Skip to main content

فكر المسيح عن العهد القديم

إن كنا نؤمن حقاً أن يسوع المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد فلا بد إذاً أن نقبل تعليمه. وهذا معناه أنه يجب أن نقبل تعليم العهد الجديد أيضاً لأنه اُستعمل عنه نفس اللغة المشددة التي استعملها عن تعاليمه ذاتها. خذ مثلاً قوله في متى5: 18 "الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل". قارن هذا مع قوله في متى24: 35 "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول". ويلاحظ مثلاً أن المسيح لم يسند كلامه قط باقتباسات من الربين (معلمي اليهود) (متى7: 28, 29) لكنه اقتبس مراراً وتكراراً من العهد القديم. وهو في الحقيقة لم يكتفِ بالإشارة إلى العهد القديم فقط, بل عاش يطلق حياته ويخضعها وفقاً لتعليمه. فلم نجده مثلاً يجادل مع المجرب ويحاوره, لكنه رفض أن يتمم ما طلبه بحجة واحدة هي "أنه مكتوب". وحتى لما حوّر الشيطان اقتباساً من العهد القديم وأساء تطبيقه, ظلّ المسيح يجيب بالمكتوب في الكتاب المقدس. ولم يكن موقفه إزاء الكتاب المقدس في البرية فريداً خاصاً, بل كان موقفه العام من الكتاب (قارن متى4: 1-11 مع متى26: 53-56).

إنما كان يهمه طبعاً, أن يفهم العهد القديم ويفسر على حقيقته. وقوله للفريسيين "اذهبوا وتعلموا ما هو..." (متى9: 13و 12: 3-5, 7و21: 42و22: 23-32) يدل على ذلك. وهو باعتباره ابن الله, له وحده الأهلية والمقدرة على أن يفسر تعليمه التفسير الصحيح بسلطانه الإلهي, كما فعل مثلاً في الموعظة على الجبل, وفي حديثه في الطريق إلى عمواس. وكان يرى أن القيمة العظمى للأسفار المقدسة هي في شهادتها له. فالمسيح إذاً هو المحور الذي يتركز عليه الكتاب المقدس (متى26: 53-56ولوقا4: 16-21و 18: 31-34و 24: 25-27و 44-47و يوحنا5: 38-40). وقد تبعه في ذالك كتاب العهد الجديد إتباعاً تاماً. وقد لخص الدكتور ج. أ. باكر موقفه هذا في القول "يمكن أن توصف خدمته كلها... بحق أنها كانت تأكيداً مطولاً متعدد النواحي لسلطان العهد القديم".

  • عدد الزيارات: 1569