الخلاص وآراء القدماء المختلفة بشأنه
اتضح لنا من الفصول الستة الأولى أن معظم المنتمين إلى الأرثوذكسية والكاثوليكية، عوضاً عن أن يدرسوا آراء بعض القدماء عن الخلاص من الخطية في ضوء الكتاب المقدس ليعرفوا ما فيها من خطأ أو صواب، درسوا الكتاب المقدس في ضوء آراء هؤلاء القدماء، ومن ثم أوّلوا (بكل أسف) معاني بعض الآيات الكتابية حتى تكون متوافقة مع هذه الآراء. ولم يبق علينا الآن إلا أن نعرف الأسباب التي دعتهم إلى هذا التصرف، وما ترتب عليه من نتائج، وأن نعرف أيضاً آراء البعض الآخر من القدماء الذين تمسكوا بأقوال الكتاب المقدس وليس بآرائهم الشخصية، حتى بضدها تتميز الأمور كما يقولون.
أولاً: أسباب التمسك بآراء بعض القدماء، وخطأ التمسك بها:
1. [الاعتقاد بأن أقرب الناس إلى الرسل أكثرهم فهماً لتعليمهم]، فضلاً عن أن الأرثوذكس والكاثوليك يتمسكون بآراء بعض القدماء دون البعض الآخر لغرض خاص لديهم، الأمر الذي لا يدع مجالاً أمامهم لهذا الاعتقاد، نقول: إن الاعتقاد المذكور ليس من الضروري أن يكون صواباً. فكثيرون من الذين عاصروا الرسل أنفسهم قد انحرفوا عن تعليمهم، ولذلك ضلوا ضلالاً مبيناً. فبولس الرسول يحدثنا عن غلاطيين قالوا أن الخلاص يكون بحفظ الناموس والختان (3: 1، 24، 5: 1)، وكولوسيين قالوا أن الاتصال بالله يكون عن طريق وسطاء من الملائكة (2: 16- 19)، وعبرانيين رجعوا إلى الطقوس والتقاليد اليهودية وتقديس بعض الأيام والشهور (غلاطية 4: 10) كما يحدثنا عن أشخاص زاغوا عن الحق وزيفوه (2تيموثاوس 2: 18، 3، 13)، وآخرين اتخذوا لأنفسهم معلمين مستحكة مسامعهم (2تيموثاوس 4: 14)، وأصغوا إلى خرافات يهودية ما أنـزل الله بها في كتاب (تيطس 1: 4)، وعن أشخاص غيرهم يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا المؤمنين وراءهم، وهم مثل الذئاب الخاطفة التي لا تشفق على الرعية بحال (أعمال 20: 30).
ويوحنا الرسول يحدثنا عن أشخاص أنكروا مجيء المسيح في الجسد (1يوحنا 4: 3)، وآخرين جعلوا أنفسهم رؤساء على المؤمنين (3 يوحنا 6)، وعن أشخاص تمسكوا بتعليم إيزابل[1] والنيقولاويين[2] (رؤيا 2: 7، 14، 20)، وعن مضلين كثيرين دخلوا إلى العالم لكي ينشروا بدعهم فيه (2 يوحنا 7)
ويهوذا يحدثنا عن أشخاص محتلمين (أو بالحري أشخاص يركضون وراء تصورات ذهنية وليس وراء حقائق كتابية) يفترون على المؤمنين الحقيقيين الذين مجدهم الله، مع المسيح، وفي الوقت نفسه يسلك هؤلاء المحتلمون طريق قايين الذي ذهب إلى أن القبول أمام الله يكون بجهاد الإنسان لا بالفداء (على النقيض من أخيه هابيل)، وبلعام الذي كان يجري وراء المال في سبيل القيام بأعمال الكهنة أو العرافة، وقورح الذي أراد أن يشغل مركزاً كهنوتياً خاصاً، ليس من حقه أن يشغله (يهوذا 8- 11).
لذلك كان الرسل يقاومون هؤلاء الأشخاص بكل قواهم، كما كانوا يحذرون المؤمنين من مخالطتهم أو الاستماع إليهم. وإذا كان ذلك كذلك، فهل يجوز لنا أن نتمسك بأقوال القدماء كأنها وحي من الله لا يأتيها الباطل من أي ناحية من النواحى؟! طبعاً كلا.
