كلام الناس
يظنّ كثيرون ان الكلامَ هو مجرّد كلام لا يزيد ولا ينقّص لذلك ما اسرع الناس في الحكم على الاخرين وإطلاق الاشاعات وكل مَن يسمع خبراً ينقله مع بعض التعديل والتأويل بما يناسبه شخصياً. لكن كلمة الله تعطي أهمية بالغة لكلام الناس فيقول الرب يسوع "كلّ كلمة بطالة (اي غير مقصودة وغير بناءة) يتكلّم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدّين، لأنك بكلامك تتبرّر وبكلامك تُدان" (متى12: 36) ويقول سليمان "كثرة الكلام لا تخلو مِن المعصية اما الضابط شفتيه فعاقل" (امثال10: 19)
"يوجد مَن يهذر مثل طعن السيف" (12: 18) "لا تخالط المفتّح شفتيه"(20: 19) "بعدم الحطب تنطفئ النار وحيث لا نمّام يهدأ الخصام" (26: 20). وعندما يفشل الناس في ايجاد لوم ما في المؤمن البار يلجأون الى اطلاق الاشاعات الكاذبة لتحطيمه. هكذا عندما ارادوا قتل يسوع لم يجدوا فيه أيّة شكاية (يو19: 6) فأثاروا التّهَم الباطلة وأتوا بشهود زور ادّعوا مثلاً ان يسوع قال سيهدم الهيكل ويبنيه في ثلاثة ايام (متى26: 61) مع انه قال انقضوا هذا الهيكل أي جسده وهو سيقيم نفسه في ثلاثة ايام (يو2: 19-21) لكنهم استخدموا شيئاً قاله وحرّفوه ليُقنعوا الاخرين بموقفهم وهكذا عندما قام الرب يسوع قالوا للعسكر"قولوا ان تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه...فشاع هذا القول" (متى 28: 12-15).
وترد كلمة شكوى في اعمال الرسل اكثر من 15 مرة، فقط في (ص22-28)، لكنهم قدّموا ضدّ بولس دعاوي كثيرة وثقيلة لم يقدروا ان يبرهنوها" (اع25: 7). لكن بولس يقول عنهم"لا يستطيعون ان يُثبتوا ما يشتكون به الان عليّ" (اع24: 13). حتى كنائس كورنثوس وغلاطية ثمرة خدمة بولس لم يترددوا في التهجّم على الرسول (1كو9: 2،غلا4: 16) لذلك يطلب بولس منهم ان لا يحكموا قبل الوقت حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويُظهر آراء القلوب (1كو4: 5)، لان الانسان يحكم حسب الظاهر والشكل ولا يحكم بالعدل (يو7: 24) اما الرب فينظر الى القلب ( 1صم16: 7). ونقرأ عن شاول انه امتلأ غيظاً على داود وأراد ان يُهلكه فيقول"قيل لي انه مكراً يمكر" (1 صم23: 22). نسيَ ان داود أنقذ الشعب مِن رُعب جليات اربعين يوماً، مع ان داود اتى الى شاول وهو نائم ولم يُرد ان يقتله وعندما استيقظ أدرك شاول خطأه وشرّ قلبه فبكى (24: 16) وقال داود له:"لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب اذيتك هوذا قد رأت عيناك!" (24: 9). لكن شاول لم يغيّر موقفه بل استمرّ مصدّقاً الاشاعات ضد داود رغم البراهين الواضحة لأمانة واستقامة داود.
