الحجج القائلة بتوقف الخلاص على العمل بالناموس
اتضح لنا ما سلف أنه ليست هنا آية واحدة في الكتاب المقدس تدل على أن الخلاص الأبدي يكون بواسطة الإيمان والأعمال معاً، ولكن هناك آيات يقول بعض المسيحيين إنها تدل على أن هذا الخلاص يتوقف على حفظ وصايا الناموس الذي أعطاه الله لموسى النبي، أو بالحري على الإيمان والأعمال التي أمر الله بها في هذا الناموس، ولذلك رأينا من الواجب أن نفحص هذه الآيات أيضاً لنعرف المعنى الحقيقي لها:
1- يقول أصحاب هذا الرأي إن الأعمال التي لا تصلح للتبرير الوارد ذكرها في قول الرسول: "إذاً نحسب أن الإنسان يتبرر بدون أعمال الناموس" (رومية 3: 27 – 28)، هي أعمال الناموس الطقسي الخاصة بالفرائض الدينية التي كان يمارسها اليهود قديماً، لأن هذه كانت رموزاً مؤقتة للمسيح وعمله الفدائي الكريم. وبمجيء المسيح وإتمامه للفداء، أصبحت هذه الفرائض بلا قيمة أمام الله. أما الناموس الأدبي الخاص بالامتناع عن الخطية والقيام بعمل الصلاح، فليس هناك ما يعطله أو يلغيه، ولذلك فإنه باق مع الإيمان إلى نهاية الدهر، الطريق الإلهي للحصول على الحياة الأبدية. ومن ثم فكل من لا يحفظ وصية من وصايا هذا الناموس، لا بد أن يقع تحت قضائه المريع، فقد قال الوحي "ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به" (غلاطية 3: 10).
الرد: نرى من الواجب ونحن في مستهل الرد على هذه الحجة أن نعلن بملء أفواهنا أننا لا نبيح لأنفسنا أو لغيرنا فعل الشر أو التهاون في فعل الخير، لكن ما ننبه إليه هو أن الأعمال الصالحة مهما كثرت لا تستطيع أن تكفر عن خطية واحدة من خطايانا للأسباب التي ذكرناها فيما سلف. أما من جهة الآيات المشار إليها فنقول:
(أ) إن الأعمال التي ذكر الرسول أنها لا تصلح للخلاص هي أعمال الناموس عامة، والناموس عامة يشمل الناموس الطقسي كما يشمل الناموس الأدبي. وقد أعلن بولس الرسول تحررنا من حكم الناموس الأول فقال عن المسيح، إنه "أبطل بجسده ناموس الوصايا في فرائض" (أفسس 2: 15)، وإنه "محا الصك الذي كان علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا" (كولوسي 2: 14)، ولذلك قال للمؤمنين "فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة"[46]" (كولوسي 2: 16 – 17). وقال لهم أيضاً "فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض: لا تمس ولا تذق ولا تجس التي هي جميعها للفناء في الاستعمال" (كولوسي 2: 20 – 23).
كما أعلن الرسول تحررنا من حكم الناموس الأدبي (من جهة كونه تشريعاً يقتصر على الأمر والنهي والتهديد والوعيد)، فقال "إذاً يا إخوتي أنتم أيضاً قد متم للناموس بجسد المسيح، (أي أن علاقتكم بالناموس قد انتهت لأن المسيح بموته على الصليب حقق كل مطالب الناموس، إذ قبل في جسده قضاءه في نفسه بسبب الخطية نيابة عنكم)، لكي تصيروا الآخر الذي أقيم من الأموات لنثمر لله، لأنه لما كنا في الجسد (أو بالحري تحت سيادة الطبيعة العتيقة قبل إيماننا بالمسيح إيماناً حقيقياً)، كانت أهواء الخطايا التي في الناموس (أو بالحري التي ينهي عن الناموس) تعمل في أعضائنا لكي نثمر للموت. أما الآن فقد تحررنا من الناموس، إذ مات الذي كنا ممسكين فيه [أو بالحري الجسد أو الطبيعة العتيقة، لأن هذه قد اعتبرها الله أنها ماتت شرعاً بواسطة صليب المسيح، ونعتبرها نحن أيضاً كذلك كل حين حسب وصيته لنا (كولوسي 2: 20)] حتى نعبد بجدة الروح (أو بالحري بالروح القدس الذي يسود علينا في العهد الجديد)، لا بعتق الحرف (أي ليس بناءً على الناموس الحرفي العتيق الذي كان في العهد القديم)" (رومية 7: 4 – 6).