أما القول [إن القدماء المذكورين كانوا أشخاصاً أتقياء، ومن ثم يكونون على حق في آرائهم] فلا يجوز الأخذ به، إذ فضلاً عن أن التقوى ليست هي الزهذ والتقشف بل هي الإمتلاء بالروح القدس عن طريق الإيمان الحقيقي بالمسيح: فإن هؤلاء القدماء هم على أي حال بشر، والبشر غير معصومين من الخطأ سواء أفي التعليم أم في السلوك، ولذلك لا يجوز اتخاذ أقوالهم حجة نعتمد عليها، بل يجب أن تكون حجتنا الوحيدة هي كلمة الله المنـزه عن الخطأ.
2. [الاعتقاد بأن المسيحية هي اليهودية كاملة، لأن المسيح قال إنه لم يأت لينقض الناموس بل ليكمله] وهذا الاعتقاد ليس بصواب أيضاً، لأنه بالرجـوع إلى الكتاب المقدس يتضح لنا أن الغرض من تكميل المسيح للناموس (متى 5: 17) هو نقله من المعنى الحرفي الذي اصطلح اليهود عليه قديماً إلى المعنى الروحي الذي قصده تعالى. فمثلاً كان اليهود يعتقدون أن الزنا هو بالفعل فقط، بينما في نظر الله هو مجرد النظرة النجسة والأفكار الدنسة، وكانوا يظنون أن العطف والإحسان يكونان للقريب فحسب، بينما هما في نظر الله يجب أن يكونا لكل البشر على السواء (متى 5/6/7)
كما أنه بالرجوع إلى الكتاب المقدس يتضح لنا أن العبادة اليهودية ليست أساساً للعبادة المسيحية، بل كانت فقط رمزاً وظلاً لها، والرمز لا يكون أساساً للمرموز إليه بل مجرد إشارة تدل عليه، والظل لا يكون أساساً للحقيقة بل مجرد دليل على وجودها. وكما أن الرمز لا يتطور إلى المرموز إليه والظل لا يتطور إلى الحقيقة، فظل البيت (مثلاً) لا يتحول إلى البيت ولا يقوم البيت عليه، هكذا الحال من جهة اليهودية، فإنها لم تتطول إلى المسيحية ولا المسيحية قامت عليها. فاليهودية ديانة أرضية والمسيحية ديانة سماوية، ومن ثم فالفرق بينهما مثل الفرق بين الأرض والسماء.
وللإيضاح نقول: غن هيكل الله في اليهودية كان بناء من حجارة، أما في المسيحية فهو قلوب المؤمنين (1كورنثوس 6: 19) والتكفير عن الخطية فى الأولى كان بالذبائح الحيوانية عديمة القدر بالنسبة إلى الإنسان الذي تكفر عنه، ومن ثم كان يتكرر تقديمها من وقت إلى آخر، أما في المسيحية فلا مجال لأي ذبيحة كفارية مهما كان نوعها، لأن ذبيحة المسيح وفت جميع مطالب العدل الإلهي إلى الأبد من نحو المؤمنين (عبرانيين 9: 27)، ومن ثم فالذبائح في المسيحية هي ذبائح روحية محض مثل تقديس الحياة لله والتسبيح الدائم له وفعل الخير مع جميع الناس (رومية 12، عبرانيين 13: 15، 16). ودائرة العبادة في الأولى كانت على الأرض وفق أنظمة وطقوس خاصة، أما في الثانية فهي بالروح في السماء (عبرانيين 4: 16) والتطهير في الأولى كان بغسل الجسد بالماء المادي، أما في الثانية فيتم بنـزع الشر من القلب بواسطة وضعه تحت تأثير كلمة الله (أفسس 5: 26) والختان في الأولى كان قطع الغرلة من الجسد، أما في الثانية فهو قطع الصلة بين القلب وبين الخطية (كولوسي 2: 11) والكهنوت في الأولى كان محصوراً في فريق خاص من الناس، أما في الثانية فهو لكل المؤمنين الحقيقيين (رؤيا 1: 5) والكاهن في الأولى كان يجب أن يرتدي ملابس بيضاء عند قيامه بالعبادة، أما في الثانية فالمؤمن الحقيقي لا يمكن أن يصلي لله إلا إذا كان قلبه في غاية الطهر والنقاوة (عبرانيين 10: 22) أما لون الملابس فلا مجال له على الاطلاق.
