الأصحاح الثاني
"وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الْكَلاَمِ أَوِ الْحِكْمَةِ مُنَادِيًا لَكُمْ بِشَهَادَةِ الله" (ع 1).
من ضمن ما أخذوه على الرسول بولس بساطة أقواله وأنه ليس فيها شيء من الفصاحة أو الفلسفة ولا مما يشبع الرغبة البشرية سيما عند الكورنثيين الذين كان كل اهتمامهم بالفلسفة والحكمة الإنسانية. والرسول يبيّن لهم هنا أنه قصد أن يأتي إليهم من أثينا عاصمة بلاد اليونان وقد جال هناك بين هياكلهم ومعبوداتهم واحتدّت روحه إذ رأى المدينة مملوءة أصناماً، فينما كانوا يفتكرون في أنفسهم أنهم حكماء كانوا في الحقيقة مظلمي الفكر من جهة الله، فقد عملوا آلهة كثيرة وكانوا يشعرون أن هذا ليس كل شيء وأنه يوجد شيء ناقص، فقال لهم الرسول أنتم تتلمسون الله لعلكم تجدونه لكن الذي يريد أن يجد شيئاً بالتلمس هو الأعمى، أما المبصر فيضع يده على الشيء مباشرة، ولكن هؤلاء قد أعمى إله هذا الدهر أذهانهم فأطلقوا العنان لأفكارهم وعملوا هياكل لآلهة لا عدد لها، ثم عملوا أيضاً هيكلاً لإله مجهول.
وبدأ بولس من هذه النقطة يكلّمهم عن الإله المجهول عندهم أنه معروف جيداً عنده وهو الإله الحقيقي وحده الذي خلق السماء والأرض. وبدأ يحدّثهم عنه واستغل الفرصة فصار لليهودي كيهودي ليربح اليهود وللذين بلا ناموس كأنه بلا ناموس مع أنه ليس بلا ناموس لله بل تحت ناموس للمسيح ليربح الذين بلا ناموس (ص 9: 20، 21), هذا ليس رياء لكنه وضع نفسه في مستواهم وتدرّج بهم إلى أن وصل بهم إلى الحق، فكلّمهم من واقع أمورهم إلى أن انتهى به الكلام إلى "يسوع والقيامة".
لقد كلّمهم الله عن الرب يسوع وأنه مات لأجل خطايانا والله أقامه من الأموات فلفت أنظارهم على موضوع القيامة. وابتدؤوا يفحصون الكلام عقلياً وخرجوا ولهم مباحثة كثيرة بينهم وبين أنفسهم. وكانت النتيجة أن قليلين آمنوا لكن كثيرين مضوا بأبحاثهم. يظهر أنه في ذلك الوقت وهو عازم على الذهاب إلى كورنثوس جلس أمام الرب وفكّر ماذا يعمل، وكورنثوس مثل أثينا لا تشبع من الحكمة والفلسفة، فأقنعه الرب، وعقد النية والعزم على أن لا يأخذ إليهم إلا "يسوع المسيح وإياه مصلوباً" هل هذا ينفع معهم؟؟
نعم فلا توجد قوة أعظم من قوة المسيح المصلوب- قوة يستخدمها الروح القدس للوصول مباشرة إلى القلب. قد لا تقنع الذهن فهي عند اليهود عثرة وعند اليونانيين جهالة لأنها ضد الحكمة والفلسفة ولكنها بعمل الله تؤثر في القلب.
"لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئًا بَيْنَكُمْ إلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا" (ع 2).
ما غرض المبشر؟ هل يريد أن يعجب الناس بكرازته؟ هل يريد أن تتجه إليه الأنظار؟ هل يريد أن يمدح من الناس فيقولون أنه مبشر عظيم وخطيب مفوّه؟ إذا كان الأمر كذلك فلينمق الكلام ويرتب الخطاب لكن إذا كان يريد مجد الله والإتيان بالنفوس إلى المسيح فلا بد له أن يتخلى عن كل شيء ولا يأخذ معه إلا "يسوع المسيح وإياه مصلوباً".