وقد طبق الرسول هذه الحقيقة على نفسه، ولذلك قال "مت بالناموس للناموس، لأحيا لله" (غلاطية 2: 19)، و "موت الرسول بالناموس" معناه أن الناموس قضى عليه فيما سلف بالموت، لأنه (أي الرسول) لم يستطع أن يحفظ وصاياه مثل غيره من الناس. و "موته للناموس" معناه انقطاع علاقته بالناموس كقانون يحكم عليه بالموت فيما بعد، عند التقصير في القيام بأية وصية من وصاياه، لأن الناموس يسود على الأحياء فحسب (رومية 7: 1)، إذ ليست له سلطة البتة على الموتى [أو بالحري على المؤمنين الحقيقيين الذي اعتبروا في نظر الله أنهم ماتوا مع المسيح (كولوسي 2: 12- 20)]، إذ بموت المسيح نيابة عنهم حمل في نفسه عقوبة الخطية التي كان الناموس يهددهم بها إلى الأبد. فمكتوب عن المسيح أنه "افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا" (غلاطية 3: 13)، ومن ثم سلب من الناموس سلطته بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، لأنه لا يمكن أن تبقى له سلطة عليهم بعد زوال عقوبة الخطية التي كان يهددهم بها[47].
وإذا كان ذلك كذلك، فإن الله لا يتعامل مع المؤمنين الحقيقيين بعد الفداء. على مبدأ الناموس الذي يدين من لا يعمل بوصية من وصاياه، بل على مبدأ النعمة التي تخلص كل من يؤمن إيماناً حقيقياً بالمسيح. ولذلك فإن الرسول بعدما قال "مت بالناموس للناموس"، قال "لأحيا لله" – وطبعاً ليس بقوته الذاتية، بل بالحياة الجديدة التي وهبها الله على أساس الإيمان الحقيقي بالمسيح، بعيداً كل البعد عن أحكام الناموس.
(ب) فضلاً عن ذلك، لو كان من الممكن أن يتبرر الإنسان أمام الله بواسطة حفظ الناموس الأدبي، لكان المسيح قد مات عبثاً (غلاطية 2: 21)، إذاً فموت المسيح الكفاري أغلق الباب نهائياً أمام إمكانية التبرر بأعمال هذا الناموس، وبالتبعية أمام كل ظن بأننا الآن تحت سلطان هذا الناموس، ولذلك قال الرسول "إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس. بل بإيمان يسوع المسيح (لذلك) آمنا نحن أيضاً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع (أو بالحري بإيماننا بيسوع) لا بأعمال الناموس. لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما. فإن كنا ونحن طالبون أن نتبرر في المسيح، نوجد نحن أنفسنا أيضاً خطاة (أي نضع أنفسنا تحت الناموس، الذي يجعلنا خطاة)، أفالمسيح خادم للخطية؟ حاشا! (لأن وضعنا لأنفسنا تحت الناموس يكون رفضاً للتبرر بالإيمان، وتصرف مثل هذا خطية، لأنه إهانة بالغة لكفارة المسيح،)، فإني إن كنت أبني أيضاً هذا الذي قد هدمته (وهو الناموس)، فإني أظهر نفسي متعدياً (على المسيح)" (غلاطية 2: 16 – 18) – فوضع المؤمن الحقيقي نفسه تحت الناموس ليس إذاً أمراً غير جائز فحسب، بل إنه أيضاً خطية وتنكر شنيع لنعمة الله في المسيح.
(جـ) وإننا بقولنا هذا، لا نحط من شأن الناموس الأدبي من جهة كونه وصايا الله، كلا لأنه من هذه الناحية هو صالح، إن كان أحد يستطيع أن يستعمله ناموسياً أو قانونياً (1 تيموثاوس 1: 8)، ولكن ثبت بشهادة الوحي أنه بأعمال الناموس لا يتبرر كل ذي جسد أمام الله (رومية 3: 27 – 28). لأنه لم يستطع أن يحفظ وصاياه إنسان ما (رومية 3: 23)، ولعل من أقوى الأدلة على ذلك أن الشخص الذي نادى بكل إخلاص أنه كان بلا لوم من جهة الناموس، عندما رأى نفسه في نور قداسة الله، اعترف أنه أول الخطاة (1 تيموثاوس 1: 15). ولذلك يجب ألا يخامرنا أي ظن بأنه من الممكن أن نتبرر أمام الله بواسطة حفظ الناموس.
