الأصحاح الخامس عشر
نشكر الله من أجل كمال كلمته التي أعطاها لنا والتي فيها كل الكفاية لنا لنفوسنا إلى المنتهى في كل مجال. لا توجد ضلالة ظهرت أو ستظهر إلا ونجد العلاج الكامل لها في كلمة الله الذي يعرف كل شيء من البداءة وأعطانا العلاج مقدماً في كلمته. لا نحتاج إلا إلى كتاب الله لمعرفة كل شيء.
هذا الأصحاح العظيم هو أصحاح القيامة. وجد أشخاص بين الكورنثيين أنكروا حقيقة القيامة وقالوا لا توجد قيامة أجساد (ع 12). إن إنكار هذه الحقيقة الأساسية للإيمان كانت سبباً في كتابة هذا الجزء المبارك من الرسالة المتعلق بالقيامة ومجيء الرب.
نحن نعرف أن الكورنثيين واليونانيين عموماً كانوا يشتهرون بالبحث والفلسفة ومن ضمن فلسفاتهم قالوا أن قيامة الأجساد لا لزوم لها مع أن قيامة الأجساد مبدأ قديم أوجده الله في قلوب الناس حتى الوثنيين. فالأهرامات ومقابر الفراعنة والآثار في الأقصر وغيرها تشهد بذلك وما وضعوه من ذهب وأوان وخلافه كان بسبب اعتقادهم بالقيامة.
يوجد أناس يطلق عليهم اسم البهائيين يعتقدون أنه لا توجد قيامة. تعرفت بأحدهم مرة فقال لي: جسم الإنسان هذا الذي يبلى والقذارة التي فيه كيف يقيمها الله؟ يكفي أن الروح تكون موجودة وتتمتع في الآخرة روحياً ولا داع لقيامة الأجساد.
نفهم من أع 17 أن الرسول بولس لما ذهب إلى أثينا ورأى هياكل الأصنام هناك ابتدأ يكلمهم عن الله الحي الحقيقي الذي لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي أو كلمهم أيضاً عن يسوع والقيامة. فظنوه انه يكلمهم عن إلهين جديدين أحدهما يسوع والآخر القيامة.
وفي أيام الرب يسوع له المجد على الأرض كان الصدوقيين لا يؤمون بالقيامة ولما كلمهم الرب قرن القيامة بوجود الإنسان بعد الموت وأن له حياة بعد الموت والدليل الذي قاله لهم أن الرب لما ظهر لموسى في العليقة قال له: أنا إله إبراهيم واسحق ويعقوب ليس إله أموات بل إله أحياء. لأن الجميع أحياء عنده بأرواحهم لكنه اتخذ من ذلك دليلاً على أنه لا بد أن تقوم أجسادهم أيضاً. لكي يوجد إبراهيم وإسحاق ويعقوب بأجساد ممجدة وليس بأرواحهم.
"وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ وَقَبِلْتُمُوهُ وَتَقُومُونَ فِيهِ وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً! فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ" (ع 1- 4).
يقول الرسول: أن الإنجيل الذي بشرتكم به يقوم على ثلاث حقائق رئيسية هامة هي:
1- موت المسيح من أجل خطايانا حسب الكتب (أي كتب العهد القديم).
2- دفن المسيح برهاناً على أن موته كان حقيقياً. كما قيل أيضاً في (رو 6: 4): "دفنا معه بالمعمودية للموت...".
3- قيامة المسيح في اليوم الثالث حسب الكتب أيضاً. أنظر مز 16 وهذه الحقيقة يبغضها العدو وقد حاول إخفاءها. انظر (مت 28: 11- 15) عن كيفية قيامة المسيح ومحاولة اليهود إخفاءها بإعطاء الحراس رشوة لشهدوا زوراً.
- إن إنكار عقيدة القيامة إنكار لأساس الإيمان كله. ويربط الوحي هنا قيامة المؤمنين بقيامة المسيح. إن لم تكن قيامة فالمسيح لم يقم وكل أسس المسيحية تكون قد انهارت فلا خلاص ولا غفران خطايا ولا تبرير ولا ارتباط للمؤمنين بالمسيح ولا رجاء وكل البركات المقترنة بالقيامة تنهار. فمن جهة الخلاص نقرأ: "إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ" (رو 10: 9).
غفران الخطايا: قيامة المسيح وجلوسه عن يمين الله دليل على أن خطايانا انتهت لأن الذي حمل خطايانا دفنها في القبر وقام. "بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" (عب 1: 3).
التبرير: نقرأ في (رو 4: 25): "الذي أُسلم لأجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا".
الرجاء: يقول الرسول بطرس "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ" (1 بط 1: 3).
ارتباطنا بالمسيح كعروس وكجسد: " حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ... وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْساً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ..." (أف 1: 19- 23).
فنحن قد ارتبطنا بالمسيح لا في حياته ولا في موته بل في قيامته إذ قام كرأس جنس جديد ونحن ارتبطنا به كخليقة جديدة. "كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا... أَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (أف 2: 1- 6). فإنكار القيامة إنكار للإنجيل كله ولكل بركاته لذلك يهتم الرسول بإثبات هذه الحقيقة بكل وضوح.
يقول الرسول: "فإني أسلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً" في (غل 1: 11، 2) يقول الرسول بولس: "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ". وفي (1 كو 11: 23) نقرأ: "لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضاً: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا أَخَذَ خُبْزاً..." لم يكن الرسول موجوداً لما رسم الرب العشاء في الليلة الأخيرة لكنه تسلم التعليم الخاص بممارسة عشاء الرب وكيفيته من الرب مباشرة. والإنجيل الذي بشر به الرسول بولس لم يتعلمه من إنسان لكن قبله من الرب بإعلان. وما هي خلاصة الإنجيل؟
موت المسيح وقيامته هو جوهر الإنجيل بل جوهر الكتاب المقدس كله. فمن بداية الكتاب من الأصحاحات الأولى من سفر التكوين نجد ما يفيد موت المسيح: ففي (تك 3: 15) نقرأ: "وَاضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْاةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا (نسل المرأة هو المسيح). هُوَ يَسْحَقُ رَاسَكِ وَانْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ (سحق العقب إشارة إلى موت المسيح)". وفي عدد 21 من نفس الأصحاح "وَصَنَعَ الرَّبُّ الالَهُ لِادَمَ وَامْرَاتِهِ اقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَالْبَسَهُمَا"- وأقمصة الجلد من ذبيحة تشير إلى ذبيحة المسيح الكفارية.
وفي (تك 4: 4) قدم هابيل ذبيحة من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه (والذبيحة التي قدمها هابيل تشير إلى ذبيحة المسيح أيضاً).
وفي (تك 22) تقديم اسحق الابن الوحيد لإبراهيم على المذبح والكبش الممسك بقرنيه في الغابة والذي قدم بالنيابة عن اسحق يشيران إلى ذبيحة المسيح.
وذبائح العهد القديم كلها تشير إلى موت المسيح كفارة لخطايانا وقد تكلمت النبوات أيضاً عن موت المسيح وقيامته.
في لو 24 كانا تلميذا عماوس ماشيين عابثين لأن المسيح مات وكانا يرجوان أن يفدي إسرائيل. قال المسيح لهما: "أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ (أي يقوم ويصعد)» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لو 24: 26، 27). وعمل معهما جولة في العهد القديم ملقياً نوراً جديداً عليه موضحاً لهما الحقائق المختصة بشخصه المبارك- قبل صعوده قال للتلاميذ: "«هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ». حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ" (لو 24: 44- 46).