كان "بيلي جراهام" المبشّر الشهير يعظ لأربعين ألف نسمة في دالاس وبعد العظة قدّم الدعوة لمن يريدون تسليم حياتهم للمسيح فلم يتقدم أحد!! ترك المنبر في ارتباك وحزن شديدين. قال له أحد القديسين: "كانت عظتك في هذا المساء جميلة لكنك لم تتكلم عن الصليب"، ذهب إلى غرفته وبكى وعقد العزم على ألا تخلو إحدى عظاته من الكلام عن الصليب فلا خلاص إلا بالفداء الذي تم على الصليب. وفي الصليب القوة الكافية لجذب الخاطئ قال المسيح بفمه الكريم: "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ (على الصليب) أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ" (يو 12: 32).
اعتزم أحد المرسلين المشهورين بعد غيبة طويلة العودة إلى بلاده في أجازة، وكان الناس قد سمعوا عما لقيه هذا المرسل من مشقات وأخطار في سبيل توصيل البشارة للناس في البلاد الوثنية، فاتفقوا معه على عقد اجتماع كبير ليحدّثهم فيه عن عمله في تلك البلاد والأخطار التي تعرض لها. ولما حضر الاجتماع وجد جمهوراً غفيراً مستعداً للاستماع إليه. فقام وتحدث إليهم عن المسيح ومحبته وصليبه وما صنعه لأجل فداء الإنسان، وأن المسيح لا زال يرحّب بكل من يأتي إليه ودعا الحاضرين للمجيء إلى المسيح لنوال الحياة الأبدية ثم جلس. وبعد الاجتماع قال له أحد أصدقائه: "لقد خيّبت آمال الحاضرين فقد جاؤوا ليسمعوا عن مغامراتك واختباراتك وأعمالك في البلاد الوثنية!"، فقال: "هل أُحوِّل الأنظار عن المسيح إلى شخص ضعيف؟ ماذا عملت أنا؟ هل متّ من أجل الناس؟ هل توجد قصة أفضل من صليب المسيح أحِّدث عنها هذا الجمهور الكثير؟"
يقول البعض: لماذا لا نقرن حكمة الكلام مع صليب المسيح؟ الجواب في (1 كو 1: 17): "لاَ بِحِكْمَةِ كَلاَمٍ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ الْمَسِيحِ". فلا يجوز إضافة شيء من عندنا إلى صليب المسيح لئلا يتعطل. يقول الرسول في ع 2 هنا أنه لم يعزم أن يعرف شيئاً بينهم إلا أمرين: الأمر الأول- "يسوع المسيح" أي شخصه.
والأمر الثاني- "وإياه مصلوباً" أي عمله.
من هو الذي صُلب؟ الرب يسوع "لو عرفوا لما صلبوا الرب المجد" (1 كو 2: 8) الذي صُلب هو الله الذي ظهر في الجسد هذا هو موضوع الإيمان. فالإيمان بشخصه أولاً "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص..."- آمن بشخصه كابن الله ومخلص الخطاة الوحيد. ثم بعمله على الصليب لا بيسوع المسيح وإياه معلماً ولا به مثلاً أعلى ولا به صانعاً معجزات لكن "بيسوع المسيح وإياه مصلوباً"- هذا ما تحتاجه المسيحية في هذه الأيام- أيام الارتداد والروح العصرية فإذا جردت الخدمات المسيحية من الكلام عن المسيح وإياه مصلوباً لأصبحت خطابات رنانة بلا تأثير وبلا قوة.
هل "المسيح وإياه مصلوباً" فيه الكفاية؟ نعم وكل الكفاية. الدروس التي في "المسيح وإياه مصلوباً" دروس ثمينة وعميقة. ماذا نتعلم منها؟ نتعلم أن الإنسان شرير وفاسد ومستحق الموت ولذلك مات المسيح بالنيابة عنه. ونتعلم أيضاً استبعاد الإنسان تماماً- استبعاد حكمة الإنسان وعمله وبره الذاتي، كل هذا مرفوض من الله. إن صليب المسيح يلغي الإنسان بحسب الطبيعة بكل مزاياه ويقدّم شخصاً آخر بدلاً منه هو الرب يسوع المسيح الذي يهب حياة جديدة للأموات بالذنوب والخطايا.
ونحن المؤمنون كم لنا من التعليم في صليب المسيح! إن صليب المسيح ليس فيه فقط الفداء وغفران الخطايا والخلاص الأبدي لكن فيه إلغاء لمجد العالم الباطل- صليب المسيح "الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ" (غلا 6: 14). المؤمن يخرج من العالم الديني ومن العالم بمباهجه ومسراته يقول الرسول عن الذين يفتكرون في الأرضيات إنهم "أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ" (في 3: 18، 19). أما أصدقاء صليب المسيح فقد فصلهم الصليب عن العالم والأرضيات ورفع قلوبهم إلى فوق حيث المسيح الذي كان مصلوباً جالساً الآن عن يمين الله.
"وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضُعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ" (ع 3).
قبل أن يذهب الرسول إليهم عقد العزم على أن يأخذ معه صليب المسيح فقط وعندما وصل هناك يقول: "كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة..." لماذا؟ لأن قوة المسيح لا تظهر إلا في الضعف. فلو ذهب إليهم بقوة من عنده ما كان قد أفادهم. لكن كان دستوره قول الرب له: "تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمن" (2 كو 12: 9). من أي شيء كان خائفاً؟ كان خائفاً لئلا يظهر أي شيء من مزاياه الخاصة لئلا يكون قوياً. في ذاته ولئلا يكون فصيحاً في أقواله! فذهب في ضعف حتى تكون قوة الله هي التي تظهر "لنا هذا الكنز في أواني خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا" (2 كو 4: 7).
ما الذي دعا للخوف والرعدة! هل خاف لئلا يرفضوه؟ كلا. هل خاف لئلا يضطهدوه ويرجموه؟ كلا. لكنه خاف لئلا يقدم شيئاً مع المسيح. أو يظهر منه شيء من الذات مع المسيح.
آهٍ يا أحبائي. ليت الرب يعطي شيئاً من الخوف والرعدة للذين يخدمون الرب ويقفون على المنابر ليلقوا المواعظ المنمّقة. ليته يعطيهم خوفاً ورعدة لكي يرتعدوا من تعظيم الذات وتقديم الفلسفة والحكمة البشرية ومن إظهار عضلات العقل البشري.
أعظم رسول كان في خوف ورعدة لأنه ما كان يبغي إلا مجد الله ويخاف لئلا يفلت منه شيء يوجّه إليه الأنظار. ومع ذلك هل تعرفون يا أحبائي هذا الرجل المملوء من خوف الله والحكم على الذات والمملوء من الخوف والرعدة، يقول له الرب: "هذا ليس كافياً. لكني أعطيك شوكة في الجسد لئلا ترتفع ولكي لا ينظر أحد إلى شخصك بل يتعظّم المسيح وحده فيك". لذلك يقول الرسول للغلاطيين: "تَجْرِبَتِي الَّتِي فِي جَسَدِي لَمْ تَزْدَرُوا بِهَا وَلاَ كَرِهْتُمُوهَا" (غلا 4: 14).
لقد قبل الرسول الشوكة وقال: "فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ" (2 كو 12: 9). هذه هي الخدمة الحقيقية. وفي الأصحاح التالي يقول توجد خدمات كثيرة منظرها كبير لكن في حقيقتها أما النار الممتحنة هي قش لا يبقى منه شيء. لأن كل ما من الذات يحترق وكل ما ليس بدافع المحبة للمسيح ومجده يُحرق.
"وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ (الإِنْسَانِيَّةِ) الْمُقْنِعِ بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ" (مع 4).
كثيرون يحاولون إقناع الغير عن طريق المجادلات والمباحثات، لكن هل هذا طريق ربح النفوس؟ لا. ربما يقنع ذهن السامع وقتياً ويأتي الشيطان ويخطف هذا الاقتناع العقلي. فكلام الحكمة الإنسانية يقنع العقل لكن لا يصل إلى القلب، أما المسيح فيوصل الحق إلى القلب مباشرة.
أتريد أن تربح شخصاً للمسيح؟ قدم المسيح إلى قلبه- المسيح هو الذي يكشف له حالته وخرابه وحاجته ويجد في المسيح ما يملأ هذا الفراغ ويسد الحاجة. فالمهم هو القلب لأن المسألة ليست خطأ في الفكر يُراد إصلاحه عن طريق المباحثات والمناقشات. عندما ذهب الرسول إلى تسالونيكي تلك المدينة الوثنية وكرّز لهم بالمسيح وقال: "أَنَّ إِنْجِيلَنَا لَمْ يَصِرْ لَكُمْ بِالْكَلاَمِ فَقَطْ، بَلْ بِالْقُوَّةِ أَيْضاً، وَبِالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَبِيَقِينٍ شَدِيدٍ" (تسا 1: 5). فالكلام وصل إلى قلوبهم بقوة الروح القدس وغيرها وأرجعهم إلى الله من الأوثان ليعبدوا الله الحي الحقيقي. يا أخي العزيز: ألقِ سلاح الفلسفة والحكمة الجسدية والمجادلات وخذ "كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" (عب 4: 12). واعتمد على قوة الروح القدس لتصل إلى القلب مباشرة وليس إلى العقل فقط.
"لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ. لَكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ وَلَكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الدَّهْرِ وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ الَّذِينَ يُبْطَلُونَ" (ع 5، 6).
المسألة ليست حكمة لكن الأمر يتطلب "قوة الله" فالخاطئ إنسان ميت. هل الحكمة تحييه؟ كلا. لكن الذي يحييه هو قوة الله المحيية التي تصل إلى الميت فتعطيه حياة.
"لكننا نتلكم بحكمة بين الكاملين": من الكاملون؟ هم البالغون. فهؤلاء المؤمنون في كورنثوس لم يصلوا إلى حد البلوغ. لقد ولدوا الولادة الجديدة لكن استمروا أطفالاً في الإيمان ويقول لهم الرسول في ص 3: 2: "سَقَيْتُكُمْ لَبَناً لاَ طَعَاماً لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ". فالمسيح المصلوب درس عظيم يلزم أن نتعلمه للخلاص وغفران الخطايا والانفصال عن العالم ولمعرفة أن مجد الأرض باطل ولرفع قلوبنا للسماويات، ومنه نتعلم الحكم على الذات وعلى الجسد "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ". لكن توجد دروس أخرى تأتي بالتدريج مع النمو في النعمة. فبعد أن نعرف المسيح المصلوب نعرف المسيح المقام. يقول الرسول: "لأعرفه وقوة قيامته..." (في 3). هذه القوة التي تعمل فينا للانتصار- قوة الله الذي أقامه من الأموات هي لنا (أف 1) والمسيح الممجد عن يمين الله يجتذب قلوبنا لأنه حيث كنزنا هناك يكون قلبنا. فالمسيح الرأس ونحن أعضاء الجسد وسيأتي قريباً من المجد ليأخذنا إليه. في الصليب دروس كثيرة لكن المسيح هو الدرس الأول وبعد ذلك دروس النعمة ودروس الحكمة الإلهية.
"ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر": الحكمة الإنسانية حكمة أرضية نفسانية شيطانية- هذه هي حكمة العالم. فالإنسان بحسب هذه الحكمة يعرف كيف يكسب المال وكيف يتغلب على الآخرين ويرتقي على أكتافهم- حكمة مكر ورياء وحسد.
لكن الحكمة الإلهية التي من فوق "أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَاراً صَالِحَةً" (يع 3: 17). إنها حكمة ليست من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. "ألم يجهل الله حكمة هذا العالم" (ص 1: 20).
"بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا" (ع 7).
حكمة الله لم تكن قبلاً سراً أي لم تكن معلنة- الحكمة التي كانت مكتومة حتى عن أنبياء العهد القديم فلم يكونوا يعرفون كل حكمة الله إذ كانوا يتعلمون مثل التلميذ الصغير في المدرسة عن طريق الصور أولاً ثم أشياء مجسّمة... ففي العهد القديم رموز وصور لكي يعرفوا بعض الحقائق الإلهية من خلالها لكن الحكمة الإلهية كانت مكتومة وقد سبق الله فعيّنها قبل الدهور لمجدنا- كما يقول الرسول بطرس: "بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. الَّذِينَ أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَذِهِ الأُمُورِ" (1 بط 11، 12).
لم يكونوا يعرفون المجد الأبدي ولم يكونوا يعرفون الاتحاد بالمسيح الممجد فهذه بقيت لإعلان الله في العهد الجديد أما الآن فلا يوجد سر لأن كل الأسرار أعلنت ولا يوجد شيء مكتوم الآن. قيل لدانيال قديماً "فاخف الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية" (دا 12: 4). لكن الآن قد أعلن كل شيء في زمان النعمة بعد أن أتى الروح القدس وأعلن لنا كل شيء.
"الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ - لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ" (ع 8).