لذلك يأمرنا الرب أن نفحص ونفتش ونسأل جيداً اذا كان الامر صحيح واكيد (تثنية13: 14). لأن مَن يُطلق الاشاعة ومَن يصدقها كلاهما سيُفتح لهم سفر الدينونة وستُكشف خفايا قلوبهم وسيقدّموا حساباً عن كل كلمة، لأن كلمة الرب تقول ان مُذنّب البريء مكرهة للرب (ام17: 15) ومَن يصدّق كل كلمة هو غبيّ (14: 15). اما مَن كانوا ضحية كلام الناس واشاعاتهم فيطلب الرب منهم ان يُصلّوا لأجل الذين يسيئون اليهم ويقول لهم"طوبى لكم اذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لأن اجركم عظيم في السموات فانهم هكذا طردوا الانبياء قبلكم" (متى5: 11)، هل يفرح من كان ضحية الاشاعات الكاذبة؟! نعم هكذا يقول الرب لان له الطوبى مِن الرب ومكافأته عظيمة في السماء ويضعه الرب في مكانة الانبياء والرب يَعِد أن يُظهر برّ وكمال انسان كهذا كوضوح الظهيرة (مزمور37: 5) ويَعِد ايضاً أن يجعل أعداءه يُسالمونه، اذا أرضت طرقه الرب (امثال16: 7) ويصيّرهم يأتون عند رجليه ويعرفون ان الرب أحبّه (رؤيا3: 9). لقد إتُّهِمَ يوسف بأشرّ الاعمال (تكوين39: 7-17) وعوقب على ما لم يفعله، لكن الرب كان معه وهو سلّم الامر لله. فاستخدمه الرب في السجن وقرّر مصير مَن معه ثم رفّعه الرب وأصبح حاكم مصر مِن ابن 30 الى 120 أي 90 عاماً، أما مَن إتّهمه فبقيَ كما هو. هل إتّهمك الناس بشتى التّهم الكاذبة؟، هل انت هدفاً لكلام الناس، سلِّم الامر للرب وهو يجري وهو يجعل مَن لاطف الاشاعات وفرح بكلام الناس يأتي ويسجد أمامك ويحتاجك (رؤ3: 9). يعد الرب أن يتضرّع الى وجهك كثيرون (ايوب11: 20). إن الله حيّ والجميع أمامه، هو يرفع وهو يضع وهو القاضي (مز75: 7) وهو المحامي عني (مز57: 2).
نقرأ في رسالة يعقوب (ص3) عن اللسان الذي يجب أن نلجمه ولا نطلق له العنان لانه ان لم يُلجَم، يكون كالخيل التي بلا لجام، أيّ خراب تعمل?! ويكون مثل سفينة متروكة لرحمة الرياح دون تحكم ويكون اللسان مثل نار، أيّ وقود تحرق؟!. إنّه عالمَ الاثم، يُضرَم مِن جهنّم ويكون كالنبع الذي مياهه مرّة ومالحة. يقول الرسول يعقوب "لا يصلح يا اخوتي". أَ لمَ يقل الرب يسوع بفمه عن العبد انه كسلان وشرير فقط لانه قال في قلبه”سيدي يُبطئ قدومه" (لو12: 45)؟. فمجرّد قوله حدّد مصيرَه. والذي قال في قلبه ليس اله، ألم يحكم الله عليه انه جاهل (53: 1) بسبب جملة قالها في قلبه فقط؟، والجواسيس العشرة، أَ لم يقرّر الرب مصيرهم فقط لأنهم قالوا "لا نقدر ان نصعد، فأشاعوا مذمّة"(عدد13: 31)؟. أن كلامنا مهم لدى الرب وهو يعكس مستوانا الروحي، فلننتبه لئلا نعمل عمل الشيطان المشتكي على اخوتنا نهاراً وليلاً (رؤ12: 10)، لكن شكراً لله لان المشتكي على المؤمنين لا يجد له اذناً عند الرب الذي يحبنا وهو الديان صار اباً لناً. يقول الرب"يجتمعون اجتماعاً ليس مِن عندي، مَن اجتمع عليك فاليك يسقط...كل الة صُوِّرت ضدّك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه" (اش54: 15-17). كل وعود الرب المباركة هي للذي يتّضع امام الرب كداود عندما سبَّهُ شمعي ويسلّم للرب طريقه ولا ينتقم لنفسه بل يسلّم لمَن يقضي بعدل. ومَن يكون مُرِضياً للرب ويتمسك بكلمة الرب، يدافع الرب عنه.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
- عدد الزيارات: 8934