السفر الأول
السفر الأول من (مز 1 - 14) ويتضمن وصف مشاعر البقية التقية بين اليهود (من سبطي يهوذا وبنيامين) التي ستعود وتجمع في أرض إسرائيل في بداية الضيقة. وهذا السفر يركز بصفة خاصة على الظروف التي تصاحب الثلاث سنوات ونصف الأولى[4] من الأسبوع السبعين لدانيال، كما أنه يتجاوزها إلى الضيقة العظيمة (الثلاث سنوات ونصف الأخيرة) وخلاص البقية بعد طول انتظار لمجيء المسيا.
وقد يساعدنا هذا التوضيح لفهم حالة اليهود عند رجوعهم إلى أرض إسرائيل. ولنفترض أن طفلاً بسبب أخطاء قد فعلها وقع تحت تأديب من أبيه، واستبعد من حجرة المعيشة (حيث تجتمع كل العائلة) ليبقى في حجرته. وعليه أن يبقى، تحت هذا التأديب الواقع من أبيه، لفترة قبلما يسمح له أن يعود مرة أخرى. وأما من جهة أحزان والديه فإنه لم يعرف بعد خطأه ولا ما سببه لهم من أحزان بسبب ما فعله. وبدلاً من ذلك فقد رجع إلى الدمى ليلعب بها كما لو أن شيئاً لم يحدث محاولاً أن يستمتع بعائلته كما كان قبلاً. واليهود يشبهون هذا الطفل إلى حد ما. وبسبب رفضهم للمسيح وصلبهم إياه فقد استبعدوا مؤقتاً كأمة في هذا التدبير الحاضر. والله في أحكامه القضائية شتتهم بين الأمم في الأرض ولم يعودوا قادرين (حتى الآن على الأقل) أن يستمتعوا بأرض ميعادهم. وعندما سيعودون كأمة إلى الأرض في بداية زمن الضيقة فإنهم يستمرون في تقديم ذبائحهم وتقدماتهم كما كانوا في القديم وكأن شيئاً لم يتغير. وأما مسألة المذنوبية الدموية لصلبهم للمسيح فلم يعرفوها ولم يتوبوا عنها. والحقيقة أن الله له مخاصمة مع شعبه الأرضي من جهة مذنوبيتهم في موت ابنه. ولذلك سيستخدم الله أحزان وآلام الضيقة وقيام ضد المسيح لفحص قلوب البقية فحصاً عميقاً وعظيماً. وعندما يظهر المسيح في النهاية فإن النور يشرق[5]. وسيروا يسوع الذي صلبوه، بشكل منظور كماسياهم وعندئذ ينوحون عليه بالتوبة ثم يردون له (زك 12: 10 - 14، مز 51: 14). وأثناء الضيقة وحتى استحضار البقية للتوبة فإنهم لن يعرفوا المسيح كمخلصهم ولن يفهموا عمله الكامل على الصليب. ومع ذلك سيكون لهم الإيمان بالرب وسيعيشون طبقاً لقياس هذا النور.
وفي السفر الأول ينظر إلى البقية التقية كمن لهم الإيمان بالرب فمن ثم يبرز انفصالهم الأدبي في مسلكهم وطرقهم (مز 1، مز 26) عن جموع أمة اليهود المرتدة في الأرض. وإذ يقام الهيكل وتقدم الذبائح اليهودية وتعود العبادة، فإن البقية تستمتع بالحرية في الأرض وهي تذهب مع الجموع إلى بيت الله (مز 1: 5، 3: 4، 4: 5، 5: 7، 16: 11، 18: 6، 22: 22 و25، 23: 6، 26: 5 - 8 و12، 27: 4 - 6 و13، 28: 2، 29: 2(هامش) و9، 35: 16 - 20، 36: 8، 37: 3، 40: 9 - 10).
ومفتاح السفر الأول نقتبسه من أشعياء 66: 1 - 4، فهناك البقية التي تخشى الله وترتعب من كلامه، إنها بين جماعة كبيرة تأتي وتتعبد في الهيكل. ولكن جموع أمة اليهود مرتدة أيضاً وهي تذهب إلى الهيكل بدوافع تتميم طقوس خارجية وتقليدية فقط لتقديم الذبائح أما قلوبهم فمبتعدة عنه، ومع توفر الحرية في أرضهم غير أن البقية ستعاني من التعبير والاضطهاد لأجل إيمانهم وتقواه للرب من إخوتهم المرتدين الذين يدعونهم "الأشرار". ونرى ضد المسيح في الحقيقة في السفرين الأولين من المزامير وبصفة خاصة في السفر الثاني (مز 42 72) الذي سيكون حاكماً في الأرض. أما في الأسفار الثلاثة الأخرى من المزامير (مز 73 - 150) باستثناء بعض الشواهد المحدودة فإن ضد المسيح يرى وقد أدين واستبعد من المشهد.
وكل المزامير في هذا السفر تخاطب الله أنه الرب LORD فيما عدا مزمور 16. واسم الرب LORD يتكرر 272 مرة. وهذا يفترض وجود علاقتهم بيهوه ولكنها ستصبح بطريقة خارجية في الثلاث سنوات ونصف الأولى.
والخمسة أسفار من المزامير تترابط مع الخمسة الأسفار لموسى Pentateuch وهناك علاقة متناظرة عامة بينهما. فسفر التكوين هو سفر البدايات من أسفار موسى الخمسة إذ يعطينا بدايات تعاملات الله مع الإنسان. والسفر الأول من المزامير يعطينا بدايات تعاملات الله الجديدة مع شعبه الأرضي إسرائيل (اليهود بصفة خاصة) والتي ستوجد مرة أخرى في أرضهم.
والمجموعات المترابطة المختلفة في مزامير السفر الأول كالآتي: مز 1 8، مز 9 - 15، مز 16 - 18، مز 19 - 24، مز 25 - 34، مز 35 - 41. وتبدأ المجموعات مع أحزان البقية وتنتهي بخلاصهم وعتقهم بمجيء الرب لتأسيس ملكوته.
مزامير 1 - 8
الثمانية المزامير الأولى تشكل مقدمة لمجموعة مزامير كلها[6] وتعطينا العناصر الأساسية لتاريخ إسرائيل (اليهود بصفة خاصة) في الأيام الأخيرة منذ انفصال البقية عن جماعة اليهود العائدين إلى أرضهم حتى زمان حكم المسيح الآتي كابن الإنسان.
مزمور1:
حالما يعود اليهود (وهم سبطي يهوذا وبنيامين) إلى أرضهم إسرائيل فإن بقية منهم بقية تقية متميزة عن الأمة المرتدة لها إيمان بالرب، فإنها ستخاف من الله وترتعد من كلامه (أش 66: 2)، وستنفصل أدبياً عن الأمة (كالجماعة العظيمة) مع أنها تعيش خارجياً بينهم. وتكون مسرتهم في ناموس الله (ع 1 - 3). وإخوتهم المرتدون ("الأشرار" أو "الفجار") ليسوا مثلهم. فهم لا يراعون أمور الله. وعودتهم لأرض إسرائيل لأغراض تجاريو وسياسية ولأسباب حضارية فقط. إنهم يتقدمون بالعبادة ولكن قلوبهم بعيدة عن الله (أش 66: 3 - 4). ولهذا فإن البقية يمكنها أن تميز أن الأرض ستتطهر من وجود الأشرار عندما تقوم الدينونة قبل أن يتأسس الملكوت[7] (ع 4 - 6).
