Skip to main content

أدلة نوال الميلاد الثاني

سألتني إحدى الأخوات مرة هذا السؤال "إذا نال شخص اختبار الميلاد الثاني فما هي الأدلة على نواله هذا الاختبار؟" وتوجد بعض علامات واضحة تؤكد للفرد حقيقة موقفه بإزاء هذا الاختبار.

1- الدليل الأول هو الاستناد على كلمة الله الواضحة:

يقول يوحنا الحبيب في كلمات صريحة "من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه. من لا يصدق الله فقد جعله كاذباً لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه" (1يو 5: 10).

فنحن قد خلصنا بالإيمان  في كلمة الله "الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو 10: 17) وعلى هذه الكلمة نحن نؤسس يقيننا بالخلاص فقد قال لنا السيد بفمه المبارك، "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16) فإذا صدقنا كلمات السيد نلنا ذات الاختبار. فقد شهد ربنا عن كلمته بالقول "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" (مرقس 13: 31).

الكمبيالة الإلهية

حدثتنا مرسلة أمريكية عن شاب اسمه إدوارد روبنسون نبت في عائلة مسيحية، كان كل أفرادها يتمتعون باختبار حي، ما عدا هو. وكانت أمه التقية تلح عليه أن يكرس نفسه للمسيح ليصير خادماً له، ولكن الشاب كان يشعر في أعماق قلبه أنه لم ينل بعد اختبار الميلاد الثاني، رغم أدبه وأخلاقه وتدينه الظاهري وكان يتوق إلى نوال هذا الاختبار..... وتحت إلحاح والدته التحق بكلية اللاهوت ليصير قسيساً، وفي يوم ما طلب منه أستاذ علم التفسير أن يقوم بتفسير الأصحاح الثالث من إنجيل يوحنا، وأخذ الشاب كتبه ومضى إلى البيت، ودخل غرفته وشرع في تفسير الأصحاح الثمين، واسترعت انتباهه كلمات الرب لنيقوديموس وأثارت تفكيره، واستمر الشاب يكتب مذكراته عن الأصحاح إلى أن وصل إلى العدد السادس عشر وشرع في قراءته بتأمل "لأنه هكذا أحب الله العالم" وكتب الشاب في مذكراته، إن هذه الكلمات ترينا أنه بهذا المقدار الهائل أحب الله العالم.... العالم الأثيم.... عالم البشر..... العالم وكل واحد فيه.... وسار في دراسته "حتى بذل ابنه الوحيد"، وكتب الشاب في مذكراته "يا للمحبة العظمى الباذلة المضحية التي أعطت رب المجد نفسه على الصليب"، وألقى الشاب بالقلم وراح يتأمل في خشوع هذه الكلمات "الله بذل ابنه الوحيد" وجاء إلى ذهنه هذا السؤال "لأجل من؟" "لكي لا يهلك كل من يؤمن به". وفجأة خطر له خاطر فأمسك بقلمه وكتب الآية بهذا الوضع "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك ادوارد روبرتسون بل تكون له الحياة الأبدية" وأشرق النور على قلبه في الحال، فقفز من مقعده في فرح، ثم ركع على ركبتيه وهو يقول- "يا لبساطة الخلاص يا سيدي، ومع ذلك فما كان أغباني، لقد وثقت في كلمتك وصدقت إنني أصبحت الآن ابناً لك". وقام من صلاته يقفز ويهتف بصوت عال "أنا الآن من أبناء الله وفي يدي الكمبيالة الإلهية" وسمعت والدته صوته في الغرفة فأسرعت إليه تسأله عن ما حدث، فنظر إليها وهو يقول "لقد أعطاني الله كمبيالة على نفسه يا أماه.... وكتب لي فيها إني خلصت بالإيمان" اسمعي يا أماه "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك ادوارد روبرتسون بل تكون له الحياة الأبدية" أنا قد تجددت يا أماه.....

أكرر لك كلمات المسيح "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول".... فهل تثق في الكمبيالة الإلهية؟ هذا هو الدليل الأول على نوالك للميلاد الثاني.

