي دفن فيه ربنا المجيد وذلك لأن القبر ينطق بهذه الحقيقة السامية ألا وهي أن المسيح حيّ وهكذا جبل الزيتون المقترن بصعود ربنا المبارك وموعد مجيئه الثاني يؤكد لنا المسيح حيّ وهذه الحقيقة المتعلقة "بالمسيح الحيّ" هي التي يدور عليها محور العهد الجديد ويكفي أن نأتي بشاهدين: أحدهما وارد في الرسالة إلى رومية 8: 34 "المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع فينا", والآخر وارد في سفر الرؤيا 1: 18 "والحيّ وكنت ميتاً وها أنا حيّ إلى أبد الآبدين" والرسالة إلى العبرانيين من أولها إلى آخرها موضوعها المسيح الحيّ السماوي, المسيح الجالس في يمين عرش الله.
رأى رجل مرة ولداً واقفاً في الطريق تجاه دكان بائع صور يتفرس في كل صورة على حدة, وفي مقدمة هذه الصور جميعها صورة متقنة تمثل صلبوت المسيح. فتظاهر الرجل بعدم معرفة المقصود من هذه الصورة وسأل الولد متجاهلاً عما تعنيه فاستغرب الولد جداً وقال له ألا تعلم أن هذه الصورة تمثل موت يسوع المسيح, بدأ يشرح للرجل باختصار واقعة الصلبوت فشكر له الرجل حسن صنيعه واستأذن وانصرف ولكن لم يكد يبعد قليلاً حتى شعر بأقدام خفيفة تعدو وراءه فالتفت خلفه ورأى الولد يتبعه بسرعة ويجري في أثره إلى أن وصل إليه وعندئذ قال له وهو يلهث "فاتني يا سيدي أن أخبرك أن يسوع الذي صلب دفن وقام وهو الآن حيّ إلى الأبد" فالمسيح حيّ. وإن كنا نشكر الله من أعماق القلب لأجل يسوع المصلوب ولكننا نشكره بالأكثر لأنه بعد أن صلب قام وجلس في يمين عرش الله. والعدد الذي اقتبسناه من الرسالة إلى العبرانيين ليكون موضوع تأملنا الآن يعتبر من الوجهة التعليمية الخاصة بها تاج هذه الرسالة الخطيرة. ولا يوجد في كل ما جاء بعد هذا العدد ما هو أسمى من هذا الحق. وكل ما تلاه ما هو إلاّ إيضاح وتطبيق لهذا الحق الثمين "يقدر أن يُخلِّص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم".
وإذا رجعنا إلى هذا النص الكريم نجد فيه على ما أعتقد أربع حقائق مهمة وهي:
-قدرة المسيح
-عمل المسيح الكامل
-ضمانة المسيح
-الاقتراب إلى الله بالمسيح
- عدد الزيارات: 4937