Skip to main content

المصالحة

النصوص الكتابية:

"لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالأولى كثيراً ونحن مصالحون نخلص بحياته" (رو5: 10).

"ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح ... أي إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المصالحة" (2كو5: 18)

"لأنه فيه سُرَّ أن يحل كل الملء. وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه... وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن" (كو1: 19و 21).

كلمات مختلفة اللفظ مثل الغفران والتبرير والفداء استعملها روح الله ليوصل إلينا بها الآثار والنتائج البعيدة المدى لعمل المسيح على الصليب. والمصالحة واحدة من هذه الكلمات والتي تحمل معنى أكثر تحديداً من غيرها إذ تأتي بنا إلى بركة الإنجيل بصفة إيجابية أكثر من غيرها. هذا المعنى نجده في رسائل العهد الجديد بصفة خاصة.

ثلاثة فصول من العهد الجديد تتكلم عن المصالحة هي (رو5و 2كو5 وكو1) كما ترد عنها إشارة في رسالة أفسس (ص2).

نحن نحتاج إلى التبرير بسبب ما كنا عليه من مذنوبية ترتبت عليها دينونة. ونحتاج إلى الفداء بسبب العبودية التي جلبتها الخطية علينا. ونحتاج إلى المصالحة مع الله لأن من أسوأ نتائج الخطية علينا هي أنها جعلتنا متجنبين عن حياة الله. الخطية أنتجت في قلوبنا فُرقة كاملة أو غربة تامة عن الله. "والمصالحة" يرد مفهومها في العدد الحادي والعشرين من (كو1) بالمباينة مع مفهوم التجنب عن الله "وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه". ولسوف ندرك المعنى الكامل "للمصالحة" إذا نحن أدركنا المعنى الكامل لمأساة "التجنب" عن الله.

في (أف4: 18) نقرأ عن حالة التجنب التي سقط فيها الإنسان: "لا تسلكوا فيما بعد كما يسلك سائر الأمم أيضاً ببطل ذهنهم. إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم". وإذا نحن أردنا أن نصل إلى أعماق الأمر علينا أن نكتشف إلى أي مدى "تجنبنا" عن حياة الله. مع هذا التجنب عن الله يقترن "البُطل"- بُطل الذهن. وظلمة الفكر والجهل. وعمى البصيرة والشهوة الردية والنجاسة و...الخ وليس هذا بمستغرب لأن حياة الله هي ضد كل هذه على خط مستقيم. إن الخطية إذ فصلتنا عن الله وجعلتنا في غربة تامة عنه إنما فصلتنا تماماً عن كل ما يجعل حياتنا متفقة مع حياة الله.

وإذ قد تجنبنا عن الله فبالطبيعة نحن لا نريده ولا نريد الحياة ولا النور الذي يصاحب محضره. هذه نتيجة مباشرة لدخول الخطية. نتيجة فورية وعلى التو بمجرد السقوط. والإصحاح الثالث من سفر التكوين يشهد لهذا. فإن تصرف آدم وامرأته يدل على ذلك بكل وضوح لأنه بمجرد أن سمع صوت الرب الإله في الجنة نجدهما يختبئان. لكن الله لم يقض عليهما في الحال بل تعامل معهما بالرحمة. لقد أقاما حاجزاً بينهما وبينه. هذا كان من جانبهما ولم يكن في مقدورهما أن يعبراه. والرب صادق على هذا الوضع بأن أقام من جانبه حاجزاً في صورة كروبيم وسيف لهيب متقلب ليمنعهما من الدنو إليه.