مزمور2[8]:
في مزمور 1رأينا الصفة الأدبية للبقة التقية من اليهود أما في مزمور 2 فنجد رجاءهم، وتحقيق طول انتظارهم للمسيا ليأتي إلى ملكوته بحسب مواعيد الله. ويبدأ المزمور بتحالف الناس وتجمعهم معاً لرفض المسيح حتى أنهم في تمردهم وعداوة قلوبهم له يرغبون بكل ما استطاعوا أن يستبعدوه بل ويمنعوه من اتخاذ ممالك العالم لكي يسود ويحكم عليها (ع 1 - 3). ومن مشاهد الامتداد والتمرد والشر فإننا نتطلع إلى فوق عالياً حيث المركز المجيد للمسيح المرفوض الجالس عن يمين الله. إنه يجلس في صبر ولكنه لن يسكت إلى الأبد بل سيقوم ويجعل أعداؤه تحت موطىء قدميه ويجري القضاء عليهم في يوم الغضب الآتي بعدما يتخذ في مكان صهيون (أي أورشليم) كملك الملوك (ع 4 - ). ويتحدث المسيا (المسيح) معلناً مقاصد الله من جهة نفسه كابن الله الذي لا بد من أن يرث ممالك هذا العالم. وسيأتي الوقت عندما يسأل المسيح من أبيه ويعطيه الأمم ميراثاً له وأقاصي الأرض ملكاً له. إنه سيحكم عليه بقضيب من حديد (ع 7 - 9). والأعداد الأخيرة هي تحريض وتحذير للجميع لكي يخضعوا للملك الآتي لكي يباركوا معه في الملكوت (ع 10 - 12).
مزمور3:
وتصف الخمية المزامير التالية (من مز 3 - 7) آلام وتجارب البقية التي ستجتازها قبلما يأتي الرب ليخلصهم ويأتي بهم إلى ملكه كما يتوقعوه في المزمور السابق. هذه المزامير تمتد من الصباح عبر الليل حتى إلى صباح يوم جديد في حياة البقية[9]. مزمور3 هو صلاة في الصباح "استيقظت" (ع 5)، ومزمور4 هو صلاة مسائي (ع 3)، ومزمور 6 في منتصف الليل "كل الليل" (ع 6)، ومزمور 7 يصل في النهاية إلى الفجر للبقية "قم" (ع 6) عندما يأتي الرب ليخلصهم ويحكم على أعدائهم. مزمور8 يرينا المسيح (في رجوعه) متخذاً حقه في السيادة على كل الخليقة كابن الإنسان (في الملك الألفي). ومن عنوان مزمور3 نرى أن هذا المزمور له تطبيق على الوقت الذي تعاني فيه البقية التقية لأجل إيمانهم بالله من إخوتهم فير المؤمنين. فأبشالوم وأمة إسرائيل التي ارتبطت معه صورة لضد المسيح ومعه أمة اليهود المرتدة أثناء الضيقة. أما داود والشعب الذي معه فيمثلون المسيح الذين يجعل نفسه متحداً بالروح مع شعبه البقة التقية- انظر 2صموئيل 15 - 18. إنها في البداية أشياء لها بريق وذات مغزى للبقية. مع أن إخوتهم المرتدين يسخرون منهم بسبب إيمانهم قائلين لهم "ليس له خلاص بإلهه" غير أنهم واثقون أن الرب سيضع كل شيء في مكانه الصحيح[10] وتظل البقية في حرية صهيون ("جبل قدسه" مز 2: 4). هذه هي صفة الكتاب الأول من المزامير حيث أنهم بين الجماعة العظيمة يذهبون معهم إلى بيت الله. ويصرخون إلى الرب من جهة سر الإثم الذي يسمح به أن يستمر ولكنهم يثقون بأنه لن يبق إلى الأبد. إن إيمانهم البسيط وثقتهم يمنحهم السلام وهم قادرون أن يستريحوا في الرب ولا يخافون من جماعة اليهود المرتدة المحيطة بهم (ع 4 - 6). وبالإيمان تدعو البقية الرب ليقوم ويخلصهم. ويتطلعوا إلى الوراء ويتذكروا أن الله في الماضي قد أخضع أعداء شعبه ويؤمنوا أنه سيفعل لهم ذلك مرة أخرى لأن الخلاص "(التحرير) للرب" (ع 7 - 8).
مزمور4:
ولكونه مزمور مسائياً (ع 8) فإن الأمور تزداد إعتاماً للبقية. ولكن لا يزالوا واثقين بأن الأمور إلى الأفضل بالرغم من والاضطهادات. إنهم يعرفون أن الضيق الذي يجتازون فيه من الله إنما هو للأتساع والفائدة (ع 1). وهذا يقودهم للشهادة أما إخوتهم غير الأتقياء. إنهم يحرضون (أي الأمة المرتدة) لكي يتخلوا عن بطلهم وكذبهم وأن يدعو الرب بكل قلوبهم. إنه يدفعهم لكي يتخلوا عن بطلهم وكذبهم وأن يدعو الرب بكل قلوبهم. إنه يدفعهم لكي يتحولوا عن طرقهم الشريرة ويقدموا ذبائح البر متوكلين على الرب (ع 2 - 5). وفي البداية كان لدى البقية رجاء عظيم في الواقع بأن إخوتهم سيرجعون إلى الله ولكن عندما كان اليهود المرتدون يرفضون بسخرية كرازتهم فإنهم بدأوا يتحققون بالتدريج (كما نرى في المزامير اللاحقة) بأن الأمة تتقصى ضد الله حتى تصل إلى نقطة عدم الشفاء. ولذلك فإن إيمان البقية يبقى دون أن يهتز وثبات إيمانهم في الله يجعلهم مستمرين أن يستريحوا بسلام وسط الضيق (ع 6 - 8).
مزمور5:
إنه مزمور مسائي (ع 3) ويرى الأشياء مظلمة لدى البقية. "رجل الدماء والغش" (ضد المسيح) فالمسيا الكاذب اليهودي فالمسيا الكاذب اليهودي يقوم في الأرض (ع 6). وتحت ضغط قوى الشر المتزايد فهناك الصلوات المستمرة للبقية. وهم يتوقعون الصباح الذي فيه يتحررون وتنتهي اضطراباتهم وهم يعلمون أن الله والشر لا يسيران معاً وصار لهم الاقتناع بأن الشر يجب أن يخضع. إن قوى العدو بين اليهود المرتدين تحت قيادة ضد المسيح تبدو أنها تزداد رسوخاً ولكنهم واثقون بأنها تزداد رسوخاً ولكنهم واثقون بأنها يجب أن تسقط (ع 1 - 7). وينتهي المزمور بمطلبين الأول الإرشاد في هذا اليوم الشرير (ع 8 - 9)، والثاني[11] لخراب اليهود المرتدين الذين يتبعون ضد المسيح (ع 10 - 12).
مزمور6:
وعنوان المزمور يتضمن تدريب النفس العميقة للبقية وكلمة "على القرار" Sheminith، تعني آلة وترية موسيقية.
وتعبر عن عواطف قلبهم العميقة التي يشعرون بها، فهي أمام البقية الآن كليل الدجى البهيم (ع 6) ولذلك فإن صلاتهم شديد التركيز. هذا وبالإضافة إلى أحزانهم يتبادر إلى ذهنهم بأن الله يؤدبهم بغضبه، فهم لا يضطهدوا من إخوتهم فقط ولكنهم يشعرون الآن في هذا المزمور أنهم تحت الغضب الإلهي. ويتحيرون كيف أن الرب لم يجب إلى صراخهم "وأنت يا رب فحتى متى؟" (ع 1 - 3).وإذ يشعرون بأن نفوسهم تقترب من الموت فإن البقية تستمر في دعائهم للرب لكي يعود ويخلصها (ع 4 - 7). وهم مقتنعون بأن الرب قد سمع صلواتهم فهم ينتظرون الرب بالخلاص (ع 8 - 10).