(د) مما تقدم يتضح لنا أن لعنة الناموس الواردة في الآية التي نحن بصددها لا تحل على المؤمنين الحقيقيين الذين يعتمدون على كفارة المسيح، بل على الأشخاص الذين يريدون أن يتبرروا بأعمال الناموس، لأن كل الذين من أعمال الناموس هن تحت لعنة (غلاطية 3: 10)، بسبب عدم استطاعتهم أن يحفظوا أحكامه، "لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل. لأن الذي قال لا تزن قال أيضاً لا تقتل. فإن لم تزن ولكن قتلت، فقد صرت متعدياً للناموس" (يعقوب 2: 10 – 11).
2- إن الوحي قال لنا "ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله، بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون" (رومية 2: 13)، ولذلك يكون التبرير بأعمال الناموس.
الرد: إذا رجعنا إلى الإصحاحات الثلاثة الأولى من الرسالة إلى رومية، نرى أن غرض الرسول منها هو البرهنة على أن اليهود، مع أن ا لله خصهم بالناموس، لم يكونوا أفضل حالاً من الوثنيين، لأنهم كانوا يسمعون الناموس ويفتخرون به دون أن يعملوا بما جاء فيه، ومن ثم لم يتبرروا أمام الله – ولذلك قال الرسول لكل منهم "هو ذا أنت تسمى يهودياً وتتكل على الناموس وتفتخر بالله. فأنت إذاً الذي تعلم غيرك ألست تعلم نفسك؟ الذي تكرز أن لا يسرق، أتسرق! .... الذي تفتخر بالناموس، أبتعدي الناموس تهين الله! لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم" (رومية 2: 17 – 29)، ثم قال بعد ذلك "لأننا قد شكونا أن اليهود واليونانيين أجمعين تحت الخطية .... لأنه لا فرق" (رومية 3: 1 – 22)، ومن ثم ليس هناك مجال للظن. بعد ما ذكرناه هنا وفي البند السابق معاً، أن التبرير أمام الله يكون بأعمال الناموس.
3- إن المؤمنين الحقيقيين وإن كانوا قد تحرروا بصليب المسيح من اللعنة والهلاك اللذين يقضي بهما الناموس على كل من لا يحفظ وصاياه، لكنهم موجودون في العالم الحاضر تحت سلطان هذا الناموس، من جهة كونه شريعة إلهية يجب أن يسلكوا بمقتضاها.
الرد: نرى أنفسنا مضطرين مرة أخرى للقول إننا نعلن بملء أفواهنا أننا لا نبيح لأنفسنا أو لغيرنا فعل الشر أو التهاون في فعل الخير، ولكن ما ننبه إليه هو أن الأعمال الصالحة مهما كثرت، لا تستطيع أن تكفر عن خطية واحدة من خطايانا للأسباب السابق ذكرها، ولذلك نكتفي بالقول:
(أ) لو أن المؤمنين الحقيقيين كانوا تحت سلطان الناموس كشريعة يجب أن يسلكوا بمقتضاها، لكانوا أيضاً تحت قضائه باللعنة والهلاك عند التقصير في القيام بأية وصية من وصاياه (لأنه لا معنى لوجودهم تحت سلطان الناموس دون قضائه). ومن ثم لا يمكن أن يخلص واحد منهم مهما بلغ أسمى درجات التقوى، إذ أنهم جميعاً مثل غيرهم من الناس، ليسوا معصومين من الخطية، وأجرة الخطية الواحدة مهما كانت تافهة في نظرنا، هي عذاب أبدي (متى 5: 22). وبما أن هذا الأمر يتعارض كل التعارض مع نعمة الله التي تقضي بمحو خطايا المؤمنين الحقيقيين بأسرها إلى الأبد (عبرانيين 8: 12)، وبعدم تعرضهم للدينونة الأبدية بأي حال من الأحوال (يوحنا 5: 24)، لا يمكن أن يكون هؤلاء المؤمنون تحت سلطان الناموس بأي معنى من المعاني.
وعدم وجودهم تحت سلطان الناموس لا يعفيهم طبعاً من مسؤولية السلوك بالتقوى والقداسة في العالم الحاضر، لأنهم وإن كانوا قد تحرروا من ناموس موسى لكنهم أصبحوا تحت ناموس المسيح (1 كورنثوس 9: 21)، وناموس المسيح يطلب منهم أن يقوموا (بقوة الروح القدس الساكن فيهم) بأعمال أسمى مما يطلبها ناموس موسى كثيراً[48]، لكن مع هذا الفارق الهام الواحد وهو أن المسيح لا يعرضهم للعذاب الأبدي في حالة التقصير في شيء من مطالب ناموسه (لأنه سبق وحمل هذا العذاب عنهم عندما قدم نفسه كفارة على الصليب لأجلهم)، بل يؤدبهم فقط في العالم الحاضر بشتى الوسائل لكي يعودوا إلى حياة الطاعة لله والشركة العملية معه (عبرانيين 12: 9 – 11)، ولكي لا يدانوا أيضاً مع العالم في اليوم الأخير (1 كورنثوس 11: 21).
