دعوى الكتاب المقدس
ولنبدأ بما يدعيه الكتاب, فإنه من الغباء أن نقبل تعليمه عن الله والإنسان, وعن المسيح والروح القدس, وعن الخطية والصليب, دون أن نقبل تعليمه عن نفسه. إن الكتاب يعلن أنه قد نزل من السماء رأساً لكنه نزل عن طريق عقول الناس وأفكارهم. لكن هؤلاء الناس آمنوا أنهم تكلموا ما تكلموا به وكتبوه محصورين بقوة إلهية. مثلاً يقول داود "روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني" (2صموئيل23: 2) ويصرح إشعياء أن نطقه هو "كلام الرب" (اشعياء1: 10) ويبدأ عاموس عظته قائلاً "هكذا قال الرب" (عاموس1: 3) ويكتب بولس إلى أهل كورنثوس أن كل شخص روحي ينبغي أن يعترف بالسلطان الإلهي لكتاباته "فليَعلم ما أكتبه إليكم أنه وصايا الرب" (1كورنثوس14: 37). وفي فصول أخرى كما في رؤيا22: 6 مثلاً يتضح بصورة جلية أن كتبة الأسفار المقدسة ادعوا وحياً خاصاً وسلطاناً مباشراً لكتاباتهم (انظر 2تيموثاوس3: 6, 2بطرس1: 21).
وفضلاً عن ذلك فإن كل واحد منهم سلّم بما ادعاه الآخر. فقد اعتبر كتَّاب العهد القديم المتأخرون أن الأسفار الخمسة هي كلام الله (2ملوك14: 5, 6, نحميا8, دانيال9: 11-13) كما اعترف العهد الجديد بسلطان العهد القديم. ويتحدث بولس عن أسفار العهد القديم ويصفها بأنها "أقوال الله" (رومية3: 2) ويقتبس كاتب الرسالة إلى العبرانيين في عب3: 7 وما بعده فقرة طويلة من مزمور95 ويمهد لها بهذه الكلمات "كما يقول الروح القدس" ويصف بطرس رسائل بولس بكلمة "كُتُب" كما توصف كتب العهد القديم (2بطرس3: 15, 16) ويفهم من كلام بولس في 1تيموثاوس5: 18 أن سفر التثنية25: 4 ولوقا10: 7 هما أسفار مقدسة تعرف "بالكتاب".
هذه كلها حقائق هامة خطيرة في ذاتها, لكن مرجعنا الأخير فيها كما في غيرها هو فكر المسيح نفسه.
- عدد الزيارات: 1604