Skip to main content

لا لغسل الدماغ!

لا لغسل الدماغ!ان عملية غسل الدماغ او المخ هي ليست بالضرورة امر سلبي. يمكن ان تكون سلبية او ايجابية.. وهي مسار من الاقناع بأمر جديد مخالف كليا لما نحن عليه.. ربما يكون ضد شخص او جماعة ما، وسببها اما العداء او الحسد، ودافعها التحطيم او الانتقام..

لكن غسل الدماغ يمكن ان يكون امرا ايجابيا محض.. فالاب او الام يقوم كل منها بدافع المحبة لاولادهما بمراجعة ما اكتسبه الاولاد سواء من المعلمين او من زملائهم في المدرسة ، واذا دعت الحاجة، يقومون بتصحيح افكار اولادهم.. في هذه الحالة، يعملون انجازا رائعا.. لا شك ان افكار العالم تختلف كليا عن افكار الانجيل.. فمثلا يدرّسون احيانا ان الانسان تطوّر من حيوانات ادنى منه خلال الملايين من السنين، فعلى الاهل تصحيح ذلك وارشاد الاولاد الى الحقيقة الكتابية التي تؤكد ان الانسان قد خلقه الله.. وامور كثيرة اخرى علينا ان نقوم بغسل دماغ اولادنا منها بهدف خيرهم ومستقبلهم..

بالاضافة الى ذلك، يدعونا الانجيل الى تجديد اذهاننا.. اي عملية غسل دماغنا ودماغ اولادنا من افكار العالم وافكار الشيطان واستبدالها بافكار الهية صحيحة.. كما دعا بولس الى هدم حصون شيطانية (2 كو 10) وهي عبارة عن ظنون واقتناعات خاطئة، نحن على يقين منها، مع انها سلبية ويدعونا الانجيل الى هدمها. ويدعوها حصون، لانه ليس بالامر السهل ازالتها، بل نحتاج الى جهد وتصميم لهدمها، ومن ثم بناء افكار الهية بدلا منها.. وهذا امر هام للغاية لان تصرفاتنا وكلامنا مبنيّان على افكارنا واقتناعاتنا.. فاذا كان عقلنا محشواً بافكار سلبية مظلمة، تنتج تصرفات وكلمات هدّامة ايضا، وبالتالي حياة مؤلمة..

عندما نأتي الى يسوع ونبدأ حياة جديدة، نعلم من الانجيل ان الله يعطينا قلبا جديدا وطبيعة الهية جديدة، لكنه لا يعطينا عقلا جديدا، الانجيل والواقع يثبتان ذلك.. هذا جواب لتساؤلنا ، لماذا احيانا يتصرف بعض المؤمنين اسوأ من غير المؤمنين!.. ويقول بولس في رومية 12 ، فتغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم... اي تغيير الخارج، مبنيّ على الداخل، ثم تغيير الداخل اولا.. ولو كان الله يهبنا عقلا جديدا عندما آمنا، لما قال ذلك، بل وضع مسؤولية تغيير العقل وتجديد الذهن على المؤمن.. لذلك اقام الله معلمين ووعاظ ومرشدين (افسس 4) هدفهم ايصال افكار الهية لنا وهدم افكار عالمية فينا، واقناعنا بحاجة التغيير، لان ذلك اولا مسؤوليتنا نحن وثم هو لخيرنا..

