Skip to main content

الشعور بالطمأنينة

إن أهم ما يخلقه الإيمان بحقيقة التجسد في الحياة الشخصية هو الشعور بالطمأنينة، فعندما يحس الإنسان أن الله قد جاء إلى أرضنا في صورة بشر وأنه اجتاز آلامنا، وجرب بذات تجاربنا يقترب إليه

وهو واثق بأنه يرثي لضعفاته وآلامه.

إن كثيرين من أولاد الله الأحباء ينسون الناحية الإنسانية في المسيح، ينسون أنه "إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما" (عب 2: 14)، ينسون أن اللقب الذي أحبه المسيح وردده مراراً في أيام جسده هو لقب "ابن الإنسان" (لو 19: 10، مت16: 27، 28، مت 8: 20) نعم فقد كان المسيح إنساناً كاملاً "مجرباً في كل شيء مثلنا بلا خطية" (عب 4: 15) فتعب (يو 4: 6)، وعطش (يو 19: 28)، وبكى (يو 11: 35)، وحزن (مت 26: 38) وجاز معركة الحرب ضد إبليس على رمال البرية المحرقة (مت 4) فقد جاءه الشيطان في لحظة الجوع والأعياء وقال له أن يصنع من الحجارة خبزاً لكي يشبع بطنه الجائعة، ومع أن يسوع كان في حالة الجوع المضني فهو لم يشأ أن يفعل ذلك، لأنه لم يرض أن يسمع لصوت الشيطان. كذلك حاول الشيطان إغراءه عن طريق اختيار السبيل السهل فقال له أن يسجد له ليعطيه ممالك العالم، لكن المسيح طعنه بالمكتوب قائلاً "مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" وأخيراً حاول إسقاطه عن طريق تجربة الله فقال له "مكتوب لا تجرب الرب إلهك" نعم انتصر سيدنا لأنه "خرج غالباً ولكي يغلب" وهو بهذه النصرة يعطينا الشعور بالطمأنينة إذ نعرف أنه كإنسان جاز المعركة قبلنا وبقوته نقدر نحن أن نجتاز الحرب ضد قوات الظلام في ظفر ونصرة وسلام.

تقابل مرسل في بلاد الصين مع شاب صيني، وبينما هما يمران في الطريق مرا على تمثال لبوذا، فأشار الشاب إلى التمثال وقال للمرسل- أترى هذه الابتسامة الساخرة المتهكمة على فم بوذا؟ يا له من إله قادر، أما إلهكم أنتم يا معشر المسيحيين فهو إله متألم جاز آلام الحياة، وأخيراً مات مصلوباً على صليب" قال المرسل للشاب في هدوء ودعة "أيها الصديق الشاب، عندما تحيط بك أحزان الحياة، وتحس أنك وحيد في معركة الأرض، ويضني جسدك المرض، ويخونك الأصدقاء، ويتألب عليك الأعداء.... إنك عندئذ تحتاج إلى إله يرثى لضعفاتك، ويعرف ظروفك، ويقدر أن يعين المجربين، لأن ابتسامة بوذا الساخرة لا تقدر أن تجبر قلباً كسيراً.... أما إلهنا فمكتوب عنه "لأنه في ما هو قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين" (عب 2: 18).

فيا صديقي المتألم في ظروف أحزانك، ويا أختي المتألمة في سرير مرضك، ويا أيها الفاشل في حياتك كونوا "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش الله فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم" (عب 12: 2، 3).

وأختتم بهذه الكلمات الجليلة التي كتبها القس هنري هوايتمان الانجليزي يصف فيها رجل القرن العشرين فقال "إنه يستطيع أن يطوف بالكرة الأرضية.... ويقتل الناس الذين يعيشون على بعد أميال منه، ويزن الكواكب ويحدد أماكنها، ويخرج البترول من باطن الأرض ويطبع ملايين النسخ من الصحف اليومية ويجعل الدجاجة تبيض 365 بيضة في السنة والكلاب تدخن "البيبة" وكلب البحر يلعب بكرة الماء.... وهذا الرجل العجيب إذا رأى خمسة أرغفة وسمكتين، وخمسة جياع وطفلين فقيرين، فإنه يعقد مؤتمراً ويشكل لجنة كبرى وبعض اللجان الصغيرة، ويدعو إلى عملية انتخابات حرة.... ثم يصرخ بأعلى صوته أن هناك أزمة شديدة تواجهه... وهو يضع تعليمات لا حصر لها ثم يبتعد تاركاً الأشخاص الخمسة والطفلين جياعاً كما كانوا قبل تأليف المؤتمر واللجان.

"هذا هو رجل القرن العشرين، أما يسوع الرب المجيد، فإنه عندما يرى الجموع يتحنن قلبه الكبير، فيمسك بالأرغفة الخمسة والسمكتين بين يديه المباركتين ويطعم الجماهير".

فهل تقبله اليوم مخلصاً لك وغافراً لخطاياك، ومعطياً إياك قوة للحياة الغالية؟ إنك عندئذ ستسمع صوته الحنون يرن كالموسيقى في أرجاء قلبك "يا بني مغفورة لك خطاياك إيمانك قد خلصك" عندئذ تمتلئ من روح الله وتهتف قائلاً "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" لأنه "لا يقدر أحد أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس" 1كو 12: 3).

  • عدد الزيارات: 2652