هذه الحكمة التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. الكتبة والفريسيون ورؤساء الكهنة وعظماء الشعب لم يعرفوا شيئاً من حكمة الله- الحكمة التي كانت عتيدة أن تظهر في صليب المسيح. فهم صلبوه لأنهم لم يعرفوه لكن ما قصد الله أن يعمله قد تممه هكذا. تممه بواسطة جهلهم وعدم معرفتهم. فهم قدموه للصليب وهم مسئولون عن ذلك، لكن الله تمم بذلك مقاصده بإعلان حكمته في صليب المسيح. ولذلك قال رب المجد وهو معلّق على الصليب: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. وبذلك أعطاهم حق الدخول إلى مدينة الملجأ التي يذهب إليها القاتل سهواً حتى لا يدركه ولي الدم، وقد قدمت الفرصة للذين لم يعرفوا لكي يتوبوا.
ولما كلمهم الرسول بطرس في يوم الخمسين نخسوا في قلوبهم وآمن في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس.
"بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ»" (ع 9).
يفهم البعض هذه الآية خطأ فيقولون أن ما أعده الله للذين يحبونه أمور فائقة لا تخطر على البال. لكن هنا الرسول يأتي بهذا المكتوب للمفارقة. فالمكتوب هناك في (أش 64: 4): "وَمُنْذُ الأَزَلِ لَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُصْغُوا. لَمْ تَرَ عَيْنٌ إِلَهاً غَيْرَكَ يَصْنَعُ لِمَنْ يَنْتَظِرُهُ". أي لم يسمع أحد عن إله قدير مثلك ولم يرَ أحد مثل ما صنعه الله للمتكلين عليه حتى في الخلاص الزمني. لكن هنا يقول أن (ما كان خفياً) "ما لم تره عين ولم تسمع به أذن أعلنه الله لنا" (ع 10).
"فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ" (ع 10).
الآن رأت عيون إيماننا. ألم يقل الرب للتلاميذ: "فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَاراً كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا" (مت 13: 17). هم أبصروا بعيونهم وسمعوا بآذانهم ونحن رأينا بعيون إيماننا. لقد أعطانا الله بصيرة لنعرف الحق والروح القدس كشف لنا كل شيء. فالذي أعده الله للذين يحبونه ليس خافياً علينا كما كان خافياً على مؤمني العهد القديم بل أعلنه الله لنا بروحه القدوس الذي نزل في يوم الخمسين. كل الإعلانات قد أعطاها الله للرسل والأنبياء في العهد الجديد لكي يكتبوها والآن لا توجد إعلانات بعد ذلك فالكتاب المقدس يحوي كل الإعلانات الإلهية. وكل شيء معلن في الكتاب. نقرأ في (1 كو 14: 30) "ولكن أن أعلن لآخر جالس فليسكت الأول"- هذا لأن الوحي لم يكن قد كمل بعد. أما الآن فقد تم الوحي وصار مكتوباً ولا يمكن أن يُضاف إليه إعلان جديد.
"الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ":
إن روح الإنسان تفحص كل شيء فيه وهكذا روح الله يفحص أعماق الله. يقول صوفر النعماتي لأيوب: "أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي" (أي 11: 7). كان الجواب الطبيعي: غير ممكن. لكن لو سُئل المؤمن الآن هذا السؤال: هل تقدر أن تصل إلى عمق الله؟ تكون إجابته نعم. لأن روح الله في والروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. وأعماق ما في قلب الله قد كشفها لي وقد علمني إياها الروح القدس. يقول النبي أشعياء: "من قاس روح الرب ومن مشيره يعلمه" (أش 40: 13). لكن المؤمن في العهد الجديد يعرف فكر الرب وله فكر المسيح.
ما أعظم امتيازات عهد النعمة!... وما أعظم الامتيازات التي أُعطيت لنا بعطية الروح القدس التي أخذناها من الله.
"لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هَكَذَا أَيْضاً أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ" (ع 11، 12).
قال أحد الكتّاب الأفاضل أني لا أقدر ولا أقبل أن أعطي روحي لأخر لأني لو أعطيته روحي يعرف أسراري وكل أموري لأن أمور الإنسان لا يعرفها إلا روح الإنسان الذي فيه لذلك لا أقبل أن أعطيه روحي فأكشف له أسراري. لكن الله عندما أعطانا روحه قصد أن لا يخفي عنا شيئاً.
ثم يقول الرسول بعد ذلك عبارة خطيرة: "ونحن لم نأخذ روح العالم". هل من الممكن أن نكون قد أخذنا روح الله وروح العالم؟ طبعاً لا. العالم له روح، والروح الذي في العالم روح الجسد، روح البغضة، روح الطمع والتفكير في الأرضيات. لكن المؤمن يسير في وسط الناس ولا يشاركهم في تصرفاتهم فهم يتكلمون بمكر وحيل ولا يفحصون عما في باطنهم.
