دمار أورشليم سنة 607 أم 587؟ (الجزء الثالث)
السنوات السبعون لبابل
لموازنة الدلائل العديدة ضدّ تأريخ أحداثهم، تركز الجمعية الى بعض الآيات في الكتاب المقدّس.(ليأتي ملكوتك صفحة 187)
" توقّع النبي أرميا بأنّ البابليين سيدمرون أورشليم ويجعلون المدينة و الأرض خربة. (أرميا 25:8,9) كما أضاف: " و تصير كلّ هذه الأرض خرابا ودهشا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة" (أرميا 25:11) إنتهت السنوات الـ70 عندما كورش العظيم، في سنته الأولى، أطلق سراح اليهود وعيدوا إلى أرضهم. (2 أخبار الملوك 36:17 – 36:23) نعتقد بأنّ القراءة الأكثر مباشرة لأرميا 25:11 ونصوص أخرى بأنّ السنوات الـ70 تؤرّخ عندما دمر البابليين أورشليم وتركوا أرض يهوذا قفرا "
إنّ السنوات الـ70 لأرميا تطبقها الجمعية إلى الفترة من دمار أورشليم من قبل نبوخذناصر حتى عودة اليهود من سبيهم في بابل الى أرضهم. سقطت بابل إلى كورش في 539 قبل الميلاد. هذا التاريخ ليس محل نزاع. تحاجج الجمعية بأنّ اليهود رجعوا الى أرضهم في 537 قبل الميلاد. هذا محتمل، بالرغم من أنّ سنة 538 أكثر إحتمالا. ثمّ تحاجج الجمعية بأن سقوط أورشليم كان قبل 70 سنة، أي في 607 قبل الميلاد.
لكن دعونا نرى ما قاله النبي أرميا بالنسبة الى السبعين السنة
أرميا 25:11 " و تصير كلّ هذه الأرض خرابا ودهشا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة "
سنلاحظ فورا بأنّ أرميا لم يقل أنّ أورشليم ستكون خربة لسبعون سنة. إن هذه السنوات السبعين كانت وقت عبوديّة، وليس خرابا. بالرغم من أنّ في سياق الكلام يتكلّم عن الخراب، لكن السنوات السبعون نفسها تنطبق على العبوديّة فقط. علاوة على ذلك، لم تستقصر العبوديّة على الإسرائيليين فقط , " هذه الشعوب " تتضمن الكثير طبيعيا، إن لم يكن كلّ أمم تلك المنطقة.
بدأت "هذه الشعوب" بخدمة نبوخذناصر ليس بعد من 605 قبل الميلاد، عندما - كما رأينا - أخذ سجناء وغنيمة من أورشليم. وفي تلك السنة هزم نبوخذناصر فرعون مصر نخو (أرميا 46:2)، دفعت الشعوب في هذه المنطقة إلى ملك بابل من هذه السنة. إنتهت الفترة فجأة في 539 قبل الميلاد، عندما سقطت بابل على أيدي كورش. هذه الفترة من العبوديّة دامت ستّ وستّون سنة، أيّ سبعون سنة تقريبا.
هو محتمل جدا، على أية حال، لتطبيق بداية هذه الفترة بعد مرور سبعين سنة من السنة 609 قبل الميلاد، متوصلين بالضبط لسبعون سنة. هذه السنة سقطت هاران، و انتهت فترة قيادة الإمبراطورية الآشورية تاركة لبابل السيطرة هذه المنطقة. هكذا، في 609 سيادة " هذه الشعوب " إنتقلت من الإمبراطورية الآشورية إلى بابل. بعض الأمم وقعت تحت بابل فورا، و البعض الأخر وقعوا لاحقا.
على أية حال، مهما كان التفسير الذي نختاره للسنوات السبعين، فإن القراءة الأكثر طبيعية لأرميا 25:11 تعطي نهاية السنوات السبعين في 539 قبل الميلاد عندما سقطت بابل إلى كورش. أيضا، بداية هذه السنوات ليس لها علاقة بسقوط أورشليم، لكن لسيادة بابل.
يذكر أرميا السنوات السبعون في آية أخرى.
أرميا 29:10 " لأنه هكذا قال الرب. إني عند تمام سبعين سنة لبابل أتعهدكم وأقيم لكم كلامي الصالح بردكم الى هذا الموضع."
ترجمة الجمعية للكتاب المقدس ترجمة عالم جديد و ترجمة الملك جايمس وحدهم يترجموا نص أرميا 29:11 "سبعون سنة في بابل" اما باقي الترجمات بما فيها البروتستانت العربية فتترجم الى "سبعين سنة لبابل"
العديد من الباحثين اليهود للغة العبرية يترجموا نص أرميا الى "سبعين سنة لبابل"
إن دراسة نص أرميا تؤكد أيضا أنه ليس محتمل تطبيق هذه السنوات السبعين من دمار أورشليم إلى أن حرّر كورش اليهود من بابل. إنّ سياق الكلام في الآية أعلاه تظهر بأنّه جزء من رسالة أرسلت من أرميا إلى أولئك الذين أسّروا من أورشليم في الأسر الثاني ( 2 ملوك 24:10 – 2 ملوك 24:17, 2 أخبار 36:10).