2. [الاعتقاد بأن الكنيسة هي الدائرة التي يعيش فيها رجال الدين ويمارسون الطقوس الدينية لديهم، وأنها (أي الكنيسة) هي أمهم التي ولدتهم، ومن ثم لها السلطة والسيادة عليهم. وهذا الاعتقاد ليس بصواب كذلك، لأن الكنيسة هي المؤمنون الحقيقيون في كل العالم، ولذلك فرجال الدين إن لم يكونوا من هؤلاء المؤمنين، لا يكونون أمام الله أعضاء في الكنيسة. أما من جهة الطقوس، فطالما أن الكتاب المقدس لم ينص عليها، يكون من الخطأ استعمالها، لا سيما وقد عرفنا أن العبادة المسيحية عبادة روحية لا شأن لها بالعبادة اليهودية على الاطلاق.
كما انه بالرجوع إلى الكتاب المقدس لا نرى أنه يدعو الكنيسة أماً لنا، ولا غرابة في ذلك، لأنه إذا كانت الكنيسة هي نفسها المؤمنون الحقيقيون، فكيف يكون هؤلاء المؤمنون أماً لأنفسهم؟! فالاعتقاد بأن الكنيسة هي أم المؤمنين لا يتفق إذاً مع الوحي أو العقل على الاطلاق. فضلاً عن ذلك فقد ترتب عليه انحراف عظيم عن الله. فكثير من الأرثوذكس والكاثوليك أصبحوا يتمسكون بالكنيسة أكثر من التمسك بالله، ويسعون للإتيان بالناس إليها دون الإتيان بهم إليه، ويحضونهم على ممارسة الطقوس أكثر من الحصول على الحياة الجديدة بالإيمان الحقيقي بالمسيح. وقد ركب بعضهم في سبيلهم هذا متى الشطط حتى زعموا أن أي مسيحي (مهما كان شأنه) لا يوجد داخل الأرثوذكسية أو الكاثوليكية يكون كافراً ولا خلاص له على الاطلاق، لأن هاتين الكنيستين (حسب زعمهم) أم المؤمنين ومستودع البركات الروحية، وليت شعري أيهما تكون الأم الحقيقية وأيهما الأم المزيفة، لأنه لا يمكن أن تكون هناك أمان مختلفتان للمؤمنين برب واحد..
وهكذا لعبت الجسدانية دوراً كبيراً لدى الأرثوذكس والكاثوليك، إذ عندما عرفوا أن الله هو أب للمؤمنين، اتجهت إذهانهم إلى أن تكون لهم أم أيضاً. لكن لو أدركوا أن الله نفسه هو الذي ولدنا مرة ثانية ولادة روحية [فمكتوب عنه أنه "وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ" (1بطرس 1: 3)، وأنه "شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لكي نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خلائقهِ" (يعقوب 1: 18)]، لما اتجهت أذهانهم إلى اتخاذ أم لهم بأي معنى من المعاني. وإن كان لا بد من أم لنا، فهذه الأم هي كلمة الله لأنها هي التي ولدنا الله بها، ومن ثم علينا أن نتغذى بها ونسمع لصوتها ونهتدي بهديها، كما علينا أن نحبها ونكرمها ونتمسك كل التمسك بها.
4. [الاعتقاد بأن المسائل الدينية يجب أن تقبل كما هي دون بحث أو مناقشة]، وهذا الاعتقاد خطأ أيضاً مثل الاعتقادات السابقة، لأن الإيمان المسيحي ليس هو الإيمان الأعمى بل الإيمان المبصر. وإن كانت المسائل الدينية تشمل أموراً لا نستطيع إدراكها لكن هذه الأمور لا تتعارض مع العقل بل تسمو فقط فوق إدراكه. وهناك فرق شاسع بين الأمور التي تسمو فوق إدراك العقل وبين التي تتعارض معه. فالأولى تتفق في مبادئهـا معـه، لكن لعظمتهـا لا يستطيـع الإحاطة بها، أما الثانية فلا تتفق معه لا في مبادئها أو في نتائجها[3].
