Skip to main content

الباب الثاني - الفصل الأول: سفر التكوين

الباب الثاني

المسيح في أسفار موسى

إن سفر التكوين هو من وجوه كثيرة أعظم سفر في الكتاب المقدس إذ يكاد يتضمن كل المعلنات الإلهية باعتبار جوهرها.

"في البدء خلق الله السموات والأرض". ذِكرُ الله في البدء مناسب جداً لأنه كائن قبل كل شيء. "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تكوين 1: 1 و 26). الفعلان "خلق" و "قال" وردا هنا بصيغة المفرد ولكن اسم الجلالة ورد في الأصل بصيغة الجمع "الوهيم"، والضمير المستتر في قوله "نعمل" بصيغة الجمع أيضاً "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كلُّ شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يوحنا 1: 1 – 3) "الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض ... لما ثبَّت السموات كنت هناك أنا ... لما رَسَمَ أُسُسَ الأرض" (أمثال 8: 22 – 29). قال يسوع مخاطباً أباه في الليلة التي قدم فيها حياته عنا "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يوحنا 17: 24). وعليه في بداءة كل شيء نرى مخلصنا الأزلي ابن الله "الذي جعله وارثاً لكل شيء الذي به أيضاً عمل العالمين" (عب 1: 2).

سفر التكوين: هو كتاب ابتداء الأشياء كما يستفاد من لفظه.

أولاً – بدء الخليقة: إن قصة الخليقة تعلن لنا وحدانية الله وقوته وشخصيته. فهي ضد الكفر بالله "في البدء خلق خلق الله الخ". وهي ضد الشرك "إله واحد لا آلهة كثيرون" وهي ضد تأليه الكون "ليست المادة هي الله". وهي تنكر أزلية المادة لأن الله خلقها، وتنكر تعليم القضاء والقدر لأن الله خلق كل شيء بحرية إرادته المطلقة.

"في البدء خلق الله السموات والأرض". ولنا في هذا الخبر كيفية خلق الكون المادي الأصلي، وبهذا يبنى إيماننا على أساس معقول. يجوز أن شرحنا الكيفية التي بها خلق الله الكون يختلف، لكن الجوهر لا يزال ثابتاً. قوله "في البدء خلق الله السموات والأرض" يستقر عليه الفكر مستريحاً أكثر من أي مبدأ آخر – يتصوره العقل – لا يقول بالخالق بل يعلل الخليقة بأنها عوارض اتفاقية أو أنها نتيجة شرائع بلا مشترع، أو نتيجة نظام بلا منظِّم.

قال بعضهم: "بمرور الزمان تقدم الناس في معرفة حقيقة هذا الكون الذي نحن فيه. وليست مبالغة أن نقول أن سفر التكوين يقف اليوم – أكثر من أي زمن سبق – راسخاً كالطود ومنتصراً – إزاء العلم الصحيح".

نعلم أن الاتفاق بين العلماء وسفر التكوين لم يبلغ بعد الحالة المرضية. إلا أن سبب ذلك هو أن العلماء لا يزالون يجهلون حقائق كثيرة بعد لو تعلموها لاتفقوا تماماً مع هذا السفر الإلهي. إن آراء العلماء ونظرياتهم هي في تقلب مستمر، وقد تخالف الأسفار المقدسة؛ أما الحقائق الراهنة فلا تتغير. وكذلك قد تكون طريقة تعبيرنا أو شرحنا لمتون الكتاب مخالفةً العلم لجهلنا بالتفسير الحقيقي الذي ينبغي أن تشرح به كلمة الله؛ أما الكلمة نفسها فهي حق لا ريب فيها. ولا بد أن يأتي يوم يوفق فيه ما بين أقوال الكتاب وحقائق "علم الطبيعيات".