فالخطية إذن قد أفسدت مسرة الله بالإنسان. وهذا التعبير هو أخف وصف لما حدث. وما علينا إلا الرجوع إلى الإصحاح السادس من سفر التكوين لنرى الجنس البشري بعد أن أعطي وقتاً كافياً تمادى فيه وازداد انغماساً في شهواته الدنسة، وصل إلى درجة لا تُحتمل حتى إن الله حزن لأنه عمل الإنسان في الأرض (تك6: 6). عندما خلق الله الإنسان في ختام (تك1) "رأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً". وهذا الذي كان مرة حسناً جداً في نظر الله صار الآن سبب حزن له. لقد وقعت فرقة بين الإنسان وبين الله وكان تجنب الإنسان عن حياة الله بعيداً وعميقاً إلى أبعد مدى.

وكان التجنب من جانب الله بعيداً أيضاً. صار الله عند الإنسان أجنبياً غير مرغوب فيه وكذلك بالمثل صار الإنسان عند الله. والجزء الأخير من الإصحاح الأول من رسالة رومية يكشف عن تلك القصة الرهيبة. قصة تجنب الإنسان عن حياة الله. وحالة انحطاط الجنس البشري مرجعها إنهم "لم يستحسنوا أن يُبقوا الله في معرفتهم" (رو1: 28). والإصحاح الثالث من الرسالة يؤيد هذا بقوله"... ليس من يطلب الله..." (رو3: 10و 11). وعندما نصل إلى الإصحاح الخامس نقرأ بصراحة ووضوح أنه لما مات المسيح لأجل مصالحتنا مع الله، كنا في ذلك الوقت "أعداء" (رو5: 10). وهنا ينبغي أن نعمل خطاً مميزاً فإن "التجنب" من جانبنا كان في الحياة (العيشة) وفي القلب معاً، لكن من جانب الله كان التجنب على أشده وفي أبعد صورة في الحياة (أي في المسلك والاتجاه) أما في قلبه فلم يكن هناك جفاء بالمرة. وبعبارة أخرى لما كنا خطاة كنا أعداء نكره الله لكن الله لم تتطرق الكراهية إلى قلبه. ولو أنه كرهنا لصب علينا اللعنة وانتهى الأمر. لكنه بدلاً من هذا نراه يعرض بنفسه مصالحتنا. وهي مصالحة تكلفت أبهظ الثمن- لقد كلفته "موت ابنه".

لقد جاء الرب يسوع إلى العالم بروح المصالحة.. "الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم" (2كو5: 19). وبهذه الروح تميزت حياته وخدمته وكان عمله ليس للدينونة بل للغفران حتى عندما أظهرنا علانية عداوتنا الصارخة وكان ذنبنا مفضوحاً جهاراً. كان هذا تصرفه مع التي أُمسكت في ذات الفعل (يو8: 11) ومع الذين سمروه على الخشبة (لو23: 34). إن كل ما يستطيع الله أن يعمله قد عمله يسوع المسيح لكن الناس رفضوا يده الممدودة إليهم- وصلبوه. غير أنه في ذلك الوقت عينه سجَّلت رحمة الله أعظم علامات انتصارها. في ذلك الوقت، الله "جعل الذي لم يعرف خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو 5: 21).

والآن واضح أنه إن كنا قد صرنا في المسيح- في المسيح الذي مات وقام أيضاً- بر الله ذاته، لم يعد هناك بعد شيء بغيض لديه ولم يعد هناك بعد ما يمنعه من النظر إلينا بعين الرضى بل بالحري هناك ما هو عكس ذلك تماماً. لقد اتحد المسيح بنا وبخطيتنا تحت دينونة الله والآن نحن متحدون معه في قبوله أمام الله كالمُقام من الأموات.