كذلك نجد الرسول بطرس بعد أن فتح الرب ذهنه ليرى العهد القديم في نور العهد الجديد يقف في يوم الخمسين ويقول: "أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَاراً عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً... سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً. فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ" (أع 2: 29- 32).
وفيلبس المبشر شرح للخصي الحبشي الفصل الذي كان يقرأه من (أش 53: 7) في نور العهد الجديد وأنه كان يشير إلى المسيح الذي مات لأجل خطايانا. ويقول الرسول بطرس في رسالته الأولى أن الأنبياء كانوا يشهدون بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها (1 بط 1: 11).
ما سبب موت المسيح؟ من أجل خطايانا.
مات كفارة عن خطايانا ودُفن في قبر لم يوضع فيه أحد من قبل ووضع على القبر حجر كبير وختم وعينوا عليه حراساً حتى لا يأتِ تلاميذه ويسرقوه كما زعموا لكنه رغم كل ذلك قام بالحقيقة في اليوم الثالث.
قال أحد المفسرين أن كوكب الأرض الذي نعيش فيه قد تلوث بالخطية لكنه تشرف وأصبح أسمى من كل الكواكب لأن المسيح الله الظاهر في الجسد وطأت قدماه هذه الأرض واحتوت الأرض في باطنها جسده الطاهر القدوس المولود من العذراء. وكما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا كان ابن الإنسان في قلب الأرض. فقد مات موتاً حقيقياً ودُفن محيي الرميم في ضريح كالبشر لكنه قام ظافراً منتصراً في اليوم الثالث لأنه لم يكن ممكناً أن يمسك من الموت لأنه ليس للموت سلطان عليه لأنه بلا خطية.
ورقم 3 يرمز للقيامة. وفي (هو 6: 2): "يُحْيِينَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ. فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُقِيمُنَا فَنَحْيَا أَمَامَهُ". وهذا خاص بالأمة الإسرائيلية مستقبلاً.
وفي الخليقة قال الله: "«لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ الَى مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذَلِكَ. وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أرْضاً.. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْما ثَالِثا" (تك 1: 9- 13). أي أنه في اليوم الثالث ظهرت الأرض كأنها قامت من وسط المياه التي كانت مدفونة فيها.
وفي شريعة تطهير الأبرص كان يأمر الكاهن أن يؤخذ عصفوران حيان طاهران ويذبح الواحد إشارة إلى موت المسيح ويغمس العصفور الحي في دم العصفور المذبوح ثم يطلق العصفور الحي على وجه الصحراء إشارة إلى قيامة المسيح. انظر (لا 14: 1- 7). وهذا يرى أيضاً في (عب 9: 11، 12) حيث نقرأ: " وَأَمَّا الْمَسِيحُ... وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً" فالدليل الأول على قيامة المسيح: الكتب المقدسة.
والدليل الثاني: شهود العيان الذين رأوا وشهدوا أمام العالم الذي ناصب المسيح العداء ولم يستطع أحد أن يكذب شهادتهم.
قال بطرس للشعب بكل جرأة: "أيها الرجال الإسرائيليون.. رَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ" (أع 3: 15).
قال رؤساء الكهنة للرسل: "«أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهَذَا الاِسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلَأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هَذَا الإِنْسَانِ». فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ.. وَنَحْنُ شُهُودٌ" (أع 5: 28- 32).
لو كان الرسل يتكلمون بقضية مشكوك فيها لما كانت عندهم هذه الشجاعة التي بها وقفوا ضد رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب ولما سكت هؤلاء!
"وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. وَآخِرَ الْكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا" (ع 5- 8).
ظهر الرب يسوع له المجد بعد قيامته للمؤمنين فقط يذكر الرسول هنا عدداً من الشهود الذين ظهر لهم الرب يسوع لكنه لم يذكر النساء اللاتي رأينه لئلا يشك أحد في شهادتين ويذكر ظهور الرب لسمعان بطرس أولاً في يوم قيامته لتشجيعه وتشديد إيمانه وهذا يبين نعمة الله غير المحدودة.
ونقرأ أن تلميذي عاموس : قَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ قام وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!» وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ" (لو 24: 33- 35).
"ثم للإثني عشر": "وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ.. اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا... وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ وَمُتَعَجِّبُونَ قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هَهُنَا طَعَامٌ؟».. فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ" (لو 24: 36- 43).
"وبعد ذلك ظهر لأكثر من خمسمائة أخ": هذه الحادثة لا تذكر في الأناجيل. وما كتب هنا كتب قبل الأناجيل لأن رسالة كورنثوس الأولى كتبت حوالي سنة 55 م بينما معظم الأناجيل إن لم تكن كلها كتبت بعد هذا التاريخ. فقبل أن تكتب حوادث الأناجيل كتبت هذه الرسالة وهذه القائمة من شهود.
وليس ما يدعو للشك في صحة هذه الحادثة لأن الرسول يقول أن "أكثرهم باق إلى الآن" فلم يكن ممكناً للطعن في صحة هذا القول. وعلى الأرجح كان هذا الظهور في الجليل حيث قال الملاك "ها هو يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه" (مت 28: 7).
فاجتمعوا ومعهم عدد كبير آخر في الجبل في الجليل حيث أمرهم يسوع ولما رأواه سجدوا له وهناك وجه إرساليته للرسل قائلاً: فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم... وعلموهم.. (مت 28: 16- 20).
يعلم الرب الذين هم له. في أيام آخاب قال إيليا: بقيت أنا وحدي لكن الرب قال له: قد أبقيت لنفسي سبعة آلاف ركبة لن يجثو لبعل يقول الكتاب على فم شاهدين أو ثلاثة تقوم كل كلمة. لكن هنا شاهد وشاهدان على بحر طبرية، وأحد عشر مجتمعين، وأكثر من خمسمائة أخ دفعة واحدة فهي حقيقة لا يمكن الطعن فيها. فمن غير المعقول أن يتفق 500 على شهادة واحدة غير صحيحة.
"وبعد ذلك ظهر ليعقوب": يعقوب أخو الرب وهو الشيخ المعروف في أورشليم وصاحب القرار في أع 15 والذي كتب رسالة يعقوب أيضاً.
لم يكن أخوة يسوع يؤمنون به في أيام حياته ولكن يظهر أن يعقوب آمن به عند الصليب ثم ظهر له الرب بعد ظهوره للخمسمائة أخ لتثبيت إيمانه.
"ثم ظهر للرسل أجمعين": وفي الغالب هذه آخر مرة قبل الصعود وفيما هو معهم أوصاهم أن ينتظروا في أورشليم حتى يقبلوا الروح القدس ثم انفرد عنهم وأصعد للسماء.
"ثم ظهر لبولس": آخر الكل ظهر له من المجد إذ يقول عن نفسه: "كأنه للسقط ظهر لي أنا".
"لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ. وَلَكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلَكِنْ لاَ أَنَا بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي. فَسَوَاءٌ أَنَا أَمْ أُولَئِكَ هَكَذَا نَكْرِزُ وَهَكَذَا آمَنْتُمْ" (ع 9- 11).
يقول الرسول بولس هنا أنه أصغر الرسل.
لكن في (أف 3: 8) يقول: "لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ أُعْطِيَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى" ويقول أيضاً في (1 تي 1: 15): "صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا".