ويكفينا في الوقت الحاضر أن نلاحظ كيف أن العلماء المكتشفين أثبت الواحد بعد الآخر صحة الكتاب المقدس ووافقوا على مضامينه بعبارات حسنة. ومن أمثلة ذلك فإن العالم سبنسر (Spencer) يتكلم عن خمسة مشخصات يظهر بها أشكال العالم غير المعروف وهي الزمان والمكان والمادة والقوة والحركة. إن روح الله القدوس قد جمع المشخصات في العددين الأولين من سفر التكوين:

في البدء  الزمان
خلق الله السموات المكان
والأرض المادة
وروح الله القوة
يرف الحركة

 

"بالإيمان نفهم أن العالمين أتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر" (عب 11: 3).

هيأ الله أرضنا لسكن الإنسان، وأهم من ذلك أعلن الفداء العظيم بربنا يسوع المسيح.

ثانياً – ابتداء الجنس البشري (إصحاح 1: 26 و 2: 7) وتقسيمه كما ورد في (إصحاح 10). وهذا التقسيم يوافق آراء الباحثين في جنس الإنسان.

ثالثاً – أصل السبت.

رابعاً – أصل الزواج.

خامساً – بدء دخول الخطية والموت إلى العالم. إن سفر التكوين يعرِّفنا، من البدء، بعدو الإنسان العظيم أي إبليس وسجاياه التي هي الخداع والتفنن في الحيلة. وأما سقوط والدينا الأولين فظاهر من البغض الذي ثار في قلب قايين ضد أخيه هابيل وانتهى بارتكاب جريمة القتل. "لماذا ذبحه؟ لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة" (1 يوحنا 3: 12). وروح قايين العدائية وجدت ولا تزال موجودة إلى يومنا هذا مشخصة في غير المؤمنين. هذه الروح تكره طاعة الله وتكره الذين يطيعونه أيضاً – أبغض قايين هابيل أخاه، وأبغض اسمعيل أخاه اسحق، وأبغض عيسو يعقوب، وبنو يعقوب حسدوا أخاهم يوسف. وإن روح العدوان الذي ظهر في قايين قد بلغ إلى أعظم درجاته في زمن المسيح حتى هيج عليه العالم، فكان العالم كقايين والمسيح مثل هابيل. نعم هو كذلك لأنه قدم نفسه ذبيحة حقيقية لفداء العالم. ولا يزال روح قايين متفشياً حتى يومنا الحاضر بين غير المؤمنين، لأنهم إذا رأوا أحداً يؤمن بقربان المسيح يحسدونه ويناصرونه العداء كما فعل قايين الذي حينما رأى أن قربان أخيه قد حاز القبول لدى الرب حسده وقتله. والعداوة التي بين الناس وإلههم بلغت حدها الأقصى على الصليب حين ثارت ثائرة العالم على المسيح. قال الكتاب: "قامت ملوك الأرض واجتمع الرؤساء معاً على الرب وعلى مسيحه. لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مع أمم وشعوب إسرائيل" (أعمال 4: 26، 27). وكذلك كانت الكتابة التي كتبت على الصليب بلغات العالم المشهورة في ذلك العصر: العبرانية لغة شعب الله واليونانية لغة الأمم واللاتينية لغة حكامهم. فكأن العالم كله وافق على صلب المسيح. ومن حيث أن هذه الكتابة التي كتبت بلغات العالم الشهيرة هي "يسوع ملك اليهود" فهي إذاً نبوة عن امتداد ملك المسيح، ملك الملوك ورب الأرباب، إلى كل أقطار المسكونة.

سادساً – ابتداء النعمة كما ظهر من الوعد بالفادي ونظام الذبائح وعهد الله. واعلم أن فداء الإنسان وإرجاعه إلى الحالة الأصلية التي فقدها بالسقوط إنما هي غاية الله العظمى من الوحي. لهذا نجد بداءتها هنا في سفر التكوين.

الإصحاحان الأولان من الكتاب المقدس يعلماننا عن طهارة الإنسان قبل السقوط. وكذلك الإصحاحان الأخيران منه يتكلمان عن القداسة التي يحصل عليها الإنسان أخيراً. لا ذكر للخطية في هذين الإصحاحين إلا عندما يتكلم عن الذين طردوا من المدينة المقدسة. والإصحاحات الوسطى من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا تتضمن شرحاً وافياً عن المحاربة العظيمة بين الله والخطية.