هذا الحق نراه مقرراً في (كولوسي1: 21و 22) ولكن في صيغة أخرى. هناك يقال إننا صولحنا "في جسم بشريته بالموت" لأن المسيح صار بشراً وبذلك صار له جسم بشريته لكي يستطيع أن يموت وكنتيجة للمصالحة نستطيع الآن أن نظهر أمام الله "قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه (أي في عينيه)" وعبارة "في جسم بشريته" قد تبدو تعبيراً غريباً لكن هذا التعبير استعمل بصور أخرى في الرسائل مثل قوله "أنتم مُتم للناموس بجسد المسيح" (رو7: 4) وأيضاً "مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض" (أف2: 15) وكذلك قوله "نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" وأيضاً "طريقاً كرسه لنا حديثاً بالحجاب أي جسده" (عب10: 10و 20). فإذا فهمنا الأمر على وجهه الصحيح فإن المعنى المقصود هو أن الرب يسوع في نعمته اتحد نفسه بمركزنا وبحالتنا لما أخذ جسداً إنسانياً خالياً من الخطية لكي يضع حياته مقدماً جسده المقدس كذبيحة خطية ثم يأخذ حياته أيضاً بالقيامة- الحياة التي فيها يتحد المؤمنون الآن معه. وعلى ذلك فموته كان دينونة وخاتمة قضائية للترتيب الأول (الإنسان في كيانه الموروث من آدم) وقيامته كانت البداية الحقيقية للترتيب الجديد (الخليقة الجديدة في المسيح).

هذا التغيير الكبير قد تم لحسابنا أو لأجلنا "في جسم بشريته بالموت" وبالتبعية تغيّر تماماً كل مركزنا وكل اعتبارنا أمام الله. كنا مرة في مركز آدم الساقط بالتمام، وليس هناك ما هو أردأ من ذلك المركز وليس هناك ما هو أبشع منه عند الله. لكن الآن وقد صرنا في المسيح لنا مركز المسيح المُقام من الأموات وليس هناك ما هو أفضل من هذا المركز وليس هناك ما هو أكثر قبولاً منه عند الله. وهذا هو ما يمكن أن نسميه جانب الله في المصالحة- إنه العمل الذي أنجزه وعمله في موت المسيح. عمل كامل كمالاً مطلقاً صُنع لأجلنا وصُنع إلى الأبد. إنه عمل الخليقة الجديدة في مستواها الرفيع، كما تُكلمنا عنه رسالة كورنثوس الثانية (ص5: 17). لكن هناك الجانب الإنساني- جانبنا نحن والذي ينبغي أن تتناوله المصالحة. فنحن كنا "أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة" ولذلك بالتبعية كان ينبغي أن يكون هناك تغيير جوهري وكامل عند كل واحد منا في الذهن وفي الموقف إزاء الله. لم تكن هناك حاجة أن يتحول قلب الله نحونا لكن الحاجة كل الحاجة هي أن تتحول قلوبنا لترجع إلى الله ومن أجل ذلك أُعطيت كلمة الإنجيل للرسل "ككلمة المصالحة" (2كو5: 19)ليقوموا بها كسفراء عن المسيح يطلبون إلى الناس أن يتصالحوا مع الله. ونحن عندما قبلنا الإنجيل أصبحت خدمة المصالحة فعّالة فينا وأمكن أن يقال عنا إننا "نلنا به (بربنا يسوع) الآن المصالحة" (رو5: 11) وكثمرة لنوال المصالحة صرنا "نفتخر بالله" أي نفرح ونُسر بالله في حين كنا قبلاً نخاف منه بل وفي عداوة معه.

إذن يمكننا الآن أن نُخلص- هذا الحق المبارك في القول بأن كل شيء مضاد لقداسة الله ولا يتفق مع طبيعته الأدبية ويستحق الدينونة، قد حُكم عليه ووقعت عليه الدينونة في صليب المسيح. ونحن، كثمرة للمصالحة (عملية التوافق مع طبيعة الله القدوسة بلا أقل نشاذ) نقوم الآن في كمال القبول عند الله. وقبول المسيح عند الله هو قياس قبولنا. أما قياس قبول المسيح يمكن إدراكه من اللقب الذي خُلع عليه وهو "المحبوب". بل هناك شيء آخر وهو إن كنا لا نستطيع قبول الإنجيل بدون عمل الروح القدس في داخلنا أي بدون ولادتنا ثانية من الروح القدس فمعنى هذا أننا ننال المصالحة بالإيمان. وبالإيمان تتغير أفكارنا تماماً تجاه الله. والعداوة التي ملأت مرة قلوبنا انتهت تماماً وأصبحنا نفرح في الله. وعلى حياتنا أشرق يوم جديد بالرضا الإلهي. ونحن نرد الصدى بمحبة قلبية من نحوه.