"لكن بنعمة الله أنا ما أنا": يعني نعمة الله صيرتني ما أنا عليه كرسول وليس كما يظن البعض أنه يقصد "أنا لست أنا" لأن "ما" هنا ليست نافية بل اسم موصول بمعنى "الذي"- أي "أنا" الذي صرت هكذا بنعمة الله، فيقول: أنا الأصغر قد أظهر لي الرب إعلانات كل هذا بنعمة الله. أنا في ذاتي شاول الذي اضطهدت كنيسة الله أول الخطاة لكن الفضل لنعمة الله التي قبلتني وجعلتني رسولاً وأنا لست أهلاً لذلك كما يقول يوحنا المعمدان الذي أنا: "لست أهلاً أن أنحني لأحل سيور حذائه، ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقص".
هذا هو الوضع الذي يجب أن يكون فيه كل من يريد أن يظهر المسيح فيخفي نفسه ويقدم المسيح.
"ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة": بل كانت عاملة في فأنا تعبت أكثر من جميعهم (جميع الرسل) في خدمة الرب ولكن ليس بقوتي بل بنعمة الله.
"ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي": يرفض الرسول نفسه وينسب كل شيء للنعمة. ويقول في غل 2: 20: "فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في"- نلاحظ أنه يقول هنا "نعمة الله وليس أنا" ثلاث مرات.
"وَلَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضاً شُهُودَ زُورٍ لِلَّهِ لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ - إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذاً الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ" (ع 12- 19).
وجد بين المؤمنين في كورنثوس قوم قالوا: "ليس قيامة أموات" أي إن الموت لا يقومون سواء المؤمنين أو الأشرار. الذي يموت لا يقوم وهي بدعة أدخلها الشيطان.
لكن الرسول يقول إن قيامة الأموات حقيقة وهي أساس الإنجيل وأول شاهد على قيامة الأموات وأقوى شاهد هو كلمة الله. أكبر مستند وأقوى حجة هي عبارة "هكذا قال الرب" ثم بعد ذلك تكلم الرسول عن شهود عيان رأوا المسيح بعد قيامته من بين الأموات. رأوه بعيونهم ولمسوه بأيديهم وأكل وشرب قدامهم بطريقة محسوسة.
الذين أنكروا قيامة الأموات هم بدون شك غير مؤمنين وليس ذلك فقط بل ليس لهم معرفة بالله (ع 34) لأن الله إله القيامة إله أحياء ليس إله أموات.
يقول الرسول بولس في المحاكمة أمام فيلكس الوالي: "لي رجاء بالله في ما هم أيضاً ينتظرونه أنه سوف تكون قيامة للأموات الأبرار والأثمة"- ليس قيامة عامة للأبرار والأشرار معاً لكن قيامتان:
1- قيامة الأبرار: وتسمى قيامة الحياة والقيامة من بين الأموات وتسمى أيضاً القيامة الأولى، وقيامة أفضل (أي إن الأبرار يقومون أما الأشرار فيبقون أمواتاً إلى يوم قيامتهم للدينونة).
2- قيامة الأشرار: وتسمى قيامة الدينونة للوقوف أمام العرش العظيم الأبيض (رؤ 20).
ثم يسرد الرسول النتائج الخطيرة المترتبة على هذا التعليم الخطير بإنكار القيامة:
1- إن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام (ع 13).
2- وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا (ع 14).
3- وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة إيمانكم (ع 14).
4- وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضاً شُهُودَ زُورٍ لِلَّهِ لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ (ع 15).
5- أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! (ع 17).
6- يكون الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا! (ع 18).
7- إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ (ع 19). نحن هنا نحتمل آلاماً وضيقاً ولكن على رجاء أن بعد الآلام أمجاد.
8- لِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ يعتمدون ويعرضون أنفسهم للخطر ويعلنون مسيحيتهم مما يجلب عليهم اضطهاد فلماذا كل هذا إذا كان المؤمنون لا يقومون (ع 29).
9- وَلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟ (ع 30). يعدد الرسول في الرسالة الثانية ما احتمله من الضربات والسجون والأخطار والجوع والعطش والميتات الكثيرة فلماذا كل هذا؟ ما الفائدة إن لم تكن قيامة؟.
10- إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ! (ع 32). نكون مثل الحيوانات التي تنتهي بالموت البهائم التي تباد وهذا يؤدي إلى عيشة الانحلال والفساد بلا قيم ولا مبادئ.
"وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ. الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ النِّهَايَةُ مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ لِلَّهِ الآبِ مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ. لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ. لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلَكِنْ حِينَمَا يَقُولُ «إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ» فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ. وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ" (ع 20- 28).
"ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات": يا لها من كلمات حاسمة كلمات النصرة على الضلالات التي أدخلها الشيطان بين المؤمنين!
في لاويين 23 نجد أعياد بني إسرائيل:
عيد الفصح رمز لموت المسيح، عيد الباكورة رمز لقيامة المسيح.
"المسيح باكورة الراقدين": المسيح أول الحصاد- أول الخليقة الجديدة- رأس الجنس الجديد "إن يؤلم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات" (أع 26: 23). وبعد الباكورة سيقام "الذين للمسيح في مجيئه" أي عندما يجيء لأجل قديسيه.
وكلمة "الراقدين" لا تنطبق إلا على المؤمنين لكن الأشرار أموات وسيقومون للموت الثاني.
"إذ الموت بإنسان": دخل الموت بإنسان وهو آدم كما يقول الرسول في (رو 5: 12): "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ".
"بإنسان أيضاً قيامة الأموات": هذا الإنسان هو الإنسان الثاني الرب من السماء. كان لا بد أن يكون إنساناً لكي يكون باكورة القيامة من الأموات كما نقرأ في (عب 2: 9) "وَلَكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ".
فكان لا بد أن تكون قيامة الأموات بإنسان. لماذا؟ لكي يموت لأن الملائكة لا يموتون فكان لا بد أن يأتي ابن الله في صورة إنسان ولكن بلا خطيئة.
وبما أن الموت بإنسان كان لازماً أن يجيء الإنسان الثاني ويموت ويقوم لكي يكون باكورة الراقدين.
"هَكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضاً: «صَارَ آدَمُ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ نَفْساً حَيَّةً وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً»... الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ" (ع 45، 47). الإنسان الأول هو آدم والإنسان الثاني هو آدم الأخير ولا يقال آدم الثاني بل آدم الأخير.
الإنسان الأول صار نفساً حية. الإنسان الثاني روحاً محيياً. الإنسان الأول أتى لنا بالموت. الإنسان الثاني أتى لنا بقيامة الأموات. كما في آدم الإنسان الأول يموت الجميع أي كل الجنس الذي رأسه آدم كذلك في آدم الأخير الإنسان الثاني سيحيا الجميع (جميع عائلته أي الجنس الجديد)- آدم جلب الموت لجنسه، والمسيح أتى بالحياة لعائلته- الخليقة الجديدة. ونلاحظ أن كلمة "الجميع" الأولى أي جميع الناس. أما الثانية فيقصد بها جميع المؤمنين أعضاء الجنس الجديد لأن في المسيح يحيا المؤمنون فقط.
"كل واحد رتبته": توجد هناك رتبتان:
الأولى: المسيح الباكورة. والثانية: الذين للمسيح أي المؤمنون فقط الذين (يقامون) في مجيئه أو كما ذكر في الأصل اليوناني "في حضوره" وسيكون حضور المسيح إلى الأرض على مرتين:
1- لأجل قديسيه لأخذهم إليه.
2- للظهور حيث يحضر ومعه قديسوه.
الذين للمسيح سيقومون عند مجيئه للاختطاف وهم مؤمنو العهد القديم من أول هابيل ومؤمنو العهد الجديد كلهم. لكن يوجد مؤمنون آخرون سيقامون بعد ذلك وهم شهداء الضيقة العظيمة، وهؤلاء نوعان:
1- الذين يقتلهم الوحش ويقول عنهم الرائي: "فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ (الأشرار) فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ (وبعد ذلك يقول) هَذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى" (رؤ 20: 4، 5). وبعد ذلك النهاية.