سابعاً – ابتداء الجنس المختار: نتعلم من سفر التكوين خيبة الإنسان كلياً – خاب آدم فأناب الله عنه نوحاً وصيره أباً لعالم جديد. وخاب هذا العالم الجديد وسقط في الوثنية فاختار الله ابراهيم. ومن ذلك الوقت عامل الله الجنس البشري بواسطة بني إسرائيل الأمة المختارة. وفي نهاية تاريخ العهد القديم نرى الله يسير مع كل من يؤمن من الباقين.

يقسم سفر التكوين طبعاً إلى قسمين:

من إصحاح 1 – 11 يتكلم عن تاريخ العالم باختصار، من بدء الخليقة إلى تبلبل الألسن؛ ومن إصحاح 12 – 50 يتكلم عن تاريخ ابراهيم وذريته إلى موت حفيده يوسف.

1- النبوات. لنا وعد مجيد في التكوين 3: 15 عن نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية وتسحق الحية عقبه. وإتمام هذه النبوة وارد في عبرانيين 2: 9 – 14 "ولكنَّ الذي وُضع قليلاً عن الملائكة يسوع نراه مكللاً بالمجد والكرامة ... فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (عبرانيين 2: 9 – 14). وفي سفر التكوين ورد الوعد بأن الله يبارك جميع أمم العالم بنسل ابراهيم وعلى ذلك قوله: "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تكوين 12: 18) وتكرر (في ص 12: 3 و 17: 7 و 21: 12). وجدد الله هذا الوعد لاسحق من بعد ابراهيم (تك 26: 4) ثم ليعقوب (تك 28: 14) وتكرر ثانياً ليهوذا حينما باركه أبوه يعقوب (تك 49: 9) "يهوذا جرو أسد". والرب يسوع كني عنه بهذا اللقب "الأسد الذي من سبط يهوذا" (رؤيا 5: 5) "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" (تك 49: 10). "شيلون" – رجل الراحة أو السلام – "هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (لوقا 1: 32).

2- الرموز: لنا في سفر التكوين رموز شخصية أي أفراد يشيرون إلى المسيح:

آدم باعتباره أباً للجنس البشري وباعتبار وجه الخلاف بينهما أيضاً. آدم تجرب من إبليس وسقط (تكوين 3) وأما المسيح فجُرِّب وانتصر: "لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطاة هكذا أيضاً طاعة الواحد سيُجعَل الكثيرون أبراراً" (رومية 5: 19).

 

ملكي صادق
(تكوين 14: 17 – 20)
 
ملكي صادق – ملك البر هوذا بالعدل يملك ملك (أشعياء 32: 1)
ملك شاليم – ملك السلام يدعى اسمه رئيس السلام (أشعياء 9: 6 و7)
ملك وكاهن ويجلس ويتسلط على كرسيه ويكون كاهناً (زكريا 6: 13). الملك والكهنوت يجتمعان فقط في المسيح
"مشبه بابن الله" (عب 7:3) رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله (عب 4: 14)
لا بداءة أيامٍ له ولا نهاية له حي في كل حين ليشفع فيهم (عبرانيين 7: 25)
يبقى كاهناً إلى الأبد وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول (عبرانيين 7: 4)
قابل ابراهيم بعد حروبه وانتصاره وأنعشه بالخبز والخمر وباركه (تكوين 14: 18). هكذا المسيح يقترب منا ويعطينا شركة معه بعد أوقات التجربة التي فيها ننتصر على العدو.

 

اسحق: تقدمة اسحق هي أحد أكمل الرموز الكتابية المشيرة إلى الذبيحة العظيمة التي قدمت في الجلجثة. ولنتأمل ذلك بتورع ودقة ونَسِرْ خطوة بعد أخرى بخشوع لأننا نسير في أرض مقدسة.