(ب) أما من يقول إنه ليس تحت الناموس بل تحت النعمة، ولذلك له الحرية أن يتصرف كما يشاء وأن يفعل الخطية كما يشاء، فهو لا يفهم معنى النعمة، ومن ثم لا يكون مؤمناً حقيقياً على الإطلاق. وعن أمثال هذا الإنسان قال يهوذا في رسالته "لأنه دخل خلسة أناس قد كتبوا منذ القديم لهذه الدينونة، فجار يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة" (يهوذا: 4)، لأن النعمة تعلم المؤمنين أن ينكروا الفجور والشهوات العالمية وأن يعيشوا بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر (تيطس 2: 12)، ليس لأنهم تحت الناموس، بل لأن ناموس روح الحياة في المسيح أعتقهم من ناموس الخطية والموت (رومية 8: 12). فهم (مثلاً) لا يسرقون ليس لأن الناموس قال "لا تسرق"، بل لأن الروح القدس الساكن فيهم يصرفهم عن السرقة، بل ويصرفهم أيضاً عن اشتهاء ما للغير، وفي الوقت نفسه يقودهم إلى العطف على المحتاجين ومد يد العون إليهم.
(جـ) فنحن المؤمنين قد متنا بالإيمان مع المسيح، ليس فقط للناموس بل وللخطية أيضاً، ومن ثم فإنساننا العتيق قد صلب بالإيمان مع المسيح لنعتق من طبيعتنا الفاسدة حتى لا نخدم الميل إلى الخطية الكامن فيها فيما بعد، وفي الوقت نفسه نكون أحياء لله وحده بيسوع ربنا. وبفضل هذا الإيمان لا يمكن أن تسود الخطية علينا، ولا يمكن أيضاً أن نطيعها في شيء من الشهوات، إذ أننا عندما نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطية في شخص المسيح، يتحقق لنا الوعد "الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة"، لأننا نختبر عملياً قوة ناموس روح الحياة، الذي يعتقنا من ناموس الخطية والموت (رومية 8: 4)، نعم قد تهاجمنا الخطية من الخارج في بعض الأحيان، ولكنها لا تستطيع أن تنفذ إلى داخلنا، إذ باعتبار أننا متنا مع المسيح، لا يبقى فينا ميل إلى الخطية، ولا يمكن للخطية أن تقهرنا أو تعطل اتصالنا الروحي بالله.
4- إن الرسول قال بالوحي "أفنبطل الناموس بالإيمان؟ حاشا بل نثبت الناموس" رومية 3: 31)، وهذا دليل على أن الناموس يسود على جميع المؤمنين.
الرد: لكي نفهم المراد بهذه الآية، يجب أن نتأملها مع الآيات السابقة لها، فقد قال الرسول من قبل "إذاً نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس .... لأن الله واحد، هو الذي سيبرر الختان بالإيمان والعزلة بالإيمان" (رومية 3: 28 – 30). وبعد ذلك مباشرة قال الآية المذكورة أعلاه "أفنبطل الناموس بالإيمان؟ حاشا. بل نثبت الناموس" (رومية 2: 21 – 23)، ومن هذه الآيات جميعاً يتضح لنا ما يأتي:
(أ) إن التبرير لا يكون بواسطة القيام بالأعمال التي يطلبها الناموس [لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر أحد (رومية 3: 27 – 28)]، بل بواسطة الإيمان الحقيقي بالمسيح، لأن المسيح هو الذي وفى مطالب العدل الإلهي نيابة عنا كما ذكرنا فيما سلف. ونظراً لأن الله يعامل البشر معاملة واحدة، لا فرق في ذلك بين جنس وآخر، لذلك فهو يبرر الختان[49] (أي المؤمنين من اليهود) بالإيمان بالمسيح، ويبرر الغرلة (أي المؤمنين من الشعوب الأخرى) بالإيمان به أيضاً.