أما نحن المؤمنون فلم نأخذ روح العالم بل أخذنا روح الله لكي نكون حكماء كالحيات بسطاء كالحمام. لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. فالأشياء التي أعدها الله للذين يحبونه أعلنها في الكتاب وأعطانا الروح القدس لكي نعرفها بواسطته.
هل تعرف يا أخي الأشياء الموهوبة لك من الله؟ هل تعرف حدودها؟ هل تعرف من فاض به قلب الله من الهبات الروحية لك؟ "الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء؟". فالأشياء الموهوبة لنا من الله هي كل شيء والذي يعرفنا إياها هو الروح القدس. وعلينا ألا نحزن الروح القدس الذي في داخلنا لكي يأخذ مما للمسيح ويخبرنا بفرح قلوبنا.
"الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ" (ع 13).
نلاحظ في هذا الأصحاح التسلسل الآتي: الأشياء التي أعدها الله للذين يحبونه ليست مخفية الآن كما كانت في العهد القديم لكن أعلنها الله لنا بالروح القدس في الكتاب. ثم أخذنا روح الله لكي نعرفها ونتمتع بها. ثم بعد ذلك نتكلم بها. هل نعرفها ونخزنها في قلوبنا ونترك الناس؟ لا. "كفقراء ونحن نغني كثيرين". أعطِ يا عزيزي من الأشياء الموهوبة لك من الله للآخرين لكي يغتنوا هم أيضاً ولكي تجري من بطنك لهم أنهار ماء حي.
بعد أن عرفنا الأشياء الموهوبة لنا من الله وتمتعنا بها نتكلم بها. لكن كيف نتكلم بها؟ هل نؤلِّف الكلام من عندنا؟ هل نوصل هذه الأشياء بحكمتنا ونتاج عقولنا؟ لا. نحن أخذناها بالروح القدس ونعطيها بالروح القدس. الروح القدس يلغي الإنسان وحكمة الإنسان ويكون هو وحده كل شيء. وهو الذي أوحى الكتاب بالكتاب المقدس وحياً حرفياً بكل كلمة في الكتاب وهو الذي يعرفنا إياها وهو الذي يعطينا الكلام ويعلّمنا كيف نتكلم بها ونقدّمها للآخرين.
"لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية": لا تضف شيئاً من الفصاحة والفلسفة من عندك. بل اخضع لعمل الروح القدس فيك.
"قارنين الروحيات بالروحيات": ليس مقارنين بل قارنين أي تضيف الروحيات إلى الروحيات. موضحين الأمور الروحية بالمعاني الروحية الموجودة في أجزاء أخرى من الكتاب. هنا طبعاً الكلام عن الرسل لكن كل المؤمنين أيضاً عليهم أن يكلّموا الآخرين "لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ" (1 بط 2: 9). وهنا توجد إشارة إلى الوحي الحرفي الذي به وصل الرسل والأنبياء الكلام- وصلوه لنا بالروح القدس وليس بالحكمة الإنسانية.
"وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً" (ع 14).
روح الله يعرف المؤمنين أمور الله لكن الإنسان الطبيعي لا يقبلها. من هو الإنسان الطبيعي؟ هو الإنسان بحسب الطبيعة الذي قال عنه المسيح "المولود من الجسد جسد هو". وعكس الإنسان الطبيعي هو "الإنسان الروحي" الذي يقول عنه الرب يسوع "المولود من الروح هو روح" الإنسان الطبيعي عقله مظلم لأن إله هذا الدهر أعمى بصيرته. وهو ميت يحتاج إلى حياة، يحتاج إلى ولادة ثانية بالروح القدس، يحتاج إلى ذهن جديد وقلب جديد وحياة جديدة.
قد يكون الإنسان الطبيعي مهذّباً وظريفاً ومتعلماً وراقياً وذا أخلاق دمثة لكن لا يزال إنساناً طبيعياً. "إذا حسن صورته فلا تأتمنه لأن في قلبه سبع رجاسات" (أم 26: 25). قد يحسن صورته ويصبح إنساناً مصقولاً سوياً لكنه إنسان طبيعي. وقد يكون متديناً ومواظباً على الطقوس والفرائض وحضور الاجتماعات ومتمماً للواجبات الدينية لكن لا يزال إنساناً طبيعياً فلا فائدة. هذا ما قاله الرب لنيقوديموس: "ينبغي أن تولدوا من فوق" (يو 3: 7).