 

جبل المريا (تكوين 22) جبل الجلجثة
عدد 2 خذ ابنك وحيدك الله ... كلمنا في ابنه (عب 1: 2)
الله ... بذل ابنه الوحيد (يوحنا 3: 16)
الذي تحبه الابن الوحيد الذي في حضن الآب (يوحنا 1: 18)
واذهب إلى أرض المرِيّا وشرع سليمان في بناء بيت الرب ... في جبل المريا (2 أيام 3: 1) (وصار هذا المكان في الغالب محل تقديم ذبائح الهيكل).
على أحد الجبال الذي أقول لك ولما مضوا به إلى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك (لوقا 23: 33)
وأصعِده هناك محرقة مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة (عب 10: 10)
رفع ابراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد (عدد 4) الله ... سبق وأنبأ بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح (انظر أعمال 3: 18) (الآب عرف ذلك قبل إنشاء العالم).
فأخذ ابراهيم حطب المحرقة ووضعه على اسحق ابنه فخرج وهو حامل صليبه (يوحنا 19: 17).
فذهبا كلاهما معاً (عدد 6) لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي .... هذه الوصية قبلتها من أبي (يوحنا 10: 17 و18)
أين الخروف للمحرقة (عدد 7) هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم(يوحنا 1: 29)
الله يرى له الخروف (عد 8) الخروف الذي ذبح منذ تأسيس العالم (رؤيا 13: 8)
فذهبا كلاهما معاً (عدد 8) إن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت (مزمور 40: 8)
بنى هناك ابراهيم المذبح ورتّب الحطب وربط اسحق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب(عدد 9) مسَّلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق (أعمال 2: 23) الرب وضع عليه إثم جميعنا (أشعياء 53: 6)
ثم مد ابراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه(عد 10) أما الرب فسرَّ بأن يسحقه (أشعياء 53: 10)
إلهي إلهي لماذا تركتني (متى 27: 46)
ناداه ملاك الرب من السماء (عدد 11) (لا صوت من السماء) متى 26: 53، 54؛ 27: 42 خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها.
فلم تمسك ابنك وحيدك عني (عدد 12) الحزن الشديد يعبِّر عنه بالنوح على مفقود وحيد (انظر أرميا 6: 26)
فذهب ابراهيم وأخذ الكبش واصعده محرقة عوضاً عن ابنه (عدد 13) كشاة تساق إلى الذبح .... وآثامهم هو يحملها (أشعياء 53: 7 و 11)

 

لنا في يوسف صورة تمثل المسيح في كثير من صفاته وأعماله. ولنورد هنا وجوه المقابلة بينهما على سبيل الإيجاز بدون الإشارة إلى النصوص الكتابية.

نرى يوسف محبوباً من أبيه ومبيعاً من أخوته بثمن عبد؛ ظهر يوسف بمظهر خادم وقاوم التجربة وحُكم عليه وسجن ثم رفع إلى مقام أمير ومخلص وأعطى خبز الحياة للعالم. وفي تكوين 50: 20 وأعمال 2: 23 نصان متشابهان يظهران الخلاص العظيم في الحالتين إظهاراً لتدبير الله بإزاء مقاصد البشر الشريرة.

ولنا، في شخص يهوذا، رمز إلى المسيح كفيلنا وبديلنا (تكوين 43: 9 و 44: 32 و34).

ومن رموز سفر التكوين ما ورد في ص 3: 18 من حكم الله على الأرض باللعنة التي أشار إليها بالشوك والحسك. لأن مخلصنا حينما صلب حمل على رأسه إشارة اللعنة هذه إذ صنعوا له إكليلاً من الشوك عندما صار لعنة من أجلنا.

وفي قربان هابيل رمز إلى حمل الله (تكوين 4: 4). وكذلك نرى حمل الله في جميع أمثلة العهود التي عاهد بها الله الإنسان وكانت كلها مؤسسة على الذبائح (انظر تكوين 8: 20 و 9: 11 و 17 و 15: 9 – 18). يسوع هو الضمانة والذبيحة لعهد أفضل تشير إليه العهود المذكورة (عبرانيين 7: 22). ومن الرموز في هذا السفر الأخبار المكررة عن المذبح الذي يشير إلى تلك الذبيحة العظيمة (تكوين 8: 20 و 12: 8 و 26: 25 و 35: 1، 3، 7). ثم نجد في أوائل هذا السفر معنى الدم: "غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه" أي أن الدم هو الحياة. ثم إن العلوم العصرية أظهرت أهمية الدم الحيوية لكن الله علمنا هذه الحقيقة من قبل أن تكون العلوم. وكلما قرأنا في الكتاب المقدس عن الدم كان المراد دماً مسفوكاً. من أجل ذلك إن كان الدم الحياة يكون سفكه موتاً، وبالتالي يكون موت المسيح من أجلنا ذبيحتنا.