(جـ) لكن الله بتبريره لأولئك وهؤلاء بالإيمان بالمسيح، لم يغض النظر عن مطالب الناموس الذي وضعه، بل حققها جميعاً، إذ تحمل المسيح في نفسه على الصليب لعنة الخطية الواردة في الناموس عوضاً عنهم جميعاً (غلاطية 3: 13). ومن ثم فقول الرسول "نثبت بالناموس"، يراد به أن نحفظ له حقوقه، لأن الله لم يتجاهلها بل وفاها بأسرها بصليب المسيح (رومية 3: 26)، كما يراد به أن نعلن عدالة الناموس في توقيع القصاص على غير المؤمنين والمؤمنين بالاسم. فإذا أضفنا إلى ما تقدم أن الرسول قال لنا لسنا تحت الناموس بل تحت النعمة (رومية 6: 14)، لا يبقى بعد أي مجال للظن بأن القول نثبت الناموس" يراد به أن نجعل الناموس قانوناً لسلوكنا أو قاضياً علينا، كما ذكرنا.
5- إن المسيح قال لنا "لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل جئت لأكمل، فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس، حتى يكون الكل" (5: 17 – 18).
الرد: إن الناموس (كما ذكرنا فيما سلف)، صالح إن كان أحد يستعمله ناموسياً أو قانونياً، ولذلك فإن المسيح لم ينقض شيئاً من أحكامه بل أكملها كلها في ذاته، وبذلك حفظ له مقامه كشريعة الله. فضلاً عن ذلك فإنه بواسطة عمل الروح القدس في المؤمنين الحقيقيين يجعلهم يعملون أيضاً كل ما يطلبه الناموس من بر، بل وأكثر مما يطلبه منهم من بر كما ذكرنا، وذلك دون أن يضعهم تحت دينونة هذا الناموس أو لعنته.
6- لما سأل أحد الأنبياء المسيح قائلاً: أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟ أجابه المسيح بالقول: "إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ...." ثم قال له "اذهب بع كل مالك ووزع على الفقراء، فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني" (متى 19: 16 – 18). ولما سأله ناموسي قائلاً "ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ أجابه بالقول "ما هو مكتوب في الناموس ... افعل هذا فتحيا" (لوقا 10: 25 – 28).
الرد: (أ) إن الصدقة في ذاتها لا تهب صاحبها الحياة الأبدية، لأنه مهما كانت قيمتها لا يمكن أن تكفر عن خطية واحدة من خطاياه أو تمنحه طبيعة روحية تجعله أهلاً للتوافق مع الله في صفاته السامية كما ذكرنا فيما سلف. ولذلك فإننا إذا أمعنا النظر في إجابة المسيح السابق ذكرها، نرى أنه لا يفهم منها أنه إذا وزع الغنى ماله على الفقراء يدخل السماء، بل يكون له كنز في السماء (أو بالحري يكون له كنز فيها، لو كان هو من أهلها)، ولكن تبين بالامتحان أن هذا الشخص لم يكن من أهل السماء، لأنه لم يكن معتمداً على نعمة الله، بل على أعمال الناموس. فضلاً عن ذلك لم يكن حافظاً للناموس كما كان يدعي، لأن الناموس يوصي بأن يحب المرء قريبه [أو بالحري قريبه في الإنسانية (لوقا 10: 25 – 37)] مثل نفسه، وهو (أي هذا الغني) لم يفعل ذلك بل ولم يشأ أيضاً أن يفعل – أما لو كان مخلصاُ في طلبه وصادقاً في شهادته عن نفسه، لكان قد أطاع المسيح وفعل كما فعل لاوي وغيره من التلاميذ الذين تركوا كل شيء وتبعوا المسيح (متى 9: 9، 19: 27)، ولكان المسيح قد أرشده إلى الطريق الصحيح للحياة الأبدية، وهو الإيمان الحقيقي كما أرشدهم.
(ب) وإذا كان ذلك كذلك، فما المفهوم من كلمة الحياة أو الحياة الأبدية الوارد ذكرهما في هذه الآيات عند اليهود؟ (الجواب) إن المراد بهما لديهم هو ملكوت السموات الذي كان المسيح عتيداً أن يقيمه على الأرض (لو كانوا قد تابوا عن خطاياهم وقبلوا رسالته التي أتى بها)، لأننا إذا رجعنا إلى الإصحاحين المقتبسة منهما الآيات المذكورة، نرى أن المسيح كان يتحدث عن هذا الملكوت (متى 19: 12 – 14، ولوقا 10: 9 – 11). فضلاً عن ذلك فإنه عندما أبى الغني أن ينفذ وصية المسيح له، قال المسيح لتلاميذه "الحق أقول لكم إنه يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت السموات" (متى 19: 23). وملكوت السموات ليس هو السماء، أو المجد الأبدي في السماء (الذي لا يتمتع به إلا المؤمنون الحقيقيون المغفورة خطاياهم والحاصلون على طبيعة روحية تؤهلهم للتوافق مع الله)، بل هو دائرة الإيمان بالمسيح كالملك على الأرض، كما ذكرنا فيما سلف.
