Skip to main content

الإحياء

النصوص الكتابية:

"وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا... الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحياناً مع المسيح" (أف2: 1و 2- 5)

عندما تكون لنا نظرة شاملة وعريضة عن حالتنا الساقطة حينئذ فقط يمكننا أن ندرك بطريقة مناسبة وصحيحة حقيقة الخراب الشامل الذي أحدثته الخطية، كما ندرك أيضاً رد الفعل الإلهي كجواب شامل أعلنه الله لنا في الإنجيل ليقترب مِنا.

لقد دخلت الخطية إلى العالم وجلبت علينا:

(1)-المذنوبية- صرنا مذنبين أمام الله ومن ثم يلزم لنا الغفران.

(2)-الدينونة- صرنا مدانين قدام الله ومن ثم يلزم لنا التبرير.

(3)-العبودية- صرنا عبيداً للخطية والفساد ومن ثم يلزم لنا الفداء.

(4)-التغرب- صرنا غرباء عن الله ومن ثم يلزم لنا المصالحة معه.

(5)-الضياع تحت كل خطر ومن ثم يلزم لنا الخلاص.

(6)-الدنس والنجاسة- صرنا دنسين ونجسين ومن ثم يلزم التقديس.

(7)-الفساد- صرنا في أعمق ينابيع طبيعتنا فاسدين ومن ثم يلزم لنا أن نولد من جديد من فوق.

(8)-الموت الروحي والموت الأبدي ومن ثم يلزم لنا الإحياء حتى نعيش لله.

إن حالتنا كأموات روحياً مبينة في (أفسس2: 1) كنا أمواتاً بالذنوب والخطايا وسالكين فيها. هذا الموت هو موت روحي لأنه موت بالنسبة لله. والأموات بالنسبة لله هم أحياء بالنسبة "لدهر هذا العالم" وبالنسبة "للروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية". إن الموت بالنسبة لله يتفق تمام الموافقة مع العيشة للعالم والشيطان وأحدهما نتيجة وسبب للآخر.

هذه هي الحقيقة الكامنة وراء التقرير الإلهي الوارد في (رو3: 11) "ليس من يفهم. ليس من يطلب الله" إنه لأمر رديء أن يوصف الناس بهذا الوصف "ليس بار ولا واحد" (رو2: 10) لكن أردأ وأسوأ أن "ليس من يفهم" لأن هذا معناه حالة أشر من الجهل- حالة عدم الإحساس. والأردأ والأسوأ من الكل أن "ليس من يطلب الله" الذي عنده البر والفهم والحياة. وليس للإنسان الطبيعي ما يشتهيه في الله لأن الإنسان بالخطية أصبح غير سليم وغير مستقيم وليس عنده أية رغبة لطلب الله الحي الكامل الصفات. وبكل اختصار هو ميت بالنسبة لله.

وإذا استقرت في أعماقنا هذه الحقائق الخطيرة يصبح رجاؤنا في الله وحده الذي في رحمته يأخذ المبادرة بخطوة نحونا. بالنسبة لنا فنحن أكفاء لأن نأخذ المبادرة بالخطأ والشر أما بالنسبة لله فنحن أموات تماماً ومن ثم فكل تحرك يجب أن يأتي من جانب الله.

إذن ينبغي أن يعمل الله. لكن كيف يعمل؟ هل بالإصلاح أو التعليم أو بالتربية؟ هل هذه الوسائل هي التي تتطلبها حالتنا؟ أبداً. أبداً. ليس بشيء إلا أن يبدأ بإحيائنا. وإحياؤنا معناه بكل بساطة إعطاؤنا حياة. الإحياء هو عملية إعطاء حياة.