والآن نستطيع أن نرى بوضوح أكبر كيف أن المصالحة تأتي بنا إلى ملء بركة الإنجيل بصفة إيجابية إننا كمُسامَحِين نَعلم أن خطايانا انمحت وكمُبرَرين أُسقطت عنا التهم التي هي علة دينونتنا وكمفديين عبرت عنا أيام عبوديتنا ولكن كمُصالَحين لنا كامل القبول وثقة الدخول إلى رحاب محبة الله ورضاه. إننا بالمصالحة مع الله دخلنا إلى قمة البركات على أعلى مستوى.

ملاحظات:

س: هناك ترنيمة شائعة تقول:

لأنه هو سلامنا... مصالح لنا إلهنا

فهل من صحيح القول أن الصليب صالح الله لنا؟

ج: لا. ليس مما يتفق مع التعليم الصحيح أن نقول أن المسيح بموته صالح الله لنا. لأننا نحن الذين كنا نحتاج إلى المصالحة والله هو الذي صنع الصلح بدم المسيح. هو الذي صالحنا لنفسه. ومع أن هذا هو الواقع غير أننا لا نغفل حقيقة أن الله كان ينبغي أن يُكفر عن الخطية أمام نظره. وفي المثل الذي قاله الرب في (لو18) نرى العشار يدرك هذه الحقيقة إذ يقول "اللهم ارحمني أنا الخاطئ". بقدر ما أن الخطية هي التحدي الصارخ لبر الله وقداسته بهذا القدر عينه كان ينبغي أن يُكفر عنها أمام الله لكن الله لم يكرهنا على الإطلاق وقلبه لم يتجنب عنا ولم يعادينا، ولو عادانا لما أرسل ابنه كفارة نحتاج إليها نحن لنواجه مطاليب بره وقداسته.

س: هل نفهم من ذلك أن المصالحة تعالج حالتنا الساقطة أمام الله أكثر مما تعالج المذنوبية.

ج: نعم. هو كذلك. وجدير بالملاحظة أن حقيقة عداوتنا لله تبرز في معرض الكلام عن المصالحة. والعبارة الواردة في (2كو5) الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً وإن كانت لا تُذكر فيها عداوتنا لكنها متضمنة في قوله "الأشياء العتيقة" هذه الأشياء قد مضت حيثما ذُكرت الخليقة الجديدة رغم أن الأشياء العتيقة قائمة وملموسة في العالم في الوقت الحاضر. لكن حيثما تبدأ الحياة الجديدة تدب، فحينئذ توجد المصالحة مع الله. والدم دائماً هو أساس المصالحة لأنه في الصليب دينت الخطية وكل ما يتعارض مع طبيعة الله القدوسة. وطبعاً لا نستطيع أن نفصل المذنوبية عن حالتنا الخاطئة لكن الحكم على الحالة الساقطة يمثل أمام الذهن في مجال الكلام عن المصالحة دون الكلام عن ستر كثرة من الخطايا.

س: حتى الآن عرفنا مضمون مصالحة المؤمنين (عمل التوفيق بين حالة المؤمنين وبين قداسة الله المطلقة) فما هو مضمون مصالحة "الكل" التي نقرأ عنها في (كو1: 20).

