السلم والحرب
من واجب المسيحيين المؤمنين أن ينشدوا السلام مع جميع البشر على مبادئ العدالة. وبمقتضى روح المسيح وتعاليمه، عليهم أن يعملوا بكل ما في طاقتهم على إنهاء الحرب.
إن العلاج الصحيح لروح الحرب هو إنجيل ربنا يسوع. فحاجة العالم الأساسية هي إلى قبول تعاليمه في ما يخص جميع شؤون البشر والأمم، وإلى تطبيق شريعة المحبة التي حمَل لواءها.
أشعياء 2: 4؛ متى 5: 9، 38- 48؛ 6: 33؛ 26: 52؛ لوقا 22: 36، 38؛ رومية 12: 18 و19؛ 13: 1- 7؛ 14: 19؛ عبرانيين 12: 14؛ يعقوب 4: 1 و2.
غني عن البيان أن السلام هو مطلب جميع البشر ذوي التفكير السليم. ومع ذلك ما تزال البشرية تواجه باستمرار الحرب أو خطرها. وقد أشار مؤخراً اثنان من مشاهير المؤرخين (وِل وآريال ديورانت Will & Ariel Durant) إلى أنه "من بين سني التاريخ المدون، والبالغة 3421، فقط 268 سنة لم تشهد حروباً". ولطالما تحدث الناس عن السلام العادل والدائم. عادل؟ ربما، أما دائم، فلا. فإن رئيس السلام نفسه قال إن "الحروب وأخبار الحروب" هي جزء من الحياة كما يعيشها الناس (متى 24: 6). والكتاب المقدس لا يُقدم أي رجاء بسلام دائم قبل يملك المسيح ويسود قلوب الناس والكون الذي له. وليس في هذا ما يدعو إلى تجاهل مشكلة الحرب، بل بالأحرى إلى الإقرار بكونها مشكلة دائمة.
نبوة أم شرط؟
أنشد الملائكة قائلين: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لوقا 2: 14). وعند قراءة هذه العبارة، تبدو لنا أشبه بنبوة عن السلام على الأرض. ولكن منطوق العبارة في النص اليوناني الأصلي يفيد المعنى التالي: "السلام على الأرض في الناس الذين نالوا رضى الله". وهكذا يتبين أن هذه العبارة هي شرطية أكثر منها نبوية، إذ توضح الظرف الذي فيه قد يسود السلام على الأرض. فلن يكون سلام بين الناس على الأرض قبل أن يكون المجد لله في الأعالي، إذ يخضع الناس لمشيئته تعالى من طريق الإيمان بابنه.
"مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ" (يعقوب 4: 1- 3). فلنلاحظ التدرج: الاشتهاء، ثم القتل- إذا لزم الأمر- في سبيل الامتلاك.
حربٌ في قلب الفرد؟ نعم. في وسط كنيسة من الكنائس؟ أجل. في النظام الاجتماعي؟ بلى، وفي الهيئة الاجتماعية الدولية أيضاً. فما دام في قلوب البشر شهوات وخطية، ستدوم الحروب. حقاً إنها لصورة قاتمة محزنة، ولكن الكتاب المقدس لا يُعطي لهذا الدهر غيرها.
إن المصالحة بين الإنسان والله يجب أن تسبق المصالحة بين الإنسان والإنسان. وعليه، فإن خط الهجوم الأول ضد الحرب، وأول جهد يبذله المسيحي المؤمن لتوطيد السلام على الأرض، يجب أن يبدأ في قلوب البشر.
المسيحي المؤمن والسلام
قال بولس: "إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" (رومية 12: 18). فمن الناس مَن لا يدعون الآخرين يسالمونهم. غير أن ما يصدر عن المسيحي المؤمن يجب أن يكون عاملاً على السلام. فسبب النزاع يجب ألا يصدر من حياة المؤمن على الإطلاق.
ينبغي أن يكون المسيحي المؤمن، في دخيلة نفسه، نصيراً للسلام. وعليه أن يبذل كل ما في وسعه لإشاعة السلام بين الناس والدول. ولابد له من أن يرى في إنجيل المسيح العلاج الناجع لروح الحروب.
وإدراكاً أن الناس لن يكونوا في سلام مع أنفسهم ما لم يصيروا في سلام مع الله، على المسيحيين المؤمنين أن يعيشوا الإنجيل ويكرزوا به للناس والعالم الواقعين في قبضة الشرير. وقد قال أحدهم مرة إن مُبشّراً واحداً هو قوة أعظم من سفينة حربية في سبيل قضية السلام العالمي.
إن حاجة العالم الأساسية هي إلى قبول المسيح وتعاليمه، وإلى العيشة العملية بموجب شريعة المحبة بين البشر. وعلى المسيحي المؤمن أن يسعى لتلبية هذه الحاجة بالقدر الشخصية والشهادة ودعم الذين يعيشون ويشهدون للمسيح في جميع أنحاء العالم.
للمراجعة والبحث
1- ما هو الأساس الذي يضعه العهد الجديد لسلام عادل ودائم؟
2- هل يعد الكتاب المقدس بمثل هذا السلام في الدهر الحاضر؟
3- من أين يجب أن يبدأ الإنسان سعيه لإقرار السلام بين الناس؟
- عدد الزيارات: 4059