الملحق
شرح النقاط المشار إليها بالحروف الأبجدية في الأبواب السابقة
(أ)- طبعاً لا يراد بالولادة هنا، المعنى المادي بل الروحي. لأن الله لا يلد بمعنى يخرج من ذاته. والمعنى الروحي للولادة هو إظهار غير الظاهر. ومن ثم يكون المراد بولادة الله للمسيح، إظهاره للناس بعد أن كان غير ظاهر لهم، وذلك بولادته من العذراء في الزمان. فقد قال الرسول "لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه (الأزلي) مولوداً من امرأة" (غلاطية4: 4) وبالمعنى الثاني قال الملاك للعذراء "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك لذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لوقا1: 35). وقد تحدثنا عن هذا الموضوع بالتفصيل في كتاب "الله ثالوث وحدانيته ووحدانية ثالوثه".
(ب)-الله ليس له يمين أو يسار، لأنه لا يتحيز بحيز. إنما المراد باليمين هنا مكان العزة والقدرة. وقد جلس تبارك اسمه في يمين العظمة بمحض إرادته ومن تلقاء ذاته بسبب كمال كفارته- وجلوسه هذا يعطي لضمائرنا كل الراحة والسلام، إذ أصبح لنا بناء على كفاية هذه الكفارة أن نجلس نحن أيضاً حيث جلس. فقد قال الرسول عن الله "وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع" (أفسس2: 6). وإذا كان الأمر كذلك، فإن عدم إطمئنان البعض من جهة خلاصهم الأبدي على الرغم من توبتهم عن الخطية وإيمانهم بالمسيح إيماناً حقيقياً، لا ترجع إلى نقص في كفاية كفارة المسيح، بل إلى نقص في إدراكهم من جهة كفاية هذه الكفارة.
(ج)-صيغة الجمع هنا، ليست للكثرة العددية. بل للتعميم أو الشمول، لأنه لا يقصد بالذبائح هنا إلا ذبيحة المسيح التي قدمها على الصليب. وذلك من جهة كونها المرموز إليها بكل ذبائح العهد القديم على اختلاف أنواعها- وبهذه المناسبة نقول: توجد في اللغات الأصلية التي ترجم منها الكتاب المقدس أسماء في صيغة الجمع، لكن لا يراد بوجودها في هذه الصيغة الكثرة العددية بل التعميم أو الشمول. وقد ترجم بعضها إلى اللغة العربية وغيرها من اللغات في صيغة المفرد، لعدم وجود مرادف جمع لها في هذه أو تلك. وترجم البعض الآخر في صيغة الجمع، لوجود مرادف لها في هذه الصيغة في اللغات المذكورة.
فمثلاً كلمة "السلامة" في الآية الخاصة بذبيحة السلامة (لاويين7: 29) ترد في اللغة العبرية في صيغة الجمع للدلالة على كل أنواع السلام. وكلمة "رأفة" في الآية "فأطلب إليكم برأفة الله" (رومية12: 1)، ترد في اليونانية في صيغة الجمع، للدلالة على كل أنواع الرأفة، وكلمة "موته" في الآية "وجعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته" (إشعياء53: 9)، ترد في اللغة العبرية في صيغة الجمع للدلالة على أن المسيح ذاق بموته الواحد على الصليب كل أنواع الموت. وإذا كان الأمر كذلك. أدركنا أن كلمة "ذبائح" الواردة أعلاه، لا يراد بها ذبائح متعددة، بل ذبيحة كافية تحل محل كل الذبائح لأن الذي قدس السموات، كما يتضح لنا من الكتاب المقدس هو ذبيحة المسيح دون سواها.