ج: تلك المصالحة الشاملة سوف تتم في وقتها ونلاحظ أن العبارة تقول "يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم في السموات" هنا المصالحة مقصورة على "ما على الأرض وما في السموات" أما "من تحت الأرض" (في2: 10) الذين تعيَّن أن يجثوا باسم يسوع فلم يُذكروا هنا. إن دنس الخطية بالسقوط قد تأثرت به أجزاء معينة من السماء إذ سقط ملائكه. وحيثما وصلت الخطية لزمت الحاجة إلى المصالحة. لكن هناك وقت عتيد سوف تكتسح فيه الدينونة كل شر ليستقر عليه الازدراء الأبدي وسوف يتطهر بالدينونة ويتصالح كل شيء على الأرض وفي السموات وستكون كل الكائنات مقبولة لدى الله وتفرح كلها في الله.

إن "دم صليبه" الذي أتى بنا إلى المصالحة له من القيمة ومن الكفاية لأن يعمل هذا.

س: نقرأ في (رو11: 15) "لأنه إن كان رفضهم (اليهود كأمة) هو مصالحة العالم فكم بالحري ملؤهم؟ فهل يبدو من هذه العبارة أن العالم قد صولح الآن؟

ج: ينبغي قراءة الفصل كله بتدقيق لكي ندرك فكر الرسول. لأن بولس هناك يناقش طرق الله مع الشعب القديم كأمة مبيناً كيف أن الله نحَّاهم جانباً في الوقت الحاضر لكي يُنجز قصده بتوصيل الرحمة إلى الأمم. فإنه طوال فترة تدبير الناموس ركز الله معاملاته وميز بالبركة الشعب القديم. كانوا أمامه في نور وجهه بينما ترك الأمم في ظلمتهم الظلمة التي اختاروها لأنفسهم كما هو واضح من (رو1: 21)- لكن لما جاء المسيح ورفضته الأمة حدث تغيير كبير في معاملات الله وطرقه بالنسبة لتلك الأمة القديمة وبالنسبة للشعوب الأممية. فالشعب القديم كأمة فقد امتيازاته واختصاصاته بالبركة وانتهى هذا بما يسمى "غنى للعالم" (عدد12) و "المصالحة للعالم" (عدد15). وكلمة العالم هنا واضح أن لها قوة معنى "الأمم" بالمباينة مع إسرائيل. هذه المصالحة صارت بسبب التغيير في معاملات الله التي جعلته يُنحي إسرائيل من مكانهم الخصوصي كأمة والإتيان بالأمم إليه للبركة. كان الموقف قبل ذلك هو أن الأمم حولوا وجوههم عن الله والله حوّل وجهه عنهم. أما الآن فالله حوَّل وجهه نحوهم. "وخلاص الله" كما يقول بولس في (أع28: 28)" قد أُرسل إلى الأمم وهم سيسمعون " هذه المصالحة تدبيرياً حصلت فعلاً وكان بولس هو الخادم المختار المُرسَل لتقديم بشارة الخلاص للعالم الأممي.

س: وهل المصالحة التي نحصل عليها نحن المؤمنين تعني أكثر من هذه المصالحة التدبيرية؟

ج: طبعاً بدون شك. لأننا إذ نتصالح مع الله نفرح أو "نفتخر في الله" كما قرأنا في (رو5: 11). هذا أمر لا يفعله العالم رغم حقيقة أن رحمة الله مُتجهة إلى هذا العالم بالإنجيل. إن الله لما بذل ابنه الوحيد كان العالم له مكان في قصده ومن وراء بذل الابن كانت محبة الله من وراء هذا الفعل. هذه المصالحة التدبيرية تُقدِم للجميع خدمة المصالحة التي يتكلم عنها الإصحاح الخامس من رسالة كورنثوس الثانية. وهذه الأخيرة ليست مصالحة تدبيرية بل حيوية إلى أقضى درجة. إن المؤمنين بالحقيقة قد صُولحوا مع الله في البر وفي المحبة بزوال كل عيبة وكل نشاز وقد طُرح الخوف من الدينونة تماماً وإلى الأبد

  • عدد الزيارات: 9405