التربية
إن قضية التربية، في ملكوت المسيح، متناسقة مع قضيَتي الإرساليات والعمل في سبيل الخير العام؛ ولذلك ينبغي أن تحظى- إلى جانب هاتين القضيتين- بالدعم السخي من قبل الكنائس. وهكذا تدعو الضرورة إلى نظام مناسب من المدارس المسيحية لتوفير برنامج روحي كامل لشعب المسيح.
ويجب أن يتوافر في التربية المسيحية نوازن وافٍ بين الحرية والأكاديمية والمسؤولية الأكاديمية. ذلك أن الحرية في أية علاقة منظّمة من علاقات الحياة الإنسانية هي دائماً حرية مقيدة وغير مطلقة البتة. فحرية المعلّم في مدرسة مسيحية، أو كلية أو معهد لاهوت، حدودها تفوق المسيح في كل شيء، وطبيعة الكتاب المقدس ذات السلطان، والهدف الواضح الذي لأجله تقوم المدرسة.
تثنية 4: 1، 5، 9، 14؛ 6: 1- 10؛ 31: 12 و13؛ نحميا 8: 1- 8؛ أيوب 28: 28؛ متى 5: 2؛ 7: 24 وما يليها.
"التربية" هي العملية التي تؤدي إلى اقتياد المرء من الجهل والتخلف إلى المعرفة وبناء الذات على أسس سليمة. ومن مرادفات التربية في الكتاب المقدس: التأديب، التعليم، البنيان. ومع أن المسيح يُدم في الأناجيل وهو يعظ، فهو لا يُدعى "واعظاً" ولا مرة، بل يُدعى "معلماً" أو "سيداً" بمعنى معلم الدين أو "الرابي". وإن نظرة في الأناجيل، ولو سريعة، تبين لنا مقدار التشديد الذي أظهره المسيح على التعليم. فأتباعه عُرّفوا بأنهم "تلاميذ" أو متعلّمون. وهو أوصى تلاميذه أن يُطوّعوا تلاميذ ويعلّموهم (متى 28: 20). فالمعمدانيون يعتبرون التربية الدينية جزءاً حيوياً من خدمة كنائسهم المحلية. لذا نجد أنه قد جرت العادة أن تكون خدمة مدرسة الأحد من الخدمات الأساسية في كل كنيسة معمدانية. أما المقصود من التربية، كما نتحدث عنها في هذا الفصل، فهو أساساً التربية المسيحية من طريق المؤسسات التربوية خارج الكنيسة المحلية.
وفي هذا المجال يؤمن المعمدانيون بالتربية المسيحية ويلتزمون بتوفيرها وبالصلاة لأجلها، وتشجيعها وتمويلها، بحيث تتحقق غايتها في خدمة المسيح. وهكذا نرى أن المعمدانيين في الشرق الأوسط قد شيدوا مدارس عدة في الأردن وفي لبنان. ففي الأردن شيدوا مدرسة في عجلتون للبنات وفي عمان مدرسة مختلطة للبنين والبنات، ومن صف الروضة حتى الصفوف الثانوية. وفي لبنان أقاموا في بيروت مدرسة مختلطة من صف الروضة حتى الصفوف الثانوية. أما المدرسة الأخرى التي شيدوها في منصورية المتن فهي لتدريس اللاهوت.
التربية المسيحية
قال هنري وارد بيتشر (Henry Ward Beecher): "عن التربية هي معرفة المرء كيف يستخدم كامل ذاته". وهذا هو هدف التربية المسيحية. إنها تربية مضافاً إليها العنصر المسيحي، مما يجعلها تستهدف إعطاء تعليم رفيع المستوى لكنه أيضاً يمكّن المرء من أن يحيا حياته ويفهمها في ضوء دور الله في التاريخ كما هو معلن في المسيح.
ويعتقد المعمدانيون أن "قضية التربية.... متناسقة مع قضيتي الإرساليات والعمل في سبيل الخير العام؛ ولذلك ينبغي أن تحظى- إلى جانب هاتين القضيتين- بالدعم السخي من قبل الكنائس. وهكذا تدعو الضرورة إلى نظام مناسب من المدارس المسيحية لتوفير برنامج روحي كامل لشعب المسيح".
فعندما يقبل أستاذ ما وظيفة تعليمية في أية مدرسة، يقبل بذلك حداً ما على حريته الشخصية، كما يقبل مسؤولية التعليم ضمن إطار العقائد العامة للهيئة المسؤولة عن المدرسة. "وحرية المعلم في مدرسة مسيحية، أو كلية معهد أو معهد لاهوت، حدودها تفوق المسيح في كل شيء، وطبيعة الكتاب المقدس ذات السلطان، والهدف الواضح الذي لأجله تقوم المدرسة". ولا يُعقل أن يتولى التعليم في مثل هذه المدرسة شخص لا يستطيع قبول هذه الحدود بضمير صالح.
للمراجعة والبحث
1- ما هو تعريف التربية كما ورد في هذا الفصل، وكيف يمكنك أن تتوسع في هذا التعريف؟
2- ما هي حرية المعلم في التعليم؟
3- ثمة نوعان من التربية المسيحية في هذا الفصل، ما هما؟ وما هو موقف المعمدانيين من كل منهما؟
4- كيف يطبّق المعمدانيون علمياً ما يعتقدونه نظرياً بشأن التربية المسيحية، ولا سيما في الشرق الأوسط؟
- عدد الزيارات: 5439