(جـ) ومما يثبت أن الحياة الواردة في قول المسيح "إن أردت أن تدخل الحياة، احفظ الوصايا". وقوله "افعل هذا فتحيا" لا يراد بها الحياة الأبدية مع الله في السماء بل ملكوت السموات السابق ذكره، الدليلان الآتيان. (1) إن المسيح لم يقل للشخص الأول "إن أردت أن تدخل الحياة الأبدية (على فرض أن المؤمن يدخل هذه الحياة، وليست هي التي تدخل فيه[50]، ولم يقل للثاني: افعل هذا فتحيا إلى الأبد. بل قال للأول "إن أردت أن تدخل الحياة". وقال للثاني "افعل هذا فتحيا"، بدون كلمة "الأبدية أو "إلى الأبد" (2) إن الحياة الأبدية في السماء كانت بعيدة كل البعد عن أذهان اليهود الذين كانوا في عصر المسيح، إذ أن ما كانوا يتوقون إليه هو الحياة السعيدة على الأرض، لأنها هي التي كانت تتناسب مع آمالهم وميولهم الشخصية.
أما السبيل الوحيد للحياة الأبدية مع الله في السماء، فهو ما نص عليه المسيح في قوله "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 16)، أي أن هذه الحياة ليست أجرة عن الصدقة أو غيرها من الأعمال الصالحة، بل هبة من الله على أساس كفارة المسيح لكل من يؤمن إيماناً حقيقياً.
7- إن كان الناموس الأدبي لا يخلص الذين لا يعملون به، فلماذا أعطاه الله لموسى النبي من قبل؟
الرد (أ) إن الناس في العهد القديم كانوا لا يزالون في الحالة البدائية من الناحية الروحية، ولذلك كانوا لا يستطيعون إدراك ماهية الخطية إدراكاً كاملاً. ومن ثم اقتضى الأمر أن يعطيهم الله قانوناً أو ناموساً لكي يعرفوا (أولاً) ماهية الخطية وشناعتها. فقد قال الرسول "لأن بالناموس معرفة الخطية" (رومية 3: 20)، إذ لولاه لما كانت الخطية تحسب أنها خطية (رومية 5: 13)، كما قال "بل الخطية، لكي تظهر خطية منشئة لي بالصالح (أو بالحري بالناموس) موتاً، لكي تصير الخطية خاطئة جداً بالوصية" (رومية 7: 13). (ثانياُ) وأنهم يعملون الخطية حتى مع علمهم أنها خطية نهى الناموس عنها، لكي يدركوا أنهم ليسوا خطاة فحسب، بل وأنه لا عذر لهم أيضاً في خطاياهم (ثالثاً) إن التبرير أمام الله لا يكون تبعاً لذلك بأعمالهم بل بنعمة الله في المسيح، فقد قال الرسول عن الناموس إنه كان مؤدبنا إلى المسيح، لكي نتبرر بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس" (رومية 3: 20). وبما أن المسيح كفر عن خطايانا، وجعلنا الروح القدس أهلاً للتوافق مع الله في صفاته السامية، فإننا (كما شهد الرسول) لا نكون بعد تحت مؤدب (غلاطية 3: 25)، أو بالحري لا نكون تحت قضاء الناموس وسلطانه.
(ب) فضلاً عما تقدم فإن الناموس لم يوضع للمؤمنين الحقيقيين بالمسيح والمتبررين بدمه الكريم والذين من دأبهم أن يرضوا الله في السيرة والسريرة، بل وضع (كما يقول الوحي) للأثمة والمتمردين، للفجار والخطاة، للدنسين والمستبيحين، لقاتلي الآباء والأمهات ... (1 تيموثاوس 1: 9 – 10)، فهو (إن جاز التشبيه) مثل الأوامر والتعليمات التي يصدرها الرئيس للمهملين من موظفيه، أما المخلصون فليسوا في حاجة إلى هذه الأوامر والتعليمات، لأنهم يقومون من تلقاء أنفسهم بالأعمال المسندة إليهم، وبأعمال أكثر منها أيضاً. ولذلك فإن الذين يرفضون خلاص المسيح، هم وحدهم الذين يقعون تحت قضاء الناموس وأحكامه، ومن ثم لا بد أن يستد فمهم أمام الله ويصيروا تحت قضائه، "لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه (رومية 3: 19، 20).