لو قرأت كتابك المقدس لوجدت في سفر حزقيال (ص36) صورة الفساد الأدبي ودوائر الدنس التي انحط إليها الشعب القديم. ولوجدت أيضاً نبوات عن ميلادهم الجديد الذي لابد أن يكون من نصيبهم، لكن الحقيقة العجيبة إن هذا كله تعقبه رؤيا عن وادي العظام اليابسة (ص37). هذه العظام اليابسة تمثل حالة الموت الروحي التي تردى فيها الشعب القديم كأمة، وتقارب هذه العظام ودبيب الحياة فيها وربطها بعصب إنما كل هذا نبوة عن عمل الله لإحياء هذا الرميم، الأمر الذي لابد أن يحصل قبل دخولهم إلى البركة الألفية. سوف يقيم الله ويحضرهم من شتاتهم بين الأمم، ستكون هناك قيامة وطنية "وأجعل روحي فيكم فتحيون وأجعلكم في أرضكم فتعلمون إني أنا الرب تكلمت وأفعل" (عدد14) ومتى قاموا سوف يفهمون وسوف يطلبون على الفور الرب. هذا الإحياء الروحي هو الولادة الجديدة ومرتبط بها ارتباطاً وثيقاً ولا انفصال بينهما وإن كانا متميزين.

فإذا كان (يو3) يتطابق مع (حز36) فإن (يو5) يتطابق مع (حز37).

هذا الإصحاح (يو5) يُفتتح بشفاء الإنسان المريض منذ ثمان وثلاثين سنة. وكأن نهراً دافقاً بالحياة جرى في أطرافه الميتة فحمل سريره ومشى. ولما قاوم اليهود الرب يسوع لأنه صنع تلك المعجزة في سبت أخبرهم الرب عن أعمال أخرى أعظم من هذه سوف يعملها وكان يقصد عمله في "إحياء من يشاء" (ص5: 21) وفي إقامة الأموات وإحياءه من يشاء هو عمل محدود فإن الذين هم بين الأموات روحياً الذين يسمعون صوت ابن الله، فهؤلاء فقط سوف يحيون روحياً. أما إقامة الأموات فهي عامة. وجميع الذين في القبور سوف يسمعون صوته ويخرجون على دفعتين فريق يخرج لقيامة الحياة وفريق يخرج لقيامة الدينونة. كل دفعة على حدة- قيامة أولى ثم قيامة ثانية. وهذا سوف يحدث في أوقات مختلفة كما نتعلم من فصول كتابية أخرى.

في العدد (21) من هذا الإصحاح نجد أن "الإحياء" يُنسب إلى الله الآب والله الابن. بينما في العدد (22) نجد أن "الدينونة" قد وضعت كلها في يدي الابن. لأن الابن وحده هو الذي جاء إلى هذا العالم ليتألم ويُرفض بل تُقطع حياته من الأرض لذلك له وحده أُعطي أن يدين. أما في الإحياء فالابن يعمل وفق مشيئة مع الآب- ولا حاجة بنا إلى القول- بأنه يعمل في اتفاق مطلق وكامل مع مسيئة الآب. لأنه هو مصدر حياة، كما أن الآب- مصدر حياة على السواء لأن العدد (26) واضح أنه يتوازى مع العدد (21) في معناه. وكما نقرأ في (1كو15: 45) إن آدم الأخير روح محيي".

يقول الرب "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة... الحق الحق أقول لكم أنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون" (يو5: 24و 25). وفي هذه العبارات نرى الطريقة التي بها يعطى الابن الحياة الآن. إنه يُحي بواسطة كلمته بمعنى أن الناس يسمعون فيها "صوت ابن الله" وبالتالي يُصدقون أن الله أرسله إلى العالم – أي يؤمنون بالآب الذي أرسله ويحيون. ولنلاحظ أن عملية الإحياء هنا لا تُرسم أمامنا كعمل منسوب للابن، منفصل عن الواسطة المستخدمة. ولو كانت كذلك لجاءت العبارة هكذا "والأحياء يسمعون". لكن العبارة ترد هكذا "والسامعون يحيون". بكل تأكيد الحياة هي عطية من الآب ومن الابن لكنها تصل إلينا عن طريق سماع صوته في الكلمة وفي نور هذا الإصحاح الخامس من إنجيل يوحنا نعتقد أننا نستطيع أن نقول عن "الإحياء" بأنه وجه عميق وهام جداً من أوجه عمل الله فينا. وتبدو أهميته في أن الآب والابن يعملان فيه بصورة خاصة. ولقد تعثر البعض في فهم عبارات الرب يسوع في الأعداد (19و 30) من هذا الإصحاح. إنهم أساءوا تفسير قول الرب "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل... أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً". هذه العبارات لا تعني إنه تجرد من كل قوة على العمل كما يمكن أن يقال عن أي نبي. بل إنها تعني في المقام الأول حقيقة أن ابن الله إذ جاء في الجسد، إنساناً تام الإنسانية أخذ مركز الخدمة التي تستند كل الاستناد على الله عاملاً بنشاط الروح القدس كلياً وجزئياً في خضوع لله الآب. هذا يبدو بارزاً في العدد (30). وفي المقام الثاني هي تعني أن مركز الابن الجوهري في وحدة اللاهوت يحتم أنه يستحيل عليه أن يعمل بالاستقلال عن الآب وهذا يبدو بارزاً في العدد (19).

