Skip to main content

مقدمة بقلم القس بسام مدني

عون العيال في الصلاة والابتهالجاء المرسَلون الإنجيليون إلى لبنان في أواسط القرن التاسع عشر. ومن أوائل أعمالهم كان مشروع إصدار الكتاب المقدس باللغة العربية. أناطوا هذا العمل الهام إلى القس الدكتور عالي سميث الذي ابتدأ بترجمة الكتاب المقدس في عام 1848، وقد عمل بجد ونشاط حتى وفاته عام 1857. خلفه في هذا العمل القس الدكتور فان دايك بمعونة العلَّامة اللبناني بطرس البستاني وزميله العلَّامة الشيخ ناصيف اليازجي. تمت هذه الترجمة في عام 1865 وطُبعَت من قبل جمعية الكتاب المقدس في نيويورك، وكذلك تم طبعه في كل من لندن والمطبعة الأميركية في بيروت، لبنان.

وعلاوة على إصدار الكتاب المقدس، انهمك المرسَلون في إصدار عدة مطبوعات منها تفاسير الكتاب المقدس، وكتب الترانيم والمزامير ومطبوعات أخرى لمساعدة المسيحيين الشرقيين للوقوف على مصادر هامة للتراث المسيحي ومنها كتاب:

علم اللاهوت النظامي

تأليف القس جيمس أَنِس

راجعه ونقحه وأضاف إليه القس منيس عبد النور

رغب المُرْسَلونَ في إصدار كتابٍ يساعد في موضوع الصلاة، إذ لم يكن مسيحيو الشرق معتادين على صلوات غير مكتوبة. وهكذا أصدروا كتاب "عون العيال" المبني على كتاب للصلوات أصدره بالإنكليزية القس بورديليون الشهير. تم طبع هذا الكتاب في عام 1887 كنموذج للصلوات اليومية ولمناسبات خاصة.

ولهذا الكتاب مكان خاص في سيرة أسرتي. عند نهاية الحرب العالمية الأولى، كان والدي قد جُنِّدَ في الجيش العثماني وأُرسِل من بلدة السويدية السورية (والمعروفة في سفر أعمال الرسل باسم سلوقية، ميناء أنطاكية) إلى مركز القيادة العثمانية في مدينة مرسين في آسيا الصغرى (إقليم كيليكية، وبالقرب من مسقط رأس بولس الرسول: طرسوس). تعرّف والدي ميخائيل نقولا مدني على مرثا توما وهي من عائلة مسيحية لبنانية، كان أهلها قد لجأوا إلى مرسين أثناء المذابح التي جرت في جبل لبنان والتي أدت إلى موت الآلاف في كل من لبنان ودمشق. حدثت هذه المذابح في أواسط القرن التاسع عشر وكتب عنها المرسَل القس هنري جوب في مذكراته: "53 سنة في سوريا". كانت والدتي مرثا قد تعلّمت في مدرسة الراهبات في مرسين وكانت تجيد كلاً من العربية والتركية والفرنسية. وقد استعملت والدتي كتاب "عون العيال" حتى وفاتها في الاسكندرونة بشمال غرب سوريا. تُوفيت أمي في حزيران 1939 عند احتلال تركيا للواء اسكندرون، وتشرد الآلاف من أهله إلى بقاع مختلفة من سوريا ولبنان وأقاليم أخرى من الشرق الأوسط. وكان والدي قد صار راعياً للكنيسة الإنجيلية في السويدية حتى عام 1932 ثم انتقل إلى رعاية الكنيسة الإنجيلية في الاسكندرونة إلى أن تشتت أعضاؤها في صيف 1939 نظراً لتخلي السلطات الفرنسية المنتدبة عن مسؤوليتها في سوريا بإعطائها لتركيا جزءاً هاماً من سوريا كانت أكثرية سكانه من المسيحيين والأرمن الذين كانوا قد نجو من المذبحة التي تمت إبان الحرب!

  • عدد الزيارات: 4112