الفصل السادس: تنسيق أجزاء الدرس
لم يتبع يسوع ترتيباً جامداً في تقديم دروسه ولم يحصرها ضمن دائرة اتجاه واحد ولا أخضعها لتنسيق معين بل كان يُتقن الكلَّ ويكيِّف الترتيب حسب ظروفه وغايته وأسلوبه ويستخدم الأنسب. والحادثة التي يظهر فيها بأجلى صورة منهجه في التعليم هي الحادثة التي علَّم فيها السامرية عند بئر يعقوب وسندرسها كمثال يوضح الخطوات الضرورية في تقديم الدرس ونعترف في الوقت نفسه بأنها مَثَل واحد فقط لا قاعدة نهائية.
1- المقدمة
واضح أن كل عمل تعليمي ينبغي أن يبتدئ بتمهيد ما وقد تكون البداية أهم من خطوة من خطوات تقديم الدرس لأن النجاح قد يتوقف على الجملة الأولى أو المقطع الأول. فإن لم تجذب البداية الانتباه وتثير الرغبة في الطلاب فلا شيء يفعل ذلك. إذاً علينا بالتأمل الجدي في مقدمة الدرس. ويقضي بعض المعلمين وقتاً في تحضير المقدمة أكثر مما يقضونه في أي جزء آخر من الدرس.
(1) معناها
إن مقدمة الدرس أو بدايته هي التمهيد الذي يجذب الانتباه ويوجهه نحو موضوع الدرس. ولا يعطي التعليم الفائدة المطلوبة قبل أن يحصل المعلم على انتباه الطلاب. ومن يحاول عكس ذلك يكون كمن يجر سيارة في الوضع المعاكس. فلا فائدة من شرح الدرس إن لم يلفت المعلم أنظار الطلاب أولاً ومن ثم يقدم لهم الحقيقة المرجوة من الدرس. وجذب انتباه الطلاب هو القصد الرئيسي من المقدمة.
ويتطلب جذب انتباه الطالب الاتصال بعقله وأفكاره لذلك يجب على المعلم أن يدخل إلى عالم الطالب والأمور التي تخصّه لكي يتصل بأفكاره. قال أحدهم وأحسن "يظهر الفرق بين المعلم المبتدئ والمعلم المجرب في الدقائق الخمس الأولى فإن المعلم المبتدئ ينظر أولاً إلى الدرس أما المعلم المجرب فينظر أولاً إلى الطلاب". أو بعبارة أخرى يبحث المعلم عما يدور في فكر الطالب ويبتدئ من هناك بتقديم درسه. أو كما قال آخر "إن العقل قلعة لا يستولي عليه القوي ولا الماكر إنما هناك باب يسهل الدخول منه وهو اختبار عملي في الحياة". فهناك عند الاختبار العملي يلتقي المعلم بطالبه.
ولا بد من ذكر الأساليب السخيفة لجذب انتباه الطلاب فإنها قد تفعل ذلك وقتياً إلا أنها تلهي الطالب عن الدرس وتحوِّل تفكيره إلى عمل المعلم المدهش. وكذلك القصص التي لا تناسب موضوع الدرس أو البحث في مواضيع ملذة للطلاب كالرياضة أو اللبس أو غيرهما تلهي أكثر مما تساعد في تقديم الدرس.
إن خير نقطة للاتصال بفكر الطالب هي الشيء الذي يهتم به الطالب أو الشيء الملذُّ في الدرس ذاته يوجه إليه الفكر. لأن حب الاستطلاع يدفع الطالب إلى الانتباه إلى الدرس. وإذا كان للمعلم لذة بالموضوع فإن لذته هو تؤثر على الطالب وتثير فيه الرغبة في تعلم المزيد عنه. قال وايغل "نفشل إن لم نرغِّب الطالب في الدرس نفسه فحاجتنا ليست إلى جعل الدرس ملذاً بإضافة القصص إليه أو بحيلة من الحيل بل حاجتنا إلى تبيان اللذة الجوهرية الموجودة فيه بجلاء" فبإمكاننا أن نبدأ بمشكلة عملية أو بأمر يهم الطالب ومن ثم ننتقل إلى ما يضيء عليه في الدرس.