ولذلك إذا رجعنا إلى الكتاب المقدس، نراه يحدثنا كثيراً عن وجوب الفهم، فيعلن لنا أن المسيح "حينئذ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ (التلاميذ) لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ" (لوقا 24: 45) ولما خافوا من الأمواج قال لهم "كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ؟" (مرقس 8: 21)، ولما تحدث معهم عن الفرق بين النجاسة الطقسية والنجاسة الحقيقية قال لهم "ﭐسْمَعُوا وَافْهَمُوا" (متى 15: 10) ولما عجز اليهود عن الإيمان به على الرغم من معجزاته الكثيرة التي عملها أمامهم، قال لهم "لِماذا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟" (يوحنا 8: 43) وفيلبس لما وجد الحبشي يقرأ سفر إشعياء النبي سأله قائلاً: "أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟" (أعمال 8: 30) وقال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "افْهَمْ مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْماً فِي كُلِّ شَيْءٍ" (2تيموثاوس 2: 7) وقـال للمؤمنيـن "أَيُّهَا الإِخْوَةُ لاَ تَكُونُوا أولاًداً فِي إذهَانِكُمْ" (اكورنثوس 14: 20) فضلاً عن ذلك كان يصلي لأجلهم "مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ إذهَانِكُمْ" (أفسس 1: 18)، "وَهَذَا أُصَلِّيهِ: أن تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أيضاً أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، حَتَّى تُمَيِّزُوا الْأمور الْمُتَخَالِفَةَ" (فليبى 1: 9)، "انْ تَمْتَلِئوا مِنْ مَعْرِفَةِ مشيئته، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ" (كولوسي 1: 9)، "لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآب وَالْمَسِيحِ، الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ" (كولوسي 2: 2-3)
وإذا كان ذلك كذلك، يجب أن نناقش المسائل الدينية بكل هدوء ووداعة، وبروح الصلاة في حضرة الله، ولدينا النية الصادقة أن نتمسك بكلمته، حتى إذا اتضح لنا أنها تتعارض مع آرائنا الشخصية، فيعلن لنا حقه بكل وضوح وجلاء، فقد قال الوحي "وَيُعَلِّمُ الْوُدَعَاءَ طُرُقَهُ" (مزمور 25: 9)، كما قال "إن أراد أحد أن يعمل مشيئته، يعرف التعليم" (يوحنا 7: 17) .
ثانياً: الخلاص لدى الأرثوذكس والكاثوليك
وكانت النتيجة الطبيعية لاعتماد الأرثوذكس والكاثوليك على آراء القدماء الذين انحرفوا عن حق الله، أنهم قالوا: أن الإيمان هو فقط أول خطوة لخلاص غير المسيحيين، ولكن المولودين في المسيحية والداخلين إليها يخلصون فعلاً بالمعمودية، إذا كانوا ينتمون إلى الأرثوذكسية والكاثوليكية , غير أن المعمودية وحدها ليست بكافية لخلاصهم خلاصاً كاملاً، لأنهم إذا لم يمسحوا بالميرون لا ينالون الروح القدس، ومن ثم تكون حياتهم كلها هالكة وباطلة. ونظراً لأن المعمودية والروح القدس لا يمنعان أحداً من السقوط في الخطية، لذلك فجميع الذين اعتمدوا ومسحوا بالميرون معرضون للهلاك الأبدي. ومن ثم يجب أن يعترفوا بخطاياهم من وقت إلى آخر لكي يتجددوا. ولما كانت التوبة هي سر الاعتراف، يجب أن يعترفوا بهذه الخطايا أمام الكهنة الموجودين في هاتين الكنيستين حتى ينالوا الصفح والغفران. وبعد حصولهم على الصفح والغفران لا يكون أيضاً قد تم خلاصهم إذ يجب أن يتناولوا من ذبيحة العشاء الرباني لكي تمحى خطاياهم بدم المسيح. وحتى بعد قيامهم بكل هذه الأعمال إلى آخر نسمة من حياتهم على الأرض، لا تكون لهم ثقة في الخلاص الأبدي، لأنهم على أي حال خطاة وتصدر منهم خطايا متعددة لا يشعرون بها. ولذلك يجب أن يصلى لأجلهم وترفع القداديس عن أرواحهم من وقت إلى آخر بعد انتقالهم من هذا العالم.
هذه هي عقيدة الخلاص التي انتهوا إليها، والتي وصفوها بأنها تتفق مع البساطة التي في المسيح ويبذلون كل ما في وسعهم لئلا يفسد أحد (كما يقولون) أذهانهم من جهتها، معتمدين في ذلك على الآية الواردة في (2كورنثوس 11: 2، 3)، مع أن هذه الآية يراد بها عدم الإصغاء إلى أي تعليم يحول الاتجاه عن المسيح، فقد قال الرسول فيها، فإني أغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح، ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء قديماً بمكرها، تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح".
وإنه ليؤسفني كل الأسف أن رجال الدين الأرثوذكس والكاثوليك، وكثيرون منهم لديهم درجات جامعية، قد وصفوا العقيدة السابق ذكرها بأنها عقيدة الخلاص البسيطة، مع أنها كما يتضح لنا، عقيدة عدم الخلاص (لأنها لا تمنح أحداً ثقة في الخلاص)، وفي الوقت نفسه هي عقيدة معقدة كل التعقيد.