ليس بعد ذلك مباشرة. لكن بعد تكملة القيامة الأولى تبدأ الألف السنة. أما النهاية فتكون بعد الملك الألفي بعد انتهاء التدابير، والملك الألفي هو الذي أخضع للمسيح كما هو مكتوب في المزمور الثاني: "أما أنا فقد مسحت ملكي" بل كل مشورات الله ومقاصده قد سلمت للمسيح لتنفيذها كما قال عند مجيئه في الجسد "هئنذا جئت لأفعل مشيئتك يا إلهي سررت" هذه هي المهمة الأولى والعظمة أن الله أرسل الابن لا لكي يدين العالم بل ليخلص به العالم "الله أرسل ابنه كفارة لخطايانا" (1 يو 4: 10). وبعد الملك الألفي ستكون قد انتهت كل المهام التي سلمت للابن بنجاح تام وكافأه الله بالملك وأخضع كل شيء تحت قدميه.
وفي (ع 2: 8) نقرأ: "لسنا نرى الكل بعد مخضعاً له" لكن لا بد أن يخضع كل شيء تحت قدميه في الملك الألفي، فالمسيح كإنسان تكون قد انتهت مهامه التوسطية، سيسلم الملك لله الآب حيث يكون قد تم المكتوب "ومسرة الرب بيده تنجح" (أش 53: 10).
فالنهاية تكون عندما تتم كل تدبيرات الله وكل المشروع الإلهي الذي رسمه الله في الأزل وسلم للابن تنفيذه وآخر المشروع الإلهي دينونة الأموات من ضمن المشروع المسلم للابن. "الآب لا يدين أحد بل قد أعطى كل الدينونة للابن" لأنه ابن الإنسان. والابن عينه الله في الأزل وجاء في ملء الزمان وأكمل العمل وأقامه الله وأجلسه عن يمينه وقال له: "اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ" (مز 110). وقد رفعه الله نتيجة لعمل الفداء وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسمه كل ركبة. لأنه لا بد أن يتمجد الابن أمام كل الخلائق.
كان غرض الابن تمجيد الآب أولاً وخلاص وبركة الإنسان ثانياً ثم يسلم الملك لله الآب.
ونجد في الصلاة التي علمها الرب لتلاميذه إشارة إلى الملك الألفي في عبارة "ليأتِ ملكوتك" (ملكوت الآب) هناك جانبان للملكوت:
الجانب الأرضي: ملكوت الابن على الأرض ونحن سنملك معه على الأرض.
الجانب السماوي: ملكوت الآب- "يشرق الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم".
"متى أبطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة": الآب أخضع كل شيء تحت قدميه وهو أيضاً يبطل كل رياسة وسلطان وقوة. هذا قرار إلهي ولذلك يقول الله: "تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ قَبِّلُوا الاِبْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ" (مز 2: 10). لماذا لا بد أن يتم هذا؟ لأنه نتيجة عمل الفداء. وإن كان الابن لا بد أن نملك نحن أيضاً معه. "آخر عدو يبطل هو الموت"- لماذا؟ لأنه لا توجد له فريسة في الحياة الأبدية في الملك الألفي يوجد موت لمن يتمرد على الملك. الخاطئ يموت ابن مائة سنة. وبعد الملك الألفي يحل الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم جوج وماجوج وتنزل نار من عند الله من السماء وتأكلهم (رؤ 20: 7- 9). آخر الأعداء التي ستوضع تحت قدمي الابن هو الموت.
"وَلَكِنْ حِينَمَا يَقُولُ «إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ» فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ (أي الآب)": الآب أخضع الكل للابن. والابن تمم كل شيء في خضوع للآب ومتى أخضع له الكل فحينئذ الابن نفسه سيخضع للذي أخضع له الكل. هناك آخر شيء في عمل ابن الله كإنسان- الله ظهر في الجسد وأخذ صورة عبد صائراً في شبه الناس. وبعد ذلك تمجد وصعد إلى السماء بجسد القيامة الممجد وهو موجود الآن في السماء بهذا الجسد الممجد. وسيبقى المسيح بجسده الممجد في السماء إلى الأبد.
قال الرب يسوع لفيلبس: "الذي رآني فقد رأى الآب" أي إن الآب يرى في الابن وهكذا سيكون إلى الأبد. لأن الآب في لاهوته لا يرى. حتى ونحن في أجسادنا الممجدة لا نستطيع أن نرى اللاهوت.
في رؤ 4 نقرأ: "رأيت عرشاً وعلى العرش جالس"- ما وصف الجالس؟ لا نقرأ عن وصفه وإنما نقرأ عن تشبيهه بحجر اليشب هذا هو مجده وأما لاهوته فلا يوصف. وبعدما يكون المسيح قد أخضع كل شيء وسلم الملك لله الآب (كابن الإنسان) حينئذ سيخضع للذي أخضع له الكل. ابن الإنسان سيبقى كابن الإنسان الممجد إلى أبد الآبدين بعد أن يسلم الملك لله الآب فسنراه كابن الإنسان في السماء ونرى الجروح التي في يديه ورجليه التي تثير فينا التسبيحة الأبدية "مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْحَمَلُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ" (رؤ 5: 12).
"كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ": لا يقول هنا "الآب" لكن الله المثلث الأقانيم (الله الآب والابن والروح القدس) أي إن المسيح له المجد بعدما يسلم الملك لله الآب يحتفظ بإنسانيته الممجدة المتحد بها اللاهوت. هذا سر شخصه العجيب- الله وإنسان معاً إلى الأبد. لكن كابن الإنسان سيكون خاضعاً في الوقت نفسه الابن والآب والروح القدس سيكون الكل في الكل.
ففي هذه الأعداد (20- 28) رأينا المراحل المتتالية في إتمام مقاصد الله:
1- قيامة المسيح بعد إتمامه للعمل (ع 20).
2- مجيئه الثاني لأجل قديسه للاختطاف (ع 23).
3- قيامة الذين للمسيح عند مجيئه (ع 23).
4- إبادة كل الأعداء وإقامة ملكه السعيد على الأرض (ع 25).
5- تسليم الملك لله الآب ليكون الله الكل في الكل (ع 28).
"وَإِلاَّ فَمَاذَا يَصْنَعُ الَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ ؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ الْبَتَّةَ فَلِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ وَلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟ إِنِّي بِافْتِخَارِكُمُ الَّذِي لِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ. إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشاً فِي أَفَسُسَ فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ! لاَ تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ. اُصْحُوا لِلْبِرِّ وَلاَ تُخْطِئُوا لأَنَّ قَوْماً لَيْسَتْ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِاللَّهِ. أَقُولُ ذَلِكَ لِتَخْجِيلِكُمْ!" (ع 29- 34).
الأعداد (20- 28) تعتبر اعتراضية والآن يكمل الرسول النتائج الخطيرة لإنكار حقيقة القيامة. رأينا سبع نتائج حتى عدد 19 وهنا النتيجة الثامنة: "ماذا يصنع الذين يعتمدون لأجل الأموات": المعمودية رمز للموت والقيامة. كل من يعترف بالمسيح يعتمد كأنه اتحد مع المسيح في موته وقيامته. فإن كان المسيح لم يقم فما معنى المعمودية؟ إنها تفقد معناها. ثم إن المعمودية والاعتراف الجهاري بالمسيح كان يعرض المعترف للموت. ما دام أصبح مسيحياً فإنه يضطهد حتى الموت. لماذا يأتي أناس ويطلبون أن يعتمدوا والذين تعمدوا قبلهم اضطهدوا وقتلوا؟ لأن لهم رجاء. إن لم يكن لهم رجاء فلماذا يقفون في صفوف الذين سيقتلون.
"يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ": يعني ينضمون إلى صفوف الذين يموتون من أجل اعترافهم بالمسيح ومعموديتهم. لكن الذين يعتمدون ارتبطوا بالمسيح المقام من الأموات ولهم رجاء أنهم سيحيون مع المسيح.
يقول البعض أنه يوجد أناس ماتوا ولم يعتمدوا فيأتي آخرون ويعتمدون بالنيابة عنهم أي بدلاً منهم- هذه خرافة وطبعاً الرسول لا يستشهد بخرافة. الذي يوضح هذا العدد التالي له
"َلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ (الرسل) كُلَّ سَاعَةٍ": هل يخاطر الرسل في الخدمة بدون رجاء؟ كلا. يقول الرسول بولس "لنا في أنفسنا حكم الموت" فكان واضعاً الموت أمامه دائماً من أجل المسيح الحي الذي رآه في المجد.
"إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ حَارَبْتُ وُحُوشاً": أي إنه يحارب أناس كالوحوش في أفسس فما المنفعة لي؟ وهو يشير هنا إلى حادثة ديمتريوس والصناع لما قاموا ضده وأرادوا أن يفترسوه كما أنه يشير إلى ذلك في (2 كو 1: 8- 10) فقد أحاطوا ببولس كالوحوش ليفترسوه في أفسس. وهذا ينقل أفكارنا إلى الرب يسوع له المجد عندما أحاطت به ثيران كثيرة وكلاب جماعة من الأشرار عند الصليب (مز 22: 12- 21). كم تألم سيدنا من أجلنا وكم احتمل من يد البشر علاوة على الآلام التي من يد العدل الإلهي ليكفر عن خطايانا! ليتبارك اسمه القدوس.
"إِنِّي بِافْتِخَارِكُمُ الَّذِي لِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ": انتم تفتخرون بالمسيح يسوع لأنه مات وقام وأنتم متحدون معه. هذا الافتخار هو لي أنا أيضاً. وعلى هذا الأساس وعلى هذا الافتخار أموت كل يوم "حاملاً في جسدي حكم الموت".
كان الرسول واضعاً حياته في كفة ويخاطر بحياته كل ساعة من أجل المسيح. ويقول "لَكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ" (أع 20: 24). وأيضاً "يَتَعَظَّمُ الْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ بِحَيَاةٍ أَمْ بِمَوْتٍ" (في 1: 20). وما الذي جعل الشهداء يذهبون إلى الحريق والمشانق وهم يرتلون؟ أليس هو الرجاء؟ إن كان الموتى لا يقومون فما الداعي لذلك؟
"إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ": من دواعي إنكار القيامة إطلاق العنان لشهوات الجسد والانحلال والفساد! يقول الرسول: "لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِياً أَوْ مُسْتَبِيحاً كَعِيسُو" (عب 12: 16). ماذا عمل عيسو؟ من أجل أكلة عدس باع بكوريته!
ويقول الرسول "الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلَهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ" (في 3: 19). مع أن الرسول يقول أنه مستعد أن لا يأكل لحماً إلى الأبد كي لا يعثر أخاه الضعيف (1 كو 8: 13). "مَلَكُوتُ اللهِ لَيْسَ أَكْلاً وَشُرْباً بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ" (رو 14: 17).
"لاَ تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ": إنكار القيامة هو ضلال يقود إلى الفساد والذين يسيرون مع هؤلاء تفسد أخلاقهم ويعيشون عيشة الانحلال والانحطاط الأدبي ويكونون مثل الحيوانات.
"اُصْحُوا لِلْبِرِّ وَلاَ تُخْطِئُوا": إنكار القيامة يجعلهم يغرقون في الشهوات والشرور. لذلك لزم التحريض بالصحو والسهر والعيشة بالبر لأن قصد الشيطان هو وصولهم إلى هذه الحالة المنحطة.
"أَقُولُ ذَلِكَ لِتَخْجِيلِكُمْ": لأنهم قبلوا أناساً كهؤلاء بلبلوا أفكارهم وسببوا لهم المتاعب وكان يجب أن يفطنوا إلى هذه الضلالة لأن هؤلاء قوم ليست لهم معرفة بالله أي غير مؤمنين بالمرة.
الفرق بين هذه الضلالة في كورنثوس وبين الفكر الخاطئ في تسالونيكي
هنا ضلالة لأن أناساً لا يعرفون الله أدخلوا هذه العقيدة الباطلة بإنكارهم حقيقة القيامة وبهذا يهدمون أساس المسيحية.
أما في تسالونيكي فكان عندهم فكر خاطئ من جهة الراقدين سيحرمون من الملك وسيقومون في الآخر. كانوا يعرفون أن هؤلاء راقدون وليسوا أمواتاً وسيقومون لكن في اليوم الأخير بعد الملك والأحياء فقط عند مجيء الرب هم الذين سيستمتعون بالملك مع المسيح في الملك الألفي- كان هذا فكرهم الخاطئ والرسول يصحح لهم هذا الفكر ويقول لهم:
" ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ... إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلا ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعاً مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاء" (1 تس 4: 13- 18). فكان عند التسالونيكيين معرفة ناقصة فقط وليست ضلالة لأنهم كانوا يعرفون مجيء المسيح وكانوا ينتظرونه حسب ما كتبه لهم الرسول في رسالته الأولى الأصحاح الأول.
- يوجد فصلان في الكتاب يفتكر الكثيرون أنهما عن القيامة، لكنهما لا يمتان بصلة إلى القيامة من الأموات:
1- في (دا 12: 2) "ِوَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ (وهم اليهود المشتتون بين الأمم ومشبهون بالراقدين في تراب الأرض كالعظام اليابسة في سفر حزقيال) يَسْتَيْقِظُونَ (وهذا تشبيه وليس قيامة) هَؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (وهم الأمناء وسيتمتعون بالملك الألفي السعيد) وَهَؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلاِزْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ"
2- في (مت 25: 31- 46) نجد دينونة الأحياء قبل الملك الألفي حيث يجتمع أمام الرب (ابن الإنسان في مجده) جميع الشعوب (الأحياء الباقون من الأمم) ويميز الخراف من الجداء.
الخراف هم الأمم الذين قبلوا أخوته الأصاغر (البقية اليهودية التقية الذين هربوا من الوحش وبشروا الأمم بالملكوت) وأضافوهم وخدموهم فيقول لهم "تعالوا يا مباركي أبي رثوا المجد المعد لكم منذ تأسيس العالم".
والجداء هم الأمم الذين رفضوا البشارة ورفضوا البقية الأمينة الهاربة فيقول لهم: "اذهبوا إلى النار المعدة لإبليس وملائكته". فهنا لا يوجد أموات قاموا. بل كان الأموات لا يزالون في قبورهم حتى يتم ملك الألف سنة وحينئذ يقامون للوقوف أمام العرش العظيم الأبيض للدينونة حيث تتم دينونة الأموات.
"لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «كَيْفَ يُقَامُ الأَمْوَاتُ وَبِأَيِّ جِسْمٍ يَأْتُونَ؟» يَا غَبِيُّ! الَّذِي تَزْرَعُهُ لاَ يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُت" (ع 35، 36).
يظهر إن هذا التساؤل كان حجة القائلين لا توجد قيامة. وكتبه الكورنثيون للرسول لكي يجيب عليه.