2- الدليل الثاني هو شهادة روح الله:

يكتب بولس الرسول صاحب اليقين الكامل قائلاً "الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله" (رو 8: 16)، ويقول يوحنا رسول المحبة المتدفقة "من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه" (1يو 5: 10) ومن هاتين الآيتين نرى أن الشخص المولود من الله عنده في نفسه شهادة روح الله، فالروح القدس يهمس في أذنه بموسيقى المسرة والقيادة والإرشاد "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله. إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رومية 8: 14 و15).

وشهادة روح الله حقيقة اختبارية لا يدركها إلا الذين نالوها واختبروها في حياتهم اختباراً حياً واضحاً، والروح القدس في المؤمن هو روح التبني الذي به يقدر أن يهتف لله العظيم قائلاً "يا أبا الآب" أو بعبارة أخرى "يا بابا الآب"

هذا أبي

في حفلة تنصيب "اللورد  تشلسفورد" محافظاً لمنطقة "برسين" دخل اللورد تحيط به مظاهر الفخامة، وكان يرتدي ملابس "وندسور" الرسمية، وبعد انتهاء الحفلة وأداء اليمين، وقف المحافظ العظيم يتحدث إلى الجمهور في قوة، وبينما كان يلقى خطابه إذا بصوت طفلة صغيرة يرتفع بالقول "آه هذا بابا"، وكان هذا الصوت، هو صوت أصغر الأطفال "اللورد تشلسفورد" لم تكن الطفلة قد رأت أباها أبداً في ملابسه الرسمية، فلما رأته فرحت جداً، ولم تعبأ بأي مظهر، بل هتفت "هذا بابا"، وهذا هو ما يتمتع به الشخص المولود من الله، فهو لا يخاف من الاقتراب من الآب السماوي، ولا يرتعب من محضره، ولكنه يصرخ إليه بالروح القدس قائلاً "يا بابا الآب" نعم إنه عندئذ فقط يقدر أن يصلي مع جمهور المفديين قائلاً "أبانا الذي في السموات" لأنه يتمتع بروح التبني المجيد.

فهل لك شهادة الروح القدس يا صديقي القارئ العزيز، هنيئاً لك اختبارك الحي.

3- الدليل الثالث التمتع بالرجاء الحي:

لنسمع حديث بطرس الرسول وهو يتحدث عن هذا الدليل الأكيد فيقول "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم" (1بط 1: 3-4).

فقبل أن ينال الفرد هذا الاختبار الأكيد، يحيا بالرجاء الميت، فيكون حاله كحال ذلك الغني الغبي الذي أخصبت كورته فقال "ماذا أعمل؟ أهدم مخازني وأبني أعظم منها وأجمع هناك جميع أثماري وأقول لنفسي كلي واشربي وافرحي عندك خيرات كثيرة مخزونة لسنين عديدة" وإذا بصوت الله يناديه من الأعالي "يا غبي في هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي أعددتها لمن تكون" كل رجاؤه في الأشياء الأرضية فتهدم هذا الرجاء، بني آماله على الرمال، فانهارت الرمال وكان سقوطه عظيماً.

أما المؤمن المولود من الله فهو يتمتع برجاء حي لا يموت كما يقول يوحنا الرسول "الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو- وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر" (1يو 3: 2 و3).

هذا هو الرجاء الذي ملأ قلب إبراهيم فتغرب في خيام، وملأ قلب موسى "فأبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر إلى المجازاة" (عب 11: 24-26).

وملأ قلب بولس فهتف "أنا عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم " لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً" بل هذا هو الرجاء الذي كتب عنه رسول العبرانيين قائلاً "حتى بأمرين عديمي التغير لا يمكن أن الله يكذب فيهما تكون لنا تعزية قوية نحن الذين التجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا الذي هو كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة تدخل إلى ما داخل الحجاب" (عب 6: 18 و19) فهل تتمتع بهذا الرجاء المبارك؟!

4- الدليل  الرابع هو الطاعة الكاملة لله:

يكتب يوحنا الرسول في رسالته الأولى هذه الكلمات اللامعة "بهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب وليس الحق فيه وأما من حفظ كلمته فحقاً في هذا قد تكملت محبة الله. بهذا نعرف أننا فيه" (1يو 2: 4 و5) .

وهذه الكلمات ترينا أن الطاعة الكاملة للرب هي دليل معرفتنا به. بل هي دليل نوالنا هذا الاختبار الثمين اختبار الميلاد الثاني.