مزمور7:
تستمر البقة في طلبها لكي يخلصها الرب (ع 1 - 2). وهم متحيرون لماذا يسمح الرب بالاضطهاد أن يستمر، فحتى متى؟ فلو وجد ظلم في أيديهم لبرروه وقوعهم تحت الاضطهاد ولكنهم يتمسكون باستقامتهم ويدعون بأنهم غير مستحقين لذلك (ع 3 - 5). وهذا يجعلهم يدعون الرب مرة أخرى لكي يقوم بغضبه ويحامي عنهم ويبررهم بإدانة أعدائهم. والبقية في توقع إيمانها تنتظر الرب في مجيئه للحكم على أمم الأرض لكي يستبعد شر الأشرار ويقيم ويؤسس البر (ع 6 - 9).وفي النهاية إذ يتجاوب مع صراخهم فإن الرب يظهر[12] أولاً لخلاص البقية (ع 10 - 11) وأيضاً لكي يدين أعدائهم (ع 11 - 13). إنه يصور بمحارب يحدد سيفه ويهيأ قوسه ويمدها ويصوب سهامه نحو أعدائه وهنا نجد ضد المسيح (إنسان الخطية) بصفة خاصة منفرداً مستحضراً للدينونة (ع 14 - 13). ويختم المزمور بتسبيح البقية للرب مستخدمة لقب (العلي). واستخدام هذا اللقب يعني أن جميع أعدائه قد قضي عليهم وأن الملك الألفي قد جاء (ع 17).
مزمور8:
وإذ يعود الرب ليتخذ مكانه للسيادة على الكون جميع أعمال الخليقة وهو كابن الإنسان قد وضعت كل الأشياء تحت قدميه. وعنوان المزمور يتضمن كيفية التأكيد على حقوق رياسته. وفي العنوان "على الجتيه Gittith" (وتعني "المعصرة") التي تتضمن القضاء (رؤ 14: 17 - 20). وفي البداية فإنه سيضع أمم الأرض تحت القضاء كما نجده في المزمور السابق وبعد ذلك نجد أن كل الأمجاد الأرضية ستتركز فيه. والمزمور يبدأ بالتسبيح وكل الأرض تأتي لتعرف عظمة وجلال وامتياز اسمه (ع 1 - 2). والجزء الأخير من المزمور يرينا أنه بعدما فقد الإنسان الأول سيادته بالخطيئة فإن المسيح الإنسان السامي وآدم الأخير استُحضر إلى تلك السيادة بالقيامة من الأموات. إن ذلك الذي رُفض مرة قد تكلل الآن بالمجد (عب 2: 6 - 9). وكل شيء في الخليقة (الميراث) يصبح مخضعاً له (ع 3 - 9). قارن 1كور 15: 24 - 28.
مزمور 9 – 15
هذه المجموعة من المزامير تبدأ بأحزان البقية التقية في زمن الضيقة وتتطلع إلى الوقت الذي يأتي عندما يقفون في الهيكل على جبل صهيون المقدس تحت حكم المسيح في الملك الألفي.
مزمور9[13]:
يلخص هذا المزمور رجاء البقية التقية من اليهود في زمن محنتهم الشديدة (أو الضيقة العظيمة) وترينا البقية وهي تتطلع إلى مجيء المسيا لتتميم القضاء على الأشرار وخلاص شعبه وتأسيس حكمه بالبر على هذا العالم.
إنهم يتجرعون الأحزان وهم تحت اضطهاد إخوتهم غير المؤمنين (ع 13). والبقية تنتظر خلاصها لكي تسبح الرب (ع 1 - 2). وبينما ينتظرون مجيء مسياهم فإنهم ينظرون مسبقاً القضاء الذي سيقع على أعدائهم (ع 3 - 6)، ويتوقعون أيضاً تأسيس عرش الرب للقضاء إذ سيحكم العالم بالعدل والبر (ع 7 - 10). وهذا يقودهم لكي يتطلعوا للأمام حيث تغمر وتملأ التسابيح ذلك اليوم عندما يسكن الرب في صهيون ويرتبطون به هناك (ع 11 - 14). وفي النهاية يرون القضاء الأخير على اليهود الأشرار والأمم الناسية الله الآتي للقضاء (ع 15 - 18).
مزمور10:
وبينما تنتظر البقية التقية من اليهود مجيء الرب ليملك بالعدل، فإنهم يرون قيام ضد المسيح في الأرض ("الشريرة"[14]). ونلاحظ أن هذا المزمور لا يبدأ بالتسبيح بل بنداء ملح للرب تحت قهر قوة ضد المسيح التي لم تكبح بعد. وفي الضيقة تسأل البقية الرب لماذا ينتظر طويلاً ولم يأت ليخلصهم (ع 1). وهم يصفون الحالة الأدبية لإنسان الخطية (ضد المسيح) في عجرفته وكبريائه وتمرده على الله. وهو موسوم بأنه يؤكد على ذاته المتشامخة (2 - 4). ولا ينظر إلى "إله آبائه" (ع 4، دا 11: 37). ونجاحه يقوده إلى الظن بأنه لا يقهر أما أعدائه (ع 5 - 6). ولغته رديئة ومملؤة كذباً (ع 7). وفوق كل ذلك فإنه يضطهد التقي الفقير الخائف الله (ع 2 و8 - 11). والبقية تصرخ للرب لكي يقوم ويحطم إنسان الخطية (ع 12 - 15). وهم يتطلعون بالإيمان إلى ذلك الوقت عندما يأتي الرب ليحكم كالملك ويدين الأرض بالعدل ويباد ضد المسيح "إنسان من الأرض" (ع 16 - 18).
مزمور11:
ما تلا قيام المسيح كما لوحظ في المزمور السابق فإن البقية التقية ترى أن "الأعمدة" أو "الأساسات" الأدبية والتقوية تنحل. إنهم يطرحون أنفسهم على الرب كملجأ (ع 1). أما إخوتهم غير المؤمنين ("الأشرار" – تأتي بالجمع) الذين يتبعون ضد المسيح في شره فإنهم يساعدونه في اضطهادهم. قارن دانيال 11: 39. والبقية تنظر إلى السماء كمصدرهم الوحيد. وهم يتحققون بالإيمان أن الرب يرى كل شيء من العلا وقد أمر بهذا كامتحان لهم (ع 3 – 5). أما الثقة بالشرير فلا تدوم في ظلمهم. إنهم يتكلمون عن القضاء الذي سيجريه الرب عليهم (ع 5 – 7).
مزمور12:
تستمر البقية التقية طارحة نفسها مستندة على الرب. وهم يصرخون إليه طلباً للمعونة كلما اشتد الاضطهاد. ففي المزامير السابقة نجد قتل البار يتم في الخفاء (مز 10: 8 – 10، مز 11: 2) أما الآن فينفتح باب الاستشهاد (انقرض التقى ع 1). وتطرح البقية شرور الزمان أمام الرب (ع 2). ولكن ثقتهم راسخة وباقية بأن الرب سيدين هذه المظالم ويقطع الأشرار (ع 3 – 4). وبالتجاوب مع صراخهم فإن الرب يجيب بوعد بأن يحفظ بأمان البقية الخائفة الله (ع 5)[15] وهم يستريحون على "كلام الرب" فإن البقية تحفظ من التجربة (ع 6 – 8).
مزمور13:
وإذ تمتد الأحزان والاضطهادات أثناء الضيقة، عندئذ يبدأ إيمان البقية يترنح. وتحت ضغط الظروف والمحن التي يجتازونها فإنهم يتحولون في داخلهم إلى المشغولية بذواتهم ويهزمون بالإحباط والفشل. ويظنون أن الرب قد نسيهم تماماً. وهذا يقودهم للتساؤل عن طريق البر التي تسمح باستمرار التجربة. ويسألون "إلى متى يا رب تنساني كل النسيان؟" (ع 1 - 4). وهم إذ يسترجعون اختباراتهم الماضية في الثقة بالرب فإن قلوبهم تعود مرة أخرى لتتيقن بأن الرب سيخلصهم. وإذ يتحولون إلى الإيمان بالرب فإن البقية تعود للفرح مرة أخرى (ع 5 - 6).