وفي فلك نوح نرى رمزاً لخلاص الله المعد للبشر في شخص المسيح "ويكون إنسان كمخبأ من الريح وستارة من السيل" (أشعياء 32: 2).

 

"ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض ... فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته" (تكوين 6: 5 و 7). "وأما السموات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجار .. فيما أن هذه كلها تنحلّ أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى" (2 بطرس 3: 7 و11).
"اللواتي بهن العالم الكائن حينئذ فاض عليه الماء فهلك" (2 بطرس 3: 6).
لاحظ الفلك دبره الله وعين مقاييسه (تكوين 6).
(رومية 3: 24 و 25) "الفداء" الذي بيسوع المسيح هو تدبير الله أيضاً وعلى ذلك قوله في العدد التالي "الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه"
كان الفلك محل الأمان (عبرانيين 6: 18) "تكون لنا تعزية قوية نحن الذين التجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا"
احتمل الفلك عاصفة الدينونة مزمور 69: 2 "دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني" مزمور 42: 7 "كل تياراتك ولججك طمت علي"
كان يجب الدخول إلى الفلك من الباب (يوحنا (10: 9) قال يسوع "أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص ...."

 

ولنا مثال عن الكنيسة باعتبار كونها عروس المسيح في قصة زواج رفقة باسحق (تكوين 24) التي نسيت بيت أبيها وقومها في طلب عريسها اسحق.

ومن أمثلة المسيح سُلَّم يعقوب التي وصلت بين السماء والأرض؛ وهي أيضاً من هذا القبيل مثال للصليب.

وعدا ذلك نرى في سفر التكوين ظهورات كثيرة للسيد الرب في الصورة البشرية تحت اسم ملاك الرب. لا شك أن هذا الذي كان يظهر إنما هو المسيح نفسه "الله ظهر في الجسد" الذي قال "قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن".

في سفر التكوين 16: 7 – 14 ظهر لهاجر وقال لها "تكثيراً أكثر نسلك". لا يمكن أن يقول مثلَ هذا القول إلا الرب نفسه "فدعت اسم الرب الذي تلكم معها أنت إيل رئي". ويقرأ اليهود العبارة الأخيرة قراءة أدل على المعنى المقصود "أنت الله منظور لي".

وفي إصحاح 18 ظهر الرب لإبرام عند بلوطات ممرا. فرفع إبرام عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فهيأ لهم طعاماً ودعاهم للأكل. ولنا في عدد 22 وص 19: 1 دلالةٌ على أن اثنين من الثلاثة ذهبا إلى مدينة سدوم، وعلى أن ابراهيم لم يزل واقفاً أمام الثالث الرب. وفي ص 22: 15 و 16 نجد ملاك الرب ينادي ابراهيم من السماء قائلاً "بذاتي أقسمت يقول الرب": ومن هنا نعلم أن كلمة "الرب" و "ملاك الرب" مترادفان بحيث يصح أن نستعمل الواحدة موضع الأخرى.

وفي (ص 31: 11 و 13) هذا الملاك عينه (ويدعى هنا ملاك الله) يخاطب يعقوب قائلاً "أنا إله بيت إيل"؛ وفي (ص 32) نجد قصة الإنسان الذي صارع يعقوب حتى طلوع الفجر والذي غيَّر اسم يعقوب فجعله إسرائيل أي مجاهد الله وقال له "لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت .... فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل. قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونُجِّيَتْ نفسي".

بلا شك كان هذا الإنسان ابن الله الذي هو بهاء مجد الآب ورسمُ جوهره (عبرانيين 1: 3).

  • عدد الزيارات: 7545