أسباب تدهور الصحة الروحية
خلق الله الانسان بدقة متناهية من جهاز هضمي وجهاز الاعصاب والجهاز الجنسي والجانب الفكري والحسي، ومن جهة أخرى خلق الله الطبيعة من نباتات وأعشاب وأحياء, حيوانات وطيور وأسماك بحيث تتجاوب مع حاجة الانسان...
فالاغذية التي يتناولها الانسان، تحتوي على كل ما يحتاجه جسم الانسان من فيتامينات وهرمونات وانزيمات ومعادن، لتعزيز جهاز المناعة لديه وتمنحه الصحة المطلوبة... فكلما ضعف جهاز مناعة جسم الانسان، كلما كان الجسد ارضاً خصبة لغزو الامراض والعلل والازمات الصحية..
فأساس الصحة السليمة لجسم الانسان، هو التنويع في تناول الاغذية، وليس الانحصار في طعام واحد، وتجاهل معظم ما خلقه الانسان.. فجسم الانسان يحتاج الى اللحوم والاسماك والفواكه والخضار المتنوعة والاعشاب الصحية.. اما اذا ركّز الانسان على بعض الاطعمة، وتجاهل او تجنّب معظم ما خلقه الله، فيشدّ جسمه الى الخلل الوظائفي والعلل المزمنة... فالامراض كالسرطان او السكري او امراض القلب والامراض الهضمية والجنسية والعصبية هي نتيجة لنقص بالتزويد الفيتاميني الذي يحتاجه الجسم كمناعة وحصانة ضد ما يحاول بشكل متواصل لغزو الجسم... فلكي يتزود الانسان بكل ما يحتاجه جسمه، عليه التنويع في تناول الاغذية، وليس التركيز على بعض الاطمعة القليلة. وخاصة وان الاطعمة التي لا يرغبها الانسان هي التي يحتاجها اكثر من التي يرغبها، فالبصل والثوم والنباتات المريرة يحتاجها اكثر من الاطعمة ذات المذاق الحلو واللذيذ... فاذا تجنب الانسان تناول الاطعمة التي لا تجذبه، وركز على الاطعمة اللذيذة، شجّع حدوث الخلل في جسمه مما يقوده الى المعاناة والازمات الصحية.. من جهة اخرى جسم الانسان يحتاج بشكل رئيسي الى الاغذية الطبيعية التي خلقها الله، وعليه تفادي الاطعمة التي هي من صنعه الانسان.. فكل المنتوجات التي صنعها الانسان، لا يمكن ان تزوّد حاجات جسم الانسان الذي خلقه الله، لان الله فقط يعرف حاجات الجسم الذي هو صنعه ... فبالتأكيد الفواكه والخضار والاعشاب المتنوعة التي خلقها الله، تسد كل حاجات جسم الانسان. اما ما صنعه الانسان من حلويات وسكريات ومعلبات ومخللات ومكابيس ومجمدات ومقالي لا تأتي الا بالضرر والاذى لجسم الانسان...
ان كل ما سبق ذكره، ينطبق تماما على الصحة الروحية للانسان. لان الانسان ليس مجرد جسم مادي فيزي، يتمشى ويتحرك، بل هو ايضا عقل وروح وقلب واحساس، ولديه حاجات روحية وقلبية وعاطفية، لا تشبعها الاطعمة المادية، والاغذية لا تسد حاجات روح الانسان... لذلك اعطى الله القدير الكتاب المقدس، ووضع فيه تنوّع كبير، لكي يسد كل حاجات البشر الروحية. فالكتاب المقدس كالطبيعة، مليء بالاطعمة الروحية المتنوعة، في كل منها فيتامين روحي.. اما اذا اهملناه وتجاهلناه واكتفينا بجزء يسير ومحدود من الكتاب المقدس، لغزتنا الامراض الروحية والعلل النفسية المتنوعة... والادوية التي يعطيها الطبيب ما هي الا تعويض على ما ينقصه جسم الانسان، كذلك ايضا لكي نستعيد صحتنا الروحية، نحتاج الى اللجوء الى الاجزاء الكتابية التي اهملناها وتنقصنا، فنستعيد صحتنا الروحية...ونحتاج ايضا الى انسان مختص في الامور الروحية لكي يشخّص حالتنا الروحية ويميّز العلاج المناسب من كلمة الله..
فأحد اهم المبادئ للحفاظ واكتساب الصحة الجسدية هو تناول الاطعمة المتنوعة، بدون اهمال بعضها الاخر، خاصة الاطعمة التي لا نرغبها.. والمبدأ الثاني هو تناول الاغذية التي صنعها الله، وتفادي ما صنعه الانسان.. كذلك في المجال الروحي لكي نحتفظ بصحة روحية سليمة، علينا اولا تناول وتقبّل كل الافكار الهية المتنوعة التي اعطاها الله في الكتاب المقدس خاصة الآيات التي لا نرغبها، ولا نكتفي بالافكار المشجعة، متفادين التوبيخ والتصحيح والتقويم... والمبدأ الثاني الهام هو الاكتفاء بما وهبه الله في كتابه لانه يعرف حاجتنا، وتفادي ما يقوله الانسان ويفكره، حتى ولو استقاه ما الكتاب المقدس واضاف عليه من افكاره الخاصة.....
ولا شك ان البشر تعاني من امراض جسمانية متنوعة فالمستشفيات مكتظة والاطباء تزداد والادوية تستهلَك يوميا بالاطنان، لأن الانسان يصرّ على الاكتفاء ببعض الاطعمة التي يرغبها، ويترك اطعمة اساسية اخرى.. وفي هذه الايام بالتحديد، يزداد استهلاك المنتوجات التي هي من صنع البشر، واهمال الاطعمة الطبيعية التي اوجدها الله... وكذلك على المستوى الروحي، يعاني البشر من الامراض والفيروسات الروحية بسبب اهمالهم للكلمة، وفي احسن الاحوال، كثيرون حتى من المؤمنين يقضون حياتهم يقتاتون فقط على بعض الآيات التي يحبونها، متجاهلين معظم اجزاء الكتاب المقدس.. فكأنهم طبيب انفسهم يختارون بعض الفصول المشجعة، متفادين الكثير من الافكار الالهية التي يحتاجونها.. والمشكلة الاخرى انهم يقبلون بعض الافكار الالهية، ويخلطونها بكميات هائلة من الافكار العالمية والاجتماعية التي ألّفها البشر، ويتصرّفون وفق افكار اجتماعية متداولة.. وكثيرون يستغربون، لا بل يغتاظون، ولا يريدون ان يرجعوا الى انفسهم، ويعترفون انهن احتقروا الكثير مما خلقه الله من اطعمة، وانهم ايضا اهملوا الكثير من الاطعمة الروحية التي اعطاها الله في الكتاب المقدس. فكثيرون لا يقرأون ولا يعظون ولا يصغون الا الى انجيل يوحنا والمزامير وبعض الوعود الالهية المشجعة، ويهربون من قراءة او الاستماع الى باقي اسفار الكتاب المقدس التي لا يرغبونها كسفر حزقيال والتثنية وارمياء وكورنثوس والعبرانيين، ويقفلن آذانهم عن آيات التوبيخ والتقويم والفصول التي تحتاج الى مجهود وتفكير وتأمل فلا يريدونها. لذلك صرّح الرسول بولس قائلا هنالك "البعض لا يحتملون التعليم الصحيح ويجمعون لهم معلمين" (2 تي 4) اي الذين يعظون على هواهم....
- عدد الزيارات: 8365