إن أردأ شيء أن يقول الإنسان كيف عن أعمال الله! هل ما لا نفهمه وما نرى أنه فوق مقدورنا هو فوق مقدور الله سبحانه وتعالى؟ هل نقيس مقدرة الله بمقدرتنا؟ هل ما لا نستطيعه نحن يعسر على الله أيضاً؟ حاشا. يقولون متى مات شخص وتحلل وأصبح تراباً ونثر منذ مئات السنين كيف يجمع؟ عقل الإنسان يقول غير ممكن. لكن هل الله مثل الإنسان؟ كلا. غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله (لو 18: 27). هؤلاء المعترضون لا يعملون حساب قوة الله! يقول أشعياء "ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا مَنْ خَلَقَ هَذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ" (أش 40: 26).
عندما جاء الصدوقيون إلى الرب يسوع وهم الذين يقولون ليس قيامة وسألوه عن المرأة التي تزوجت سبعة أخوة لمن منهم تكون زوجة في القيامة قال لهم: "تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ" (مت 22: 29). أحياناً يقول أخ بسذاجة لماذا عمل الرب هكذا ولماذا جاءت هذه الآية هكذا؟
أكبر عيب أن نتعدى على سلطان الله كُلي الحكمة وكلي العلم، ونعترض عليه! لماذا وكيف لا ينبغي توجيهها إلى الله "لأن الله أعظم من الإنسان.. كل أموره لا يجاوب عنها" (أي 33: 12، 13).
قال الرب لإبراهيم "لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: افَبِالْحَقِيقَةِ الِدُ وَانَا قَدْ شِخْتُ؟ هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ" (تك 18: 14). وعندما قال الرب لموسى لما تذمر الشعب قائلين من يطعمنا لحماً- أنه سيعطي الشعب ليأكلوا لا يوم ولا يومين بل شهراً من الزمان. تعجب موسى فقال له الرب هل تقصر يد الرب؟ (عد 11: 23) نحن علينا أن ننحني ونخضع أمام كل أمور الله سواء فهمناها أم لم نفهمها.
ويعالج الرسول هذه المسألة بإسلوب جميل. فعندما يتكلم عن القيامة يقول "حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.." (أف 1: 19، 20).
وعندما يتكلم عن تغيير الأحياء يقول "الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ" (في 3: 21)- يغير الأحياء مثل قيامة الأموات يتم بحسب شدة قوته.
وماذا عن الخليقة؟ يقول الرسول "بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ" (عب 11: 3).
الإنسان يعمل شيئاً من خامة أو مادة موجودة لكن الله لم يفعل هذا بل خلق الخليقة من العدم لأنه الله.
ينبغي أن نتكلم عن هذه الأمور في حدود أدب الإيمان. السؤال الأول للمعترض: كيف يقام الأموات؟
الجواب: نفس القوة التي أقامت المسيح من الأموات هي التي أقامتنا نحن روحياً وهي التي ستقيم أجساد المؤمنين عند سماع صوت ابن الله الصوت الذي نلنا به الحياة الأبدية هو نفس الصوت الذي به سيقيم من الأموات.
في (يو 5: 25) نقرأ "تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ (بالذنوب والخطايا) صَوْتَ ابْنِ اللَّهِ (في الإنجيل) وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ". وفي يو 5: 28 نقرأ "تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ- عند الاختطاف قبل الألف سنة. وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ (أي غير المؤمنين) إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ (وهي قيامة أخرى للأشرار بعد الملك الألفي)".
وهي نفس قوة الله التي ستحيي الشعب القديم المشتت الآن وقد صار كالعظام اليابسة التي سئل عنها حزقيال أتحيا هذه العظام؟ كان الجواب: "هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ" (حز 37: 12).
وهي نفس القوة التي ستجدد الأرض فتأتي أزمنة رد كل شيء (أع 3: 21) في الألف سنة.
السؤال الثاني للمعترضين: بأي جسم يأتون؟
الجواب: يقول الرسول يا غبي الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت لماذا يقول له يا غبي؟ لأن هذا ليس فوق قدرته أن يفهمه. فهو يرى الزرع قدامه في الحقل كل يوم كيف يحيا برمي البذار في الأرض ودفنها وبعد ريّها تحيا وتنبت وتقوم. فلماذا لا يطبق هذا الذي يراه على القيامة؟
"والَّذِي تَزْرَعُهُ لَسْتَ تَزْرَعُ الْجِسْمَ الَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ الْبَوَاقِي. وَلَكِنَّ اللهَ يُعْطِيهَا جِسْماً كَمَا أَرَادَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبُزُورِ جِسْمَهُ" (ع 37، 38).
يمر الإنسان مثل حبة الحنطة التي زرعت؟ لا. بل يعطيها الله جسماً كما أراد والحبة تنتج سنابل في العود الأخضر.
قال الرب: "تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا" (مت 6: 28، 29). من يلبسها هكذا؟ الله بقدرته غير المحدودة.
نلاحظ قوله: "لكن الله يعطيها جسماً كما أراد" عندما ندخل الله في الموضوع تحل جميع المشاكل. الله يعطيها جسماً كما أراد ولكل واحد من البذور جسمه.
"لَيْسَ كُلُّ جَسَدٍ جَسَداً وَاحِداً بَلْ لِلنَّاسِ جَسَدٌ وَاحِدٌ وَلِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ آخَرُ وَلِلسَّمَكِ آخَرُ وَلِلطَّيْرِ آخَرُ. وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لَكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ وَمَجْدَ الأَرْضِيَّاتِ آخَرُ. مَجْدُ الشَّمْسِ شَيْءٌ وَمَجْدُ الْقَمَرِ آخَرُ وَمَجْدُ النُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْماً يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ" (ع 39- 41).
الله في حكمته جعل للناس جسداً وللبهائم جسداً آخر وللسمك آخر وللطير آخر فأجسام الناس متشابهة وكذلك أنواع البهائم المختلفة كل نوع متشابه وكذلك الأسماك وأيضاً الطيور. ما أعجب خليقة الله له كل المجد!
يجد علماء التشريح في النملة الصغيرة أجهزة هضم وتنفس وتكاثر... الخ يقول علماء الحشرات نحن رأينا الله في دراستنا للحشرات الصغيرة التي لا قيمة لها ندوسها بأرجلنا لكن تكوينها عجيب لم يكونها إلا صانع ماهر وخالق عظيم عجيب.
وتوجد أجسام سماوية كالشمس والقمر والنجوم. وللشمس مجد وللقمر مجد آخر. ونجم يمتاز عن نجم في المجد. الأجرام السماوية مختلفة في اللمعان والبهاء. هذا الكلام هو عن الطبيعة وليس له دخل بالمؤمنين. لا يمتاز مؤمن عن مؤمن في المجد، وكل التشبيهات التي أوردها الرسول في هذا الجزء مقصود بها المباينة بين الجسد الحالي وجسد القيامة.
أما التمييز بين مؤمن ومؤمن فهو في الأكاليل وفي الأجرة وفي الملك- سيقول الرب لواحد كن على عشر مدن ولآخر على خمس مدن وهكذا... والر سول يقول: "وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا" (2 تي 4: 8).
الأكاليل بحسب التعب في خدمة الرب. أما أجساد المؤمنين فتقام ممجدة. وماذا عن الأشرار؟ سيقامون بعد زوال السموات وانحلال العناصر واحتراق الأرض والمصنوعات التي فيها (2 بط 3: 10) بأجساد غير قابلة للفناء. جسد الإنسان الآن إذا تعرض للنار يمكن أن يحترق ويصير رماداً لكن أجساد القيامة ستكون للأشرار فلا تفنى ستطرح في النار الأبدية ولا تحترق ولا تفنى فسيكونون في العذاب إلى أبد الآبدين.