(جـ) أخيراً نقول: إذا رجعنا إلى أوائل معاملة الله مع البشر، نرى أنه لم يجعل العمل بالناموس أساساً للتبرير أمامه، لأنه أعلن أن "البار بإيمانه يحيا" (حبقوق 2: 4)، ولذلك برر إبراهيم على أساس الإيمان، فقد قال الوحي "فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً" (رومية 3: 3)، كما برر على هذا الأساس بعينه جدعون وباراق وشمشون ويفتاح داود وصموئيل وراحاب و ... و .... (عبرانيين 11: 32، على الرغم من سقوطهم في خطايا متعددة، الأمر الذي يدل على أن الله الذي عرف منذ الأزل ضعف البشر جميعاً، قصد أن يخلصهم على أساس نعمته المجانية، إذا آمنوا به إيماناً حقيقياً. فضلاً عن ذلك، فإن الناموس من دأبه أن يكشف عيوب الناس، ولكنه لا يصلح شيئاً من نفوسهم، فهو والحالة هذه ليس بأكثر من المرآة التي (تظهر للناس وجوههم، دون أن تكون لها القدرة على إصلاح ما يوجد فيهم من عيوب). ومن ثم لا يمكن أن يكون الله قد جعل الناموس وسيلة لتبريرنا أو تأهيلنا للوجود معه، بل فقط لكشف عيوبنا ونقائصنا المتعددة كما ذكرنا في بند (أ)، وذلك لنعتمد على المسيح وحده في أمر تبريرنا أمام الله.
8- إن كان الإيمان الحقيقي، وليس حفظ الناموس، هو السبيل إلى الحياة الأبدية، فما الفائدة التي تعود على الذين يحفظون الناموس دون أن يؤمنوا بالمسيح إيماناً حقيقياً.
الرد: فضلاً عن أنه ليس هناك شخص واحد يستطيع أن يحفظ الناموس كما اتضح لنا مما سلف، الأمر الذي لا يدع مجالاً لهذا الاعتراض نقول: إن الله لعدالته المطلقة لا يهمل مثقال ذرة من الخير يقوم بها إنسان ما، بل لا بد أن يكافئه عنا خيراً. ولكن يجب ألا يفوتنا أن الجزاء يكون دائماً أبداً من جنس العمل. ولذلك فإن الإنسان الذي ليست له حياة أبدية (بسبب عدم إيمانه بالمسيح إيماناً حقيقياً) إن عمل خيراً في دنياه، يمنحه الله خيراً أيضاً في دنياه، فيخرجه مثلاً من المآزق والضيقات التي يتعرض لها، ويعطف عليه في أوقات المرض والشدة التي يجوز فيها، وييسر له سبل العيش، كما كان يفعل هذا الإنسان مع بني جنسه. أما إذا انتقل إلى الأبدية، فسوف يرى نفسه (بكل أسف) جنباً إلى جنب مع باقي الخطاة بعيداً عن الله، لأن الأعمال الصالحة التي كان يقوم بها لا تستطيع أن تكفر عن خطية من خطاياه، أو تسمو به إلى درجة التوافق مع الله في صفاته السامية، كما ذكرنا فيما سلف.
مما تقدم يتضح لنا أن هناك أوجه خلاف متعددة بين الناموس وبين النعمة، نلخصها فيما يأتي:
(أ) الناموس يطلب من الخطاة أن يحيوا حياة البر، ولذلك فمثله مثل من يطلب ديناً من مفلس أو خدمة من ميت، أما النعمة فتخلع عليهم بر الله الكامل دون أن تطلب منهم شيئاً سوى الإيمان الحقيقي. ولذلك فمثلها مثل من يهب المفلس غنى والميت حياة. وهذا هو السبب في أن الناموس لا يبرر أحداً بل يقضي على الجميع باللعنة والهلاك، أما النعمة فتبرر كل الذين يؤمنون إيماناً حقيقياً.
(ب) فضلاً عن ذلك فإن النعمة بعد أن تبرر الخطاة على أساس الإيمان الحقيقي تهبهم طبيعة روحية، يستطيعون بها التوافق مع الله وتنفيذ وصاياه، ولذلك يعيشون في فرح وسلام ليس بعدهما فرح وسلام. أما الذين يضعون أنفسهم تحت الناموس فيعيشون في قلق ورعب كل حين، كما يضعفون أمام الخطية عندما يتعرضون لها، لعدم حصولهم على طبيعة روحية من الله تسمو بهم فوقها.