مزمور14:
تصل الظروف وقت حكم ضد المسيح إلى أدنى نقطة فالفساد والظلم غير مكبوح جماحه والارتداد يتفشى بسرعة في الأرض. ونظرة البقية أن الجموع المرتدة ("الأشرار") قد اتبعوا ميعهم الشر "الكل قد زاغوا معاً" (ع 3). والشر وصل إلى قمته ونضج العالم للدينونة. والله يتطلع من السماء إلى بني البشر لتتميم القضاء[16] (ع 1 - 3). والبقية تتأمل أوضاع الشر ويتوقعون سرعة تدخل الله وعندئذ ستفرح البقية بخلاصه (ع 4 - 7).
مزمور15:
وإذ ينمو الشر بصورة مخيفة فإن البقية تتساءل ولسان حالها "من الذي سيحفظ أثناء الاضطهاد تحت حكم ضد المسيح ليأتي إلى بركات الملك الألفي والتي ستنساب من جبل الله المقدس صهيون؟" (ع 1).وفي هذا المزمور تأتي الإجابة التي تستحضر الملامح الأدبية للتقي (ع 2 - 5). وفي النهاية فإن الرب سيكون له هؤلاء الذين يدخلون الملكوت ليقفوا أمامه ويستمتعوا بحضوره. وهناك جيلين في هذه المجموعة من المزامير جيل الأشرار (مز 12: 7) وجيل البار (مز 14: 5). وعندما يتدخل الرب لأجل البقية فإن جيل الأشرار يتعامل الله معهم بالقضاء، عندئذ يرث الجيل البار الملكوت.
مزامير 16 – 24
إن المجموعات الثلاث للمزامير التالية وهي مز 16 – 18، 19 – 21، 22 – 24تكون باقة من تأملات غنية عن المسيح شخصياً كالإنسان المتألم وكالمسيا الآتي. وهذه المزامير التي تصور المسح في حيلته وآلامه هي نموذج أيضاً لما تجتاز فيه البقية اليهودية التقية في زمان ضيقتهم. كما أن هذه المزامير أيضاً نرى فيها عواطف المسيح في مشاركته للبقية المتألمة وشفاعته لله لأجلهم ومسرة الله في المسيح وإجابته بحسب استقامة المسيح في خلاص البقية المتألمة والتي يدخل فيها المسيح مهم هذه الآلام.
مزامير 16 – 18
هذه المجموعة الأولى تأخذنا من آلام البقية بسبب تقواهم إلى خلاصهم وخراب أعداهم بالمسيا لآتي.
مزمور16 [17]:
يتخذ المسيح مكانه بالروح بين البقية. وعندما كان يحيا على الأرض كانت صلاته اليومية "احفظني يا الله" وهي أيضاً ستكون الصرخة اليومية للبقية التقية إذ يشعرون بما يكابدونه من ضغوط كل الفجار المحيطين بهم و "القديسون" هم البقية التي يربط الرب نفسه بها بالروح. وفي مشاركته العميقة يدخل إلى كل حزن يجتازونه حتى الموت (ع 1 – 3 و10). فالرب هو نصيب نفوسهم، والبقية تسير أدبياً بالانفصال عن جموع اليهود في الأرض. إنهم يحفظون أنفسهم من كل أعمال الوثنية (يشربون دم الذبائح) التي يقوم بها إخوتهم ( ع 4 – 8). والأعداد الخيرة من المزمور تشير بصفة خاصة إلى موت وقيامة المسيح (أعمال 2: 24 - 28). إذ يتطلع الرب فيما وراء الآلام والموت إلى القيامة والصعود عن يمين الله. والبقية التقية تتطلع إلى ما وراء أحزانها وتجاربها إلى الخلاص إذ تستريح في حضرة الرب (ع 9 - 11).
مزمور17:
إنه بسبب الأمانة لله وعدم المشاركة في كل أعمال الأشرار من جماعة اليهود فإن هؤلاء البقية يعانون من الاضطهاد. والأعداد العشرة الأولى من هذا المزمور مرة أخرى تشير إلى المسيح. فإن كان مزمور16 يكشف عن الحياة الداخلية أمام الله فإن مزمور17 يظهر حياته في الخارج أنا الناس. وكما شعر الرب يسوع بالمقاومة من إخوته على الأرض كذلك فإن البقية أيضاً ستختبر معاملة شبيهة بذلك من إخوتهم المرتدين. إنهم يصلون لكي يحفظون من طرق المعتنف (أو المخرب) (ع 1 - 5). وإذ يشعرون بالاضطهاد الشديد فإن البقية تطلب الخلاص. إنهم يدعون الله لكي يخلصهم من مضطهديهم (ع 6 - 14). ويختم المزمور بالبقية وهي تتطلع إلى اليوم الذي يقوم فيه الرب لأجلهم لكي يخلصهم عندئذ ينظرون وجه ماسياهم بالبر (ع 15).
مزمور18:
ومرة أخرى فإننا نجد أن هذا المزمور يشير إلى المسيح في خلاصه من الله من فكي الموت (ع 1 - 18) والله قد مجده (ع 19 - 27) وتبع هذا إخضاع أعدائه له (ع 28 - 42) وصار رأساً فوق جميع شعوب الأرض (ع 43 - 50). ولكن له تطبيقاً آخر لإسرائيل وخلاصه في يوم قادم. وعنوان المزمور يتضمن المعنى أنه قد كتب بعدما خلص الرب داود من يد شاول وكل أيدي أعدائه. أما داود وجميع الذين ارتبطوا به أثناء رفضه وهروبه من شاول (1صم 19 - 30) هم صورة للمسيح عندما يربط نفسه بالروح مع البقية التقية وتواجه مأزق الهرب لحياتهم من اضطهاد ضد المسيح (والذي كان شاول صورة له). وهذا المزمور في تطبيقه النبوي يتم في الوقت عندما يعود المسيح باعتباره مسيا إسرائيل ويستجيب لصراخ البقية من المزمور السابق ويخلصهم بالقضاء على ضد المسيح وإخضاع أعدائهم، ولذلك فإن البقية تمثل إحسان الرب وخلاصه لهم بالتقدير والتسبيح. وهو يتحدثون عن الرب في ثمانية صفات من نحوهم فهو قوتهم وصخرتهم وحصنهم ومنقذهم (أي مخلصهم) وإلههم وترسهم وقرن خلاصهم وملجأهم (ع 1 – 3). وتتطلع البقية لتتأمل ما حدث لها وقت اجتيازها الضيقة التي تفوق والتي واجهوها من اليهود الأشرار (ع 4 - 6). ويرون كيف إن الرب تدخل وأجاب صراخهم إذ نزل (أي ظهور المسيح) وخلصهم وقضى على أعدائهم (ع 7 - 15). ثم يتحدثون عن الرب كمن خلصهم من مياه كثيرة (أي الأمم وشعوب الأرض رؤ 17: 15) ويستحضرهم إلى مكان رحب حيث يجدون راحتهم في ظل مسرته وربما يشير هذا إلى رجوع أسباط إسرائيل إلى أرضهم (مت24 :31، أش 10 : 20 - 22، 11 : 11 - 13، 27 : 12 - 13، 49 : 8 - 26) بعد ظهور المسيح (ع16 - 28). عندئذ يعرفون أن رجوعهم إلى أرضهم وحفظهم إنما هم من الله تماماً (ع 29 - 33). وعندما يستحضرون إلى الأرض فإن جيوش إسرائيل ستخرج لتهزم وتخضع بقايا أعدائها الذين يستقرون في أرض ميراثها (ع 34 – 42) قارن (مز 108: 7 - 13، أش 11: 14، مى 4: 13، 5: 5 - 8، أر 51: 20 - 23). وبعد إخضاع جميع الأعداء متضمناً سحق الأشوري ("الرجل الظالم") عندئذ يتجمد إسرائيل في الأرض كرأس فوق جميع الأمم كما وعد الرب موسى (تث 26: 19، 28: 13، مز 47: 3). ويختم المزمور بتسبيح إسرائيل للرب لأجل لطفه ورحمته لهم (ع 43 - 50).