لذلك قال الرب لتلاميذه: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد... بل أريكم ممن تخافون. خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم (لو 12: 4، 5). إن العذاب الأبدي هو عذاب للجسد والنفس والروح- كما كان الإنسان في الأرض هكذا يكون في جهنم بجسد غير قابل للفناء وبنفسه وبروحه يتمنى الموت ولا يجده. يا له من مصير مريع! لو يفكر الأشرار في هزل المصير الذي ينتظرهم لهالهم الأمر ولرجعوا عن طرقهم الرديئة. ليت الرب يفتح بصيرتهم ليتداركوا الأمر قبل فوات الوقت.
"هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ" (ع 42- 44).
كان الكلام السابق ليس له تطبيق على أجساد المؤمنين لكن هنا يتكلم عن قيامة أجساد المؤمنين فيقول: "يزرع في فساد ويقام في عدم فساد". "يزرع" تعبير جميل خاص بالمؤمن فالمؤمن لا يقال عنه يموت بل يزرع لأنه سيقام لأن الروح القدس الذي سكن فيه عربون.
يقول المرنم:
يزرع المؤمن لما يوضع في التراب في هوان وفي فساد أي يفسد وينتن. لعازر لما كانت له أربعة أيام في القبر قالت مرثا أخته للرب: يا سيد قد أنتن.
يزرع في ضعف بعد أن يكون قد أتعبه المرض لكن يقام في قوة. لا يموت ثانية ويقام في مجد على صورة جسد المسيح ويقام جسماً روحانياً. نحن لا نعرف بالضبط جسد القيامة لكن نستنتج بعض الاستنتاجات:
جسد القيامة الذي قام بجسم روحاني واستطاع التلاميذ أن يروه ويلمسوه قبل صعوده ودخل والأبواب مغلقة التي لم تمنعه. وفي نفس يوم القيامة ظهر في أماكن متفرقة.
في أيام جسده كان له جسد إنساني كامل لا يوجد إلا في مكان واحد في وقت واحد. وعند الصعود ارتفع عنهم بجسد القيامة ممجداً وهو الجسد الذي سيكون المؤمنون على صورته عند مجيئه وأخذهم للسماء.
الجسم الروحاني له لحم وعظام لكن ليس له دم. الجسم الحالي الذي لنا الآن حيواني خلقه الله ليعيش في الأرض وضع الله آدم في جنة عدن ليحفظها ويعملها. فالإنسان في الخليقة الأولى مخلوق من التراب ومتطلباته في الأرض لكن ليس معداً للسماء. يعني لو لم يخطئ آدم هل كان أخذه الله للسماء؟ لا.
لذلك قال المسيح للتلاميذ: "أنا أمضي لأعد لكم مكاناً" ليس في الملكوت الأرضي الذي كانوا ينتظرونه لكن في بيت الآب. لقد تفاضلت النعمة جداً على الإنسان فلم ترجعه إلى الفردوس المفقود في الأرض لكن إلى ما لم يكن أصلاً له ولا كان يحلم به على الإطلاق- إلى بيت الآب في السماء.
ظهر موسى وإيليا في المجد على جبل التجلي- بمجد مكتسب- صورة فقط للمؤمنين الممجدين لكن الأجساد الممجدة ستلبس عند تغيير الأجساد لما يجيء المسيح للاختطاف.
"هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا:«صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ.الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ" (ع 45- 50).
أمامنا هنا الرأسان آدم الأول رأس الخليقة الأولى وآدم الأخير رأس الخليقة الجديدة.
الإنسان الأول آدم من الأرض من تراب.
الإنسان الثاني الرب يسوع من السماء.
الإنسان الأول أدخل الخطية والموت إلى جنسه.
الإنسان الثاني الرب يسوع أعطى البر للخليقة الجديدة التي هو رأسها. (انظر رو 5: 12- 17).
وكل خليقة حسب رأسها.
الخليقة الأولى ترابيون كآدم، والخليقة الثانية سماويون كما أن الرب يسوع سماوي. وسيلبسون صورة السماوي لأنه سيغير شكل جسد تواضعنا على صورة جسد مجده (فيلبي3 وسنكون مثله لأننا سنراه كما هو (1 يو 3).
الجسم الحالي للإنسان له لحم ودم وعظام ومحتاج للتغذية وأكل وشرب لذلك نأخذ له بروتينات مثل الموجودة في اللحوم وغيرها وفيتامينات وهي موجودة في المزروعات وغيرها. فهذا الجسم ترابي ومعرض للتلف وهو يلاءم العيشة في الأرض فقط. لذلك يقول الرسول أن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله لأنهما لا يستطيعان الوجود في السماء.
أما الجسم الروحاني فله لحم وعظام لكن كيان مختلف عن الكيان الحالي- ليس من التراب بل هو سماوي ملائم للسكنى في السماء.
يقول الرسول في (2 كو 5: 1- 4): "إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ (أجسادنا الحالية المائتة)، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ (الأجساد الجديدة الممجدة). لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا (الأجساد الحالية الترابية بالموت) بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا (الأجساد الجديدة- مسكننا الذي من السماء)، لِكَيْ يُبْتَلَعَ (الجسد الْمَائِتُ) مِنَ الْحَيَاةِ"- أي الجسد الذي فيه حياة جديدة يبلع ما في هذا الجسد من ضعف وفساد ومن أشياء تلاءم السماء.
كيف ستكون أجسادنا الجديدة؟
في (رو 8: 29) نقرأ: "مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكراً بين أخوة كثيرين".
وفي (في 3: 21) نقرأ: "على صورة جسد مجده".
وفي (1 يو 3: 2) نقرأ: "لم يظهر بعد ماذا سنكون لكن نعلم (يقيناً) أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو".
توجد تساؤلات كثيرة عند البعض عن المستقبل. لكن طالما لم يجب عنها الروح القدس في الكتاب المقدس فلا نجيب نحن عنها ولا نتجاوز المكتوب ولا نرتئي فوق ما ينبغي أن نرتئي ولا فوق ما هو مكتوب. لو إن الروح القدس وجد ضرورة لكتابتها لكتبها.
فمثلاً يسأل البعض: هل في السماء الذي مات طفلاً يكون رجلاً. وهل هناك ذكر وأنثى إلى غير ذلك من الأسئلة.
نحن الآن نعرض بعض المعرفة ولا نتعجل الوقت. فهناك ستكون لنا معرفة كاملة. ونشكر الله لأن المعلومات التي لدينا في كلمة الله كافية تماماً.
"هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ" (ع 51، 52).
يعلن الرسول هنا سراً لم يكن معروفاً من قبل. في العهد القديم من ضمن الأسرار التي أعلنت لنا في العهد الجديد "أننا لا نرقد كلنا". يوجد من لا يرقدون ولا يذوقون الموت بل يبقون أحياء إلى مجيء الرب.
إنه أمر محزن أن نسمع كثيراً ولا سيما في الجنازات أن الموت مصير كل إنسان كما قال داود موصياً ابنه سليمان: "أنا ذاهب في طريق كلها فتشدد وكن رجلاً" (1 مل 2: 2). ولو قيل هذا عن الأشرار فقط لكان الكلام في محله- هذا ما كان يعرفه مؤمنو العهد القديم. لكن الآن يوجد شيء جديد هو ما قاله الرب يسوع لمرثا عندما قالت له عن أخيها لعازر: "«أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ (للذين رقدوا) وَالْحَيَاةُ (للأحياء الباقين إلى مجيئه). مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا (أي سيقوم)، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا (إلى مجيئه) وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ (وهذا عن الأحياء إلى مجيء الرب)»" (يو 11: 24- 26).
