الدرس الأول: غاية الحياة الرئيسية والسعادة العظمى
لا بد لكل إنسان من أن يتساءل: ما هي غاية الحياة والوجود؟ لماذا أوجد على الأرض؟ كيف أقدر أن أمضي حياتي على أحسن حال من التجانس مع قانون الحياة والوجود؟ لن نذهب في جوابنا إلى هذا المفكر أو ذاك الفيلسوف، لأننا نريد جواب الخالق عز وجل، ذلك الجواب الذي نجده على صفحات الكتاب الذي أوحى به الله لعبيده الأنبياء والرسل القديسين. نقول إذن بأن غاية الحياة الرئيسية هي معرفة الله ومعرفة النفس من وجهة نظر الله. لقد خلقنا الله تعالى ووضعنا على الأرض لا لنحيا لأنفسنا بل لنمجده ونشدو وبحمده. قال الله لعبده أرميا النبي عن هذا الموضوع:
" هكذا قال الرب: لا يفتخرنَّ الحكيم بحكمته ولا يفتخر الجبَّار بجبروته ولا يفتخر الغني بغناه، بل بهذا ليفتخرنَّ المفتخر: بأنه يَفْهم ويعرفني أني أنا الرب الصانع رحمة وقضاء وعدلا في الأرض لأني بهذا أسرّ يقول الرب"
( نبوة أرميا 9: 23و 24)
نلاحظ أن الإنسان عندما يسعى لتمجيد الله والازدياد من معرفته له إنما يكون في نفس الوقت على طريق السعادة العظمى في الحياة. وهذا عكس ما يظنه الكثير. فالخطية التي تسود قلب الإنسان إنما تصور له بأن الله واقف له بالمرصاد ولا يود أن يراه سعيدا. هذا عكس الحقيقة. إن الله يود أن يكون بني البشر سعداء، ولكن السعادة العظمى لا يمكن الوصول إليها بدون معرفة الله معرفة حقيقية والرضوخ لقوانين الله وشرائعه المقدسة. وقد عرَّف الرب يسوع المسيح الحياة الأبدية بهذه الكلمات الواردة في الإنجيل حسب يوحنا:
" وهذه هي الحياة الأبدية: إن يعرفونك أنت الإله الحقيقي الوحيد ويسوع المسيح الذي أرسلته" (17: 3)
لا سعادة حقيقية دائمة بدون معرفة الله. الله هو مجدنا وعِزَّنا وكما قال النبي داود في المزمور السادس عشر:
" احفظني يا الله لأني عليك توكَّلت. قلت للرب: أنت سيدي، خيري لا شيء غيرك" (1و 2).
وبما أن هذه الحياة كما نعرفها الآن وكما اختبرها الإنسان منذ فجر التاريخ هي حياة تعب ومشقات وآلام فالإنسان بحاجة ماسة إلى معرفة الله، الإله الذي لا يتغير، هو أمس و اليوم وإلى الأبد. وعندما يأتي الإنسان إلى معرفة الله كما كشف لنا عن ذاته في المسيح يسوع وعندما يأتي الإنسان إلى معرفة الله كما كشف لنا عن ذاته في المسيح يسوع وعندما يختبر ضمن حياته قوة الله الخلاصية و التحريرية فإنه يقدر أن يقول حسب تعاليم الكتاب المقدس الأكيدة:
" إن تعزيتي العظمى في هذه الحياة أو في الموت هي معرفتي الأكيدة لله بأنني لست أملك جسدي ولا روحي بل إنما قد اقتُنيتُ من قِبَل المسيح مخلصي ومنقذي الأمين. وهو له المجد قد قام بكل شيء كممثّلي، لكي لا أعاقب على خطاياي متى ظَهَرْتُ أمام الله وذلك بواسطة موته على الصليب. وقد أنقذني ربي من سلطة الشيطان وهو يحفظني الآن إلى هكذا درجة حتى أنه لا تسقط شعرة واحدة من رأسي بدون إرادة أبي السماوي. وبما أنه المهيمن على سير جميع الأمور في هذه الحياة فإنه يَجْعَلها جميعا تعمل معا لخيري ولمجده تعالى. وهو يمكنني من الوصول إلى هذه التعزية الأكيدة بواسطة روحه القدوس الذي يمنحني ثقة وطيدة بأني حاصل منذ الآن على الحياة الأبدية. لذلك أكرس حياتي له وأسعى لأحبه من كل قلبي"
وهذه المعرفة مبنية على تعاليم عديدة واردة في الكتاب نورد بعضها:
من الرسالة إلى رومية نقرأ كلمات الرسول بولس: " فإنه ما من أحد منا يعيش لنفسه، ولا أحد يموت لنفسه. فإن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت. فسواء عشنا إذن أم متنا فللرب نحن" (14: 7- 8).
وقد اشتهر النبي داود بثقته العظمى بالله وتغنى في المزامير قائلا: " الرب راعي فلا يُعْوزني شيء، في مراع خضر يُربضني، إلى مياه الراحة يوردني، يَرُّد نفسي، يَهديني إلى سبل البر من أجل اسمه. أيضا إن سِرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك أنت معي، عصاك وعكازك يُعَزيانني. تُرتّب قدامي مائدة تجاه مضايقي. مَسَحتَ بالدهن رأسي، كأسي ريّا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام" (23)
" إنما لله انتظري يا نفسي لأن مِنْ قِبَلِه رجائي. إنما هو صَخرتي وخلاصي وملجأي فلا أتزعزع. على الله خلاصي ومجدي، صخرة قوتي، مُحْتماي في الله. توكلُّوا عليه في كل حين يا قوم. اسكبوا قدّامه قلوبكم. الله ملجأ لنا" (62: 5- 8).
وقال النبي أشعياء: " فرحا افرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص، كساني رداء البر، مثل عريس يتزيَّن بعمامة، ومثل عروس تتزين بحليتها. لأنه كما أن الأرض تُخْرِجُ نباتها، وكما أن الجنة تُنْبِتث مزروعاتها هكذا الرب ينبت برا وتسبيحا أمام كل الأرض" (61: 10و 11)
- عدد الزيارات: 5874