Skip to main content

الأصحاح الخامس والعشرون

يُذكر الكتب المقدس مرتين أنه لما مات صموئيل فإن جميع إسرائيل ندبوه ودفنوه في بيته في الرامة (1 صم 25: 1، 28: 3)- جنازة رسمية في حزن وانتخاب من الجموع، على الرجل الذي لم يسمعوا لأقواله وهو وحي بينهم، والذي تمرمرت سنواته الأخيرة بإثم الملك والشعب! وكان يوماً عظيماً حتى قيل إنه "اجتمع جميع إسرائيل" وهل حضر معهم شاول؟ لا يقال. لأن الجسد حتى في هذا لا يمكن أن يكون متطابقاً.

لقد جاء كثير من الأنبياء بعد صموئيل قبل أن يظهر سيدنا ولكنهم جميعاً عوملوا من الناس أقسى معاملة "أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم؟" هكذا يقول استفانوس "وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه" وقال الرب لقادة الدين في يومه "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ" (مت 23: 29، 30). ثم استطرد ليخبرهم بأنه سيُرسل إليهم أنبياء وحكماء وكتبة، ولسوف يقتلونهم ويصلبونهم ويجلدونهم. وسفر الأعمال يسجل تتميماً لأقوال سيدنا.

من اليسير تكريم الموتى الذين لم تعد تحذيراتهم الأمينة تؤثر على الضمائر، والجسد يحصل على شيء من الإشباع بمثل هذا العمل. لكن الشيء الذي يفوز بتقدير الله هو إطاعة رسائل خدامه وهم أحياء وتذكر أقوالهم بعد رحيلهم، في وفاء (عب 13: 7). والثناء على الموتى مع رفض تعليمهم فذلك من أشر صور الرياء الديني، والعالم مليء به.

خذ مثلاً في العالم المسيحي يكرمون بطرس تكريماً عظيماً، وتبنى الكاتدرائيات على اسمه. لكن لو عاد بطرس الصياد ووقف على منبر إحداها ليُعلِّم بالحقائق التي أنطوت عليها رسالتاه الأولى والثانية لناله من السخرية مثل ما نال معلمنا في مجمع الناصرة، فمن المحقق أن بطرس سوف يخبرنا، أن الولادة الثانية هي ثمرة زرع لا يفنى، زرع كلمة الله مقبولة في قلب بالإيمان (1 بط 1: 23). بينما المسيحية الاسمية تؤكد أن الولادة الثانية تنشأ بطريق المعمودية التي تقوم بها أيد كهنوتية، وكذلك يخبرنا بطرس أن جميع المؤمنين بالرب يسوع المسيح هم كهنة- "كهنوت مقدس لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" غير أن المسيحية الاسمية تصر على أن الكهنوت قاصر على فئة محددة من الناس دون سواهم، وهكذا يلقون بقديسي الله في ظلام الجهل ويباعدون بهم عن معرفة أبيهم وإلههم.

إن الأبنية البشرية التي يشيدها الناس تكريماً للموتى، مقابر كانت أو كاتدرائيات، ليست في نور الأبدية، بذات قيمة على الإطلاق، لكن من ذا الذي يستطيع أن يكون له تقدير لأقوال الروح القدس التي تكلم بها- سحابة الشهود- الذين كان صموئيل واحداً منهم، والذين لم يكن العالم مستحقاً لهم!!.

ذفي الأصحاح السابق لم ينتصر داود على شاول فحسب بل انتصر على نفسه أيضاً، أظهر السلوك الذي يليق بشخص سالك أمام الله، لكن في هذا الأصحاح فنحن مدعوون أن نشاهده وهو يمثل الفشل في الناحية التي ظهرت فيها قوته.

بعد موت صموئيل انحدر داود إلى الجنوب ونزل إلى برية فاران، وتقع فاران على حدود يهوذا بين سيناء وفلسطين.

"وكان رجل في معون وأملاكه في الكرمل". والكرمل هنا ليس هو جبل الكرمل الشهير الذي يقع في شمال كنعان ضمن حدود سبط أشير، لكنها مدينة تقع على جبل له نفس الاسم في جنوب يهوذا، وأشتقت اسمها من الأراضي المجاورة، وكان للرجل ثلاثة امتيازات"

أولاً: كان الرجل عظيماً جداً أي أنه كان غنياً حيث كان ثلاثة آلاف من الغنم وألف من المعز.

ثانياً: كانت له امرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة اسمها أبيجايل ويعني اسمها "أب أو مصدر الفرح والسرور"، "امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ" (أم 31: 10). وقال لها داود "مبارك الرب.. ومبارك عقلك ومباركة أنتِ".