من وجهة النظر الداخلية العميقة هذه كأن الابن يقول أنا بصفة حتمية واحد مع الآب حتى إنه- من طبيعة الأشياء- يستحيل أن أعمل بالاستقلال عنه". حقاً هذه العبارة هي أقوى تأكيد للاهوت الابن. والآب والابن يتحتم دائماً أن يعملا معاً كما تؤكد العبارة الأخيرة في (عدد19) "لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك". من أجل ذلك رضي الرب يسوع بما قاله عنه اليهود إنه "قال أيضاً إن الله أبوه". وليس فقط رضي بل زاد في تعميق هذا المعنى أكثر. ومن ثم فإن الآب والابن يعملان معاً في القوة المحيية (أي القوة التي تعطي حياة).

وفي يو6: 63 نجد أن الروح القدس يحيي أيضاً وعلى ذلك يمكننا أن نقول أن كل ملء اللاهوت- الآب والابن والروح القدس- يعمل في إحياء النفوس.

هناك شيء آخر جدير بالملاحظة. هذا الشيء نجده في (أف2: 5 وفي كو2: 13) وهذا هو نص المكتوب في هذين الموضعين "ونحن أموات بالخطايا أحياناً مع المسيح بالنعمة أنتم مخلصون" و "إذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحاً لكم بجميع الخطايا". إننا قد أحيينا مع المسيح وليس أقل من عملية الإحياء لمواجهة حالتنا التي كنا فيها وعلى ذلك فالإحياء هو ضرورة محتومة لكن لم تكن الضرورة إننا نحيا مع المسيح لولا أن هذه هي الثمرة التي قصدتها مشورات الله بالنعمة.

إن "الحياة مع المسيح" أي في اتحاد بالمسيح كانت هي القصد الإلهي من جهتنا. هذا القصد أبعد بكثير من مجرد الحاجة إلى الإنقاذ من البلاء الذي كنا فيه. إن حياة من أي نوع كانت تلزم لنا لكي نشعر شعوراً واعياً بالبركة، لكن "الحياة مع المسيح" أي حياة هي نفسها حياة المسيح- هي الحياة الأسمى والأرقى التي يمكن أن يعرفها الإنسان المفدى. من أجل ذلك نقرأ عن هذا الإحياء إنه ثمرة غنى رحمة الله وأنه حصل بسبب محبته الكثيرة التي أحبنا بها رحمة غنية ومحبة كثيرة هذه هي أوصاف رحمته ومحبته لنا. وعلى هذه الصورة أُعلنت الرحمة والمحبة.

لقد أُحيينا مع المسيح على قدر ما إن حياتنا التي أخذناها من صميم ترتيبه وقصده هي حياته هو، وحياته هي حياتنا. وإذا كان ذلك فمن الممكن إذن لنا أن نُقام وأن "نُجلّس معاً في السماويات فيه" لأنه إذ لنا حياة على نفس هذا المستوى فنحن مؤهلون لهذه المجالس الرفيعة. إن قصة إحيائنا- تلك القصة العجيبة إنما تنتهي بجلوسنا في السماويات بحياة من أحياناً.