وفي انجيل يوحنا اراد يسوع ان يغسل ارجل التلاميذ، فرفض بطرس ذلك.. فقال يبسوع ان لم اغسلك، ليس لك نصيب معي (يو13) (لا يقول نصيب فيّ)... طبعا الامر ليس حرفيّ، لان يسوع قال انتم الان انقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به (يو 15).. فعملية التنقية هي للعقل والذهن معا، وتعملها كلمة الله التي هي كنهر جاري تشطف المخ وتنقيه من اوساخ العالم.. فيسوع غسل الاقدام فقط.. كان قديما عادة لبس ما يشبه الصندل، ومن المسير تتسخ الاقدام، فعند دخول ضيف الى بيتك، كان من المعتاد ان يقوم المضيف بغسل اقدام ارجل الضيف.. وقد قصد يسوع ان المؤمن قد طهّره يسوع وغسله ككل، لكنه بسبب المسير في هذا العالم القذر روحيا، ربما يتسخ.. ليس جسمه بل عقله وفكره ربما يتنجسان مما يسمع وما يرى.. وعندما يذهب الى اجتماعات الكنيسة، يقوم معلّم الكلمة بعرض كلمة الله، التي عند سماعها وفهمها تغسل افكاره وتنقيه من افكار قذره اكتسبها من العالم..والبعض كبطرس يرفض كلام الوعظ والتوبيخ والارشاد والتقويم، ويقاوم ذلك كما صاح بطرس قائلا حاشا يا رب..

العالم يرفض كلام الرب، لكن المؤمنين اولاد الله يقبلون الكلمة ويشتهونها لانها كاللبن العقلي التي تساعد على نمونا الروحي.. قال الرسول بولس لاهل كورنثوس لم استطع ان اكلمكم كروحيين!! احيانا لا يحتمل البعض كلمة الله، لانها كمطرقة تحطم الصخر وتكسر كبرياء المستمع... لذلك قال يعقوب فاقبلوا الكلمة بوداعة ليس سامعين ناسين بل عاملين بالكلمة..

كثيرا ما نكون مؤمنين حقيقيين، لكن متعبين، نجد صعوبة في التفاهم والانسجام مع الاخرين حتى مع اهل بيتنا، وتجدنا دائما عصبيين، يغيظنا كل امر ونغتاظ من كل كلمة.. ومع اننا نصلي ونلوم الله، لكن الله لا يساعدنا، ونبكي ويبدو الله غير آبه بحالتنا.. والجواب ببساطة ان الله يدعونا الى سماع كلامه وقبولها بوداعة، والخضوع لعملية غسل دماغنا من افكار متعبة وحصون وظنون شيطانية، واستبدالها بافكار الهية.. وفي افسس 4 نقرأ بكل وضوح ان مَن يقوم بذلك، هم اشخاص اقامهم الروح القدس كمعلمين للكلمة، علينا ان نقبل كلامهم بتواضع ، والخضوع لارشادهم بثقة كاملة.. لا تقدر ان ترضي الله وتكرمه وتعمل ارادته، وانت بعقل قديم وذهن غير متجدد.. يحتاج ذهنك الى وضعه كل يوم مقابل جريان كلمة الله لكي تطهره وتغسله

وتجعله صافيا نقيا طاهرا منسجما مع افكار الله.. كثيرا ما يكون هذا المسار مذلا ولا نرحب به، بل طبيعتنا القديمة تقاومه.. عندها لا تبقى امامنا الا يد الله القوية التي تقاوم المستكبرين.. مَن يقاوم كلمة الله كنهر ماء لتنقيه، يجد كلمة الله كمطرقة تحطم كبرياءه..ويجدها كسيف ذي حدين خارقة الى اعماق الانسان.. ومن يستطيع الهروب من الله!؟.. مَن يرفض قبول كلام الله، سيجد كلام العالم يتسلل الى حياته، واخيرا يجد نفسه مقاوما لله ايضا.. لان خلاف الله مع البشر هو متعلق بالافكار... مجرد ان يعتقد اي انسان ان الخلاص مثلا بواسطة بوذا وليس المسيح، صار تلقائيا عدوا لله... لذلك قال الله (1 صم 15) ان العناد كالوثن، اي من اصعب الامور التي يكرهها الله هي اصرار الانسان على موقفه وافكاره، ورفضه التنازل عن افكار العالم واستبدالها بافكار الهية صرفة.

  • عدد الزيارات: 4718