     ثالثاً: وهو كالبي أي من نسل كالب. ويذكر كالب في يشوع 13 أنه جاء بكلام طيب بعد تجسس الأرض وقال للشعب ولموسى "إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها". ولكن يا للأسف فإن من نسله يأتي نابال.

احتمل داود من شاول آلاماً كثيرة حتى أنه فقد الشعور بالسلام في حياته، ونابال الذي لجأ إليه داود لكي يأخذ منه عطايا نظير لحراسته لغنمه لم يكن مثل شاول عدواً لداود لكنه كان رجلاً متكبراً وقحاً في الرد على طلب داود، ومع ذلك كان في الإمكان أن يظهر داود حالة ضبط النفس تجاهه، ولكنه فشل في ذلك، وظهر أنه غضوب شرس حتى أنه عزم أن يقتل ليس فقط نابال بل كل من في بيته، ولم يكن هذا المظهر هو المظهر اللائق بملك سوف يملك على شعب الله، الحاكم الذي يحكم في مخافة الرب.

صحيح قاسى داود من ظلم شاول طويلاً، وتدرب في مدرسة الله ولكن لم يكن هنا ذلك الشخص الذي يسلك في محضر الله. سبق أن ظهر فيه كل ما هو حلو وجميل، كل ما هو من الله، لكن هنا ظهر بمظهر مختلف تماماً، ولا شك أنه درس مفيد لنا أن نتمعن في هذا الدرس ونرى كم هو رهيب أن يرتحل أربعمائة رجل تحت أمر داود لقتل كل من في بيت نابال الذي كان يسكن في "معون". ومعنى كلمة معون "مكان سكنى الله" وكانت معون في "الكرمل" ومعنى هذا لاسم "الإثمار" ولكن ما أبعد معاني هذا الأسماء عن اسم "نابال" الذي يعني "حماقة"، كان ينبغي أن يكون شاعراً أنه في محضر الله ويثمر لمجد اسمه، ولكنه كان أحمق جاهلاً ويقول في قلبه "لا يوجد إله".

أما "أبيجايل" المرأة الحسنة المنظر الجميلة الصورة ففي اقترانها بنابال فهي تمثل الطبيعة الجديدة في وجودها مع الطبيعة العتيقة في المؤمن التي تقول ليس إله.

وحدثت أحداث هذا الأصحاح بصدد جز الغنم، وكان جز الغنم يرتبط بأفراح وولائم عظيمة. وتذكر هذه المناسبة ثلاث مرات في العهد القديم"

<1> في تكوين 38 حين صعد يهوذا إلى جزاز غنمه ودخل على ثامار كنته.

<2> هنا في هذا الأصحاح وارتبط جز الغنم برفض الملك داود مسيح الرب.

<3> في صموئيل الثاني 13 حين أوصى أبشالوم غلمانه ليقتلوا أمنون أخاه لأنه أذل ثامار أخته.

ونلاحظ أنه في هذه المرات الثلاث ارتبط جز الغنم بخطايا بشعة أمام الرب. وهذا يذكرنا بقول النبي "حينَ صَنَعْتِ الشَّرَّ حِينَئِذٍ تَبْتَهِجِينَ" (إر 11: 15). لكن الخطية الأعظم كانت يوم جز الحمل الذي قال عنه المعمدان "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1: 29) يوم كان "كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (إش 53: 7) حين رفض الشعب مسياهم ومخلصهم.

كان نابال يجز غنمه عائشاً في بحبوحة يعمل ما يحسن في عينيه، وحين كان يجز غنمه وسط صخور الكرمل، وهم في حماية داود وحُفظت أغنامهم ولم يُؤذ ولا فُقد منهم شيء في الأيام التي رافقوهم معاً في الحقل، وكانوا سوراً لهم ليلاً ونهاراً عندما كانوا يرعون الغنم معهم. فقال داود لغلمانه "اصعدوا إلى الكرمل وأدخلوا إلى نابال. واسألوا باسمي عن سلامته. وقولوا هكذا حييت وأنت سالم وبيتك سالم وكل ما لك سالم". "السلام" يا لها من كلمة محببة! هل يمكن للعالم أن يقدرها؟ أن شيئاً واحداً لا يمكن للعالم أن يوفره أو يشتريه بالمال- إنه السلام- فمكتوب "ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات" إن العالم يتحدث عن الفرح والطلب والسعادة ولكن لا يذكر السلام لأنه لا يعرفه. "لا سلام قال إلهي للأشرار" (إش 48: 22).

