دليل من كتابات رجل من رجال الله
من بين الرجال الذين خدموا جيلهم بمشورة الله، رجل اسمه مستر بوردمان سجل ذلك الرجل في كتاب له هذه الكلمات التي توضح عقيدة التثليث قال: إن الآب هو ملء اللاهوت الغير المنظور "الله
لم يره أحد قط" (يو 1: 18) والابن هو ملء اللاهوت متجسداً "الكلمة صار جسداً" (يو 1: 14) "لأنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كولوسي 2: 9) والروح القدس هو ملء اللاهوت عاملاً في حياة البشر "بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم تخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه.... فأعلنه الله لنا نحن بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (1كو 1: 9 و10).
لأجل هذه الأدلة المنطقية والحسية أنا أؤمن بعقيدة التثليث.
الكلمة الثالثة: أنا أؤمن بعقيدة التثليث على أساس الحياة الاختيارية.
جاء لزيارتي في يوم ما رجل اسمه مستر نلسون كان يرافق فتاة أجنبية يغلب أنها يونانية.... قلت له- ما مذهبك يا مستر نلسون؟ قال"أنا من شهود يهوه" قلت والآنسة التي ترافقك قال "هي إحدى الأخوات العاملات معنا" قلت: حسناً وماذا تبغيان من هذه الزيارة؟ قال "نتحدث في الأمور الروحية...." وبدأنا الحديث عن لاهوت المسيح وتثليث الأقانيم، وكان الرجل يعارضني بشدة ولباقة.... وبعد مدة من استمرار المناقشة. التفت إليه وقلت له اسمع يا مستر نلسون يوجد لغز يحيرني بخصوص عقيدة التثليث إن حللت لي هذا اللغز صدقت ما تقول....قال: "قل لغزك وأنا أحله لك".
قلت له- يوجد في التاريخ الحديث رجل اسمه جورج مولر كان يعتقد بالإله الواحد المثلث الأقانيم، هذا الرجل فتح ملجأ آوى فيه ألفاً من اليتامى، وكان يصلي لله متوسلاً باسم المسيح لكي يرسل طعاماً لأولئك اليتامى. ومع أن جورج مولر لم يطلب من أحد مليماً واحداً، لكن الله المثلث الأقانيم سمع صلاته فجمع الرجل في حياته مليوناً ونصف من الجنيهات دون أن يسأل مليماً من أحد، واستجاب له الله كل صلاة رفعها إليه. فكيف يسمع الله لرجل لا يؤمن به إيماناً حقيقياً!؟! وهل ترضى السماء أن تعطي لرجل يكفر بالإله الذي فيها لا عن طريق الدعاية، ولا عن طريق السوق السوداء بل عن طريق الإيمان بالصلاة والدعاء؟ وإلى جوار هذا، كيف يمكن أن تعلل إيمان أولئك الشهداء بل كيف يمكن أن تعلل شجاعتهم التي دفعتهم أن يرضوا بالسجن والموت والتشريد، بل دفعتهم بأن يصبحوا طعاماً للوحوش والأسود في سبيل هذه العقيدة وهم يستقبلون الموت فرحين مستبشرين.
أجبني عن سر استجابة صلوات أولئك الذين يؤمنون بالإله الواحد المثلث الأقانيم، وعن سر استشهاد أولئك الأبطال القدماء الذين آمنوا بذات الإيمان، وأنا أؤمن بما تنادي به من تعليم. ونظر الرجل إلى نظرة طويلة ثم قال "لعل الشيطان هو الذي أجاب صلاة جورج مولر، ولعله هو الذي غرر بأولئك المساكين".
وهنا نظرت إليه قائلاً "لقد انتهت المناقشة إلى هذا الحد، فهذا جواب العجز لا جواب الإقناع الصحيح".
على أساس الحياة الإختبارية أنا أؤمن بعقيدة التثليث:
نعم، فأولئك الذين آمنوا بها، قد تغيرت حياتهم وتجددت قلوبهم. واختبروا قوة الرب المجيد مخلصاً لهم من خطاياهم وغافراً لهم آثامهم، ومطهراً إياهم من أدرانهم.
