المورمون: قدِّيسو آخر الأيّام أم قدِّيسو آخر زمان؟
هذه بدعة أخرى من بدع الغرب، وكأن بدع الشرق لا تكفينا! ففي كل مدة يطلع علينا رجل (وأحياناً امرأة) يدّعي أنّه رأى ملاكاً أو نوراً أو حلماً أو رؤيا، وأنه سمع أصواتاً وأقوالاً قيل له أن يسجّلها، فيصدقه بعض السُذّج والبسطاء. ومع الزمن تنتشر الضلالة وتصير الخدعة وزعيمها نبياً. ولكي نحكم على هذه الهرطقات يجب أن نرجع دائماً إلى الكتاب المقدس. يقول إشعياء: "إلى الشريعة وإلى الشهادة. إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر" (إشعياء8: 20).
وفي تثنية13: 1- 3 يقول موسى: "إذا قام في وسط نبي أو حالم حلماً وأعطاك آية أو أعجوبة، ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلّمك عنها، قائلاً: لنذهب وراء آلهة أخرى لم نعرفها ونعبدها، فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبّون الربَّ إلهكم من كلِّ قلوبكم ومن كلِّ أنفسكم".
وفي متى13: 24و 25 قدّم المسيح لتلاميذه مثلاً فقال: "يشبه ملكوت السموات إنساناً زرع زرعاً جيّداً في حقله. وفيما الناس نيام جاء عدوّه وزرع زواناً في وسط الحنطة ومضى".
وفي يوحنا10: 1 قال يسوع: "إن الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف بل يطلع من موضع آخر فذاك سارق ولص".
وفي رسالة غلاطية1: 8 يقول الرسول بولس: "إن بشرّناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرّناكم فليكن أناثيما" (مرفوضاً ومحروماً وملعوناً). وقد كرّر اللفظة عينها "أناثيما" في الآية التي بعدها لأنه كان يعلم أن الشيطان نفسه هو وراء هذه البدع والضلالات. ولهذا قال في 2كورنثوس11: 14: "ولا عجب. لأن الشيطان نفسه يغيّر شكله إلى شبه ملاك نور".
إليك الآن لمحة عن تاريخ هذه الأخدوعة التي هي المورمون:
مؤسس البدعة هو يوسف سمث (Joseph Smith) من بلدة شارون في ولاية فرمونت في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد زعم أنه رأى رؤيا في سن الخامسة عشرة وأن ملاكاً اسمه "موروني" ظهر له مراراً ما بين الثامنة عشر والثانية والعشرين. ويقول سمث (الذي يطلقون عليه لقب "نبي") إنّه كان يقرأ ذات مرة رسالة يعقوب في العهد الجديد، وعندما وصل إلى الآية القائلة: "إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله..." (يعقوب1: 5)، رفع قلبه وصلّى سائلاً الرب: "أية كنيسة هي على حق؟" فجاءه الجواب، حسب زعمه، "ولا واحدة". وخُيّل إليه أن الله قال: "أريد منك أنت أن تبدأ الكنيسة الحقيقية". وهكذا بدأت كنيسة آخر زمانٍ المليئة بالسخافة والخرافة.
يعتقد المورمون أن الملاك موروني (الذي اشتُقّ اسمهم من اسمه) كشف ليوسف سمث بقعة دُفنت فيها ألواح ذهبية تحتوي على تاريخ أميركا القديم، وأن هذه الألواح مكتوبة بالهيروغليفية المصرية المصحّحة، وأن سمث الفلاّح الأميّ ترجمها في مدة ثلاثة أشهر وهو لم يكن قد بلغ الرابعة والعشرين من عمره.
ويدّعي المورمون أن الملاك أعطى يوسف سمث حجريْن شفّافين (الأوريم والتميم). وهذا الحجران كشفا له ترجمة الألواح في اللغة الإنكليزية. وبينما كان يقرأ الترجمة بسرعة، كان مساعده يدوّن ما يسمع دون أن يرى شيئاً لأن ستاراً كثيفاً كان يفصل بينه وبين سمث.
ولد يوسف سنة 1805 وتربّى في بيت فقير. وفي سنة 1830 أسّس كنيسته المعروفة باسم "كنيسة يسوع المسيح لقدّيسي آخر الأيام". وفي عام 1831ادّعى أنه تلقّى أوامر من الله بأن يهرب هو وأتباعه إلى ولاية ميسوري التي دعاها "أرض صهْيَون". وهكذا بدأ يهرب من مكان إلى آخر والتّهم الأخلاقية وأعمال التزوير تلاحقه كظلّه، إلى أن أُلقِيَ عليه القبض في ولاية إلينوي وأُودعَ السجن. وفي أثناء ذلك قام الجمهور عليه فهاجموا السجن وقتلوه هو وأخاه حيرام.
على أثر مقتل سمث انشق المورمون إلى شِيَع وأحزاب، أهمها حزب "اليوسفيين" (الأقليّة) بقيادة ابن يوسف سمث، وحزب "البريغاميين" (الأكثرية) بقيادة بريغام يونغ (Bregham Young). وقد دار الخلاف بينهما حول الخلافة وتعدّد الزوجات. ويُعتبر هذا الأخير الخليفة الأول لمؤسس المورمون، وهو أيضاً من ولاية فرمونت. وكان كسابقه فلاحاً أمّياً لم ترَ المدرسة وجهه، على حد قوله، أكثر من أحد عشر يوماً. فلما مات سمث، استدعي بريغام من إنكلترا لكي يتسلم زمام القيادة. ولما جاء اقتاد الآلاف من جماعته وسار بهم غرباً إلى أرض صارت تُعرف في ما بعد بِاسم ولاية يوطا.
- عدد الزيارات: 13778