(د)-القداسة هنا ليست القداسة العملية، بل القداسة الشرعية التي ينالها المؤمنون الحقيقيون بفضل كفارة المسيح، والوارد ذكرها في الآية "فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (عبرانيين10: 10). وفي الآية "لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبرح إلهنا" (1كورنثوس6: 11). والقداسة الشرعية هذه، لا تدعنا نتهاون في سلوكنا بل تدعونا للتصرف بالقداسة العملية في كل أمورنا، حتى نكون قديسين في حياتنا العملية، كما أننا قديسون في المسيح أمام الله- فقد قال تعالى "كونوا قديسين لأني أنا قدوس" (1بطرس1: 15). وقال الرسول "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم" (1تسالونيكي4: 3)- وطبعاً هناك فرق شاسع بين القداسة الشرعية والقداسة العملية. فالأولى كاملة كل الكمال، لأنها متوقفة أولاً وأخيراً على كفاية كفارة المسيح إلى الأبد. أما الثانية قد لا تكون كاملة في كل حين، لأنها متوقفة أولاً وأخيراً على طاعتنا نحن للروح القدس الساكن فينا. والأولى يتوقف عليها قبولنا الأبدي أمام الله. أما الثانية فيتوقف عليها قدرتنا على التمتع بالله والقيام بخدمته في العالم الحاضر. كما تتوقف عليها المكافأة التي يمكن أن ننالها من الله في السماء، وذلك بالإضافة إلة القبول الأبدي الذي لنا امتياز التمتع به بفضل كفارة المسيح (1كورنثوس3: 13- 15).
(هـ)- خيمة الاجتماع هي المكان الذي كان يجتمع الله فيه مع الشعب القديم. وكان يوجد أمامها مذبح النحاس، حيث يقدم الكهنة الذبائح، للتكفير الرمزي عن خطاياهم. والمرحضة حيث يغتسلون من الأقذار التي تعلق بهم. أما الخيمة نفسها فكانت تنقسم إلى قسمين يفصلهما حجاب، وهما: القدس وقدس الأقداس. والأول كانت توجد به مائدة خبز الوجوه والمنارة ومذبح البخور، وكان الكهنة يدخلون إليه كل يوم للقيام بالخدمات المعينة لهم فيه. أما القسم الثاني فكان يوجد به التابوت بغطائه. ولم يكن يسمح لأحد بالدخول إليه سوى رئيس الكهنة، وذلك مرة واحدة في السنة يوم عيد الكفارة، لكي يضع دم الذبيحة الخاصة بهذا العيد على غطاء التابوت- وخيمة الاجتماع من حيث كونها موضع تقابل الله مع الناس هي رمز إلى ربنا يسوع المسيح الذي هو مركز اللقاء بيننا وبين الله (يوحنا14: 6)، ولذلك قيل بالوحي عنه "إنه حل (أو بالحري خيم) بيننا ورأينا مجده، مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً" (يوحنا1: 14).
(و)- إن ذبيحة الخطية (كما يتضح من لاويين4)، هي عن الخطية ليس فقط من حيث مظهرها، بل وأيضاً من حيث الطبيعة الخاطئة الصادرة منها، ولذلك ينظر فيها إلى الخطيئة باعتبارها ليس فقط كتعد على شريعة الله (كما هي الحال مع ذبيحة الإثم)، بل وأيضاً كنجاسة ضد طبيعة الله القدوسة وكان وضع المخطئ يده على ذبيحة الخطية رمزاً إلى انتقال خطيته إليها، ولذلك كانت هذه الذبيحة تحرق خارج المحلة كشيء نجس- هذا مع العلم بأن الغرض من الذبيحة المذكورة، لم يكن إدخال المخطئ قديماً في علاقة مع الله (لأن هذه العلاقة كانت مؤسسة على ذبيحة الكفارة السنوية)، بل رد العلاقة مع الله بصفة رمزية لمن وقع في خطية السهو. أما الخطية التي كانت ترتكب عمداً، فلم تكن هناك ذبيحة عنها، لأن هذه الخطية كانت رمزاً إلى خطية الارتداد عن المسيح والاستهانة بكفارته، والتي لا غفران لها على الإطلاق (عبرانيين6: 4- 8).