طاعة الملائكة وطاعة المسيحي المتجدد

وعظت إحدى المرسلات مرة عن الآية القائلة "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" (مت 6: 10) قالت "هل تعلمون كيف تنفذ مشيئة الله في السماء؟ إنه يقول لجبرائيل اذهب وكلم دانيال. فلا يسأل ولا يتلكأ وإنما يطير بأجنحته في الحال لتنفيذ مشيئة الله.... ثم يقول لميخائيل أن يذهب في مهمة صعبة فلا يتردد ميخائيل بل يطير في سرعة وسرور منفذاً مشيئة الله.... فإذا صلينا "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" فلنخضع لمشيئة الله وننفذها بالسرعة التي ينفذها بها ملائكة السماء" وبهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه.

عندما تقابل الرب مع شاول في طريق دمشق ناداه قائلاً "شاول شاول لماذا تضطهدني؟" عندئذ عرف شاول الرب فقال وهو مرتعد ومتحير "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟" وبعدئذ قام وذهب إلى حنانيا كما أمره الرب، ولما قابله حنانيا قال له "قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس" "والآن لماذا تتوانى قم واعتمد واغسل خطاياك داعياً باسم الرب" (أعمال 12: 16) لم يبطئ شاول أو يتوانى في تنفيذ مشيئة الرب، ولكن الكتاب يقول "أبصر في الحال وقام واعتمد" (أعمال 9: 18) وتمم إرادة السيد الذي قال "من آمن واعتمد خلص" (مرقس 16: 16).

فهل تطيع الرب في تنفيذ فريضة المعمودية بعد الإيمان؟ وفي الخضوع لمشيئته في رد المغتصب؟ والاعتراف للذين أسأت إليهم؟ إن الطاعة هي الدليل الأكبر على نوال الميلاد الثاني.

والطاعة للرب تستلزم دراسة دائمة للكلمة المقدسة، التي تعلن مشيئة الرب كما يقول السيد "إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم تكلم أنا من نفسي" (يوحنا 7: 17) وتعليم الله موجود في الكتاب المقدس كقول بولس "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البر" (2 تي 3: 16) وكما يقول صاحب المزامير "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" وكما يقول بطرس الرسول "وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسناً لو انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم" (2بط 1: 19).

وقد وعد الله أن يهب الروح القدس لأولاده لإرشادهم إلى الحق الكامل في الكلمة المقدسة فينفتح أمامهم الكتاب المقدس الذي كان لغزاً مغلقاً، ويرفضوا تعاليم وتقاليد الناس، ويوماً بعد الآخر يغمرهم النور ويشرق أمامهم السبيل "لأن سبيل الصديقين كنور مشرق يتزايد وينير إلى النهار الكامل" (أمثال 4: 18).

"إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" فلنسلك في طاعة الرب، وفي نور الكلمة يوماً بعد الآخر، فبهذا نعرف أننا فيه.

5- الدليل الخامس هو العبادة الصحيحة للرب:

قال السيد له المجد في حديثه مع المرأة السامرية "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو 4: 24),

فإذا كنت قد نلت هذا الاختبار المجيد، فإنك لن ترتاح لعبادة الله عبادة ميكانيكية، ولن تستمر في ديانة الطقوس والفرائض والتقاليد، ولا في الديانة الصورية التي لا حياة فيها، إنك سوف تطير بأجنحة النعمة في عالم جديد، وتتعبد لله "بالروح والحق" "لأن الله طالب مثل هؤلاء الساجدين".

فلنتأمل نعمان السرياني قبل أن يغطس في ماء الأردن، ولنراه بعد أن غطس في النهر وقد طلع من الماء بعد أن ولد من جديد روحياً وجسدياً "فصار لحمه كلحم صبي صغير وطهر" (2مل 5: 14) ولكنه بعد أن خرج لم يذهب إلى بيته بل عاد إلى أليشع وقال له "هوذا قد عرفت أنه ليس إله في كل الأرض إلا في إسرائيل.... أما يعطى لعبدك حمل بغلين من التراب لأنه لا يقرب بعد عبدك محرقة ولا ذبيحة لآلهة أخرى بل للرب" (2 مل 5: 15 و17) لقد بدأت حياة نعمان تتغير، فترك عبادة الأوثان، والسجود في هيكل ومون وبدأ في عبادة الرب وبالروح والحق.