(جـ) إن الذين يضعون أنفسهم تحت سلطان الناموس مسؤولون عن القيام بكل ما يتطلبه الناموس حتى يكونوا مقبولين أمام الله. أما الذين يضعون أنفسهم تحت نعمة الله، فالمسيح هو المسؤول عن حفظهم في حالة القبول أمام الله إلى الأبد. ولذلك فالفريق الأول موجود أمام الله تحت الامتحان لكي يثبت أهليته للحياة وإلا فإنه يهلك إلى الأبد، أما الفريق الثاني (فنظراً لأنه اتخذ المسيح نائباً عنه، والمسيح جاز أدق الامتحانات وانتصر فيها انتصاراً كاملاً) قد حسبت لهذا الفريق نصرة المسيح بأكملها. وإن كان الله يمتحن هذا الفريق أحياناً، فليس لكي يهلك أو يخلص، بل لكي ينتصر وينال المكافأة كما حدث ويحدث مع المؤمنين الحقيقيين في العهدين القديم والجديد – والمكافأة ليست هي الحياة الأبدية، بل هي جزاء خاص بجانب هذه الحياة (1 كورنثوس 3: 11 – 16). أما إذا سقط واحد من الفريق المذكور في خطية خاصة، بسبب عدم وجوده في حالة الطاعة الكاملة لله، فإن الله يؤدبه في الوقت الحاضر لكي يكف عن هذه الخطية، ولكي ينجو أيضاً من الدينونة (1 كورنثوس 11: 31) في اليوم الأخير.
(د) إن الحياة التي وعد الله بها للذين يحفظون الناموس (إن استطاع أحد أن يحفظه)، هي الحياة السعيدة على الأرض. أما الحياة الروحية مع الله إلى الأبد، فهي هبة مجانية من الله لكل من يؤمن إيماناً حقيقياً. وهذا الإيمان لم يوجد في العهد الجديد فقط بل كان موجوداً في العهد القديم كذلك. ومن ثم فإن الذين يتمتعون بهذه الحياة ليس مؤمنو العهد الجديد وحدهم، بل ومؤمنو العهد القديم أيضاً.
وإذا كان الأمر كذلك، فلا سبيل للجمع بين الناموس والنعمة على الإطلاق، وكل من يضع نفسه تحتهما معاً، يكون كالمرأة التي تجمع بين رجلين في وقت واحد (رومية 7: 1 – 4)، أو الإنسان الذي يريد أن يكون عبداً وحراً في نفس الوقت (غلاطية 4: 20 – 23)، ذلك لأن الخلاص إما أن يكون بالناموس أو بالمسيح ولا وسط بين الاثنين، وبما أنه لا يكون بالناموس، إذاً يكون بالمسيح دون سواه، كما أعلن الوحي مراراً وتكراراً.
[46]- فالنهي عن أكل لحوم الحيوانات التي كانت تعتبر نجسة (لاويين 11: 1 – 17)، كان رمزاً لوجوب الابتعاد الظاهري والباطني عن كل دنس ونجاسة. والأعياد اليهودية في مجموعها (لاويين 23: 4 – 43) كانت رمزاً للأفراح الروحية التي يتمتع بها المؤمنون الحقيقيون على أساس كفارة المسيح (1 كورنثوس 5: 6 – 7). والهلال أو أول الشهر (خروج 12: 2) كان رمزاً لبدء حياة روحية جديدة مع الله (2 كورنثوس 5: 7). والسبت أو الراحة (لاويين 23: 3) كان رمزاً للراحة الألفية والأبدية التي لا يعكر صفوها شيء (عبرانيين 4: 11)
[47]- لإيضاح هذه الحقيقة نقول: لنفرض أن شخصاً مات بعد أن ارتكب جريمة يستحق عليها الإعدام، فهل يأمر القاضي بإخراج جسده من القبر لكي ينفذ فيه هذا الحكم؟ طبعاً لا، لأن الموت الذي حل به لا يدع مجالاً لمحاكمته بعد – وهكذا الحال من جهتنا، فإنه بموت المسيح نيابة عنا، يحسب المؤمنون الحقيقيون به أنهم ماتوا (رومية 6: 8)، ولذلك لا يمكن أن تقع عليهم دينونة بسبب خطاياهم فيما بعد.
[48]- فالمسيح يطلب مثلاً منهم أن يحبوا أعداءهم، وأن يباركوا لاعنيهم، وأن يحسنوا إلى مبغضيهم (متى 5: 45)، وأن يكونوا قديسين في كل سيرة (1 بطرس 1: 16)، وأن يمتنعوا عن كل شبة شر (1 تسالونيكي 5: 22)، وأن يتمثلوا بالله كأولاد أحباء (أفسس 5: 1)، وأن يعملوا الخير مع الجميع (غلاطية 6: 10)، وأن يصلوا في كل حين (أفسس 6: 18).
- عدد الزيارات: 6232