ويقتضي هذا كله اقترابنا من رغبات الطلاب وحاجاتهم لأنه من المستحيل "أن نقف بعيداً ونرمي بالمعرفة إلى الطالب" وتنمو رغبات الطالب من الغرائز البديهية التي منها غريزة حب البقاء والأمن في هذه الحياة والآخرة ومنها الرغبة في الزواج والتوالد ومنها أيضاً الرغبة في القوة والسلطة وهناك اشتياق الشخص إلى المشاركة الاجتماعية واعتراف المجتمع به. فمن هذه الغرائز تتكون الحياة وهي محور الحياة.
فبإمكان المعلم أن يجذب الانتباه إلى الدرس إذا عالج الأمور الأساسية في حياة طلابه. وذلك يحتاج إلى معرفة طلابه على أكمل وجه ممكن. يجب أن يعرف ما يلتذون به وما هي هواياتهم واختباراتهم ومشاكلهم. ويجب أن يعرف شيئاً عن بيوتهم واختباراتهم المدرسية والمشاكل التي يواجهونها في عملهم وحياتهم الاجتماعية والرياضية والخلقية والروحية. عليه أن يدرس كتباً عن صفات طلاب من عمر طلابه وأن يدرس الطلاب ويعرفهم معرفة شخصية. فإن فعل هذا استطاع أن يبدأ بما يهم طلابه فيتبعونه راغبين أو على الأقل استطاع أن يبدأ بالدرس على ضوء حالتهم مبيناً المبادئ التي تطبق على ظروفهم. وفي الأسلوبين يكون قد اتصل بالطلاب في بداية الدرس.
(2) مثل من تعليم يسوع
كان يسوع حاذقاً في الاتصال بعقل سامعيه سواء أكانوا أعداءه أم أصدقاءه والمثل الأوضح على ذلك هو بحثه مع المرأة عند بئر يعقوب (يوحنا 4: 1-7). كانت الظروف في ذلك الوقت غير مناسبة للتعليم وقد تعرقل تقريباً بكل عرقلة يمكن أن نتصورها. فالوقت بحسب التقويم الفلسطيني كان ظهراً وكان السيد قد مشى مسافة طويلة في الحر الشديد فأنهكه التعب و الحر والعطش والجوع وعلا جسمه الغبار فحالته الجسدية هذه كانت غير موافقة لمقابلة تعليمية. والمرأة أيضاً كانت تحمل جرة تريد أن تملأها ماء وربما كانت مستعجلة ومتأثرة من الحر أيضاً وهكذا لا تكون مستعدة لسماع أي درس. ومن جملة العراقيل أن كلّاً منهما كان يجهل الآخر وكان بون شاسع بين بِره وانحطاطها فضلاً عن أنه رجل وهي امرأة وهذا كان حاجزاً أيضاً في مجتمعهما. وكان هو يهودياً وهي سامرية وكان الشعبان يكره كل منهما الآخر.
كل هذه العراقيل كانت تُضعف الأمل في الاتصال والمقابلة. أما يسوع فقد تخطى هذه الحواجز كلها بمقدمة بسيطة متواضعة وطبيعية للغاية لم تثر جوانب النفور في المرأة ولم تكن أكثر من طلب شربة ماء. لم تستطع الغريبة المستعجلة والمتعصبة والخاطئة أن تغضب عند ذاك. فإن طلب يسوع تجنب كل ما يحجز بينهما وحاز انتباه المرأة فكانت مقدمة ممتازة تطرق بعدها بسهولة من الماء الطبيعي إلى "الماء الحي" ومن ثم تكلم معها بصراحة وأنجز قصده في تعليمها.
ونجد في خدمة يسوع أمثلة عديدة عن كيفية ابتدائه بالتدريس. ففي كل قضية تقريباً كان يوجه قوله إلى ما كان أولاً في فكر الطالب- إلى مهنته أو مشكلته أو حاجة يهتم لها ففي تعليمه على الجبل هنَّأ الجياع والعطاش والمساكين وأكد لهم الطوبى والبركة (متى 5: 3-9). وفي اليوم الأخير العظيم من العيد نادى الجماهير العطاش "إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب" (يوحنا 7: 37). وكثيراً ما أشار إلى تعاليم موسى واستخدمها ليلفت أنظار السامعين إلى تعاليمه هو. ولما انتقده الكتبة والفريسيون ابتدأ درسه بانتقادهم. وكان يحضر المناسبات الاجتماعية ويجالس العشارين والخطاة لكي يقترب منهم ويقوي علاقته بهم. واستخدم حتى العجائب ليبدأ درسه بها. ويرجح أن الجماهير تبعته لاتصاله الحيوي بهم قبلاً.
