اسم شهود يهوه
عقد ممثلو شهود يهوه مؤتمراً دولياً عام (1931)، الهدف منه تقرير اسم جديد لحركتهم التي حملت عدة أسماء سابقاً، فقرروا أن تسمى حركتهم باسم يعينه الرب نفسه كما ادعوا... فاهتدوا إلى آيتين من سفر اشعيا، تقول: (أنتم شهودي يقول يهوه...) (اشعيا 43: 10و 44: 8).
إن أتباع روسل وروزفورد وكنور، يقولون باعتزاز وفخر، إن الله اسمه يهوه، وما نحن سوى شهود له... يدّعون أن الله نفسه قد فرض عليهم هذا الاسم في سفر اشعيا...؟
إن اسم يهوه هو ولا شك أحد أسماء الله العلم، لكن شهود يهوه نسوا أن الله قبل أن يعرّف نفسه لموسى ولبني اسرائيل بهذا الاسم، عرّف عن نفسه لآدم ولابراهيم واسحق ويعقوب والأنبياء بأسماء أخرى...
أول آية في الكتاب المقدس تعرفنا على أحد أسماء الله (في البدء خلق الله (ايلوهيم في النص العبري) السموات والأرض...) (تكوين 1: 1)، فمن البديهي أن يكون آدم قد عرف الله آنذاك باسم (ايلوهيم). سأله (يعقوب) ابن اسحق، وهو الذي غيّر له الرب اسمه من يعقوب إلى اسرائيل، سأله عن اسمه، فأجابه قائلاً: لماذا تسألني عن اسمي...؟) لم يقل له اسمي يهوه....؟
لاحظوا هذا الأمر العجيب، أن يعقوب أي (اسرائيل) وهو أبو أسباط بني اسرائيل الإثني عشر، لم يكن يعرف الله باسم يهوه... تغرّب نسله في مصر، ومكثوا هناك نحو (400) سنة، فتكاثروا وأضحوا شعباً عظيماً جداً، ثم حان وقت افتقادهم، فأرسل لهم الرب موسى لكي يخلصهم، فقال موسى لله: (ها أنا آتي إلى بني اسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلني إليكم فإذا قالوا لي ما اسمه فماذا أقول لهم...؟) فقال الله لموسى: (هكذا تقول لبني اسرائيل أن يهوه إله آبائكم إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم... هذا هو اسمي إلى الأبد هذا هو ذكري إلى دور فدور...).
هنا ابتدأ الله يتعامل مع شعبه بميثاق جديد، فأعلن لهم فقط عن اسمه الذي عليهم أن يسمّوه به طوال مدة تعامله معهم... وكم كانوا بالحقيقة محتاجين لكي يعرفوا أنا إلههم اسمه (يهوه) أي (الكائن الذي كان والذي سيأتي القادر على كل شيء...).
لم يكتف موسى بالسؤال عن اسم الرب فحسب، بل طالبه بالأكثر فقال: (أرني وجهك) فقال له الرب: (لا تقدر أن ترى وجهي يا موسى، لأن الإنسان لا يراني ويعيش...). نعم إن موسى طلب أن يتعرّف على وجه الرب شخصياً فلم يقدر لا هو ولا بني اسرائيل... عرفوا اسمه فقط. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف أن شهود يهوه يشهدون لإله لا يعرفونه. إذ أن خاصته في القديم لم تعرفه، ولم يطلب منها قط أن تبشّر بهذا الاسم، بل أن تشهد بإحسانات الرب عليها، وعن فضله في تخليصهم من ضيقات كثيرة مرّوا بها عبر التاريخ... ومن المستحيل أن يكرز اليهودي بيهوه وبيهوديّته، لأنه من المستحيل أيضاً أن يعتنق الإنسان الدين اليهودي إلا إذا كان قد تفرّع من أحد أسباط بني اسرائيل الإثني عشر....؟
لكن الله برحمته الغنية، أراد أن يعرّفنا على ذاته، فنزل في أحشاء مريم العذراء، فحبلت به من الروح القدس، فتجسّد، وصار إنساناً، وعاش بيننا، جاع وعطش، بكى وتألم، تحسّس آلامنا، صُلب ومات وقُبر، ثم قام منتصراً من بين الأموات... فمن هو هذا الشخص العجيب...؟
الملاك جبرائيل يبشر مريم قائلاً: (لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع...) (لوقا 1: 30- 31). إن اسم يسوع هو الاسم الآرامي للكلمة العبرانية (يشوع)، وكلمة يشوع هي اسم عبراني مركب من كلمتين (ياه وشوع) الذي تفسيره: (يهوه مخلص) كما سبق وذكرنا...