(ز)- وتسمى أيضاً الذبيحة الصاعدة، لأنها كانت بعد ذبحها، تصعد بأكملها على المذبح حيث تحرق بالتمام عليه أمام الله. وتعتبر هذه الذبيحة (كما يتضح من لاويين1و 7) أسمى الذبائح، لأنها لم تكن تقدم من باب الالتزام بل التطوع. وكان الغرض الأول والأخير منها، هو إرضاء الله والحصول على رضاه. ومن ثم كان وضع مقدمها يده عليها رمزاً إلى انتقال برارتها إليه. وإذا كان الأمر كذلك، أدركنا أن هذه الذبيحة كانت رمزاً إلى المسيح. ليس كمن حمل قصاص خطايانا على نفسه، كما كانت الحال مع ذبيحة الخطية، بل كمن استطاع كابن الإنسان الكامل أن يرضي الله، وذلك بإطاعته حتى الموت موت الصليب، وذلك إتماماً لمشيئته الصالحة من جهة التكفير عن الناس. ومن ثم ولذلك فإن التكفير المستعمل مع هذه الذبيحة، لا يراد به الحصول على الصفح عن الخطية، كما كانت الحال مع ذبيحة الخطية، بل الحصول على رضا الله في المسيح.
(ح)- وكان هذا المذبح مصنوعاً من خشب السنط ومغشى بالنحاس (خروج27: 2)- وخشب السنط الذي لا يعتريه العطب، رمز إلى ناسوت المسيح الخالي من الخطية. والنحاس الذي يتوهج بسرعة، رمز إلى دينونة الله الحامية التي تنصب على الأشرار. وكان هذا المذبح أكبر الأدوات الموجودة في خيمة الاجتماع، وذلك للدلالة على أنه أول وأهم ما يحتاج إليه الخطاة. وكان به تجويف يوضع فيه الوقود، ورف توضع عليه الذبائح. كما أنه لم يكن يصعد إليه أحد بدرج وذلك رمزاً إلى أن القبول أمام الله لا يكون بواسطة أي مجهود من الناس، بل بواسطة نعمة الله وحدها. وفوق هذا المذبح، كان يوجد غشاء صنع من مجامر قورح وإخوانه، الذين أهلكهم الله بسبب تمردهم عليه (العدد16: 36- 40). وذلك لكي يكون تحذيراً من الاقتراب إلى الله، إلا حسب الإعلان الذي أصدره تعالى. وقد سمي "مذبح المحرقة" بهذا الاسم نسبة إلى ذبيحة المحرقة التي كانت تعتبر أسمى الذبائح، كما سبقت الإشارة.
(ط)- إن القرابين التي كانت ترمز إلى الشعب، كان بها خمير. لأن الخمير رمز إلى الشر (1كورنثوس5: 8)، وليس بين البشر من هو خال منه. أما التي كانت ترمز إلى المسيح أو لحياة القداسة (التي كان يجب أن يعيش فيها المفديون) لم يكن بها خمير. ومن ثم كانت فطيراً، حتى إذا أطلق عليها كلمة "خبز". ويرجع السبب في ذلك إلى أن كلمة الخبز أعم من كلمة الفطير، ومن ثم فإنها تطلق على ما كان مصنوعاً منه بخمير أو بدون خمير. وإذا كان الأمر كذلك، أدركنا أن قول الوحي "خبز فطير" (خروج29: 4) لا تناقض فيه على الإطلاق. كما أدركنا أن قول الوحي عن المسيح إنه أخذ عند تأسيس العشاء الرباني خبزاً (متى36: 26) لا يدل على أنه أخذ خبزاً به خمير، لأنه لم يكن يسمح بوجود أي نوع من الخمير في عيد الفصح، الذي عمل المسيح فيه هذا العشاء (خروج12: 15). ومن ثم لم يكن يستعمل وقتئذ إلا الفطير، إذ أن هذا كان رمزاً إلى حياة القداسة التي يجب أن يحياها كل المفديين بالدم الكريم (1كورنثوس5: 8) كما ذكرنا.