وهكذا في كل الأساليب التي استعملها للتعليم كان يبتدئ دائماً بنقطة اتصال لكي يثير الرغبة والانتباه في سامعيه. وكان يتوصل إلى ذلك بطلب أو بواسطة شيء ملموس أو سؤال أو قول وجيز أو قصة حسب ما تقضي به الحاجة لجذب الانتباه. وقد استطاع ذلك لأنه كان يعلم ما في فكر كل إنسان. أما نحن فلا نستطيع ذلك ولكن يجب أن لا تفوتنا المهمة الأولى أي المقدمة التي تجذب الانتباه وتثير الرغبة في الدرس.
2- صلب الموضوع
بعد أن يوجه المعلم أفكار طلابه إلى الدرس يبقى أمامه مهمة عظيمة جداً وهي تركيز الانتباه ومواصلة اللذة وتقديم الحقيقة. فعليه أن يصرّح بالحقيقة المهمة وأن يوضحها ويختمها. وأن يببين الحقيقة بجلاء ويشرحها مع نتائجها بصورة مؤثرة تتغلغل في أعماق قلوب السامعين وأن يقود الطلاب إلى إدراك مبادئها وتطبيقها. فيجب أن يحتفظ بانتباه الطلاب إلى أن يكمل هذه كلها.
(1) العناصر الضرورية فيه
إن أساس إعداد الدرس الفعال هو فهم قوانين التعليم الرئيسية. وهي قوانين القابلية والتمرين والتأثير. أما الأول وهو قانون القابلية الذي ذكرناه سابقاً فيقول: إن الطالب المستعد لاختبار معيّن يُسَرّ بذلك الاختبار وينزعج إذا لم ينله فهذا القانون يقضي علينا باستعمال المواد المناسبة للطالب. والثاني يقول بأننا كلما كررنا شيئاً أصبح ذلك الشيء جزءاً منا إذا كانت الأمور الأخرى على سواء فهو يقتضي بالإعادة والتكرار. ويقول الثالث بأننا نميل إلى إعادة عمل ما إذا كان تأثيره مسراً لنا وأننا نميل إلى تجنبه إذا كان مزعجاً. إذاً يجب أن يسد تعليمنا حاجات واقعية. وعلى المعلم أن يعد الدرس بموجب هذه القوانين.
و عليه أيضاً أن يتذكر التمييز بين التعليم الذي ينقل أفكار المعلم إلى التلميذ دون دفعه إلى التفكير، والتعليم الذي يحث التلميذ على اكتشاف الحقائق لنفسه. فإن الطريقة الأولى تجعل الطلاب يتكلون دائماً على غيرهم بينما الطريقة الثانية تخلق القواد للمستقبل.
قبل تقديم درس ما يجب على المعلم أن يعده بعناية وهذا الإعداد لا يقل أهمية عن فهم معنى المقطع المعين من الكتاب المقدس. و الخطوة الأولى في إعداد الدرس هي اختيار الحقيقة الرئيسية أي أننا بعد التمعن في ظروف الدرس والحقائق التي فيه نختار واحدة أو أكثر يحتاج إليها طلاب الصف. ويحسن بنا أن نكتفي بحقيقة واحدة إذا أمكن لكي نشدد عليها كما في درس الرئيس الغني، لكن في بعض الدروس نحتاج إلى أكثر كما في درس التطويبات.
إن رسم الخطة للدرس يجعله واضحاً ومؤثراً ويحدد الأهداف. وطبعاً يجب أن يتناسب هدف كل درس مع أهداف السلسلة كلها. ومرة أخرى نعيد القول بأن اختيار الحقيقة التي يحتاج إليها أفراد الصف أحداً بعد أحد يستوجب أن يفهم المعلم ظروف أيامنا الحاضرة وظروف كل فرد.
ثم على المعلم أن يقدم الدرس بطريقة جذابة تجعل الطلاب يتبعون أفكاره وتجعل الحقيقة حية ومؤثرة. وهذا عمل شاق إلا أنه ضروري وهو يقتضي من المعلم فهم مواده جيداً واهتمامه القلبي بطلابه وبالحقيقة وتطبيقها. فإن التعليم مع عدم الاكتراث لنتيجته لا يؤثر على الطلاب أبداً فكأن المعلم لم يعلّم!
