ينكر شهود يهوه ألوهية الروح القدس
لا وجود لما يسمّى بالأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، بحسب زعم شهود يهوه. فهو ليس شخصاً حقيقياً كشخص الآب والابن مثلاً، ولا هو مساوياً لهما في الجوهر، فهم يعتقدون أن الروح القدس هو مجرّد (تأثير) أو (قوة) أو (نفوذ) أو (إحدى العطايا الموهوبة من يهوه لذاك الإله الصغير يسوع...).
للكتاب المقدس رأي آخر، وتعليم يختلف تماماً عمّا يدّعي شهود يهوه، حتى في أول سفر من أسفار الكتاب، يعلن لنا الوحي بكل وضوح أن روح الله هو شخص، لا مجرّد قوة أو تأثير أو نفوذ... الخ... (فقال الرب: لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد...) (تكوين 6: 3). أفليس واضحاً جداً في هذه الآية، أن الذي يدين هو شخص، وليس شيء آخر...
(1)- هل القوة تحزن...؟
هل يمكن للإنسان أن يحزن قوة ما...؟ فقد يحزن الإنسان صديقه، أباه، أمه، أخاه الخ... ولكن لا يمكنه أن يحزن محرّك سيارته ذا القوة الهائلة... كتب النبي اشعيا متكلماً عن الشعب القديم قائلاً: (... ولكنهم تمرّدوا وأحزنوا روح قدسه فتحوّل لهم عدواً وهو حاربهم...) (اشعيا 63: 10).
الرسول بولس في العهد الجديد تكلّم عن هذا الموضوع قائلاً: (لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء...) (أفسس4: 30). فاحكموا على ضوء هذه الآيات إن كانت القوة تحزن...
(2)- هل القوة تقاوم...؟
في نهاية عظته الصارمة الموجهة إلى اليهود قال استفانوس، شهيد المسيحية الأول، موبخاً اليهود: (يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم كذلك أنتم...) (أعمال الرسل7: 51- 52).
فهل يمكن لإنسان ما أن يقاوم فكرة أو نزعة أو عقيدة ما، إلا إذا كانت متجسّدة في شخص ما...؟ فمن إذاً قاوم الروح القدس... اليهود... وماذا كان الروح القدس لكي يقاوم من قبلهم أكان مجرّد قوة...؟
(3)- هل القوة تعزّي...؟
ومن أدرى بالروح القدس أكثر من الابن الحبيب نفسه الذي جاء وخبّر: (إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزِّياً آخلا ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم...) (يوحنا 14: 15- 17).
بحسب مفهومنا لعلم اللغة، فإن كلمة (معزّي) لا تنسب إلا إلى شخص... هذا هو عمل شخص الروح القدس، أن يكون معزّياً آخر، فهل كان يسوع قد استعمل تعبيراً كهذا، للكلام عن سلطان أو قوة، ليس لها شخصية إلهية كما يزعم شهود يهوه...؟ فعليه يكون الروح القدس شخص، وبالتحديد الأقنوم الثالث من الثالوث.
(4)- هل القوة تعلّم وتذكّر...؟
يضيف الرب يسوع قائلاً: (وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم...) (يوحنا 14: 26). وأيضاً (وأما الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء) (يوحنا14: 16).
(5)- هل القوة تشهد...؟
ومتى جاء المعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي...) (يوحنا15: 26).
(6)- هل القوة تبكّت (أي توبِّخ)...؟
كان الرب الحبيب يسوع ينظر ويشاهد تلاميذه والحزن مرتسم على وجوههم، لأنه سبق وأنبأهم بأنه سيمضي عنهم، حتى أضاف قائلاً: (لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزّي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكّت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة...) (يوحنا16: 7- 8).
(7)- هل القوة ترشد وتتكلم وتسمع وتخبّر...؟
(وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور كثيرة...) (يوحنا 16: 13).
عزيزي القارئ، لنلاحظ معاً الاسم والأفعال المستخدمة في هذه النصوص الكتابية، والمقتبسة من قبلنا، فقد أطلق الرب يسوع على الروح القدس اسم المعزي عدة مرات، فهل تستطيع قوة ما بأن تعزي، أو التأثير بأن يلهم الرجاء ويمنح السلوان...؟
أما الأفعال المستخدمة هنا فهي (ثمانية): يعلم- يذكّر- يشهد- يبكّت- يرشد- يتكلّم- يسمع- يخبّر- والسؤال هنا هو: هل القوة تمتاز بهذه الصفات، أو هل التأثير والنفوذ يتمتعان بهذه التخصّصات...؟ أبهذا المقدار هم أغبياء، حتى يفتكروا هذا الفكر الباطل...؟ أو أنه ليس هناك من دارسين وباحثين في الكتاب المقدس غيرهم...؟ أم أنهم بهذه السهولة يُخدعون ويَخدعون ...؟ ولكن للأسف، إنهم عمداً يصمّون آذانهم عن السمع، وقصداً يغلقون عقولهم عن الفهم، وتعصّباً يعمون قلوبهم وقلوب الآخرين عن الإدراك...
وأخيراً إلينا بهذا المقطع الكتابي الذي يبرهن ويؤكد لنا بلا جدل، بأن الروح القدس هو ليس فقط الأقنوم الثالث من الثالوث، بل هو الله بالذات... (ورجل اسمه حنانيا وامرأته سفيّرة باع مُلكاً واختلس من الثمن وامرأته لها خبر بذلك وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل فقال بطرس: يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل أليس وهو باق كان يبقى لك ولما بيع ألم يكن في سلطانك فما بالك وضعت في قلبك هذا الأمر أنت لم تكذب على الناس بل على الله...) (أعمال الرسل 5: 10 4).
نلاحظ هنا أن خطيئة الكذب، كانت محور هذه الحادثة المؤلمة، فقد تحدّاه بطرس قائلاً: (لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس...؟) والأهم من ذلك، أضاف قائلاً: (أنت لم تكذب على الناس، بل على الله...) فمن الواضح جداً هنا بأن كلمة (الله) في آخر الآية الأخيرة، هي: نائب المفعول به (الروح القدس) في السؤال التحدي الموجّه من بطرس لحنانيا، فعليه يكون حنانيا قد كذب على : (الله الروح القدس...).
أيها القارئ العزيز، إن محور عبادتنا كمسيحيين حقيقيين على مرّ العصور كانت، هذا الثالوث المجيد، الذي أُظهر لنا نحن الذين آلت إلينا أواخر الدهور، فعرّفنا عليه الرب يسوع نفسه، ودُعينا مسيحيين على هذا الأساس... والعجيب في الأمر، أنك لا تستطيع أن تعرف الأقنوم الأول (أي الآب) والأقنوم الثالث (أي الروح القدس)، إلا بتعرفّك الشخصي على الأقنوم الثاني ألا وهو الرب المخلّص يسوع المسيح، وتتخذه لنفسك ربّاً ومخلصاً شخصياً. إن أردت أن تعرف الله، فلا تحوّل وجهك عن يسوع، إن كنت غير راسخ بمعرفة هذه الأمور، فما العتب بعد اليوم على شهود يهوه إن كانوا ينكرون هذه العقائد، ولا ينكرونها فحسب، بل يقودونك إلى إنكارها بسبب جهلك لهذه الحقائق الروحية الثمينة.
- عدد الزيارات: 4013