مزامير 19 – 24
هذا المجموعة من المزامير تتضمن في الحقيقة مجموعتين صغيرتين ثلاثة مزامير في كل منها. مزمور 19 المسيح في خليقته وكلمته مزمور 20 المسيح في عواطفه ومشاركته. مزمور 21 المسيح في مجده الملكي. ثم في مزمور 22 المسيح كالراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف (يو 10: 11). ومزمور 23 المسيح كراعي الخراف العظيم الذي أقيم من الأموات (عب 13: 20). ومزمور 24 المسيح كرئيس الرعاة عندما يظهر في ملكوته المجيد (1بط 5: 4). ونضم المجموعتين معاً كمجموعة واحدة في تطبيقها النبوي كما أشار بذلك يوحنا داربي وغيره آخرين بالرغم من أنه يشير إلى ذلك في ترجمته ]انظر "ملاحظات وتعليقات مجلد 3 صفحة 79 و82"[.
مزمور19:
هنا المزمور يلخص الطريقة التي سيشهد بها الله عن نفسه في زمان الضيقة. فبعدما يؤخذ المسيحيون من هذا العالم بالاختطاف (1تسالونيكي 4: 15 – 18)، وتتوقف الكرازة بشهادة إنجيل نعمة الله، فإن الله سيقيم لنفسه شهادة عن الإنسان وبالأخص بواسطة الخليقة (ع 1 - 6) وبواسطة كلمته أيضاً (ع 7 - 11). وسيعمل الله من خلال هاتين الشهادتين وبصفة خاصة بين اليهود الذين سيعودون إلى أرضهم في بداية الضيقة.
وستستيقظ بقية منهم وتسعى أن تحيا باستقامة بما يتفق والمعرفة التي لهم عن الله. والجزء الأخير من المزمور التأثير الذي تتركه هاتين الشهادتين على نفوسهم. فهناك فحص للقلب وسعي للحفظ من تيار الارتداد في أرض يشار إليها بأنها في "ذنب عظيم" the great transgression (ع 12 - 14).
مزمور20:
بينما يرينا مزمور19 كيف أن البقية تتشكل وتنفصل عن الأمة اليهودية إذ يكون لها ضمير حساس من نحو الله، فإن هذا المزمور يرينا الاضطهاد الذي سيواجهونه كنتيجة لإيمانهم بالرب. أما المسيح يجتاز تماماً آلام البقية وراغباً أن يسمعهم الرب في "يوم الضيق" (الضيقة – دا 12: 1، أر 14: 8، 30: 17). إنه يترافع ويطلب عن البقية ويتحدث عن وقت قادم ستتحقق فيه كل مشورات الله من نحو نفسه ومن نحو إسرائيل عندما سيخلصون ويفرحون بخلاصه (ع 1 - 5). وفي نفس الوقت فإن أمة اليهود (والمعبر عنها بكثيرين دا 9: 27) سيضعون كل اتكالهم على القوة العسكرية ("المركبات" و"الخيل") التي للوحش، وهي الإمبراطورية الرومانية العائدة للحياة، إذ سيرتبطون معها بعهد لضمان حمايتهم من ضغوط الشعوب العربية بالشرق الأوسط. فمن ثم سيسقطون في الارتداد عميقاً. أما البقية التقية فلن تضع نيرها مع الأمة اليهودية المرتدة (أش 8: 11 - 13). ولكنهم يستندون على الرب وحده الذي وضعوا ثقتهم فيه والذي يخلصهم في وقته (ع 7 - 9).
مزمور21:
هو الإجابة للدعاء في المزمور السابق. فالمسيح كمسيا إسرائيل يظهر لخلاص البقية التقية إذ يسحق جميع مقاوميه. والله قد سمع لشفاعة المسيح ومنه رغبات قلبه تجاه آلامه في البقية التي تصبر له وتنتظر. والمسيح يظهر مجده الملكي للبقية. واستخدام لقبه "العلي" يتضمن أنه سيقيم ملكوته بحسب الوعد المعطى لداود (ع 1 - 7). وإذ يرون ماسياهم في مجده الملكي وقوته فإن البقية تثق أنه سيدين ملوك الأرض الباقين والمشار إليهم بأنهم أعداؤه (ع 8 - 13).
مزمور22:
في المزمور السابق يظهر الرب نفسه للبقية كماسياهم ولكنهم الآن يرون فيه شيئاً أكثر، الذي أتى ليخلصهم. رأوه أنه يسوع الناصري الذي رفضوه وصلبوه كأمة. وفجأة يشرق النور في نفوسهم "وينظرون إلى الذي طعنوه" وينوحون بالتوبة (ع 16، زك 12: 10 - 14). هذا المزمور يكشف عن آلام المسيح الكفارية التي تتحقق منها البقية. ويتعلمون في ذلك الوقت أن الرب يسوع كان على الصليب مجروحاً لأجل معاصينا ومسحوقاً لأجل آثامنا (أش 53: 5 - 6). وعنوان المزمور "على أيلة الصبح[18]". فعند ظهور المسيح (مز 21) ستستحضر البقية للتوبة إذ تتحقق من آلامه على الصليب عندما ترد نفوسهم إليه (مز 22)، ومن المؤكد أنه بذلك يشرق نهار جديد حقاً لإسرائيل ويفتتح المزمور بصراخ الرب أنه متروك على الصليب (متى 27: 46). وفي ثلاث ساعات الظلمة يتولى الله مسؤولية الخطية وينهي هذه القضية بحسب قياس مجده إذ يصب غضبه تجاه الخطية على المسيح (ع 1 - 3). ثم يورد قصة الصليب بكل آلامها وعارها (ع 4 - 21). "ثيران كثيرة" (أو الثيران القوية) هم قادة إسرائيل (أي السنهدريم) في بأسهم وقوتهم. "أسد مفترس مزمجر" (ع 1 – 3، 1بط 5: 8). هو الشيطان نفسه[19] الذي دفع الناس لصلب المسيح. "كالماء انسكبت" (ع 14) تشير إلى العرق المتصبب والذي نتج عن الصليب. "انفصلت كل عظامي" (ع 14) وربما تسبب هذا عن رفع الصليب ثم هبوطه في حفرة وبسبب ثقل وزن جسده المعلق على الصليب[20] وقوته يبست مثل شقفة[21] (ع 15) وتشير إلى ضعف جسده وجهده البدني و"لصق لسانه بحنكه" (ع 15) هي نتيجة الجفاف. و"الكلاب" (ع 16 - 18) الذين أحاطوه هم عساكر الأمم. و"السيف" و "يد الكلب" أو "قوة الكلب" (ع 20) هي قوة روما الاستعمارية. و"فم الأسد" هي الموت نفسه. هذه هي آلام المسيح على الصليب. والعمل الذي أكمله هناك باستبعاد الخطية بذبيحة نفسه هي الأساس لكل بركة انسكبت للإنسان. وفي الجزء الأخير من المزمور نجد بركة متسعة تمتد لإسرائيل ولأمم الأرض. وعمل الفداء اكتمل. والمسيح بقيامته يرى التسابيح الصاعدة لله من جماعات مختلفة من الناس "إخوتي" (ع 22) ربما تعني الجماعة السماوية (عب 2: 12)، "الجماعة" (ع 22 – 24) هي البقية، "الجماعة العظمية" هي كل إسرائيل (ع 25 - 26). وفي النهاية تذكر "الأمم" إ يتشاركون في تسبيح الرب (ع 27 - 31).