إن التعليم في مدرسة أحدية لهو أكثر من مساعدة الطلاب على جمع المعلومات. فإن تقديم الحقائق بأحسن وجه يكوِّن عقائد الطلاب ويخلق فيهم قوة تضبط تصرفاتهم. فيتطلب والحالة هذه اليقظة وإدراك أفكار الطلاب وموقفهم وإعداد كل درس بموجبها. ويتطلب أيضاً استعمال الإيضاحات والأسئلة والمباحثة كثيراً كما يتطلب استعمال المساعدات المنظورة والتمثيل والمشاريع. ولا يخفى أن الأساليب تتغير بحسب المادة وعمر الطلاب ومقدرة المعلم والنتائج تبين الأسلوب الأفضل.
ويلازم المعلم الناجح المغزى الرئيسي ولا يحيد إلى المواضيع الثانوية وهذا ليس من السهل أيضاً. ولا يعني هذا أنه لا يجيب على أسئلة الطلاب إذ قد تكون الأسئلة أهم من المواد إنما يحاول أن يوجه الأفكار إلى الدرس بحيث يتبع البحث والأسئلة الحقيقة الرئيسية. فإن المعلم يلازم هذه الحقيقة ويراعي أفكار طلابه عنها. فعليه أن يلاحظ الوقت لكي لا يترك شيئاً أساسياً ويعطي لكل جزء وقتاً كافياً ولا يسرع في الختام. فمهمته إرشاد عملية التعليم لا نقل المعلومات الملذة فقط.
(2) مثل من تعليم يسوع
فعل يسوع ما ذكرناه في توسيع درسه للسامرية (يوحنا 4: 7-26). فبعد أن بدأ الدرس بذكره موضوع الماء الطبيعي المرغوب فيه وبعد أن حاولت أن تضله عن موضوعه بقولها أن اليهود لا يعاملون السامريين تابع يسوع درسه بقوله "لو كنت تعلمين ...لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حي" لكنها لم تفهم أيضاً فعارضت قوله قائلة إن البئر عميقة ولا دلو لك وإنك لست أعظم من أبينا يعقوب الذي حفر البئر. لكن يسوع لازم موضوع الماء وقال أن الماء الذي يعطيه هو يروي العطش إلى الأبد ويصير ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (ء 14). هنا وصل إلى لبِّ موضوعه وقد حصل على انتباهها ورغبتها في الفهم مع أنها حتى تلك اللحظة لم تكن قد فهمت مقصوده بل طلبت هذا الماء لكي لا تعطش أيضاً ولا ترجع لتستقي مرة أخرى.
ثم لكي يوضح لها معناه ويشدد على الناحية الروحية ويجعل التبكيت عميقاً طلب منها أن تدعو زوجها. فأجابته ليس لي زوج. قال "حسناً قلت...لأنه كان لك خمسة أزواج والذي لك الآن ليس هو زوجك" ومن قوله هذا فهمت أنه نبي وأنه يقترب إلى أمورها الخاصة فحاولت مرة أخرى أن تزيحه عن الموضوع فأثارت نقطة الاختلاف بين السامريين واليهود وهي موضع العبادة أفي جبلها أم في أورشليم في بلاده هو. أما يسوع فرفض أن يترك درسه وأجابها بأن العبادة الحقيقية لا تتوقف على مكان معين بل على موقف "بالروح والحق" لأن الله روح. ولما أشارت إلى مجيء المسيح الذي سيخبرهم بكل شيء أجابها "أنا الذي أكلمك هو" (ء26). وهكذا جذب يسوع انتباهها ورغبتها في متابعة الحديث ورفض أن يتزحزح عن الموضوع ووضح الحق وختمه. فهو مثال ممتاز عن أطوار الدرس فيحسن بنا أن ندرسه مراراً ونقتدي بأسلوبه.
وهناك أمثلة أخرى لتنسيق يسوع صلب الدرس فهو قد استعمل هنا أسلوب المباحثة بينما استعمل في دروس أخرى أسلوب المحاضرة كما في التعليم على الجبل أو القصة كما في الأصحاح الخامس عشر من إنجيل لوقا وكان يستخدم أيضاً أشياء منظورة كما فعل لما رد على شك يوحنا المعمدان بإظهار أعماله لتلميذَيه واستعمل السؤال لما سأل الفريسيين عن معمودية يوحنا والتمثيل كما في فريضة المعمودية والعشاء الرباني. فإن السيد لم يتوقف في تعليمه حتى جعل الحقيقة واضحة ومقنعة.
