Skip to main content

الدرس السابع: إنقاذ الإنسان من الخطية

عندما ابتدأنا بدراستنا لتعاليم الكتاب المقدس رأينا أنه من واجب كل إنسان أن يرى عظم وفداحة خطاياه تلك الخطايا التي تأتي بالشقاء والتعاسة إلى حياته. ورأينا أنه من واجب الإنسان أن يحصل على تشخيص واقعي لحالته الروحية البائسة بواسطة تأمله في شريعة الله وفي صفات الله المعلنة لنا في كلمته وكذلك في حياة الرب يسوع المسيح الكاملة التي تظهر لنا مقدار الهوة السحيقة التي تفصل حياتنا عن حياته من الناحيتين الروحية والأخلاقية. وأخيرا وصلنا إلى القول أننا لا نستطيع أن نُقَدِّر الخلاص العظيم الذي يقدمه الله لنا مجانا في إنجيله إلا إذا كنا قد وصلنا إلى فهم حقيقي لعدالة الله وقانونه للحياة. تشكل كل الأمور الآنفة الذكر وحدة هامة في تعاليم الكتاب المقدس بخصوص حالة الإنسان الحاضرة ولكنها ليست إلا تمهيدية لأن التعاليم الكتابية لا تكتفي بإظهار شقائنا ولا تتركنا في وادي الظلام بل تنادي بإنقاذ عظيم وفعال قام به الله بواسطة ابنه الوحيد يسوع المسيح وهذا الإنقاذ هو أعظم خبر ونبأ جاء من السماء إلى هذه الأرض. هذا الخبر المفرح ليس إلا الإنجيل، البشارة السارة عن جميع التدابير الفعالة التي قام بها الله لإنقاذنا من براثن الخطية والشر ومن عبودية الشيطان. ولذلك فإن القسم الأعظم من دراستنا لتعاليم الكتاب المقدس سيكون عبارة عن دراسة نظامية ودقيقة لتعاليم كلمة الله بخصوص هذا الإنقاذ العظيم الذي أتمه الله والذي ينادي به الآن بواسطة أولئك الذين دعاهم ليقوموا بدور المعلنين أو المنادين بالإنجيل. ومع أنه هناك أمور عديدة في عالمنا لا بد من الوقوف عليها إلا أننا نقدر أن نعيش بدون معرفتها ولكن ليس هناك من إنسان عاقل يجب أن يعيش بدون أن يعرف كيفية الانعتاق من الخطية والتخلص من جميع عواقبها الوخيمة. ليكن شعارنا إذن ونحن نبدأ هذا القسم الهام من دروسنا في تعاليم الكتاب المقدس أن نطلب من الله تعالى أن يفتح قلوبنا لتقبل جميع ما كشفه في كلمته ولنؤمن بجميع مواعيده التي تفوق كل عقل.

ذكرنا في درسنا السابق أن الله عادل وأن ذلك يقتضي معاقبة الخاطئ. هذه حقيقة كتابية ولكننا عندما ذكرناها لم نكن بذلك قد ذكرنا جميع الحقائق المختصة بالله والمعلنة في وحيه. إن الله يكشف عن ذاته أي ظهر كإله محب لبني البشر، كإله لم يترك الإنسانية تجني ثمار ثروتها ولذلك لم ينقطع عن البحث عن الإنسان الضال والطلب منه بالرجوع إليه والتوبة توبة حقيقية. ما أكثر تعاليم الكتاب التي تظهر لنا أن خالقنا إله رؤوف لا يسر بموت الخاطئ الروحي بل بعودته إليه وبنجاته من حياة الظلمة واليأس. فمن المهم جدا أن نكون فكرة متزنة عن صفات الله لئلا نكون من الخاسرين عندما نكتفي بصفة واحدة ونجعلها وكأنها الحقيقة بكاملها عن الله. الله عادل ولكنه رحوم ورؤوف وهو يظهر لنا في كلمته وهو يجدّ في البحث عن المخلوقات التائهة في صحاري الحياة ويعمل كل ما يلزم لإنقاذها من براثن الدمار والهلاك الأبديين.

نقتبس الآن بعض الآيات الكتابية التي تعلمنا بكل وضوح أن الله يبحث عن الخاطئ ويقدم له الخلاص مجانا:

ففي نبوة أشعياء يقول الله: " أصغيت إلى الذين لم يسألوا، وجدت من الذين لم يطلبونني. قلت هاأنذا، هاأنذا لأمة لم تُسَمَّ باسمي" (65: 1).

وفي سفر رؤيا يوحنا نسمع الرب يسوع المسيح وهو يقول:

" هاأنذا واقف على الباب وأقرع فإن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي. من يغلب فإني أعطيه أن يجلس معي على عرشي كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبي على عرشه. من له أُذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس" (3: 20- 22).

وعندما انتقد أعداء الرب يسوع المسيح المخلص لأنه ذهب ليأكل في بيت زكا العشار أجاب وقال عن هدف رسالته الأول: " فإن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك" (الإنجيل حسب لوقا 19: 10).

فالسبب الرئيسي لمجيء السيد المسيح إلى العالم كان للبحث عن الخطأة ولإنقاذهم من براثن الموت. وقد ضرب له المجد العديد من الأمثال لتعليم الناس هذه الحقيقة ومن هذه الأمثال ما يلي وهي واردة في الفصل الخامس عشر من الإنجيل حسب لوقا:

" وكان جميع جباة الضرائب والخطاة يدنون منه ليسمعوه فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين: هذا يقبل خطاة ويأكل معهم.

" فخاطبهم بهذا المثل قائلا: أي إنسان منكم له مئة خروف وأضاع واحدا منها لا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب وراء الضال حتى يجده؟ وإذا وجده فإنه يحمله على منكبيه فرحا، وحين يأتي إلى بيته يدعو الأصدقاء والجيران قائلا لهم: افرحوا معي فإني قد وجدت خروفي الضال. أقول لكم أنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر مما يكون بتسعة وتسعين صديقا لا يحتاجون إلى التوبة.

" أم أية امرأة يكون لها عشرة دراهم إن أضاعت درهما واحدا لا توقد سراجا وتكنس البيت وتبحث باجتهاد حتى تجده؟ فإذا وجدته دعت الصديقات والجارات قائلة: افرحن معي فغني قد وجدت الدرهم الذي أضعت. فأقول لكم أنه هكذا يكون فرح عند ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (1- 10).

نشكر الله لأن كلمته تكشف عنه كإله عادل ومحب إله لا يرغب في موت الخاطئ بل يعمل كل شيء لإنقاذه من شره وخطيته. لنؤمن إذن من قراره نفوسنا بخبر الإنجيل المفرح ولنقبل بفرح وامتنان خلاص الرب العظيم المقدَّم لنا مجانا في المناداة بالإنجيل.

  • عدد الزيارات: 4852