إذاً يوجد بعض المؤمنين لا يرقدون. وكلنا راقدون وأحياء نشترك في شيء واحد هو تغيير الأجساد أي لبس الأجساد الممجدة لأن الراقدين سيقامون في مجد وقوة وعدم فساد والأحياء لا يخلعونها لكن يلبسون فوقها يكتسون مجداً فوق جسد التواضع.
كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين. جميع الراقدين في المسيح من هابيل إلى لحظة مجيء الرب يقامون بالأجساد الممجدة ونحن نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. ثم ننتق إلى (1 تس 4: 16- 18) حيث يكمل الوحي هذا الإعلان العظيم المبارك: "لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ".
البوق الأخير:
لا علاقة له بأبواق سفر الرؤيا الخاصة بالقضاء. لكن هنا تشبيه مأخوذ مما كان يستعمل في الجيش الروماني. البوق الأول للتنبيه والبوق الثاني للاصطفاف والبوق الثالث للرحيل. ونحن كذلك روحياً- البوق الأول بوق الإنجيل الذي سمعناه فنلنا الحياة الأبدية بعد أن كنا أموات بالذنوب والخطايا والبوق الثاني بوق التنبيه صوت صراخ في نصف الليل للتنبيه "هوذا العريس مقبل فآخرين للقائه". والبوق الأخير عند مجيء الرب للاختطاف للمستعدات أي جميع المؤمنين بدون استثناء.
"لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ. وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ:«ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ».«أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟»" (ع 53- 55).
الفاسد هو الذي استولى عليه الموت ورأى فساداً كما يقول الرسول بطرس إن رئيس الآباء داود مات وجسده رأى فساداً وكل المؤمنين الذين سبقونا رأى جسدهم فساداً، وسيقامون في عدم فساد.
أما المائت فهو هذا الجسد الذي في طريقه إلى الموت إن لم تأنى المسيح. وهذا المائت لا بد أن يلبس عدم موت.
"فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ:«ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ»": هذا مكتوب في (أش 25: 8): "يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ، وَيَمْسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَيَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عَنْ كُلِّ الأَرْضِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ" وهذا عن الحياة في الملك الألفي للشعب القديم أي لا يكون موت في الملك الألفي إلا للشرير[1]. والقول في أشعياء ليس عن الاختطاف لأن الاختطاف غير معروف في العهد القديم.
"أين شوكتك يا موت": هذه يقولها الأحياء الذين لم يموتوا ولم يكن للموت شوكة عليهم. لكن في الحقيقة يقولها الكل أيضاً لأنه حتى المؤمن الذي يرقد هل تنفذ فيه شوكة الموت؟ كلا. لأن الموت بالنسبة له ربح، وشوكة الموت هي الخطية لكن المسيح كسر شوكة الموت ونقض أوجاعه- أولاً بقيامته من الأموات ناقضاً أوجاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه. لقد "مات لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس".
والانتصار الثاني على الموت بإقامة الذين للمسيح في مجيئه. والغلبة الأخيرة عندما يبطل الموت نهائياً حيث نقرأ: "وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار" (رؤ 20: 14).
"أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ. وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (ع 56، 57).
لقد كسر المسيح شوكة الموت لأن شوكة الموت هي الخطية والمسيح أبطل الخطية بذبيحة نفسه (عب 9: 26).
"وأبطل الموت وأنار لنا الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" (2 تي 1: 10).
فنحن من الآن نقول أين شوكتك يا موت- ليس لك علينا سلطان حتى وإن رقدنا. إن الوادي الذي نمر فيه هو وادي ظل الموت أما الموت الحقيقي فقد احتمله المسيح بالنيابة عنا على الصليب.
"أين غلبتك يا هاوية": هذه يقولها الراقدون عندما يقومون لأن الهاوية قبضت عليهم لكن لا تقدر أن تمسكهم فسيغلبونهم بقوة القيامة. سيقومون من بين الأموات ولا يقدر الموت أن يحجزهم ولا الهاوية (القبر) أن تمسكهم.
"أما شوكة الموت فهي الخطية": أي إن الخطية هي التي جعلت للموت شوكة. وقد وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك للدينونة.
"وقوة الخطية هي الناموس": هذا هو الناموس الذي يرجع إليه الناس لكي يتبرروا! مع إن الكتاب يقول: "لو كان الناموس بر فالمسيح مات بلا سبب"- الناموس غير قادر أن يعطي براً ولا حياة. ويقول الرسول عنه إنه خدمة موت وخدمة دينونة وخدمة لعنة لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت اللعنة.
والناموس هو قوة الخطية لأنه لو لم يكن ناموس لما كانت الشهوة تتحرك. لكن لما جاءت الوصية تحركت الشهوة وعاشت الخطية فمت أنا. فالوصية نفسها هي التي حركت الخطية أي أعطتها قوة.
لكن شكراً لله نحن ليس لنا علاقة بالناموس ولا نحن تحت الناموس لأن الناموس أعطى لشعب واحد ولغرض واحد. أم نحن فقد "مُتُّمْ لِلنَّامُوسِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ، لِكَيْ تَصِيرُوا لآخَرَ، لِلَّذِي قَدْ أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لِنُثْمِرَ ِللهِ" (رو 8: 4).
يقول الرسول هنا في 1 كو 15: "شكراً لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح". لقد خلصنا الله من الناموس وأعتقنا من عبوديته وهو يعطينا الغلبة المستمرة ويقودنا في موكب نصرته في المسيح يسوع كل حين.
والآن نستطيع أن ننتصر بقوة الروح القدس الذي فينا والغلبة النهائية هي عند مجيء المسيح الظافر المنتصر الذي غلب وسنغلب نحن أيضاً به نهائياً.
"إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، كُونُوا رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ" (ع 58).
يحرض الرسول المؤمنين أن يكونوا ثابتين غير متزعزعين وغير محمولين بكل ريح وتعليم- لا تتزعزعوا بسبب الذين يعلّمون تعاليم كاذبة مثل القائلين ليس قيامة. بل كونوا راسخين ثابتين على صخرة الحق الإلهي.
"ابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس" (يهوذا 20).
"مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ": الذين أنكروا القيامة قادهم ذلك إلى الانحلال والاستسلام للشهوات فقالوا نأكل ونشرب لأننا غداً نموت!
لكن الرسول يقول للمؤمنين في كورنثوس: "اصحوا للبر"- توجد قيامة ويوجد اختطاف وبعد ذلك وقوف أمام كرسي المسيح للمجازاة لمنم يتعبون في عمل البر وحياة الخدمة للرب.
طبعاً إذا لم تكن قيامة فلا داع للتعب والخدمة ومحاربة الناس مثل الوحوش.
"عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ": كل تعب في العالم باطل ولا قيمة له. لكن الذي يبقى ونأخذ عنه أجرة هو ما نبنيه على أساس الحق- الذهب والفضة والحجارة الكريمة (1 كو 3: 12- 15).
كل الأشياء التي ليست بدافع المحبة للرب وليس غرضها مجد الرب، تحترق ولا نأخذ عنها أجرة. أما تعبنا في الرب فحتى كأس ماء بارد لا يضيع أجره.
[1]- الخاطئ: ابن مائة سنة يموت. لكن المؤمن الذي يدخل الملك الألفي لا يموت بل يعيش الألف سنة كلها، وبعد ذلك يحيا إلى الأبد.
- عدد الزيارات: 7294