(ى)- كان يوم الكفارة يقع في العاشر من الشهر السابع. والذبائح التي كانت تقدم في هذا اليوم، لم تكن متعلقة بالخطايا الشخصية للأفراد، بل بالأساس الذي عليه يمكن أن يظل الله في وسطهم كبشر خطاة بطبيعتهم، ويمكن للعائلة الكهنوتية بينهم على الرغم مما فيها من نقائص طبيعية أيضاً أن تقترب إلى حضرته. غير أن تقديم ذبيحة الكفارة في هذا اليوم من كل سنة، كان دليلاً قاطعاً على أن مشكلة الخطية لم تحل بهذه الذبيحة (عبرانيين10: 4) ولا غرابة في ذلك لأنها لم تكن إلا رمزاً إلى كفارة المسيح الكاملة (عبرانيين9: 26، 10: 11). ونظراً لأن التعليمات الخاصة بمراسيم هذا اليوم صدرت من الله بعد موت ابني هرون بسبب عصيانهم (الأمر الذي يدل على فشل الكهنة أنفسهم في إرضاء الله، وبالتالي على فشل الشعب الذي كان يمثله هؤلاء الكهنة في إرضائه تعالى)، كان يوم الكفارة يوم تذلل لهم جميعاً أمام الله. وكل من لم يتذلل أمامه في هذا اليوم، كان يقضى عليه بالموت (لاويين23: 27- 30). وكان ذلك إشارة إلى وجوب تذكرنا لموت المسيح، بالاتضاع الكلي، لأن خطايانا هي السبب في موته له المجد.
(ك)- وكان مصنوعاً من خشب السنط، ومغشى بذهب نقي من الداخل ومن الخارج. وخشب السنط الذي لا يعترض للعطب، رمز إلى ناسوت المسيح الذي لم يتطرق إليه شر ما والذهب النقي الغالي الثمن رمز إلى لاهوته له المجد. وكان على التابوت إكليل من ذهب حوله، إشارة إلى الجلال الذي تميز به المسيح (عبرانيين2: 9). وكان في داخل التابوت (أولاً) لوحا الشريعة (تثنية31: 26)، إشارة إلى أن المسيح هو الذي استطاع أن يحفظها في أحشائه (مزمور40: 7و 8). (ثانياً) قسط من ذهب فيه عينة من المن، إشارة إلى أن المسيح هو خبز الحياة. (ثالثاً) عصا هرون التي مع جفافها ويبوستها أفرخت (العدد17: 8)، إشارة إلى قيامة المسيح من بين الأموات- والغطاء الذي كان على التابوت كان مع الكروبين اللذين كانا عليه يعتبر وحدة قائمة بذاتها ترمز إلى عرش الله. ولذلك كان يسمى "عرش الرحمة". وكان كله من ذهب نقي، رمزاً إلى الجلال الإلهي. وكلمة الغطاء هذه، ترد في العبرية "كفورة"، أي كفارة. والكفارة كما نعلم هي الأساس الوحيد الذي عليه يمكن أن يلتقي الله بكل إنسان، يقبل إليه بالإيمان الحقيقي. وكان الكروبان يبسطان أجنحتهما من فوق على هذا الغطاء، وكان وجه كل منهما يقابل وجه الآخر، وفي الوقت نفسه كان الوجهان يتجهان إلى أسفل- نحو الغطاء. ولذلك كان الكروبان يرمزان إلى الهيبة اللائقة بعرش الله، حتى إذا كان هذا العرش، عرش الرحمة، كما كانا يرمزان إلى الشهادة بأن الكفارة هي السبيل الوحيد للنجاة من الدينونة.