والآن نأتي إلى بعض التساؤلات حول هذا الموضوع:

أولاً: نقرأ عن الإحياء في العهد القديم حيث يذكر المرنم في مزمور 119 هذا الموضوع أكثر من عشر مرات فهل نفرق أو نفاضل بين معنى الإحياء في العهد القديم وبين مفهومه في العهد الجديد؟

ج: أعتقد إننا ينبغي أن نفرق بين المفهومين لأن المرنم في (مز119: 50) يقول أن كلمة الله أحيته "لأن قولك أحياني" ثم نراه المرة بعد الأخرى يطلب أن يحيا: "أحيني حسب كلمتك".. "لأن قولك أحياني".. "أحيني حسب كلامك" "حسب أحكامك أحيني" "حسب رحمتك أحيني".

وكلمة الإحياء هناك مقصود بها معنى الإنهاض أو الإيقاظ أو استعادة نشاط الحياة. ونحن نعرف أن الإنسان في العهد القديم كان لم يزل تحت الاختبار والناموس أُعطي له ليمتحنه وكانت الحياة على الأرض هي الجزاء نتيجة الطاعة الكاملة للناموس لكن عندما جاء زمان النعمة بالإنجيل انتهت مدة اختبار الإنسان وأعلن صراحة إن الإنسان ميت بالذنوب والخطايا. لذلك في العهد الجديد فقط يظهر المعنى الشامل الكامل لحقيقة الإحياء.

ثانياً: يفتكر البعض إن الإحياء حق يُرجى الوصول إليه بمعنى أن الإنسان قد يولد من الله ويظل الإحياء هدفاً أمامه عليه أن يصل إليه في وقت متأخر كأنه ختام عمل الله فيه. فهل يقول الكتاب ذلك؟

ج: لا. الكتاب لا يُعلّم هكذا مفهوم. الإحياء هو إعطاؤنا حياة أي إلى أن يتم إحياؤنا فنحن قبل الإحياء أموات. والإحياء هو بداية عمل الله في الإنسان وليس خاتمة عمله فيه. ربما يكون صحيحاً إذا قلنا أن الحق المتعلق بمفهوم الإحياء في نطاقه الواسع أكبر من أن ندركه بسرعة. إننا دائماً نبدأ فهم الحق باعتباره غفران الخطايا والخلاص أما مسألة نوال الحياة وبصفة خاصة نوالها في المسيح أو بالحري الموت مع المسيح والقيامة معه فهذه حقائق تستقر فينا شيئاً فشيئاً كحلقات في تاريخنا الروحي وإذن لا ينبغي أن ننسب الشيء إلى الشيء نفسه بينما في الحقيقة يُنسب إلى إدراكه أو تفهمه. أما الشيء نفسه فهو ثمرة عمل إلهي وأما إدراكه فهو ثمرة تعليم إلهي.

ثالثاً: في (يوحنا5: 21) نقرأ أن الآب "يُقيم الأموات ويُحيي" فهل هو يقيمهم أولاً ثم يحييهم؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما الفرق بين إقامتهم وإحيائهم؟

ج: إذا رجعنا إلى (يو11: 25) نجد الرب يسوع يقول "أنا هو القيامة والحياة" فالقيامة شيء والحياة شيء آخر متميز، لكن من الصعب أن نفرق بينهما بالنسبة لنا نحن المؤمنين. لكن بالنسبة لغير المؤمنين الذين يموتون هما أمران منفصلان لأن غير المؤمنين سيُقامون ثم تدب الحركة في أجسادهم الميتة ولا يقال "تُحيا أجسادكم" لأن قيامتهم هي قيامة الدينونة وليست قيامة الحياة (ص5: 29). كذلك القيامة والإحياء أمران متميزان كما هو واضح في (كو2: 12و 13) المعمودية التي فيها أُقمتم أيضاً معه... وإذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه..." نحن قد أحيينا فعلاً لكن قيامة الأجساد في ملء كمالها لم تزل مستقبلة وعندما تأتي تلك اللحظة فإن أجسادنا يملأها دبيب الحياة أو تسري فيها الحياة.

(our bodies will be instinct with life)

تمشياً مع ما تم فعلاً بالنسبة لأرواحنا.

