مقدمة
عنوان السفر "الجامعة" يعني من يجمع محفلاً (1مل 8: 1) ليتحدث إليهم كلام الحكمة التي من الله (جا 12: 9). أيضاً يُشير سليمان إلى نفسه كمن أُعطى أن يجمع في حياته واختباراته دروساً عملية عن بُطل وفراغ العالم, ليقدمها للأجيال القادمة. وخلاصتها أنه ضل عن الطريق الحقيقي للشبع والراحة في الله ذاته, لكن الله في غنى نعمته ردّه إليه, وهكذا في هذا السفر يقدم أثماراً تليق بالتوبة (مت 3: 8) وإذ قد رجع إلى الرب يريد أن يعلّم الأثمة طرقه (طرق الرب) (مز 51: 13), وكما قال الرب لبطرس "وأنت متى رجعت ثبّت إخوتك" (لو 22: 32).
الكاتب:
1- فاتحة السفر "كلام الجامعة بن داود الملك في أورشليم" فيها التأكيد أن الكاتب هو سليمان.
2- هناك أقوال في السفر لا تنطبق إلا عليه. مثلاً "ها أنا قد عظمت وازددت حكمة أكثر من كل من كان قبلي على أورشليم" (1: 16, 2: 4, 7: 23, 12: 9). لكن لا ننسى أن الكاتب الحقيقي لكل أسفار الوحي المقدس, هو الروح القدس الذي أوحى بكل أسفاره المعصومة "تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2 بط 1: 21).
اتجاه السفر أو الغرض منه:
يسمى سفر الإنسان الطبيعي الذي لا يرى إلا ما تحت الشمس, فهو يناقش مشكلات الحياة بدون واهب الحياة الذي به نحيا ونتحرك ونوجد (أع 17) وهو تعليق مطوّل على قول الرب الكريم للمرأة السامرية "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً" (يو 4: 13).
والمشكلة؛ هل يمكن للعالم بدون الله أن يُشبع القلب ويملأ فراغ النفس؟ وجدير بسليمان أن يعالج هذا الموضوع, فقد هيأت له العناية الإلهية أن يبلغ من عظمة المُلك والجاه ما لم يبلغه ملك سواه, إذ تجمعت له الثروة والشباب والقوة منذ ارتقائه عرش المملكة, وتميّز بقدرات ومواهب فذة. وإذ فشل في مساعيه, تبدو الفلسفة البشرية عاجزة عن أن تعلل أبسط مشكلات الحياة, وهكذا نرتمي في إخلاص على ذاك الذي هو الحكمة الأزلي المجيد أقنوم الكلمة المحبوب مُعلن الله في كل صفاته "ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا من الله حكمة وبراً وقداسة وفداء" (1 كو 1: 30), "أنا الحكمة أنا الفهم من يجدني يجد الحياة وينال رضى من الرب" (أم 8: 12, 35).
طابع السفر:
عبثاً نحاول أن نعثر في هذا السفر على تعبير واحد من تعبيرات البهجة أو نغمة تسبيح وترنم وهتاف تنطلق من خلال تدريباته واختباراته. وهو بذلك يرفع نظرنا إلى ابن الله المبارك الذي وهو مقبل على الصليب استطاع أن يقود أحباءه للتسبيح "قوموا ننطلق من ههنا", "ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون" (يو 14: 31, مر 14: 26).
وهكذا نرى في هذا السفر المفارقة الكبيرة بين أنات إنسان توفرت له كل مباهج الحياة كالملك سليمان, وترنيمات وأفراح أصغر مؤمن في العهد الجديد حتى ولو لم يتوفر له شيء من متاع الدنيا.
تاريخ كتابة السفر:
واضح أنه كُتب في أخريات أيام سليمان, بعد أن أضلته نساؤه الوثنيات, وواضح فيه توبته وندمه وزفرات قلبه المعبرة عن رجوع حقيقي لله, ذلك لأنه أحد أولاد الله فكان لا بد من رجوعه.
تقسيم السفر:
أولاً: موضوع السفر- الكل باطل ص 1:1- 3
ثانياً: التدليل على هذه الحقيقة:
1- زوال كل الأشياء ص 1: 4- 11
2- الآثار المؤلمة رغم الحكمة والقوة والمعرفة ص 1: 12- 18
3- اللذة والمسرات تنتهي بالفشل والفراغ والألم ص 2: 1- 3
4- الثروة والأعمال العظيمة لا تعطى راحة ولا شبعاً ص 2: 4- 11
5- الحكمة خير من الجهالة ولكن لكل منهما نهاية ص 2: 12- 26
6- دورة الحياة المُتعِبة ص 3
ثالثاً: شرح تفصيلي لبطلان كل شيء تحت الشمس:
1- من ناحية ضيقات الحياة ص 4
2- من ناحية الغنى والفقر ص 5
3- من ناحية نهاية الإنسان الحتمية ص 6
4- من ناحية شر الإنسان الذي لا علاج له ص 7
5- من ناحية استطاعة فهم سر العناية الإلهية ص 8
6- من ناحية تقدير العالم الخاطئ للأمور ص 9
7- من ناحية فوضى العالم ص10
رابعاً: أفضل شيء ممكن الإنسان الطبيعي ص 11, 12: 1- 12
خامساً: أفضل شيء الإنسان تحت الناموس ص 12: 13, 14
- عدد الزيارات: 2007