فهل أنت متجدد أيها القارئ؟! هل تعبد الرب عن طريق الطقوس والعبادة التي لا حياة فيها؟ أم تعبده بالروح والحق؟!

لقد سألت السامرية الرب قائلة "آباؤنا سجدوا في هذا الجيل وأنتم تقولون إن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه. قال لها يسوع يا امرأة صدقيني إنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب.... ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو 4: 20-24).

وهكذا أراها الرب أن عصر الطقوس، وعبادات الأماكن قد انتهى، وبدأ عصر جديد هو عصر العبادة بالروح والحق، لأجل هذا قال بولس لرجال أثينا وهو يحدثهم عن الله "الذي تتقونه وأنتم تجهلونه هذا أنا أنادي لكم به. الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا إذ هو رب السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي ولا يخدم بأيادي الناس" (أعمال 17: 23-25) وبهذا الكلام قادهم إلى الروح الأزلي الذي يطلب عبادة الأرواح، ولهذا أيضاً ينادي الرسول جماعة المؤمنين قائلاً "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا.... فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقاً كرسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أي جسده وكاهن عظيم على بيت الله لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي لنتمسك بإقرار الرجاء راسخاً لأن الذي وعد هو أمين" (عب 9: 24، 10: 19-23).

هذه هي عبادة العهد الجديد، ليست في هياكل مصنوعة بأيادي، بل في السماء عينها، في الأقداس التي دخل إليها يسوع كسابق لأجلنا لأنه "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أفسس 2: 4).

6- الدليل السادس هو دليل الحياة المتغيرة:

والحياة المتغيرة هي خير دليل على نوال هذا الاختبار، فما من شخص نال هذا الاختبار إلا وتغيرت حياته تغيراً ظاهراً واضحاً ملموساً، فمجنون كورة الجدريين بعد أن كان مسكنه القبور، وبعد أن كان يصيح ويجرح نفسه بالحجارة. ولم يقدر أحد أن يربطه ولا بسلاسل تغير تماماً بعد مقابلته للرب ورآه الناس "جالساً ولابساً وعاقلاً" (مرقس 5: 15) وهذا ينطبق على كلمات الرسول الجليل "إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً" (2كو 5: 17)

وكم من أناس ظهرت فيهم ثمار الميلاد الثاني في سرعة ملفتة للنظر، فكانوا سبباً في مجد الله القدوس.

تجدد في مدينة ملوى بضعة شبان، وفي الحال عزموا على إبطال التدخين وسلموني علب "سجائرهم" وظهرت ثمار الحياة الجديدة فيهم.

ورأيت سيدة في القاهرة يتغير شكلها بصورة واضحة بعد نوالها هذا الاختبار الثمين....

فهل حياتك متغيرة؟ هل أبطلت التدخين، والخمر، والنجاسة والشتم والحلف، والعادات الرديئة وأزياء العالم الخليعة، والأصباغ التي تظهر الذات؟؟ والتجارة في السوق السوداء؟ والحقد وعدم الغفران؟ إن الحياة المتغيرة هي دليل نوال الاختبار.

سر تشانج مي

وهذه قصة واقعية ترينا صدق هذه الحقيقة، وقد نقلتها سيدة كريمة من اللغة الإنجليزية "عاد المدعو "لي" إلى منزله وهو متعب من عناء العمل طول النهار، وكان يقول في نفسه وهو في طريقه إلى البيت "يا ليت زوجتي تعتني بالمنزل، وتجهز لي طعاماً شهياً للعشاء.... ولكن أين لي ذلك؟! إنها تقضي معظم وقتها في لعب الورق وشرب الخمر...." وانقطع الرجل عن تفكيره عندما اقترب إلى باب منزله، وعندما وصل هناك لاحظ شيئاً غير عادي، فقد وجد زوجته تنتظره وهي مبتسمة الوجه، وعلى غير عادتها بادرت بتحيته، وخاطبته بلهجة جديدة، استرعت انتباه الزوج المتعجب المشدوه...

