Skip to main content

عظماء وعظماء

عظماء وعظماء

كثيرون من عظماء هذا العالم، إن لم تكن لهم حياة أبدية مع الخالق، لا ينبغي أن يُحسَبوا عظماء.. إن كانت حياتهم مجرد سبعين أو ثمانين عاما في هذا العالم فقط، وعند موتهم انتهى

كل شيء، فنتذكر كلمة يسوع الشهيرة متسائلا "ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه".. طبعا هذا النوع من السؤال الاستنكاري، جوابه دائما واضح ومفهوم "لا شيء".. مع أن الانسان مهما ربح، لا يمكنه أن يربح العالم كله.. فالسؤال الهام الآن، هل يكون عظيما، مَن حسبه الناس عظيما، لكنه خسر نفسه وخسرها إلى الابد؟.

يعتبر الناس االبعض عظماء سواءا كانوا فلاسفة كأفلاطون وسقراط ونيتشه أو علماء كآنشتاين أو باستير أو باسكال أو مخترعين كأديسون وفورد أو قادة جيوش كنابليون والاسكندر ويوليوس قيصر أو حكماء كسليمان أو مفكرين كجان بول سارتر والبرت كامو أو شعراء كجون دون او شكسبير أو كتّاب ومؤلفين كدانتيه وراسين ووليم فوكنر وارنست همنجوي وكثيرين آخرين يذكرهم التاريخ ويصنفهم الناس بين العظماء.. لكن السؤال المهم، هل اخيرا يصنّفهم الله الخالق كعظماء؟ وهل هم حقا عظماء في نظر صانعهم القدير؟ وهل هؤلاء العظماء خالدون ولهم حياة أبدية مع الله بعد وفاتهم؟.. ايّ انسان مهما اعتبرناه عظيما، لكن اذا انتهى عند المنية، ولم يمنحه الله حياة أبدية معه ولم يغفر له خطاياه وهو غير مقبول لدى الخالق، لا يمكن ان يكون عظيما او حكيما ولا يستحق التقدير، ولا ينبغي ان يقتدي او يحتذي به احد.

طبعا لا يحق لانسان ان يحكم على احد، وليس الا الله هو صاحب السلطان والادانة والتصنيف والحكم. لكن يسوع قال "من فمك أدينك". فأقوال بعض العظماء وكتاباتهم تدينهم وتحكم عليهم. فنيتشه مثلا الفيلسوف الالماني العظيم لم يخجل ان يعبّر عن الحاده ورفضه للايمان بالخالق، وايضا فولتير الذي تحدى الله في كتاباته، فقضى كلاهما نهاية عمريهما في مستشفى الامراض العقلية. وهما قبِلا حياة تنتهي عند القبر، فهل اناس امثالهما يعتبران عظيمين؟؟.  مع ان الله أقرّ ان الذي يقول حتى في اعماق قلبه ان الله غير موجود، يكون جاهلا وغبيا وليس عظيما..... وايضا ارنست همنجوي الكاتب الامريكي الشهير ومن مؤلفاته الشيخ والبحر، لجأ إلى الالحاد ورفض الانجيل واستبدله بالفلسفة العالمية، لكنه انتحر في آخر عمره وانتهى رجاؤه عند موته. مع ان الانجيل يؤكد ان القبر ليس نهاية، بل هو بوابة إلى الأبدية، إما مع الله او في الظلمة الخارجية اي بدون الله، وليس عند الله محاباة.. وهل يعتبر مثلا تشارلس داروين عظيما؟ وهو الذي أضل ملايين الشباب بنظريته الشيطانية التي تنكر الخالق وانزل الانسان تاج الخليقة إلى مصاف الحيوان . وسيجموند فرويد عالم النفس الشهير الذي يحسبه العالم عظيما، و كل تفكيره كان في الجنس وكل تحليله لم يتعدى المستوى الجنسي للبشر. وماذا انتفع الاسكندر اليوناني ونابليون الفرنسي وهتلر الالماني وستالين الروسي وكثيرون من الذي احتلوا العالم وقتلوا الملايين؟ وهل هم في مصاف العظماء؟؟؟

وماذا نقول عن الممثلين والمغنين المشهورين الذين انغمسوا في المجون والترف والبذخ وحياة الرذيلة وانغمسوا في شتى انواع الشرور والكبرياء، فهل هم ايضا في خانة العظماء؟، وهل يستحقون التقدير والاكرام والتبجيل؟، امثال مايكل جاكسون وبريجيت باردو ومارلين مونرو وبريتني سبيرز وكثيرون الذين يتابع اخبارهم الملايين من الشباب الذين يعبدونهم.. وما قيمة ممثل او مغني شهير يعبده الملايين، وهو هالك في الجحيم من دون الله؟.. والانكى من ذلك ليس انهم اغبياء رغم شهرتهم، لكنه امر مستغرب جدا ان يعبدهم ويجلّهم الملايين... لا شك ان الدافع لتبجيلهم هو القاسم المشترك بين هؤلاء العظماء وبين المعجبين بهم، وهو كما قال الرسول بطرس "يأتي قوم مستهزئون، يسلكون بحسب شهواتهم". وما اكثر الهواة التي يجثون امام صوت الخليعة والماجنة مادونا، ليس لسبب الا لانها تثير الشهوة الجنسية عند اتباعها، مع انها ملحدة تتحدى المسيح وتنكر الله وتقود الملايين إلى الهلاك والزيغان عن الايمان فتنجس العقول والقلوب، فهل امثالها يجب اعتبارهم بين العظماء والحكماء ام بين السفهاء والاغبياء؟ . ما نفع وما قيمة انسان يعيش بدون الله منغمسا في اوحال النجاسة  ويموت هالكا من دون الله؟....