مزمور 23:
في مزمور 21 رجع المسيح، وفي مزمور 22 رجع إسرائيل لله إذ تحققوا من عمله على الصليب. والآن يتكلم إسرائيل المفدى عن الرب بطريقة شخصية جداً فهو راعيهم. وهذا المزمور يرى المسيح كالرب الراعي الذي يقود ويعتني بخراف قطيعه (حز 34: 11 – 13، مز 77: 20، مز 95: 7، أش 40: 11). إنه موضع خاص يرينا حماية الرب لإسرائيل المسترد بنما لا يزال أعداؤه في الأرض (أش 31: 4 – 5، زك 9: 8، 12: 8). إنهم يفرحون بما عمله الرب فقد ردهم ("يرد نفسي") ويقودهم إلى الراحة في ميراثهم الموعود "في مراع خضر يربضني" (ع 1 - 3) ومع أنهم لا يزالوا في "وادي ظل الموت" بسبب وجود الأعداء فإنهم لا يخشون الشر لأن الرب معهم. وإذ يغمرهم الإحساس بجود الرب ورحمته يرون مستقبلهم أنه سكنى في حضرة الرب إلى الأبد (ع - 6).
مزمور 24:
يختتم هذا المزمور المجموعة التي تتكلم عن المسيح ملك المجد الذي يربط نفسه بـ "الأفاضل" في الأرض – القديسين (مز 16: 3). وإذ امتلك الأرض عندما يحنى الأمم المتمردة ("البحار" و "الأنهار" أو "الغمر" – قارن مز 46: 2 – 3، مز 65: 7، مز 93: 3 - 4). إنه يدخل الهيكل كالرب الظافر. وكل الذين طهروا أنفسهم سيصبح لهم امتياز الدخول هناك للعبادة وهذا يتضمن لأمم وليس إسرائيل فقط (ع 3 - 6) (انظر أش 56: 6 – 8، رؤ 7: 15). والجزء الأخير من المزمور يرينا دخوله مسكنه على جبل صهيون ومجده يملأ الهيكل الألفي (انظر حز 43: 1 - 5). ع 7 - 10
مزامير 25 – 34:
مزمور 25:
بهذا المزمور تبدأ مجموعة جديدة، تأخذنا للوراء عند بداية الضيقة عند تجمع اليهود كأمة في أرضهم، وعندئذ تسرع بقية تقية منهم وتظهر نفسها إذ يرفعون نفوسهم حقيقة إلى الرب (ع 1)، وسيعبرون عن رغبتهم الصادقة لكي يحفظوا من أعدائهم ويطلبون قيادة يهوه لهم وأن يتعلموا طرقه (ع 2 - 6) متحققين بأنهم لم يكونوا في وضع صحيح مع الله في الأوقات السالفة (وربما يذهب فكيرهم إلى فترة الشتات) ويخافون من قضاء الله عليهم بسبب خطاياهم. وهذا يقودهم للاعتراف بخطاياهم طالبين الغفران.واعترافهم بخطاياهم في ذلك الوقت يختص بالتعديات الشخصية التي حدثت في حياتهم، وليس فيها الشعور بالمذنوبية الدموية لصلب الرب يسوع، والتي ستلاحقهم بعد ذلك عند رؤيتهم للرب في مجيئه (مز 51: 14، زك 12: 10 - 14)[22] ولأنهم لم يعرفوا المسيح ولا عمله الكامل على الصليب فليس لهم بعد ضمير مطهر وبالتالي لا سلام. ولكن هناك مخافة للرب بإخلاص وتطلع إليه لكي يقود طريقهم (ع 7 - 14). وبسبب رغباتهم الحقيقية في إرضاء الله، فإن البقية ستتألم بالتعبير من إخوتهم ومن أمة اليهود المرتدة في الأرض والتي لا قلب لها مع الله. فمن ثم يصرخون إلى الرب في ضيقتهم ويتطلعون إليه لخلاصهم عندما بقوم ليفدي إسرائيل(ع 15 - 22).
مزمور 26:
هذا المزمور هو وصف للانفصال الأدبي للبقية التقية. ولرغبتهم أن يسلكوا باستقامة أمام الله في طاعة لكلمته (ع 1 - 3) فإن البقة تتحقق بأن تحتفظ لنفسها بضمير صالح، ولا يمكنهم الاستمرار مع شرور إخوتهم المرتدين ولذلك يجتهدون أن ينفصلوا أدبياً عن اليهود الأشرار في الأرض (ع 4 - 5). وعلى الرغم من انفصالهم عن الأمة اليهودية في مسلكها وفي طرقها فإن البقية التقية لا تزال ترى مع الجماعة في بيت الله للعبادة والفرح بامتيازاتهم هناك (ع 6 - 12).
مزمور 27:
وعلى الرغم من التعبير من إخوتهم فإن البقية تستمر في كونهم يمتعون أنفسهم بالرب ويتطلعون إليه كقوة حياتهم. وهم يعبرون عن ثقتهم الكاملة بغض النظر عن مظاهر الشر المحيط بهم (ع 1 – 3). وهم يرغبون فوق كل شيء أن يتمتعوا بامتيازات الهيكل مع عبادة الرب في مكانه الذي عينه وبالطرقة التي حددها. إنه شيء قد حرموا منه لأجيال طويلة وعديدة وقت تشتتهم (هو 3: 4 - 5). والآن بعد عودتهم من الأرض فليس لديهم رغبة أكثر من حمد الرب في هيكله. وهم واثقون أنه في أزمنة الضيق فإن الرب يكون حصنهم. هم يتوقعون أن الرب يعظم إسرائيل فوق جميع الأمم كما وعد موسى (تث 28: 13). وهذا يشجعهم أن يسبحوا الرب بأكثر كثيراً (ع 4 - 6).وفي الجزء الأخير من هذا المزمور فإن اضطهاد البقية من اليهود الفجار يزداد. ولذلك فإن البقية تدعو الرب أن يخلصهم من مضايقيهم وهم يثقون أنه سيفعل ذلك في وقته (ع 7 - 14).
مزمور 28:
وإذ يزداد في الأرض "الأشرار" و "فعلة الإثم" (أي اليهود الفجار) فإن الاضطهاد يزداد بتركيز أشد على البقية التقفية. وهذا يجعل البقة تصرخ للرب بعمق أكثر من ذي قبل. إنهم يطلبون أن يدين الرب هؤلاء الأشرار وأن يعطيهم حسب فعلهم وحسب شر أعمالهم (ع 1 - 5). وهم واثقون أن الرب قد سمع لصلاتهم ويستمرون في تسبيحه وانتظار تداخله (ع 6 - 9).
مزمور 29:
هنا نجد الإجابة لصراخ البقية الذي رأيناها في المزمور السابق، إذ يتراءى الرب في النهاية بمجده وقوته. ويصف المزمور القضاء الذي سيجريه (مستخدماً رمز الرعد) عندما يتدخل لآلام البقية. إنه يرينا يوم الرب ومدى الإعياء التي وصلت إليه القوة البشرية. ولذلك فإن البقة تتعبد للرب للطريقة التي أجاب بها صلواتهم (ع 1 - 2). إن "صوت الرب" (إشارة للرعد – أيوب 37: 4 – 5، 40: 9) يذكر سبع مرات كعاصفة ورعد للقضاء. و"المياه الكثيرة" التي يسمع من فوقها صوته، تتكلم عن شعوب وأمم كثيرة (رؤيا 17: 15) التي سيأتي عليها القضاء (ع 3 - 4). و"أرز لبنان" صورة للناس في كبريائهم[23] (أش 2: 11 - 17). وهم يُرون كمرتعبين ومحطمين كأن لهب تصرخ من فوق. إن قوى البروق والرعود والإعصار رموز 19 النار (أو البروق للقضاء المتقد (رؤ 8: 5، 11: 19، 16: 18)) قارن لوقا 17: 24.إن الجبال المرتفعة "لبنان وسريون" تتحدث عن أنظمة مستقرة للحكومات (أر 51: 25، دا 2: 35). تتزحزحان عن مكانهما، والإيل (أنثى الغزال) التي تلد إشارة لإسرائيل في ولادتها الجديدة (ع 5 - 9). وفي النهاية يُرى الرب جالساً على مياه كثيرة وهذا يتحدث عن أمم تخضع لأحكامه وهو يجلس ملكاً فوق الجميع (ع 10 - 11).