أما طريق الخلاص الذي نادى به الكتاب المقدس فواضح كل الوضوح، وقد أشرنا إليه أكثر من مرة فيما سلف، ونجعله الآن في القول: إن المسيح بموته على الصليب قد كفر عن خطايانا جميعاً، لأنه وفى مطالب العدل الإلهي من جهتنا إلى الأبد، ومن ثم فكل من يتـوب عن خطاياه ويتخـذ المسيح بالإيمان الحقيقي نائباً عنه أو بالحري رباً وفادياً له، تنتقل إليه كل البـركات التي تتـرتب على كفارته، فيخلص من قصاص الخطيـة ويتمتع بالقبول الأبدي أمام الله، كمـا يولد منه ولادة روحية يحصل بهـا (بواسطة الروح القدس الذي يسكن فيه) على طبيعة روحية يستطيع بها التوافق مع الله في صفاته الأدبية السامية في العالم الحاضر والآتي معاً، ولذلك فمؤمن مثل هذا لديه كل المؤهلات التي تكفي لحفظه في حالة القداسة مع الله في كل حين.
وإن سقط مرة في خطية لسبب ما، لا يستطيع البقاء فيها بسبب الطبيعة الروحية التي نالها من الله بالولادة منه، ومن ثم فإنه يعود إليه فوراً نادماً على الخطية التي أتاها، معترفاً بأسى لارتكابها ومتعهداً بعدم العودة إلى مثلها، فيصفح الله عنه ويعود به إلى حالة الشركة معه التي كان يتمتع بها من قبل. وإن أخطأ خطية شنيعة في نظر الله، فإن الله يوقع عليه في الوقت الحاضر ما يراه مناسباً من التأديب حتى لا يدان مع العالم، ليس لأن الله يقف إزاءه موقف المحاباة، بل لأن كفارة المسيح التي آمن بها هذا المؤمن إيماناً حقيقياً، قد وفت جميع مطالب العدل الإلهي من جهته إلى الأبد، ولذلك فالغرض من هذا التأديب ليس الانتقام بل الإصلاح، حتى يشترك في قداسته تعالى (عبرانيين 12: 10).
أما من جهة الأعمال الصالحة، فهذا المؤمن لا يستطيع أن يقصر في شيء منها لأن الروح القدس الساكن فيه يقوده من وقت إلى آخر للقيام بكل ما يستطيع القيام به منها. كما أنه مهما أكثر من هذه الأعمال لا يكون قد قام بما يوازي ذرة مما يجب عليه إزاء الخلاص الذي أحسن الله به إليه. ومع ذلك فإن الله في نعمته الغنية يكافئه عن الأعمال المذكورة بأكاليل خاصة في الأبدية، بجانب القبول الكامل الذي له بفضل كفارة المسيح.
هذا هو كل ما يتعلق بطريق الخلاص المعلن على صفحات الوحي، والذي يستحق أن يسمى "طريق الخلاص"، كما أن هذا الطريق واضح كل الوضوح ولا يمكن أن يتسرب الشك إلى أحد من جهته على الاطلاق، لأنه مؤسس على كفارة المسيح التي وفت كل مطالب عدالة الله.
ثالثاً: نقض بعض المسيحيين القدماء لآراء الأرثوذكس والكاثوليك
وإن كان بعض القدماء هم الذين وضعوا عقيدة الخلاص المعروفة لدى الأرثوذكس والكاثوليك في الوقت الحاضر، لكن هناك قدماء آخرين درسوا الكتاب المقدس دراسة دقيقة، ولذلك عرفوا طريق الخلاص الوارد به معرفة حقيقية.
وقد اقتبسنا من أقوالهم فيما سلف الشيء الكثير عن الموضوعات التي بحثناها في هذا الكتاب، ومن ثم نكتفي بأن نضع الآن شيئاً من أقوالهم عن الخلاص، أمام الذين لا يزالون يعتمدون على آراء القدماء، عسى أن يكون في ذلك فصل الخطاب.