ودخل "لي" إلى المنزل فلاحظ فيه تغييراً كبيراً، رأى المنزل نظيفاً، ووجد إبريق ماء ساخن. فسأل زوجته- "هل هذا الماء الساخن لغسل رجلي؟" أجابته الزوجة- "نعم يا زوجي العزيز، وقد جهزت لك عشاء من السمك اللذيذ" تناول الرجل طعام العشاء ثم التفت إلى زوجته قائلاً "ماذا حدث لك؟ لقد تغيرت جداً؟! فابتسمت الزوجة ولم تعطه جواباً.

استيقظ الرجل في صباح اليوم التالي، ولأول مرة في حياته وجد أنها قد أعدت له الشاي وطعام الإفطار، فسألها قائلاً "هل استيقظت مبكرة وعملت لي هذا الطعام اللذيذ؟....إن هذا لم يحدث منذ يوم زواجنا"

ولكن –مي- لم تجبه....

وخرج "لي" إلى عمله وهو يفكر في نفسه قائلاً "حقاً إن زوجتي قد تغيرت تغيراً مباركاً وليته يدوم طويلاً. وعندما عاد من عمله في المساء، قابلته زوجته للمرة الثانية ببشاشة وإخلاص، ودخل فوجد الماء الساخن والعشاء الفاخر والمعاملة التي لم تحدث قط من زوجته في الأيام القديمة.

سألها "ما هذا التغيير الذي أصاب حياتك؟" ولكن المرأة لم تجب.....

راقبها "لي" ولاحظ أنها لا تدخن، ولا تسكر، ولا تعلب الورق، وبدأت تعتني بيتها عناية فائقة.

ذهب "لي" إلى أصدقائه وأخبرهم عن التغيير العجيب الذي حدث في حياة زوجته، وكيف أنها قد أبطلت الشجار، فأصبح بيته هادئاً غاية الهدوء.

وظل الرجل يسأل زوجته عن سر تغييرها وهي لا تجيب إلا بالصمت والخدمة. وفي مساء يوم ما، قال لها "إنني لن أتناول عشائي إلا إذا قلت لي عن السر في هذا التغيير الذي أصابك.....إنني أريد أن أعرف وأصدقائي أيضاً يريدون أن يعرفوا، حتى يستطيعوا أن يساعدوا زوجاتهم ليتغيرن أيضاً ويصرن مثلك....".

قالت تشانج مي- "عدني أولاً إنك لا تضربني لأنك ربما تنزعج إذا أخبرتك عن السبب؟"

قال "لي" "أضربك؟ كيف أضربك وأنت تعاملينني هذه المعاملة الحسنة، كلا إنني لن أسيء إليك".

قالت " لقد ذهبت إلى الكنيسة التي في المدينة يوم الأحد، وقبلت الرب يسوع المسيح كمخلص لي، وأنا أؤمن بيسوع الآن، وهو ربي ومخلصي، وقد غفر لي كل خطاياي، وأعطاني نصرة على التدخين والخمر ولعب الورق..... وهكذا ترى أنه جعلني زوجة مباركة".

فلما سمع الزوج اعتراف زوجته تهيج جداً، وذهب إلى الحديقة ليفكر في الأمر وقال في نفسه "إنني أكره المبشرين، وكذلك أصدقائي يكرهونهم، ولكن هؤلاء المبشرين هم السبب في تغيير حياة زوجتي، وأنا لا أريد أن تعود زوجتي إلى حياتها القديمة مرة ثانية.... والآن كيف أتصرف وماذا أعمل؟!"

في هذا الوقت كانت "تشانج مي" في البيت تصلي بحرارة للرب حتى يرشد زوجها المخلص، ويهبه إيماناً به، ويحفظها من ضريه ومعاملته الشديدة- صلت فترة طويلة، مع أنها كانت حديثة في حياة الإيمان، ووثقت في أن الرب سوف يرتب كل شيء....

وعاد- لي- بعد مدة وقال لزوجته "اسمعي يا زوجتي العزيزة، إذا كان الرب يسوع الذي تقولين عنه قد غير حياتك، فأنا لن أؤذيك، ولن يهمني ما يقولوه عني أصدقائي، ولن أعبأ بتهكمكم، ولن أبالي باستهزائهم... إن غداً هو يوم الأحد، وسأذهب معك إلى الكنيسة لأسمع عن هذا المخلص العجيب".

