عهد الاختيار
إن النغمة الفاتحة في تكوين15: 7 "أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين" تدل على عمل الله المطلق في الاختيار. إن الله يربط في هذا العمل مواعيده بنسل وبميراث, ولكن هذه ليست بنوداً في مساومة. فليس هناك ما يفيد القول: "إن فعلت هذا لي, أفعل هذا لك". ليس العهد مساومة, بل هو افتقاد إلهي تقدمه نعمة الله السامية بكل رحمة أمام المختارين. والمبادرة إنما تأتي كلية من الله, كما يتضح من الفريضة العجيبة التي يختم بها الإصحاح. كانت المصادقة على الاتفاقات البشرية تتم أحياناً بمرور الطرفين المتعاهدين بين أجساد الحيوانات المذبوحة (إرميا34: 18 وما بعده). ويبدو أن هذا كان نوعاً من القسم القوي, كما لو يقال "هكذا يفعل به وبمواشيه من ينقض هذا القسم". أما في تكوين15 فإن الله فقط هو الذي يمر بين قطع تلك الذبائح, لأنه هو وحده الذي يقدم الوعد. وهذا يتضمن أنه وحده الذي يتحمل نتائج العهد إذا كسر أو نقض. وبعبارة أخرى يشير تقديم الذبائح, وستظهر كلها فيما بعد في ذبائح الشريعة الموسوية, إلى هذا الحق, وهو أن الله يقابل الإنسان ويعاهده على أساس ذبيحة عن الخطية, وهي ذبيحة يعدها الله. وفي تكوين17 يظهر إبراهيم كشخص قابل عهد الله, ويحصل على إمكانات وطاقات جديدة (تتمثل في اسمه الجديد) ويعلن موقفه كشخص مختار بسيره كاملاً أمام الله.
- عدد الزيارات: 1864