1. فمن جهة ثمن الخلاص، قال مار افرايم السرياني لله "آثرت أن تخلصنا مجاناً نحن الخطاة" (السبع طلبات لمشاهير الكنيسة ص 198) وقال أوغسطينوس "دعنا نعترف أن النعمة ضرورية لنا. ولنصرخ مع بولس الرسول الذي قال "ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا الموت؟"
هذا السؤال الحائر، إجابته الوحيدة هي: نعمة الله بالمسيح ربنا هي التي تنقذنا" كما قال دفاعاً عن هذه النعمة "إني أرفع صوتي منادياً: بدون النعمة لا يتبرر أحد". وقال ذهبي الفم "ما أعظم محبة الله!! فنحن الذين كنا أعداء وكنا في خزي، أصبحنا في طرفة عين قديسين وأبناء لله. وبما أن القداسة[4] والتبني (اللذين حصلنا عليهما من الله) هما هبة منه، لذلك لا يمكن أن تزولا عنا حتى الموت، بل إنهما تميزان الإنسان على الأرض (وتصحبانه) في رحلته إلى الأبدية" (كتاب الخلاص للقمص زكريا بطرس) وقال مكاريوس الكبير "بالإيمان ينال الإنسان نعمة ويكون أهلاً لدخول ملكوت الله، لكن يجب عليه أن يحافظ على روح النعمة" (الصلاة الأرثوذكسية ص 376)، وهذا ما يفعله كل مؤمن حقيقي. وقال كيرلس الكبير أن "الله من فرط محبته للإنسان هيأ له طريق الخلاص والفداء، وذلك بالإيمان بالله الآب والابن والروح القدس، والاعتراف بهذا الإيمان أمام الجميع (لأنه بذلك) يتنقى من خطاياه، ويمتلىء بغنى الروح القدس ويشترك في الطبيعة الإلهية ويحصل على نعمة التبني" ("الله مخلصي"، للقمص تادرس يعقوب ص 34).
وفي الوقت الحاضر قال بعضهم إن "الخلاص عطية مجانية لأنا بالنعمة نحن مخلصون، وإلا فماذا لدينا نحن البشر أو ماذا نملك به يمكننا أن نشتري خلاصاً أعده لنا الرب الكريم بدم صليبه، ودفعه بنفسه ليكون في متناول أيدينا بقيامته" ("كنيستي أم ولود" ص 108). وإن "الحياة التي تؤسس على معرفة الرب يسوع المسيح حق المعرفة والإيمان به إيماناً صحيحاً، هي الحياة التي تمنح الخطاة اليقظة والبر والتجديد والخلاص" وإن "الواسطة الوحيدة التي أعدها الله لنوال الخلاص هي الإيمان بالوسيط الوحيد والمخلص الأوحد ابن الله المتجسد يسوع المسيح". وإن "طريق الخلاص هو الإيمان بالرب يسوع المسيح والاعتماد على اسمه" ("إيضاحات الخلاص" للشماس اسكندر حنا، ص 15/ 144/ 146)
وأقوال هؤلاء الأفاضل تدل على أنهم يعتقدون أن الخلاص لا يكون بالأعمال أو بالمعمودية أو … أو …. بل بنعمة الله دون سواها، وأن السبيل للحصول عليه من جانبنا هو الإيمان أو بالحري الإيمان الحقيقي.
2. ومن جهة خلاص النفوس قالوا: "إن معجزات أنطونيوس كانت سبباً في تثبيت الإيمان (للمؤمنين) وخلاص النفوس (للخطاة)". وإن أم أو غسطينوس كانت تبكي من أجل خلاص نفسه، وإن السائح الروسي قابل شخصاً يسعى لخلاص النفوس، وإن الروح القدس يستخدم الصلاة وقراءة كلمة الله لخلاص الألوف. وإن الصليب باب مفتوح للخلاص والعبور إلى الملكوت المعد للمؤمنين. لأنه قوة المسيح للخلاص ("الصلاة الأرثوذكسية" ص 446/ 454/ 550/ 620/ 626)، الأمر الذي يدل على أنهم كانوا يعتقدون أن الخلاص لا يكون بالمعمودية، بل باستخدام الروح القدس للفداء الذي تم على الصليب، في التأثير على قلوب الناس وضمائرهم.
3. ومن جهة الولادة من الله، قالوا: "إن الصلاة تجدد الإنسان بجملته وتجعله إنساناً جديداً. وإن بشارة الإنجيل تعمل لولادة النفوس لملكوت السموات. وإن مسرة الكنيسة أن يكون بها أعضاء عاملون على تجديد النفوس وولادتهم ولادة حقيقية في الروح. وأن تجديد العقل يكون بعمل الروح القدس" وقال الأب يوحنا لتلميذه "اشكر الله لأنه جددك واقتادك مرة أخرى للحياة الأبدية بعد أن سقطت في الموت. وهو لم يقم بهذا العمل بسهولة، ولكنه قدم لفدائنا ابنه الوحيد الحبيب الذي تألم وذاق المــوت لأجلنا". وإن أم أوغسطينـوس كانت تصلي لكي لا يسمـح الله بتأجيـل تجديد ابنها (الصلاة الاثوذكسية ص 201، 233، 290، 472، 608، 621)، الأمر الذي يدل على أنهم كانوا يعتقدون أن الولادة الجديدة لا تكون بالمعمودية بل بعمل الروح القدس في القلب أثناء الصلاة أو قراءة كلمة الله.