وفي الصباح ذهب لي، مع تشانج مي إلى الكنيسة، وقد ابتهج المرسلون برؤيتهما وسمع الرجل الرسالة، وبعد وقت قبل المسيح مخلصاً وبعد ستة أشهر اعتمد بالماء هو وزوجته وصارا بركة للكثيرين.

فهل نلت هذا التغيير العجيب؟...إن الحياة المتغيرة هي دليل الميلاد الثاني.

7- الدليل السابع هو حياة الخدمة المضحية:

إن الشخص الذي ينال اختبار الميلاد الثاني، تظهر في حياته ثمار هذا الاختبار، ونحن نجد أن أهم ما يظهر فيه، خدمته وتضحيته لأجل الرب، فهو يخدم بالشهادة الصريحة، ويخدم بالتضحية بالمال والجهد والوقت، وفي كل الكتاب نجد هذه العلامة واضحة كل الوضوح.

فنقرأ عن الذين تجددوا في الكنيسة الأولى هذه الكلمات "كان عندهم كل شيء مشتركاً والأملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج" (أع 2: 44 و45).

ونقرأ عن ليدية بعد تجديدها هذه الكلمات "فلما اعتمدت هي وأهل بيتها طلبت قائلة إن كنتم قد حكمتم إني مؤمنة بالرب فادخلوا بيتي وأمكثوا فألزمتنا" (أع 16: 15).

ونقرأ عن حافظ السجن بعد تجديده أنه أخذ بولس وسيلاً "ولما أصعدهما إلى بيته قدم لهما مائدة وتهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله" (أع 16: 24) وهكذا بدت التضحية بالمال لأجل خدام الله وملكوت الله واضحة في حياة أولئك الذين تجددوا.

ومع التضحية بالمال، ظهرت الحياة الشاهدة للمسيح، فنقرأ في سفر الأعمال "فتشتت الجميع في كور اليهودية والسامرة ما عدا الرسل "فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة" (أع 8: 1 و4)

وفي الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا نقرأ عن اندرواس هذه الكلمات "اندراوس وجد أولاً أخاه سمعان فقال له وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح فجاء به إلى يسوع" (يو 1: 41).

ونقرأ كذلك عن فيلبس أنه وجد نثنائيل وقال له "وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع بن يوسف الذي من الناصرة فقال له نثنائيل أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح... قال له فيلبس تعال وانظر" (يو 1: 45 و46) وهكذا جاء به أيضاً إلى يسوع.

فهل تشهد للرب في حياتك؟ هل أوصلت الرسالة لزوجتك وأولادك وأصدقائك؟ هل شعارك كشعار المرنم القديم "أتكلم بشهاداتك قدام ملوك ولا أخزى" هذا هو الدليل على نوالك اختبار الميلاد الثاني "لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص" (رو 10: 9 و10) كما يقول الكتاب "آمنت لذلك تكلمت نحن أيضاً نؤمن لذلك نتكلم أيضاً" (2كو 4: 13) وكما يقول في موضع آخر "فإذ نحن عالمون مخافة الرب نقنع الناس" (2كو 5: 11)

خدمة مستر جلمور

حدثنا واعظ معروف عن رجل اسمه مستر جلمور يعيش في أمريكا ويملك مئات الألوف من الدولارات، وضع هذا الرجل لافتة في غرفة مكتبه وقد كتب عليها هذه العبارة "ليس كم من مالي أعطي أنا للرب بل كم من مال الرب يسمح لي أن استخدمه". وهذا الرجل التقي يعطي أكثر من تسعين في المائة من دخله لخدمة الله! وقد وضع ثلاث طيارات تحت تصرف الخدام، لتنقلهم مجاناً في رحلاتهم التبشيرية، وهو يقوم بالتبشير ستة شهور في السنة بنفسه تاركاً أعماله لوكلائه.... هذا مثال حي لأولئك الذين ولدوا من الله، فظهرت في حياتهم الخدمة المضحية.

مستلزمات الخدمة

وعلى جوار هذه الصورة الحية، يجب أن نذكر خدمة بولس الرسول ذلك الرجل المجاهد الذي كان شعاره "لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله" (أع 20: 24).