وحين أرسل إليه داود يُذكّره أنه كان حارساً لقطعانه، ولذلك يطلب منه تعويضاً عن تعبه في ذلك، وكانت إجابته أنه شتم داود وقال من هو داود ومن هو ابن يسى.. لا أعلم من أين هم" لم يعرف نابال داود كمسيح الرب ليكون ملكاً على شعبه إسرائيل، ولم يعرفه كمخلص الأمة من يد جليات الفلسطيني الذي ظل يُعيّر صفوف شعب الله لمدة أربعين يوماً. وداود في ذلك رمز للرب يسوع المسيح الذي "كَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ" (يو 1: 10، 11)، وقال نابال أيضاً "أآخذ خبزي ومائي وذبيحي الذي ذبحت لجازيّ وأعطيهم لقوم لا أعلم من أين هم" وهذا يذكرنا بالغنى الذي جاءت الإشارة إليه في لوقا 12 الذي قال هو الآخر "مخازني.. غلاتي.. خيراتي.. نفسي".

وعندما سمع داود هذا الكلام قال لهم "ليتقلد كل واحد منكم سيفه" فطالما رفض نابال السلام، فليقع إذن تحت الدينونة. وآسفاه على نابال!! فذبيحة السلام رُفضت وأصبح واقعاً تحت القضاء الإلهي. لقد قابل رسالة الرحمة الحلوة بهزء وسخر منها وجهلها. ثم جلس ليأكل ويشرب بينما كان الموت يرفرف على بيته "وبعد نحو عشرة أيام ضرب الرب نابال فمات".

"فتحول غلمان داود إلى طريقهم ورجعوا وجاءوا وأخبروه حسب كل هذا الكلام" إنها فكرة جميلة لكل خدام الرب، فعندما يُكرز بالكلمة فإنه يصبح من امتيازنا أن نرجع إلى الرب لنخبره بما فعلنا. قال عبد إبراهيم "اصرفوني إلى سيدي" (تك 24: 54).كان قلبه مع سيده، وكذلك الرسل الذين أرسلهم الرب "لما رجعوا أخبروه بكل ما فعلوه" (لو 9: 10).

وإن كان نابال يشير في موقفه هذا إلى إسرائيل المرتد في أيام ربنا يسوع له المجد حين كان هنا على الأرض؛ إذ رفضوه وقالوا دمه علينا وعلى أولادنا، ولكن بعد اختطاف الكنيسة سوف ترجع بقية منهم إلى الإيمان، وترمز إليها أبيجايل التي بإيمانها حوّت الدينونة عن البقية إلى الجزء المرتد من الأمة، كما يمكن من نواحي أخرى أن نرى فيها صورة للكنيسة في اقترانها بالمسيح.

وأبيحايل لا تشير فقط باقترانها بنابال إلى الطبيعة الجديدة باقترانها بالطبيعة العتيقة في المؤمن بل أيضاً إلى المؤمن الروحي البالغ في الإيمان. وهي بتميزها الروحي أعطت لداود مظهراً يناسب الملوك إذ أخذت خبزاً الذي نجد فيه رمزاً للمسيح كخبز الحياة، وزقي خمر الذي يشير إلى الفرح المذخر لنا في المسيح، وخمسة خرفان مهيأة وهي تشير إلى المسيح كذبيحة، وخمس كيلات من الفريك الذي يشير إلى المسيح الذي قُطع في منتصف أيامه وشوي بالنار، والزبيب يشير إلى الفرح المضاعف الذي لنا في المسيح، أما التين فيشير إلى الثمر الذي يعطيه لنا الروح القدس في المسيح.

قدمت أبيجايل هذا كله إلى داود وسجدت، فالمؤمن الساجد يقدم للمسيح ما يخصه بروح السجود، أما كلماتها فترينا قمة السمو الروحي والإيمان- فهي أولاً تطلب الغفران كما أنها واثقة أن الرب رتب لداود بيتاً أميناً لأنه يحارب حروب الرب، كما أنها كانت ترى الكمال في داود "ولم يوجد فيك شر" وتقول عن شاول أنه مجرد رجل كان يطارد داود ويطلب نفسه، ولكن لتكن نفس داود محزومة في حزمة الحياة مع الرب إلهه إشارة إلى الحياة الأبدية التي تكلم عنها ربنا يسوع المسيح له المجد في يوحنا 10 الحياة الأبدية التي يعطيها لخرافه، أما أعداء داود فليرم بها كما من كفة المقلاع إلى هاوية العذاب وهذا هو مصير الرافضين للمسيح والذين يمثلهم الرافضون لداود كالملك.