كانت كلمات أرميا أعلاه قبل دمار أورشليم ب 10 سنوات.
في هذه الرسالة (أرميا 24:9,10,11) يخبر أرميا الأسرى بإنّهم يجب أن يستقرّوا في بلاد بابل وأن لا يتوقّعوا عودة سريعة كما توقع بضعة أنبياء مزيفين. فسيبقون في بابل حتى سبعين سنة " تكمل لبابل " فقط عندها يعودون.
وكلام أرميا يشير بأن السبعين السنة كانت قد ابتدأت, وإلا لكلمهم بالإنتظار حتى تبدأ السبعين السنة.
إذا كانت السنوات السبعين ستبدأ في المستقبل، بعد عشر سنوات عندما كتبت كلمات أرميا، هذا يعني أن الله قرّر بدمار أورشليم. ففي هذه الحالة، إن التحذيرات التالية لأرميا ستكون عندها بلا معنى:
أرميا 38:17,18 " فقال أرميا لصدقيا هكذا قال الرب، إله الجنود، اله إسرائيل. إن كنت تخرج خروجا إلى رؤساء ملك بابل تحيا نفسك ولاتحرق هذه المدينة بالنار بل تحيا أنت وبيتك. ولكن إن كنت لا تخرج إلى رؤساء ملك بابل تدفع هذه المدينة ليد الكلدانيين فيحرقوها بالنار وأنت لا تفلت من يدهم."
إذا قرّر الله أن يحرق المدينة قبل عشر سنوات، فأن هذا التحذير سيكون عقيم. المثال في كتاب يونان يظهر أن الله يغير خططه أذا قدم عباده على التوبة.
رأينا إذا أن أرميا لم يتحدّث أبدا عن سبعين سنة من الخراب لأورشليم. يجب أن نبقي هذا في الذهن عندما نفحص الآيتين القادمتين، حيث رأى دانيال وعزرا تطبيق لكلمات أرميا. أن من الطبيعي أن هذه النصوص لا يجب أن تكون مناقضة لكلمات أرميا نفسه.
واجه النبي دانيال الإنجاز المثير لنبوءة أرميا. من المحتمل كان بين الأسرى اليهود الذين إستلموا الرسالة من أرميا (أرميا 29:4). على الأقل عرف محتويات هذه الرسالة التي تعد بعودة إلى الأرض المقدّسة بعد 70 سنة من السيادة البابلية.
في إحدى ليالي سنة 539 قبل الميلاد، إنتهى زمن الإمبراطورية البابلية العظيمة، عندما رأى ملك بابل الكتابة على الحائط – بواسطة يد الله.
نعم، أعد الله عدد أيام مملكة البابليين. بعد سبعين سنة بالضبط من هزيمتهم للآشوريين, وأخيرا المديانيين والفرس تحت الملك كورش وضعوا حدّا لهيمنة بابل. يشير دانيال " في تلك الليلة، قتل الملك الكلداني".
لاحظ تسلسل الأحداث كما هي موصوفة من قبل أرميا:
أرميا 25:11,12 "و تصير كلّ هذه الأرض خرابا و دهشا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة. و يكون عند تمام السبعين سنة أني أعاقب ملك بابل و تلك الأمة يقول الرب على إثمهم وأرض الكلدانيين وأجعلها خربا أبدية "
أولا, السنوات السبعون كان لا بدّ أن تنفذ، منثمّ سيحاسب ملك بابل. لكن طبقا لتفسير الجمعية، انتهت السنوات السبعين بعد سنتان من محاسبة ملك بابل. كما أي واحد يمكن أن يرى بسهولة، أن هذا التفسير يناقض النصّ.
اليهود الذين كانوا في الأسر البابلي لا شكّ قدّروا نهاية الإمبراطورية البابلية. عرفوا بأنّ هذا يجب أن يحدث قبل أن يعودوا إلى أورشليم ويعيدون بناء الهيكل والمدينة. ثم، كما أرميا قال، سيعودون. (أرميا 29:10)
هذا ما وجده دانيال متى بدأ فحص هذه النبوءات بعد سقوط بابل:
دانيال 9:2 "في السنة الأولى من ملكه أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى أرميا النبي لكمالة سبعين سنة على خراب أورشليم"
تستعمل الجمعية هذه الكلمات في أغلب الأحيان لدعم تفسيرهم من السنوات السبعين، يعني بأنّ هذه السنوات كانت السنوات من دمار أورشليم إلى أن عاد اليهود.