وخدمة تلك التلميذة القديسة "طابيثا" التي "كانت ممتلئة أعمالاً صالحة وإحسانات كانت تعملها" (أع 9: 36)، وخدمة وليم كاري مرسل الهند العظيم الذي جعل برنامج خدمته في ثلاث كلمات كبرى هي "فكر أفكار عظيمة لأجل الله، انتظر أشياء عظيمة من الله، أعمل أعمال عظيمة لمجد الله"، ومع وليم كاري نذكر هدسن تيلور مؤسس إرسالية الصين الداخلية، وتشارلس فني وجورج هويتفلد وبيتر كارتريت، ودانيال وارنر، وجون وسلي، فكل هؤلاء قد ظهرت الخدمة في حياتهم لمجد الله وكرامة اسمه. ويجب أن لا ننسى ونحن بصدد الحديث عن الخدمة، أن الخدمة لها مستلزمات كثيرة حتى تكون خدمة ناجحة ومباركة ومؤثرة في ربح النفوس للفادي الكريم.

وأول مستلزمات الخدمة التكريس الكلي للرب، فالرب لا يستخدم إناء غير مكرس، لذلك كتب الرسول لتلميذه تيموثاوس يقول "فإن طهر أحد نفسه من هذه يكون إناء للكرامة مقدساً نافعاً للسيد مستعداً لكل عمل صالح" (2تي 2: 21) ومع التكريس يجب أن تكون هناك حياة الصلاة، فالصلاة هي الطريق السلطاني لربح النفوس، ومع الصلاة ينبغي أن تكون هناك دراسة دائمة للكتاب المقدس، فالفلاح الذي يخرج إلى الحقل بلا بذار، لا يمكن أن يزرع شيئاً أو أن يحصد شيئاً، والبذار هي كلمة الله، وإلى جوار دراسة الكتاب يجب أن يتحلى المؤمن بالوداعة والتواضع إن أراد أن ينجح في خدمة سيده الذي قال "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب"، وفوق هذا كله يجب أن يتحرر المؤمن من محبة الله كلية، لأنه "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين الله والمال" كما أن المؤمن الخادم يحتاج إلى أن تضرم في قلبه المحبة للنفوس والرغبة الشديدة في ربحها للسيد، فيحس بالحزن والوجع والألم لأجل النفوس الهالكة. فيكون لسان حاله كلام أرمياء " يا ليت رأسي ماء وعيني ينبوع دموع لأبكي نهاراً وليلاً قتلى بنت شعبي"، والصفة الأخيرة والضرورية جداً، هي ضرورة نوال معمودية الروح القدس، لأنها الوسيلة الفعالة في ربح النفوس للمسيح، وفي إعطاء المؤمن روح الشجاعة والجرأة في الشهادة، فيوبخ الخطية في محبة ولكن بلا خوف، ويشهد للسيد في قوة الروح القدس، والخدمة الناجحة هي الخدمة الممسوحة بروح الله كما يقول السيد ذاته "لا بالقوة ولا بالقدرة ولكن بروحي يقول رب الجنود".

لقد كانت هذه الصفات مجتمعة في شخصية دويت لايمان مودي الرجل الذي ربح الألوف للمسيح، فإن أردنا خدمة ناجحة فلا بد أن نطبق هذه الشروط على حياتنا، ولنذكر كلمات الرسول التي خاطب بها القديسين في كورنثوس قائلاً "إذاً يا إخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب" (1كو 15: 58)، بل لنذكر لحنه الأخير الذي وقعه على أوتار قيثارة حياته حين قال "فإني أنا الآن اسكب سكيباً ووقت انحلالي قد حضر قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان، وأخيراً وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل" (2تي 4: 6-8)

هذه هي حياة الخدمة، وهي دليل نوالك هذا الاختبار الثمين.

وأخيراً

ما هو موقفك أيها القارئ الكريم؟! هل نلت هذا الاختبار المجيد؟ أذكر كلمات السيد التي مازال يتردد صداها في القرن العشرين "الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله". فهيا انحنِ الآن تحت الصليب في توبة صادقة، وإيمان كامل، وأطلب أن يهبك الرب هذا الاختبار، لتسمع صوته يتردد في جنبات قلبك كما تردد للرسل الأولين عندما قال لهم "افرحوا بالحرى أن أسماءكم كتبت في السموات" (لوقا 10: 20).

وهكذا تضمن لنفسك مكاناً في بيت الآب.

  • عدد الزيارات: 3018