مزمور 30:
رأينا في مزمور 29 أتى وأخضع أعداء إسرائيل، وهنا تنشد البقية بالتسبيح له الذي خلصهم. إنهم يسبحونه لشفائه ورد نفوسهم (ع 1 - 3)ويترنمون لخلاصهم. فقد انتهى ليل أحزانهم وفي الصباح الترنم. إن فجر اليوم الجديد ينبثق لإسرائيل منذ أن أشرق المسيح "كشمس البر" والشفاء في أجنحته (ملا 4: 2) وتتحدث البقية عن كيف يجيب الرب صلواتهم في وقته المعين ولمجده. لقد حول نوحهم إلى رقص وألسنتهم لتترنم بحمده.
مزمور 31:
إن موت المسيح نجده أمامنا هنا[24]. وما يتبع ذلك في هذا المزمور هو خلاص البقية ونجاتهم عند ظهور المسيح، وسيستحضرون إلى معرفة ما عمله لأجلهم على الصليب وما عمله هو الأساس لبركة اليهود والأمم وكنيسة الله. وفي ذلك الوقت "سينظرون إلى الذي طعنوه ويتحققون إنه مات لأجلهم (زك 12: 10)" والجزء الأول من المزمور يعطي اللغة التي ينطق بها عند موته على الصليب. "في يدك أستودع روحي" وقد اقتبسها الرب يسوع (لو 23: 46) وفي استخدام الرب لهذه الكلمات يرينا أنه يطبق جزءاً من المزمور على نفسه[25] (ع 1 - 5). عندئذ ستعترف البقية "فديتني يا رب إله الحق". وسيفرحون عندما يتحققون ما عمله وحققه لأجلهم على الصليب ونتيجة لذلك في خلاصهم العظيم الذي صار ملكهم (ع 5 – 8). وتسمع مرة أخرى لغة المسيح وهو يسلم نفسه بين يدي الله (ع 10 - 16)[26]. وفي الجزء الأخير من المزمور تبارك البقية الرب من أجل صلاحه العجيب ورحمته (ع 17 - 24).
مزمور 32.[27]
إن البقية ستستحضر لمعرفة قيمة موت المسيح لأجلهم (مز 31)، عندئذ يختبرون بركة الحقيقة للتعديات التي سومحت والخطايا التي سترت (ع 1 - 2). ولكن هذا لا يأتي قبل أن يعترفوا من جانبهم. (ع 4 - 5). والنتيجة المزدوجة لمعرفة الله كالله الغافر تأتي بعد ذلك. فأولاً الثقة بالرب هي التي تحفظ من الأعداء المحيطين (ع 6 - 7) وثانياً القيادة من الرب للطريق (ع 8 - 9) ويختتم المزمور بالفرح بالرب.
مزمور 33:
وبعد أن يتحققوا من بركة غفران الخطايا (مز 32) وتتجاوب البقية مع التحريض بأن يفرحوا بالرب المعطي في نهاية المزمور السابق، تأتي بعد ذلك تسبيحهم كخالقهم وفاديهم بـ "أغنية جديدة" (ع 1 - 5). ويرى المزمور مجيء الرب الألفي وتوقع أن الأرض كلها تخشى الرب وترتعبه (ع 6 - 11). وإسرائيل هي الأمة التي يرتبط بها الرب بنفسه باعتبارهم شعبه. وسيباركون فوق جميع أمم الأرض. ويختم المزمور بنظرة الأتقياء للرب في استنادهم عليه إذ ينتظرون اكتمال تأسيس ملك المسيح الألفي (ع 12 - 22).
مزمور 34:
يستمر هذا المزمور في التسبيح والشكر من المزمور السابق ولكنه يتسع ليكون "في كل حين" وتدعو البقية في إسرائيل كل الأرض ليتحدوا معها ليعظموا الرب معاً ويعلوا اسمه (ع 1 - 3). إنهم سيكرزون بإنجيل الملكوت وسيعلنون بعجائب الرب وخلاصه لهم من جميع مضايقيهم (أي الضيقة العظيمة). ويرسلون ندائهم للجميع ذوقوا وانظروا" ما أطيبه لكي يتكلوا عليه (ع 4 - 8). وستصبح إسرائيل أيضاً معلمة للبر من قبل الرب (أش 2: 2 – 3، 60: 17، مت 28: 19 – 20). وستعلم الأمم أن تخشى الرب ليكون لهم الخير، وعندما يخضعون له فإنهم يتمتعون بالحياة وطول الأيام في الملكوت. ويحذرون العالم من القضاء الذي يجري وقوعه لقطع عاملي الشر أثناء حكم المسيح (ع 9 - 22). قارن مز 101: 3 – 8، صف 3: 5، زك 5: 1 – 4.
مزمور 35 – 41
مزمور 35:
يبدأ هذا المزمور مجموعة جديدة فالبقية التقية ترى مرة أخرى في ضيق عظيم يعانون من اضطهاد اليهود الفجار في الأرض. ويفتتح المزمور بصراخ إلى الرب ليتدخل بصورة واضحة ضد مضطهديهم. وهم يطلبون الحماية الإلهية و"المجن والترس" (ع 1 - 3) ويلتمسون هلاك مضطهديهم الأشرار (ع 4 - 10). وهم يطرحون حجتهم أما الرب وظروفهم، ولكن شهود الزور قاموا مشتكين كذباً بأمور لم يفعلوها (ع 11 - 16). والبقية ("الهادئين في الأرض" مع 20) يتطلعون إلى الرب ويسألون "إلى متى" سيتركهم في ظروف التجربة وهم يحاولون أن يحيوا لأجله وسط يهود أشرار في الأرض (ع 17 – 22). ويدعون الرب لكي يخلصهم من مضطهديهم حتى تنفتح أفواههم بالتسبيح للرب لخلاصه (ع 23 - 28).
مزمور 36:
وإذ تستمر الضيقة فإن الشر يقوم من جماعة اليهود المرتدة في الأرض، إنه ضد المسيح، والمسيا اليهودي الكاذب والملك[28]. وتتطلع البقية إليه وتصف شره بتفصيل (ع 1 - 4) ثم يديرون بصرهم نحو الرب المسيا الحقيق لإسرائيل والملك ويتفكرون في عظمته ومجده. ويا له من تباينّ فالواحد يتصف بالشر أما الآخر بالرحمة والأمانة والبر. الأول ترك فعل الخير والثاني يطلب الخير للإنسان وللبهيمة (ع 5 - 9). إن التطلع للرب يشجع البقية ويدفعها أن تناديه ليخلصهم من مضطهديه ("عمال الإثم") إذ يستحضر الملكوت بالقوة (ع 10 - 12).