(ل)- أما القول (إن الخبز والخمر المذكورين، هما الذبيحة التي كان ملكي صادق يقدمها لله)، فليس بصواب. إذ فضلاً عن أنه لم ترد آية في الكتاب المقدس تدل على ذلك، نقول:
(أ)- إن الوحي لا يذكر أن ملكي صادق وضع في فم أبرام قليلاً من الخبز وقليلاً من الخمر (كما يحدث عند القائلين إن خبز العشاء الرباني وخمره هما ذبيحة)، بل ذكر أنه أخرج خبزاً وخمراً أي كمية كبيرة منهما. فضلاً عن ذلك فإن كلمة "أخرج"، هي كلمة عامة لا تدل على اصطلاح ديني أياً كان نوعه، الأمر الذي لا يدع مجالاً لفهم الخبز والخمر المذكورين بغير المعنى العادي.
(ب)- إن الوحي لم يذكر هذين الطعامين بصيغة التعريف (حتى كان من الجائز أن يظن أنهما كانا شيئاً معروفاً كذبيحة كما هي الحال عند هؤلاء الأشخاص)، بل ذكرهما بصيغة النكرة، الأمر الذي يدل على أنهما كانا خبزاً وخمراً عاديين.
(ج)- إن ملكي صادق لم يستدع أبرام إلى مذبح ما لكي يقدم له الطعامين المذكورين، بل أخرجهما له. ولذلك لا مجال للظن أنهما كانا ذبيحة، لأن أبرام لم يكن في حالة مرض أو نزع الموت اللتين تتطلبان نقل الخبز والخمر إليه (لو فرضنا أنهما كانا ذبيحة)، كما هو معروف عن الأشخاص الذين نحن بصددهم.
وإذا كان الأمر كذلك. أدركنا أن الذبائح التي كان يقدمها ملكي صادق كانت بكل تأكيد ذبائح حيوانية مثل ذبائح الأتقياء من معاصريه. لأن القانون الإلهي العام هو "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عبرانيين9: 22).
(م)- وللقضاء على كل التباس من جهة الملك الألفي نقول:
(1)- إنه سوف لا يكون لليهود بل للمسيح وحده، وذلك بعد قضائه على الأشرار منهم ومن غيرهم من الشعوب (متى13: 4).
2- إن المسيح سوف لا يكون في هذا الملك على الأرض بل يكون فوقها، مشرفاً عليها، لأن أورشليم السماوية شيء، وأورشليم الأرضية شيء آخر (غلاطية4: 25- 26).
كما أن هذا الملك، لا يراد به فترة انتشار الإنجيل في العالم (كما يقول البعض)، لأن الشيطان سيكون (كما يتضح من الآيات المذكورة آلفاً) مقيداً في هذا الملك، كما سيكون السلام والرخاء منتشرين في العالم، ولا يكون هناك أيضاً أحد من الأشرار فيه. وهذه المميزات الثلاث لا تنطبق على الفترة المذكورة.
(ن)- "الأعمال الميتة" هي الطقوس والفرائض التي كان يقوم بها اليهود للحصول على الغفران، لأن هذه أصبحت بلا قيمة بعد مجيء المسيح، إذ أنها كانت مجرد رموز إلى الخلاص بواسطته- وإذ جاء المرموز إليه بطل الرمز. و "الأعمال الميتة" أيضاً هي الأصوام والصلوات والصدقات التي يقوم بها الأشرار بغية الحصول على الغفران، لأن هذه الأعمال، فضلاً عن أنها تكون مشوبة بنقائص كثيرة كما ذكرنا، فإنها، حتى إذا كانت خالية من النقائص، لا تستطيع إيفاء مطالب عدالة الله وقداسته- أما الأصوام والصلوات والصدقات التي يقوم بها المؤمنون الحقيقيون، ففضلاً عن صفائها وخلوها من الشوائب السابق ذكرها، بفضل الروح القدس العامل فيهم في أدائها، الأمر الذي يجعلها مقبولة كل القبول أمام الله، فإن أهميتها تتركز في أنها تزيد علاقتهم بالله، وتؤهلهم للحصول على الكثير من بركاته في العالم الحاضر والآتي أيضاً، كما ذكرنا في الباب الأول.
- عدد الزيارات: 2876