3- الختام
والطور الأخير في تنسيق الدرس هو الاستنتاج أو التطبيق. ويستصعب بعض الوعّاظ والمعلمين هذه الخطوة أكثر من أية خطوة أخرى. وكثيراً ما يُهمَل إعداد الختام رجاء أن ينتهي الدرس أو العظة بالسلام! لكن الخاتمة أهم من أن تُهمَل إذ يرجح أن النقطة الأخيرة هي التي تؤثر في النفس وتبقى في الذاكرة مدة أطول.
(1) محتوياته
واضح القول أن العمل التعليمي لا يتم بتقديم المعلومات التي يشتمل عليها المقطع المعين من الكتاب المقدس لأن التوقف عند هذا الحد قد يترك عقل الطالب يتجول في بلاد بعيدة وفي عصر غير عصره، لذلك يجب شرح معنى الحقيقة حسب العصر الحاضر وتطبيقها على مشاكل أبناء الصف إذا أمكن ذلك. ويجب التشديد على هذا التطبيق. في بعض الدروس عن الأمور التاريخية أو عن مجموعة من الحقائق قد تصلُح خلاصة الدرس نفسه كخاتمة له إذ بها يعرض المعلم كل الدرس وحاجات الطلاب تحدد وتصف الخاتمة والاستنتاج ويقتضي الأسلوب المستعمل شكل الخاتمة.
ومن المهم جداً استنتاج المبدأ الأساسي الرئيسي من بين الحقائق والمبادئ المذكورة في الدرس وألا يرى الطالب أمامه مجموعة من المعلومات والحقائق غير منظمة وغير مترابطة الأجزاء فلا يفهم أساس الدرس ولا يستطيع أن يطبقه على حياته في عصرنا هذا. ففي درس شفاء يسوع في السبت مثلاً يجب على المعلم أن يشدد لا على أعمال يسوع فقط بل على اهتمامه الأساسي بالحياة الكاملة وعلى القصد من خدمة يسوع وهو أن يخدم المحتاجين إلى طبيب لا الأصحاء. وعلى معلم درس حادثة الشاب الغني أن يشدد على أهمية تقديم المسيح على الأمور المادية.
وكذلك يجب أن تطبق الحقيقة على الحياة في عصرنا الحاضر. ويتطلب هذا التطبيق معرفة المحيط والبيئة وظروف العالم أجمع وقد يكون التطبيق على حياة المجتمع أو الكنيسة. ففي درس الشفاء المذكور أعلاه ينبغي أن تكون الخاتمة ذكر خدمة الصليب الأحمر والمستشفيات والممرضات والأطباء في تخفيف آلام البشرية في مجتمعنا. وعليه أيضاً أن يطبق الدرس على حياة الطلاب الشخصية فيشير إلى مسؤولية المسيحيين في المساهمة لتمويل المستشفيات وفي تأييد الأطباء والممرضات ومسؤولية الطلاب أنفسهم أيضاً في الخدمة لا سيما في مستشفيات تقدم الشفاء الروحي مع الشفاء الجسدي. فإن أغفل المعلم ذلك كان فشله كبيراً في ربط الدرس بالحياة وبيان علاقته بها. وينبغي أن يكون للدرس تأثير عملي معين.
تنتج الإيضاحات المناسبة تأثيراً فعالاً في ختام الدرس إذ تحيي الحق وتؤصِّل انطباعه في النفس. وحقاً لا شيء يثير رغبة الطالب كبيان الحق في الحياة. ولا كلام يؤثر في جمع التبرعات لميتم بقدر تأثير قصة طفل أنقذ بواسطة ذلك الميتم. ولا إحصاءات ولا بلاغة تنجح في جمع تبرعات لنشر الإنجيل في العالم كما تنجح رواية حادثة من اختبارات لفنغستون أو جودسون أو غيرهما من الرسل العظماء وهكذا الحالة مع المستشفيات والتبرعات للاجئين والمنكوبين. إذاً تكون الفائدة من الدرس أعظم عادة إذا خُتِمَ بإيضاح يجلي الحق ويحث على العمل بموجبه. ولهذا كان يسوع يستعمل الأمثال.
(2) عادة يسوع في ختام التعليم
وإذ رجع التلاميذ إلى البئر أثناء قول السيد للسامرية أنه هو المسيح المنتظَر لم يختم الدرس لكنه كان قد بلغ قمة تعليمه لها فانتهى الدرس بنتيجة مرضية إذ تركت جرتها ناسية قصدها من المجيء إلى البئر وأسرعت إلى المدينة تشهد له. ومن هذا يظهر أنه كان قد اقتادها إلى الخاتمة المنشودة من الناحية الفكرية ومن حيث موقفها وإجابتها وهذه هي براهين الختام الناجح. وفي هذه الحالة لا لزوم لختام رسمي.