فذلك الرجل بولس، الذي كان قبلاً مجدفاً على اسم المسيح الكريم، ومضطهداً لشعبه الوديع المتواضع، ومفترياً على أولاد وبنات الله، آمن بالمسيح الإله المتجسد، وركع تحت قدميه وهو اليهودي المدقق، وهتف له من قلبه "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟" اعترف العبراني بلاهوت المسيح، وسجد له وهو الذي يدري ويعرف كلمات الناموس "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك" (تث 6: 4) "أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" (خر 20: 2)، لكنه عندما أشرق عليه المشرق من العلاء بإعلانه السماوي، تغيرت حياته، وانتهى تجديفه، وانقلب المضطهد لشعب الله إلى مُضطهد لأجل عقيدته الجديدة، وانساب الحنان في القلب المفتري وأصبح قلباً مطهراً بدم الصليب.....وصارت لذة ذلك العبراني المجاهد أن يختم كلماته بالعبارة الجليلة "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم آمين"، بل أعلن في وضوح وصراحة أنه "يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح" (1تى 2: 5)، ذاك الذي أخذ صورة عبد وصار في شبه الناس إلا أنه فيه "سر أن يحل كل الملء" فهو الابن المبارك الذي أعلن محبة الآب في فدائه الكامل على الصليب، وهو الذي أرسل الروح القدس ليعلن للبشر مجد الفداء.
ومن الحسن أن نذكر في إيجاز بعض الآيات التي تظهر لنا عمل كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة، في حياة العالم، وفي حياة الكنيسة وفي حياة الفرد.
فالآب يعلن محبته للبشر. ويعزي المؤمنين بتعزيات فياضه، ويدبر حاجاتهم ويعتني بهم، ونحن نرى هذا كله وأكثر من هذا كله على صفحات الكلمة المقدسة، وسأكتفي بذكر القليل من الآيات التي ترينا عمل كل أقنوم على حدة، وسأبدأ بالكتابة عن أقنوم الآب السماوي القدوس. فقد أعلن الكتاب عن محبته للعالم في الآية الخالدة التي سجلها يوحنا في إنجيله "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16).
وأرانا الكتاب مع هذا كيف يعزي الآب أولاده في هذه الكلمات الجليلة "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفة وإله كل تعزية الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله" (2كو 1: 3، 4).
ثم أوضح لنا الكتاب عناية الآب بأبنائه ورعايته لهم في القول "فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس فإن هذه كلها تطلبها الأمم لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها، لكن أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (متى 6: 31-33) هذا هو الآب السماوي الرحيم الطيب في محبته للعالم الأثيم، وتعزيته لأولاده وعنايته بهم.
ولنأت الآن إلى إعلانات الكتاب الكريم عن عمل أقنوم الابن المبارك، فهو الفادي الوحيد للبشرية، وهو الوسيط الوحيد بين الله والناس، وهو الرفيق الدائم للقديسين في رحلة البرية.....
هو الفادي الوحيد للبشرية كما يسجل ذلك رسول الأمم إذ يقول "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته" (أفسس 1: 7).
وهو الوسيط والشفيع الوحيد بين الله والناس فنحن نقرأ عنه "فمن ثم يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (عب 7: 25).
"يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً" (1 يو 2: 1).
"لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح" (1تى 2: 5).
وهو الرفيق الدائم للقديسين في رحلة البرية إذ وعدهم ذلك الوعد الملكي الكريم "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20).
وحديثنا الآن يصل إلى الإعلانات الإلهية عن عمل الأقنوم الثالث من اللاهوت "الروح القدس" فهو الذي يبكت الخطاة على خطاياهم، وهو الذي يعلن للمؤمنين مكنونات العالم السماوي، وهو الذي يرشد القديسين ويقودهم في حياتهم اليومية.
هو الذي يبكت الخطاة على خطاياهم كم كما قال رب المجد "ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة" (يو 16: 8).
وهو الذي يعلن للمؤمنين مكنونات العالم السماوي، كما قال فيه رسول الجهاد "كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه فأعلنه الله لنا نحن بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله، ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله" (1كو 1: 9-12).
وهو الذي يرشد القديسين ويقودهم في حياتهم اليومية كما شهد عن ذلك سيدنا الكريم إذ قال للتلاميذ الأولين "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يو 16: 13)
هذه حقائق إلهية عن عمل كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة في الذات الإلهية، وأولاد الله يدركون هذه الأشياء في اختبارهم الشخصي فيحسون محبة الله، ويعرفون معنى الفداء. ويشعرون بقيادة الروح القدس..... لأجل هذا أؤمن بعقيدة التثليث لأنها تتفق مع الحياة الاختبارية.
- عدد الزيارات: 3190