Skip to main content

الفصل الأول: مأساة سقوط الإنسان

لابد لنا ونحن نعالج قضية الصليب أن ندرس أولا قصة الإنسان ذلك لأن بين الإنسان و الصليب علاقة متينة وصلة قوية واضحة

الإنسان قي جنة عدن:

وضع الله العظيم الحكيم تصميما رائعا جميلا للجنة الأولى التي عاش فيها الإنسان  و نفذ بقدرته و محبته هذا التصميم ونحن نقرأ وصفا موجزا لهذه الجثة سجله كاتب سفر التكوين في هذه الكلمات وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر وكان نهر يخرج من عدن ليسق الجنة تك 8:2 /10 هكذا رتب الله بيت الإنسان نعد أن أضاء له السماء بالنجوم اللوامع وفرش له الأرض بالبسط السندسية الخضراء وأوجد الحياة النباتية و الحيوانية لغذاء ومتعة هذا المخلوق العتيد والآن نسطتيع أن نتخيل اللحظة الحاسمة ساعة أن جبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة الحياة فصار آدم نفسا حية ويخطر ببالنا السؤال في أية صورة عمل الله الإنسان ويجيبنا كاتب سفر التكوين بالقول { وقال الله نعمل الإنسان هلى صورتنا كشبهنا فخلق الله الإنسان على صورة الله خلقه} تك1 26و27 ومعنى هذا في عبارة واضحة أن الإنسان قد خلق على صورة المسيح الذي هو صورة الله غير المنظور كولوسي15:1 كما يقول يوحنا في غرة إنجيله في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله كل شيء به وبغيره لم يكن شيء بما كان يو 1:1و3 وكما يؤكد بولس قائلا :فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خلق كولوسي 16:1 هكذا خلق الله آدم الأول كاملا طاهرا جميلا حرا في إرادته وكل نظرية أخرى تحط من قدر الإنسان وتنزل من قدر الله الخالق المنان الكامل الذي لا يخلق إلا الكمال والجمال و ها هوذا الإنسان قد وقف بين يدي إلهه يؤدي التحية الواجبة على المخلق من نحو خالقه الطيب الكريم.

ويبقى آدم وحده ردحا من الزمن لا نعرف بالتحقيق مداه مخلوق حر يتمتع بحرية الإرادة والاختيار ويعطيه الله وصيته الوحيدة كاختبار لحريته قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا و أما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت تك.16:2

شجرة واحدة محرمة ووصية واحدة حازمة ونهاية واحدة محتومة إذا استخدم الإنسان الحر إرادته لمخالفة إرادة الله يوم تأكل منها موتا تموت.

وتمر الأيام على آدم وهو في الجنة الفحياء وبين الأشجار الخضراء والزهور الحمراء والبيضاء والصفراء يتمتع بالأرض والسماء والماء والهواء ويعيش في رحاب الجنة مع رهط من الحيوانات وهنا يقول الخالق القادر على كل شيء ليس جيدا أن يكون آدم وحده فأصنع له معينا نظيره وقد يسأل سائل لماذا لم يخلق الله المرأة يوم خلق الرجل؟ ونع أننا لا نجد إجابة حاسمة لهذا السؤال إلا نستطيع القول: إن الله أراد أن يكون آدم في شوق إلى مجيء هذا المخلوق حتى إذا جاء أكرمه وأحبه وأحس معه بهجة الحياة والصورة المرسومة في سفر التكوين ترينا آدم يبحث بين حيوانات الأرض عن مخلوق يرتاح إليه ويتحدث نعه وفي موكب الحيوانات التي مرت عليه ليعطى لكل حيوان اسمه ولم يجد له معينا نظيره.

فهل أحس آدم بالوحدة في الجنة الجميلة؟ ربما ويرينا السجل المقدس أن الله قد أحس بما شعر به هذا المخلوق الطيب الوديع فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملئ مكانها لحما وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وفي صبح مشرق بهيج فتح آدم عينه ليرى إلهه وهو يحضر له مخلوق نظيره يحس بأحاسيسه ويشعر بمشاعره ويضحك لضحكاته ويتحدث إليه بلغته التي يفهمها ودعا آدم هذه المخلوقة الجميلة امرأة قائلا: لأنها من امرؤ أخذت وسار موكب الأيام والسعادة ترفرف في أرجاء جنة الإنسان.

وثيقة حقوق الإنسان:

وقفت الإنسانية ممثلة في آدم وحواء أمام الله تتلقى الوثيقة الأولى التي نطق بها الله و رسم فيها حقوق الإنسان و نحن نقرأ مولد هذه الوثيقة في هذه الكلمات: فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وأنثى خلقهم وباركهم الله و قال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض و أخضعوها و تسلطوا على سمك البحر و على طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض و قال الله لقد أغطيتكم كل بقل يبذر بذرا لكم يكون طعاما و كان كذلك تكوين 27:1و30 و هكذا تلقت الإنسانية جمعاء ممثلة في أبيها آدم و أمها حواء أول تأمين ضد العوز و الخوف و الاستعباد فلا جوع ولا شقاء بل بركة وإثمار وسيادة وهناء مقيم.

  • عدد الزيارات: 3422