4. ومن جهة وصف التجديد أو الولادة الجديدة قالوا: "إن الشخص يجوز تغييراً عاماً يشمل كل حياته الداخلية والخارجية معاً، وتنتقل حواسه انتقالاً واضحاً من المادية إلى الروحانية" وقالوا "ويحدث في زيارة النعمة الإلهية (للنفس)، أنها من فيض السرور (بالنعمة) تنتقل إلى حالة مذهلة تنسى معها أنها تحيا في الجسد المادي. وإن هذه الزيارة تزرع في قلب المرء اتضاعاً وتحبب له السجود المتواصل والقراءة المستنيرة وتفتح ذهنه لفهم المكتوب، كما تحبب له عمل الخيـر ومساعدة المرضـى" (الصلاة الأرثوذكسية: ص 170، 172، 192)، الأمر الذي يدل على أنهم أدركوا أن الولادة الجديدة ليست هي المعمودية، بل هي التغيير الكلي الذي يحدث في النفس عندما تقبل نعمة الخلاص.
5 . ومن جهة كون الأعمال الصالحة هي ثمر الإيمان، وأنها ليست الوسيلة للخلاص، قال يوحنا ذهبى الفم "الخلاص يكون بالإيمان وليس بالأعمال" وإن "القيام بالأعمال الصالحة والعيشة بالقداسة يكونان أيضاً بنعمة الله وليس بمجهودنا الشخصي، ومن ثم لا يكون لنا فضل في هذه أو تلك". وسجل مجمع قرطجنة "إن فائدة نعمة الله التي بررتنا بالمسيح لا أن تغفر لنا خطايانا فحسب، بل وأن تعيننا في تجنب السقوط فيها وتمنحنا قوة لعمل الصلاح أيضاً" الأمر الذي يدل على أنهم أدركوا أن الأعمال الصالحة في نظر الله هي من عمل روحه في نفوسنا، ومن ثم لا تكون ثمناً للخلاص أو جزءاً من ثمنه، إن كان الخلاص يتجزأ.
6. ومن جهة التفرقة بين الإيمان الحقيقي والإيمان الإسمي، قالوا: "بؤساء الذين لم يجدوا المسيح بعد. إنهم لم يتذوقوا حرارة وعظمة الإيمان. أما الذين وجدوه، فبسبب الحلاوة التي يتذوقونها في اسمه، وبسبب لمساته الخفيفة اللذيذة التي يمس بها قلوبهم، تجدهم يلتصقون به أكثر وأكثر. وفي التصاقهم به يجدون سعادة لا ينطق بها، ولا يدركها العالم" (الصلاة الأرثوذكسية ص 240). كما قالوا "إن الوحي يعلّمنا أن الإيمان شجرة ثمرها أعمال البر والصلاح والفضيلة، وكما أنه لا توجد ثمرة بلا شجرة، كذلك لا تعرف الشجرة إلا بثمرتها. وكل شجرة لا تعطي ثمراً يكون وجودها وعدمها على حد سواء. أعني كما أنه لا يوجد بر ولا صلاح ولا فضيلة إلا بالإيمان بربنا يسوع المسيح، كذلك كل إيمان لا يثمر عمل القداسة والكمال لا يعتبر إيماناً بل هو شر من عدم الإيمان" الأمر الذي يدل على أنهم اختبروا حياة الله فيهم بواسطة الإيمان الحقيقي، وليس بواسطة المعمودية أو غيرها من الوسائل.