وتعترف أبيجايل بداود كسيدها ويذكر التعبير "سيدي" في هذا الجزء 14 مرة وهي في ذلك رمز للمؤمن الذي يعترف بالرب سيداً له "قُلْتُ لِلرَّبِّ أَنْتَ سَيِّدِي. خَيْرِي لاَ شَيْءَ غَيْرُكَ" (مز 16: 2).

كانت أبيجايل في إيمانها تثق تماماً أن داود لا بد أن يملك عل الشعب ولا ينبغي أن يسفك دماً بريئاً يكون له عثرة في المستقبل، وهكذا عن طريق أبيجايل منع الرب داود وحفظ قدميه من السلوك في الشر. وطلبت أبيجايل من داود أن يذكرها حين يملك على الشعب. ويذكرنا ذلك بما حدث للرب يسوع المسيح حين كان مرفوضاً ومعلقاً على الصليب حيث قال له أحد اللصين المصلوبين معه "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" لقد آمن بالرب بالرغم من كل مظاهر الرفض والاحتقار والتعبير الموجهة ضده واعترف به كالملك وكانت إجابة الرب له "الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" (لو 23: 43). لقد أجاب الرب طلبته في نفس اليوم وليس كما طلب هو حين يأتي الرب في ملكه، لكن داود أجاب طلب أبيجايل بعد موت نابال أي بعد عشرة أيام.

ونلاحظ أن النقطة الهامة في خطاب أبيجايل البليغ هي الإشارة الخصوصية للمستقبل "الرب يصنع لسيدي بيتاً أميناً"، "لتكن نفس سيدي محزومة في حزمة الحياة مع الرب إلهك"، "ويقيمك رئيساً على إسرائيل" كل هذه الإشارات المجيدة لمستقبل داود المبارك إنما كان القصد منها تحويل قلبه عن الألم الحاضر، وأن البيت الأمين وحزمة الحياة والمملكة كانت أسمى لداود من جميع أملاك نابال وغنمه لأن رئيس المملكة لا تغريه بعض الغنيمات القليلة، والشخص الذي يعرف أن على رأسه دهن مسحه الرب يستطيع بسهولة أن يسمو فوق المنظور.

لننظر الرب يسوع نفسه عندما وقف ليحاكم، لقد نظر إلى العلا، إلى أبعد من بيلاطس وهيرودس ورؤساء الكهنة والكتبة واستطاع أن يقول "الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ ألاَ أَشْرَبُهَا" (يو 18: 11) وهكذا ظلت نفسه هادئة ومشاعره غير قلقة، واستطاع أن ينظر إلى الأمام وأن يشق حجب المستقبل ثم يقول "مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ" (مت 26: 64).

هنا النصرة الحقيقية على الأشياء الحاضرة فإن المملكة العتيدة بجميع أمجادها التي لا تستقصى وأفراحها التي لا تحصى كانت تلمع من بعيد بنور أبدي وبهاء عجيب فنظر إليها رجل الأحزان في تلك الساعة الرهيبة عندما كانت تعبيرات أعدائه تقع على شخصه الحبيب.

"وبعد عشرة أيام ضرب الرب نابال فمات". ما أسوأ نهاية رجل العيان- إذ غرق في السكر طول الليل وفي الصباح طعنه الفزع في قلبه ثم نفذ سهم الموت إلى صدره فمات. ما أصدق هذه الصورة وما أكثر انطباقها على الكثيرين الذين نجح العدو في كل عصر في إغرائهم بالمطامع وملذات العالم الحاضر "الَّذِينَ يَنَامُونَ فَبِاللَّيْلِ يَنَامُونَ وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ" (ا تس 5: 7). ولكن ضوء الصباح قريب حين تخرج الخمر، وعندئذ تتجسم أمامهم الحقيقة القاسية لأبدية مريعة كلها بؤس محقق وشقاء مقيم مع الشيطان وملائكته في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت. حينئذ سيأخذ كل من أبيجايل ونابال مكانه الخاص به. أولئك الذين عرفوا داود الحقيقي وأحبوه من كل قلوبهم، وأولئك الذين رفضوه بل استهزأوا به وعيروه.

وحين سمع داود أن نابال قد مات قال "مبارك الرب.." لأن الرب تدخل ومنعه من الانتقام لنفسه- وانتقم نقمة تعييره. ونرى في زواج داود المزدوج في أخر الأصحاح عيشة التساهل التي كان داود عتيداً أن يعيشها وأوصلته إلى تلك الخطية الرهيبة التي ارتكبها فيما بعد إذ تزوج أخينوعم اليزرعيلية علاوة على أبيجايل.

  • عدد الزيارات: 3336