الإنسان الطبيعي ليس فقط لا يعرف أمور الله لكن الأردأ من ذلك أنه لا يقبلها لأنه يفكر بعقله الطبيعي وليس عنده إيمان ويحكم على كل شيء بما يراه بالحواس الجسدية وبالعقل الطبيعي.
"لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ": الهاء في "لأنه" تعود على "ما لروح الله". أي أن ما لروح الله عند الإنسان الطبيعي جهالة. أليس هذا ما نسمعه من العصريين وغير المؤمنين في هذه الأيام فهم لا يعترفون بالكفارة والدم والصليب والتجسد. هذا كله لا يصدقونه "كلمة الصليب عند الهالكين جهالة" (ص 1: 18). والرسول يستمر في الكلام ويقول أن ما يعتبرونه جهالة وينسبونه لله هو أحكم من الناس.
"وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً": لا يقدر الإنسان الطبيعي أن يعرف "ما لروح الله". توجد عبارة شبيهة بذلك في (رو 8: 8): "فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله" حتى إن حاولوا لا يقدرون. غير ممكن أن ينتج الجسد شيئاً يرضي الله، إذ لا يقبل ما لروح الله لأن ليس عنده طاقة عقل وفهم وذهن تستوعب أمور الله. فأمور الله يحكم فيها روحياً بالروح القدس، والإنسان الطبيعي ليس عنده الروح القدس فلا يقبلها ولا يقدر أن يعرفها لأن المؤهل الوحيد لمعرفة أمور الله هو الروح القدس "إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له (ليس للمسيح)" (رو 8: 8).
"وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ" (ع 15).
يعقد الرسول مقارنة بين الشخصين الجسدي والشخص الروحي. الروحي هو العامل فيه الروح القدس، أما الجسدي فهو الذي يسلك حسب الجسد وليس عنده إلا عقله المظلم من جهة أمور الله. فالإنسان الروحي يحكم في كل شيء لأنه يعرف ويميز بين ما هو روحي وما هو جسدي فهو يقدر أن يميز الأرواح- "يتكلم اثنان أو ثلاثة في الاجتماع ويحكم الآخرون" (1 كو 14: 29) بماذا يحكمون؟ هل باستحسانهم؟ كلا. يحكمون بالروح القدس.
يرى الناس طرق الإنسان الروحي غريبة ليست مثل طرقهم فهو يسير في طريق آخر وله تفكير آخر سماوي. شبه أحدهم ذلك بالجنود الذين يسيرون على دقة الطبلة فمع كل دقة يخطون خطوة وخطواتهم تكون منتظمة. يرفعون أرجلهم معاً ويخفضونها معاً ويخطون خطوات متحدة بعضهم مع بعض على حسب دقة الطبلة التي يسمعونها. أما إن كان واحد خطواته مختلفة عنهم وغير متحدة معهم فإنه يكون سامعاً طبلة أخرى.
فالمؤمن لا يسمع دقة الطبلة الخاصة بالناس التي عليها يسيرون- طبلة العالم لكنه يسمع دقة أخرى سماوية- إرشاد نور إلهي يسير عليه مخالف لخطوات أهل العالم.
"لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ" (ع 16).
يقول الرسول أن الناس لا يقدرون أن يحكموا في الشخص الروحي. ثم يقول: "لأنه من عرف فكر الرب؟" الشخص الروحي له فكر الرب الذي لا يعرفه الناس فلذلك فهم لا يقدرون أن يحكموا في الشخص الروحي.
"من عرف فكر الرب فيعلمه": " مَنْ قَاسَ رُوحَ الرَّبِّ وَمَنْ مُشِيرُهُ يُعَلِّمُهُ؟ مَنِ اسْتَشَارَهُ فَأَفْهَمَهُ وَعَلَّمَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ وَعَلَّمَهُ مَعْرِفَةً وَعَرَّفَهُ سَبِيلَ الْفَهْمِ؟" (أش 40: 13، 14). ويقول الرسول بولس: "لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيراً" (رو 11: 34).
"وأما نحن فلنا فكر المسيح": نحن الذين أخذنا الروح القدس ونسلك حسب الروح لنا فكر المسيح وهذا مقام سام وجميل.
- عدد الزيارات: 4600