يقول دانيال ببساطة بأنّ سبعين سنة كان لا بدّ أن تمر قبل خراب أورشليم يمكن أن ينتهي. فهو لا يقول بأنّ هذه السنوات السبعين بدأت منذ دمار أورشليم. لاحظ هذه الترجمة القيادية:
دانيال 9:2 " في السنة الأولى من عهده أنا، دانيال، كنت أدرس الكتب المقدّسة، وحساب عدد السنين - كما هي منزّلة من قبل يهوه إلى النبي أرميا - التي كانت أن تعبر قبل خراب أورشليم ينتهي، يعني سبعون سنة " (ترجمة أورشليم الجديدة)
ترجمة دقيقة أخرى:
دانيال 9:2 " في السنة الأولى من عهده، أنا، دانيال، أدركت في الكتب، عدد السنوات التي، طبقا لكلمة الرب إلى أرميا النبي، يجب أن تعبر قبل نهاية خراب أورشليم، يعني سبعون سنة " (ترجمة الأساسية المنقحة)
الكلمة لـ" خربا " chorbah في العبري لا تعني دمار أو خراب كامل، كما نحن سنرى. رأينا بأنّ نبوخذناصر أخذ سجناء وغنيمة من أورشليم في 605 قبل الميلاد، سنة توليه الملك. وكلّ سنة بعد ذلك عبرت جيوشه الأرض، لا شكّ محدثة دمار أكثر، والكتاب المقدس يتكلم عن مجموعات غازية من الأمم المختلفة التي سببت خرابا اضافيا في ذلك الوقت (2 ملوك 24:2, أرميا 35:11).
إذا نظرنا إلى كيفية إستعمال هذا التعبير في مكان آخر من الكتاب المقدس، تسقط حجّة الجمعية بالكامل. يتكلّم النبي حزقيال حول "الساكنين في هذه الخرب في أرض إسرائيل " (حزقيال 33:24,27)، الذي يجعل الكلمة واضحة جدا على أنها لا تشير إلى أماكن مجردة من الناس. عندما نرى أيضا، في نحميا 2:1 عندما يدعو الكتاب المقدس خربا حتى بعد ما عاد اليهود إليها، ندرك بأنّ تطبيق الجمعية لهذه الكلمة خطا.
رأينا الآن بأنّ دانيال 9:2 لم يقدّم أي دعم إلى تفسير الجمعية. أولا، لم يصرّح دانيال في أي مكان بأنّ السنوات السبعين ابتدأت عند دمار أورشليم. ثانية، بدأ خراب أورشليم من قبل سنوات عديدة من دمارها النهائي في 587 قبل الميلاد.
الآية النهائية التي سنفحصها في إعتبارات السنوات السبعين متعلقة أيضا بإتمام نبوءة أرميا. يجب يفحص النص بكلمات أرميا نفسه. استنتج الكاتب عزرا في سجلاته حول ملوك يهوذا بهذه الكلمات:
2 أخبار 36:20,21 "وسبى الذين بقوا من السيف الى بابل فكانوا له ولبنيه عبيدا إلى أن ملكت مملكة فارس لإكمال كلام الرب بفم إرميا حتى أستوفت الأرض سبوتها لأنها سبتت في كل أيام خرابها لإكمال سبعين سنة"
يمكن أن تشيرهذه الكلمات ضمنا إلى أنّ الأرض أقفرت بالضبط سبعين سنة. كما رأينا فوق، الخراب بدأ قبل الدمار النهائي لأورشليم، لذا هذا لن يعير أي دعم إلى تفسير الجمعية على أية حال.
علاوة على ذلك، عزرا لم يقل بأنّ فترة سبعين سنة وازت الفترة عندما الأرض كانت خربا. قال ببساطة بأنّ السنوات السبعين كان لا بدّ أن تنته قبل انتهاء وقت الخراب.
لم يذكر أرميا سنوات السّبت فيما يتعلق بالسنوات السبعين في أي مكان. لا شكّ أشار عزرا إلى النبوءة في لاويين 26:33. لا يساوي عزرا الوقت لدفع السبوت بالسنوات السبعين. يشير إلى نبوءتين مختلفتين، ويشير إلى فترتين كان لزاما عليهما أن تكمل قبل أن يتمكن اليهود من العودة : إستراحة السّبت والسنوات السبعين من السيادة البابلية.
هناك أمر فيما يتعلق بإستراحة السّبت يجب التذكير به. إذا الأرض كان لا بدّ أن ترتاح لسبعين سنة، هذا يعني بأنّ لـ490 (7*70) سنة، لم يحفظ الشعب اليهودي يوم السّبت. هذا يعيدنا إلى 1077 قبل الميلاد (أو 1097 في تأريخ أحداث الجمعية). هذا كان قبل عهد الملك داود، حتى قبل شاول الذي كان الملك الأول. هل من المحتمل أن الأرض لم تقيم السّبت لسنة واحدة أثناء عهود شاول وداود وسليمان ويوشيا؟
- عدد الزيارات: 4743