الإصحاح الثالث والعشرون: رد أيوب على أليفاز - خوف من الله كعدوه
(ع13-17) خوف من الله كعدوه.
"أتأمل فارتعب منه لأن الله قد أضعف قلبي والقدير روّعني لأني لم أقطع قبل الظلام ومن وجهي لم يغط الدجى (أي الظلام)".
على أنها قاعدة صحيحة أننا إذا امتدحنا أنفسنا فإننا ندين الله. وهكذا يضيف أيوب أن الله مصر على معاقبته، وليس ما يحول دون تنفيذ مقصده. وفي الواقع هو خير لأيوب، ولأنفسنا، أن يكون في جانبنا ذاك "الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران". وكان أيوب يتصور أن الشيء المعيّن له، المفروض عليه، ليس إلا التعاسة والألم اللذين يجتاز خلالهما، بينما الواقع أن ما يمر به ليس سوى "إن كان يجب"- الأمر الذي ينشئ صبراً. هو لم يكن يرى "عاقبة الرب" المفروضة "إن الرب كثير الرحمة ورؤوف". عاقبة المحبة العظيمة، والتي هي من العظمة بحيث لا تجعله يتحول عن أغراض البركة بسبب شكوانا وعدم إيماننا. نعم "وكثيراً مثل هذه عنده" فإن طريق كل واحد من أولاده تختلف، ولكن العاقبة هي هي.
إن "صبر أيوب" ليس ظاهراً هنا. بل العكس، فإن المخاوف تملأ قلبه. هو يخشى الله كعدوه، ويتمنى لو ينجو أو يتخلّص من تلك الحضرة التي كان يحن إليها مؤخراً. وهو يلوم الله لأنه هكذا غمره وألقى أفكاره في لجة الفوضى والارتباك.
العدد الأخير في هذا الجزء يبدو على أي شيء من الغموض. فإن الترجمة المعترف بها أو المصرح بها ترينا أيوب في هذا العدد متمنياً لو أنه كان قد قُطع قبل أن يحل به هذا الظلام، وأنه لم يكن يراه. غير أن ترجمة أخرى تساير القرينة (من بينها الترجمة العربية) فترينا أيوب يؤكد خوفه من الله، وأنه لا يريد التخلص من النكبات التي أحاطت به على قسوتها، بل من ذلك الكائن العظيم المخوف الذي يملأ نفسه خوفاً "لأني لم اقطع قبل الظلام (أي ظلام الضيق الحاضر) ومن وجهي (المشوّه بفعل المرض) الذي يغطيه الدُجى "تبارك الله، فقد تجلت محبته الكاملة في المسيح، فكل شيء معنا لامع منير وما الظلمة التي تراودنا إلا غيمة عابرة لن تستطيع أن تحجب مجد المحبة التي تشرق علينا وتنير نفوسنا وسبلنا.
- عدد الزيارات: 13070