آه ما أغبى شهود يهوه، إذ أنهم يشهدون لشخص لا يعرفونه سوى بالاسم... فلو دروا أن ذلك الشخص هو يهوه نفسه الذي حل في أحشاء العذراء مريم، لما بقوا في غبائهم، لكنهم سيظلون أغبياء طالما أنهم مصرّين على نكران الله المتجسد، الذي اشتراهم، وطالما أنهم يشهرّون بكنيسته التي اقتناها بدمه الطاهر...
إن المسيحي الحقيقي، هو الشاهد الأمين والوحيد ليهوه المخلص، الذي هو المسيح يسوع وهو الذي طالب بفمه المبارك، تلاميذه قبل انطلاقه إلى السماء قائلاً لهم: (لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض...) (أعمال1: 8).
نعم، نحن شهود ليسوع الذي نعرفه، وليس ليهوه الذي لا نعرفه... والفرق بيننا وبينهم، أنهم من حين إلى آخر يفتشون عن اسم جديد ينتحلونه لحركتهم ثم يغيّرونه إلى أن قرّروا أخيراً اسمهم الحالي... لكن المسيحي بالحق لا يحمل اسماً، اسمه في ثمره، اسمع الرب يقول معرّفاً عن أتباعه: (من ثمارهم تعرفونهم...). الكنيسة الرسولية الأولى كانت بلا اسم... (ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكيا أولاً...) (أعمال 11: 26)، نعم دُعيوا مسيحيين من قِبَلْ الآخرين، نسبة إلى تشابه حياتهم بحياة سيدهم.
الكتاب المقدس هو نِعْمَ المصدر، الذي بواسطته نستطيع أن نزن الأمور على حقيقتها. يعرّفنا الكتاب أن الرسل والتلاميذ، لم يكونوا معروفين باسم شهود يهوه أبداً، ولا حتى بأي اسم آخر إلا (مسيحيين)، ويؤكد لنا مرة أخرى هذه الحقيقة، حتى كان بولس يحاجّ الملك اغريباس: (فقال اغريباس لبولس: بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً...) (أعمال 26: 28).
لا تتعجبوا أيها الأحباء، إن جاء يوم وسمعنا أن الشهود انتحلوا اسماً جديداً لهم، إذ أن لهم سوابق في هذا المضمار، فسمّوا أنفسهم تارة (أتباع روسل) وتارة أخرى (فجر الحكم الألفي) و (العهد الذهبي) و (برج المراقبة) و (تلامذة التوراة) فـ (شهود يهوه). اسمعوا ما يقوله الرسول يعقوب عن مثل هؤلاء: (رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه) (يعقوب 1: 8).
فإذا كان حقيقة كما يدعون، بأن هذا الاسم الذي اختاروه مصدره الله، فكيف يكون ولماذا لم يعط فوراً منذ بدء حركتهم...؟
هل أن الله متقلقلٌ في الرأي...؟
حاشا وكلا أن يكون الله هكذا...اسمعه يقول: (أنا الرب لا أتغير...) (ملاخي 3: 6).
- عدد الزيارات: 4569