واليوم يمجد الناس في كل مكان وينبهرون من الرؤساء والعلماء والمغنين والممثلين والاغنياء واصحاب المراكز العالمية، ويكرسون اوقاتا كثيرة لمتابعتهم في المجلات والبرامج التلفزيونية.. فيلهث الشباب وراء المجلات ووسائل الاعلام ويضيعون اوقاتهم واموالهم ومجهوداتهم ويصرفون كل طاقاتهم على الشخصيات العالمية اللواتي تثرْن الشهوة والكبرياء وتعظم المعيشة، وكلها طرق مضمونة للهلاك الابدي والدمار الادبي والضياع العائلي..

اما العظماء في الحقيقة، فهم العظماء في نظر الخالق وفي ضوء الأبدية، وليس في نظر الناس وبحسب حياتهم في هذا العالم المنظور والمؤقت والهالك... فكل الهالكون مهما نجحوا في هذا العالم بسبب الشهرة والثروة، لا يمكننا ان نعتبرهم عظماء ولا حكماء ولا يجب اتخاذهم قدوة ومثال للشباب... فمقاييس الله ومعاييره تختلف تماما عن المقاييس العالمية.. فيقول يوحنا الرسول " ان كل ما في العالم هو شهوة العيون وشهوة الجسد وتعظم المعيشة"، ويمكننا ان نصنّف كل عظماء العالم في هذه الثلاث المجموعات.. ثم يضيف الرسول ان العالم يمضي وشهوته فهو زائل وباطل وتافه، وليس عظيما كما ينخدع الملايين. والعظماء في نظر الله هم الذين يضعون الله اولا في حياتهم ويعطون الاولوية للأبدية ويهتمون اولا بالامور الروحية.... ففي نظر العالم مثلا الممثل او المغني او الثري اهم واعظم من المبشر او الواعظ او المؤمن التقي والامين. اما في نظر الله فأيّ واحد من اولاده لهو اعظم واهم من كل عظماء العالم.... فمريم التي سكبت الطيب عند يسوع لهي اعظم واهم في نظر الله من مادونا وبريتني بريتس وكل الخليعات اللواتي يعبدهن العالم. واية اخت مؤمنة بيسوع لهي اعظم من كل ممثلين ومغنين هذا العالم.. ومارتن لوثر مثلا او سبرجن او مودي او داربي او اي مؤمن لهو اعظم من بيل كلينتون ومايكل جاكسون وستالوني وفان دام وكل مشاهير العالم. ومؤسف ان احدا من الذين يدّعون الايمان يتبنى النظرة العالمية للامور فيركض وراء الممثلين والمغنين، ولا يولي اية اهمية لابطال الايمان في الكتاب المقدس والتاريخ.. فغريب حقا ان الناس تكرم وتبجّل ممثلين وسياسيين ومغنين واثرياء وعلماء رغم هلاكهم، وتحتقر المبشرين والوعاظ ومعلمي كلمة الله، وتزدري برجال الله الامناء وتستهين بكلامهم... ويحدث احيانا انه حتى مؤمنين يعظمون اصحاب المراكز والشهرة العالمية، ويحتقرون اولاد الله... وايضا يحدث في بعض الكنائس اننا نعطي اكراما خاصا لاصحاب المناصب والثروة والشهرة اذا انضموا إلى الكنيسة، ونحتقر او نستهين حتى برجال الله الذين يتكلمون بكلام الحياة الأبدية ويكونون سبب خلاص ونجاة وتعليم وارشاد للامور الأبدية..

وصل احد المبشرين إلى الولايات المتحدة بعد ان خدم الرب في الصين لسنوات طويلة، فلم يجد مَن يستقبله في المطار. وفي نفس الساعة وصل السفير الامريكي في الصين إلى نفس المطار، فاستقبله الكثيرون استقبالا حافلا. فحزن المبشر كثيرا وقال في قلبه "الانسان العالمي يجد الكثيرين في استقباله، اما رجل الله فلا ينتبه اليه أحد". فأجابه الرب وقال:" هذا السفير وصل إلى بلاده فاستقبله الكثيرون، وانت لم تصل إلى وطنك بعد ، لكنك عندما تصل، سترى اي استقبال وتكريم سيكون لك من الرب وملائكته وقديسيه، اما الذين يعظّمهم العالم فسيهلكون في الظلمة الأبدية". ماتت احدى السيدات الثريات المؤمنات، وبحثت في السماء عن مكانها، فارسلها الملاك إلى كوخ صغير، فصدمت واغتمّت وقالت "انا الامرأة الثرية يضعوني في بيت مثل هذا؟". ورأت من بعيد قصرا رائعا، فسألت "لمَن هذا القصر ؟" فاجابوها هذا لاحد الخدم الذين كانوا يخدمونك حين كنت ثرية". فسألت لماذا انا احصل على كوخ محتقر، وهو الخادم عندي يحصل على قصر فخم" اجابوها "انت لم ترسلي إلى السماء اية مواد لبناء بيت لك ولم تبال بالأبدية، لكننا منحناك مجانا هذا الكوخ بالنعمة، اما هو فارسل الكثير، فصنعنا له هذا القصر مما بعثه الينا".   

الله, المسيح, الخلاص, الخطية, الموت, التاريخ

  • عدد الزيارات: 6493