رابعاً: في (رو8: 11) نقرأ "الذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم". فهل هذا يحدث حالياً أو في المستقبل؟

ج: المقصود هنا سوف يتم في المستقبل. الله سوف يحيي أجسادنا المائتة. ونجد في العدد السابق (عدد10) إن الجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر ففي هذا العدد والعدد الذي يليه تأتي الإشارة إلى الروح القدس الساكن فينا. فالروح حياة لنا من الناحية العملية والاختبارية في الوقت الحاضر وسوف يُحيي أجسادنا المائتة (القابلة للموت) حالياً في الوقت الحاضر سواء تم هذا الإحياء في القيامة بالنسبة للقديسين الذين ماتوا أو بتغيير الأجساد الذي تكلم عنه الفصل الخامس عشر من رسالة كورنثوس الأولى بالنسبة للقديسين الأحياء عند مجيء الرب يسوع.

خامساً: يقول البعض إن هذا الإحياء لأجسادنا المائتة مقصود به الشفاء من الأمراض وأن هذا الإحياء (الشفاء) يتحقق لنا في الزمان الحاضر إذا كان لنا ملء الروح القدس.

ج: أين نقرأ عن الشفاء أو عن الأمراض في هذه العبارات؟ والكتاب لا يقول "سيحيي أجسادكم المريضة" بل "أجسادكم الميتة". ففي الوقت الحاضر، أجسادنا عرضة للموت (قابلة للموت) ولكن عندما يتم إحياؤها لن يكون قابلة للموت أو خاضعة له. ولو أن جسد المؤمن تم إحياؤه الآن لأصبح غير خاضع للموت أي يصبح مخلداً وبالتالي لا يمرض بالأولى وإذن جوابنا هو جواب مزدوج فمن ناحية إن كان روح الله ساكناً فينا، وهو بالفعل ساكن في كل مؤمن. وهذا هو الشرط لعملية الإحياء ومن ناحية أخرى ليس في العبارة أية إشارة إلى الشفاء من المرض بل ينصب الكلام على إعطاء حياة من مصدر إلهي. وعندما يتم الإحياء فلن يكون الجسد بعد جسداً مائتاً. وواضح أن هذا (أقصد إحياء الجسد المائت) لم يحصل بعد لأي قديس عائش على الأرض. ولو كان جسد بولس المائت قد أُحيي لما أُلقي أرضاً بسيف السياف ولكان لم يزل حياً يسعى بيننا.

سادساً: نحن على حق عندما نقول إن الرب يسوع كآدم الأخير يُحيي حسب ما جاء في (1كو15: 45) "صار آدم الأخير روحاً محيياً" فهل نحن على حق إن ربطنا هذا الحق بالوقت الحاضر؟

ج: طبعاً بكل تأكيد. إن آدم الأخير في هذه الآية يقوم بالمباينة مع آدم الإنسان الأول وذلك ليس فقط في كونه "روحاً" بالمباينة مع "النفس" بل أيضاً في أنه ليس فقط "حي" بل "روح محي" والعدد 36 في هذا الإصحاح يقول "الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت". في هذا القول نجد أن الإحياء ينطبق على ما يموت. والآن نحن كنا أمواتاً روحياً وقد تم فينا إحياء روحي فعلاً من آدم الأخير وهو كرأس جنس جديد أعطانا حياة هي حياته- أعطانا لنا نحن جنسه الجديد. لكن بقية الإصحاح يتناول حالة أجسادنا التي لا تزال مائتة فنحن لابد أن نلبس صورة آدم السماوي فيما يتعلق بأجسادنا وهذا التغيير العظيم سوف يحصل لنا عند مجيء الرب. حينئذ هذا المائت سيلبس عدم فساد وهذا هو إحياء أجسادنا المائتة الذي يتكلم عنه (رو8: 11) حين يقول "إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم". عندما يتم ذلك والموت "يُبتلع إلى غلبة" (1كو15: 54) يكون عمل الإحياء بالنسبة لنا قد بلغ آخر مراحله وحينئذ تتم الكلمة القائلة بأننا "نملك في الحياة بالواحد يسوع المسيح" (رو5: 17). ليس فقط إننا نكون في الحياة بل نملك فيها- ونملك إلى أبد الآبدين

  • عدد الزيارات: 4638