أما في قضية المحامي المستفهم فقد ختمها يسوع بختام عملي معين إذ بعد أن شدد على ضرورة محبة القريب كالنفس وبعد أن وضح معنى هذه القرابة بقصة السامري الصالح سأل المحامي قائلاً أيُّ المارة الثلاثة صار قريباً للجريح. ولما أجابه المحامي قائلاً الذي صنع معه الرحمة قال له يسوع "اذهب أنت أيضاً واصنع هكذا" (لوقا 10: 37). وهكذا لم يستنتج الحقيقة فقط بل طبقها على الرجل تطبيقاً معيناً وشخصياً. لم يكن يترك طلابه متحيرين فيما عسى أن يكون معنى الدرس!
وتشبه هذه الحادثة معاملة السيد الشاب الرئيس الغني. فبعد أن ذكر له بعض الوصايا العشر واكتشف نقطة ضعف الشاب وشخَّص حاجته قال "يعوزك شيء واحد. اذهب بع كل ما لك واعط للفقراء...وتعال اتبعني" (مرقس 10: 21). وكان ختامه هذا معيناً وواضحاً ومناسباً لحاجات الشاب. ثم التفت إلى الجمهور وشدد على الحقيقة الرئيسية أيضاً قائلاً "ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله!" (مرقس 10: 23). كان المعلم العظيم دائماً يصل إلى النقطة الرئيسية.
ويجدر بنا في ختام هذا الفصل عن تنسيق أجزاء الدرس أن نذكر باختصار امتحان نتائج التعليم لأن هذا أيضاً جزء من العمل التعليمي. وهناك عدة أنواع من الامتحانات. منها الأسئلة والأجوبة ومنها إعطاء بضعة أجوبة على سؤال واحد وتكليف التلميذ اختيار الجواب الأنسب منها. ومنها إيراد معلومات يفترض على التلميذ أن يجيب عنها بكلمة "صح" أو "غلط". ومنها ملء الفراغ في آية أو جملة محذوف منها كلمة أو أكثر ومنها امتحان مواقف الطلاب لا معلوماتهم فقط. وبإمكاننا أن نعرف نتائج الدرس من مشاهدة حياة الطالب ومن ملاحظات والديه ومعلميه عن تصرفه.
لا يظهر أن يسوع كان يمتحن نتائج تعليمه كثيراً إلا أنه كان يسعى بطرق مختلفة لمعرفة تلك النتائج. فسأل تلاميذه مرة "وأنتم من تقولون أني أنا؟" (متى 16: 15). وأراد بهذا السؤال أن يعرف مقدار فهمهم وتقدمهم. وقال في مناسبة أخرى "من ثمارهم تعرفونهم" (متى 7: 16). فيظهر أنه كان يراقب تأثير تعليمه في حياة سامعيه. ونعرف أنه استمع إلى تقارير السبعين تلميذاً بعد رجوعهم من جولتهم التبشيرية (لوقا 10: 17). ويذكر أيضاً العلامات أو الثمر الذي يبرهن على حقيقة المؤمنين به. فعلينا نحن أيضاً أن نمتحن نتائج تعليمنا لكي نتأكد من نجاحه.
مساعدات للتعليم
التبويب على اللوح
1-المقدمة.
(1) معناها.
(2) مثل من تعليم يسوع.
2-صُلْب الدرس.
(1) العناصر الضرورية فيه.
(2) مثل من تعليم يسوع.
3-الختام.
(1) محتوياته.
(2) عادة يسوع في ختام التعليم.
مواضيع للبحث
1-اذكر نواحي الدرس غير التي ذكرت.
2-اشرح استراتيجية يسوع مع السامرية.
3-كيف تنسق أجزاء درسك؟
4-اذكر دروساً أخرى من تعليم يسوع واشر إلى تنسيقها.
5-ما هو خير ختام للدرس؟
6-ما هو أنسب امتحان لنتائج التعليم؟
أسئلة للمراجعة والامتحان
1-اشرح عناصر مقدمة الدرس.
2-ابحث في درس يسوع للسامرية.
3-ما هي المطاليب لختام الدرس؟
- عدد الزيارات: 7857