وبناء على ذلك
يجب على جميع المؤمنين الحقيقيين في كل الطوائف أن يرجعوا إلى كلمة الله في كل أمر من الأمور، فإنها السراج لأرجلنا والنور لسبيلنا (مزمور 199: 105) ولكمالها تستطيع أن ترد النفس وتصير الجاهل حكيماً (مزمور 19: 10) وقد رأى بولس الرسول هذه الحقيقة فقال عن الكتاب المقدس: "كُلُّ الْكِتَابِ هو مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لكي يَكُونَ إنسان اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ" (2تيموثاوس 3: 16- 17) هذا وقد اختبر الأب متى المسكين قيمة كلمة الله فقال "الإنسان فقد مركز استقراره، وهو الآن في أشد الحاجة إلى قاعدة ثابتة تلهمه الحياة وتقوده وتشير عليه، وتكون صاحبة سلطان يأتمر بها عن وعي ورضا، على أن تكون من الرصانة والحق ما يمكنها أن ترد عنه كل انحرافات الفكر الحديث وشوائب العلم والسلوك.. الحاجة إذاً شديدة إلى كلمة الله، فهي تلك القاعدة بلا نـزاع في صورتها الأصلية الشفافة التي تعلن وتلهم الحق وكل الحق" (كتاب كلمة الله ص 3)، وقوله "في صورتها الأصلية الشفافة" (كما نرى) استبعاد للعقائد البشرية التي حجبت جمال كلمة الله وكمالها عن كثير من المسيحيين.
أخيراً نقول: إن الرسول الذي أحب المؤمنين من كل قلبه وضحى بأغلى ما لديه في سبيل خلاصهم ونموهم الروحي، لم يجد عندما ودعهم الوداع الأخير ملجأ يستودعهم إليه سوى الله وكلمة نعمته. ولذلك قال لهم "وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يا إِخْوَتِي لِلَّهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أن تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ" (أعمال 20: 32)، فإلى كلمة الله وإليها وحدها يجب أن يتجه كل الذين يريدون أن يسيروا في سبيله. ويتمتعوا برضاه.
[1] - كان هذا التعليم يدعو بكل أسف إلى الزنا والأكل مما ذبح للأوثان.
[2] - كان هؤلاء النيقولاويون يقولون أن المؤمنين ليسوا جميعاً أخوة (على النقيض مما يعلن الكتاب المقدس) بل يجب أن يكون بينهم رؤساء ومرؤوسون.
[3] - فمثلاً القول (إن الله لا يعبأ بالناس) كما يقول بعض الفلاسفة، يتعارض مع العقل. لأن المفروض أن الله يحب الناس لأنه خلقهم على صورته كشبهه. أما القول (إن الله أحب الناس حتى كفر بنفسه عن خطاياهم) الذي أعلنه الكتاب المقدس، فلا يتعارض مع العقل بل يسمو فوق إدراكه. لأن المفروض هو أن الله يحب الناس (إذ أن الخالق يحب خليقته)، ونظراً لأن الله لا حد له في ذاته، تكون محبته أيضاً لا حد لها في ذاتها، ومحبة لا حد لها في ذاتها، تعمل أعمالاً طيبة لا يستطيع العقل إدراكها.
[4] - يقصد ذهبى الفم بالقداسة هنا، ليس القداسة العملية (وإن كانت هذه لها قيمتها الخاصة في الحياة المسيحية) بل يقصد القداسة الاكتسابية التي خلعها الله علينا بفضل كفارة المسيح كالتبرير تماماً. وقد أشار الرسول إلى هذه القداسة فقال عن المؤمنين الحقيقيين جميعاً أنهم "مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً" (عبرانيين 10: 10)، كما قال لهم "لَكِنِ اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسم الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا" (1كورنثوس 6: 11) وهذه القداسة (مثل التبرير) كاملة في نظر الله كل الكمال لأنها نتيجة لكفارة المسيح التي تفوق في قيمتها كل قيمة في الوجود، ومن ثم لا تحتاج من جانبنا إلى أي عمل لكي تكون أكثر كمالاً، وأشخاص (أصبحوا مقدسين فعلاً في نظر الله وسكن فيهم روح القدوس، من شأنهم أن يلاحظوا القداسة العملية في أفكارهم وأقوالهم وأعمالهم. ولـذلك يقول لهم الرسول "مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ" (2كورنثوس 7: 1)
لكن التقديس العملي الذي نلاحظه في سلوكنا ليس هو أساس قبولنا أمام الله، لأن هذا التقديس مهما بلغ أقصى درجات السمو لا يجعلنا كاملين في نظره تعالى، بل الذي يجعلنا مقبولين وكاملين أمامه هو التقديس الاكتسابي الذي خلعه علينا المسيح على أساس كفارته كما ذكرنا، لأنها هي التي وفت جميع مطالب عدالة الله من نحونا إلى الأبد. أما التقديس العملي فإنه يجعلنا أهلاً للتمتع بالله وخدمته في العالم الحاضر، كما يهيئنا للحصول على مكافأة خاصة في السماء بجانب القبول الأبدي، الذي لنا بفضل كفارة المسيح، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع بالتفصيل في كتاب طريق الخلاص.
- عدد الزيارات: 4943