مزمور 37:
وإذ يتحققوا قوة الرب العظيمة التي يؤتى بها في الملكوت (مز 36: 5 - 9) فإن البقية تشجع نفسها بألا تضطرب بسبب عمال الإثم في الأرض. وكما أن الرب احتمل طويلاً عمال الإثم هكذا يجب على الذين ينتظرونه للخلاص. لقد حرضوا بأن يثقوا في الرب وينتظروه حتى يتدخل لصالحهم (ع 1 - 6). وضد المسيح (الشرير بصيغة المفرد) يظهر نجاحه لبعض الوقت ولكن البقية تبقى واثقة بأنه لن يدوم طويلاً (ع 7 - 13). إنهم متيقنون كذلك بأن اليهود المرتدين (الأشرار بصيغة الجمع) الذين اضطهدوهم سيقطعون (ع 14 - 22). وفي غضون ذلك فإن نصيب البقية أن تسعى للسير باستقامة أمام الرب وتنتظره. إنه يحفظهم في وقت التجربة (ع 23 - 34). ويختم المزمور بأن تتوقع البقية أن ضد المسيح وأتباعه يبادون بالقضاء وأما هم فيخلصون (ع 35 - 40).
مزمور 38:
المزموران التاليان (مز 38 - 39) يستحضر آلام البقية تحت تعاملات الله القضائية. هذا وبالإضافة إلى الأحزان التي يتجرعونها فإنهم يختبرون (من خلال اضطهاد إخوتهم) ويشعرون بيد الرب التأديبية عليهم من جراء خطاياهم. وسهام الإدانة تخترق ضمائرهم إذ أنهم يتذكرون خطاياهم (انظر عنوان المزمور). ويتحققون أنهم يتعاملون مع الله القدوس وهذا لا يعطيهم راحة (ع 1 - 8). لقد ضعفوا وأنهكوا بالحزن على خطاياهم والاضطهاد ومن اليهود الفجار (ع 9 – 17) واعترفوا[29] للرب (ع 18) ويدعونه لكي يسرع ويخلصهم (ع 19 - 22).
مزمور 39:
والبقية في يأسها تقرر ألا تخطىء بلسانها وهي ترجو بذلك أن تنال عطفاً إلهياً ويأتي خلاصها سريعاً ولكن كبح جماح الذات لا يدوم وعندئذ يفعلون ذات الشيء الذي قالوا أنهم لا يريدون أن يفعلوه (ع 1 - 3). وهذا جعلهم يتحققون تماماً بأنه ليست لديهم أي قوة في ذواتهم. وإنهم يتطلعون إلى الرب لكي يعلمهم أن يعرفوا حقيقة قلوبهم. فيتعلمون الدرس المذل أنه لا يسكن في جسدهم شيء صالح فالإنسان في أحسن أحواله غنما هو باطل (ع 4 - 6). وإذ يصيبهم الإحباط من فشلهم وضعفهم فإن البقية تطرح نفسها على الرب لكي يخلصها من تعدياتها[30]. وإذ يشعرون أنهم تحت ضربة الغضب الإلهي فإنهم يصرخون إلى الرب لكي ينقذهم من مثل هذه التأديبات (ع 7 - 13).
مزمور 40:
هذا المزمور هو ترنيمة قيامة المسيح. وإذ كان ينتظره الرب بصبر لكي يخلصه من جب الهلاك أي الآلام المرعبة التي دخل إليها بإرادة الله لبركة شعبه، وقد سمع له وأنقذه من الموت بالقيامة. ويسرد المزمور طاعته الكاملة كشاهد أمين لله في هذا العالم وحمله واعترافه بخطايا شعبه: وعند تطبيق هذا المزمور على البقية فإنه يفتح أمامهم طريق الخلاص. إنه يتحدث عن كيف أن الرب أتى إليهم وأخرجهم من جب آلامهم وثبت قيامهم وخروجهم، وهذا جعل الترنيمة في أفواههم والتسبيح لإلههم (ع 1 - 3). وإذ يقدرون ما فعله الرب لهم فإنهم يسلمون أنفسهم طواعية لله. إنهم يكرزون بالبر ويعلنون أمانته وخلاصه للجميع (ع 4 - 10). ومع أن الأعداء لا يزالوا في الأرض، فإن البقية تعبر عن حاجتها لحماية الرب وعنايته. إنهم يتطلعون إلى الوقت الذي فيه سيخلصهم الرب تماماً من كل مضايقيهم (ع 11 - 17).
مزمور 41:
يختم هذا المزمور الكتاب الأول من المزامير، ويعطي تلخيصاً لوضع البقية الكاملة وهو نوع من التذليل الذي يقرره فيه ثانية العناصر الأساسية لظروفهم. إنهم يرون متألمين تحت الاضطهاد في فترة الضيق ("زمان الضيقة – دانيال 12: 1"). ومع ذلك فهناك الثقة من جانبهم في أن الرب يحفظهم (ع 1 - 3).
وهناك اعتراف البقية بخطاياهم وبمذلتهم (ع 4 - 8). ولكن الملاحظة الأكثر التفافاً أن المزمور يصف خيانة ضد المسيح "رجل سلامتي" الذي يقود الهجوم ضد البقية (ع 9 - 10) ويختم المزمور بخلاص البقية وأنه يقيمهم قدام الرب بترنيمة الحمد (ع 11 - 13).
[4] انظر يوحنا داربي "مجموعة من الكتابات" مجلد 3 صفحة 126، "ملاحظات وكلمات مختصرة" صفحة 132 مجلد 3 صفحة 65، مجلة الحق المسيحي مجلد 7 صفحة 104
[5] انظر يوحنا داربي "الموجز في أسفار الكتاب" في المزامير –مزمور 25، وأيضاً ج. ر. جل "المستقبل" صفحة 18 و19.
[6] انظر يوحنا داربي "الموجز في أسفار الكتاب". وجرانت "الكتاب العددي (المزامير)" صفحة 12، أرنوجبلين "أسفار المزامير"صفحة 17، كيلي "ملاحظات موجزة في المزامير" صفحة 6.
[7] لا أظن في هذه النقطة أن البقية التقية ستفهم كيف أن الله سيستخدم الآشوري (الهجوم الآشوري الأول، ملك الشمال والحلف العربي) لنوع الأشرار من الأرض. ولكنهم يدركون أن البر والشر لا يسير جنباً إلى جنب في الملكوت، فلهذا لا بد من نزع الشر.
[8] هذا المزمور هو أولى المزمور المسماة "مزامير المسيا" –وهي المزامير المقتبسة في العهد الجديد في تطبيقها المباشر على المسيح باعتباره المسيا. وتشمل مزمور2 الذي يتكلم عن التجسد (عب 1: 5)، مز 8 –آدم الأخير (عب 2: 6 - 8)، مز 16 قيامته (أع 2: 25 - 28، 13: 35)، مز 18 قصده لبركة الأمم (رو 18: 8 - 9)، مز 22 صلبه (مت 27: 46، يو 19: 24 و36)، مز 24 مجد ملكوته الألفي (1كو 10: 26)، مز 40 طاعته لمشيئة الله (عب 10: 5 - 9)، مز 41 الخيانة (يو 13: 8)، مز 45 الملك (عب 1: 8 و9)، مز 68 صعوده (أف 4: 8)، مز 69 رفضه (يو 2: 17، 15: 5، 19: 28)، مز 91 تجربته (لو 4: 10 و11)، مز 97 مجيئه الثاني (عب 1: 6)، مز102 صفته التي لا تتغير (عب 1: 10 - 12)، مز 110 - كهنوته (أع 2: 34، عب 1: 13، 5: 6، 7: 17)، مز 118 - حجر الزاوية (مت 21: 42).
[9] انظر يوحنا بلت "تأملات موجزة فغي المزامير" ص 13 - 15
[10] هذه هي المناسبة الأولى التي تستخدم فيها كلنة سلاه" في المزامير. وتتكرر 71 مرة وتعني "توقف وتأمل" وهي فاصل موسيقي أصلاً ولكننا نأخذها كعلامة لنتوقف عن القراءة ونتأمل فيما قرأناه قبلما نكملها.
[11] هذه هي بداية مزامير اللعنة –وهي مزامير تتضمن صلوات للقضاء على الأعداء وتشمل مز 5: 10، مز 7: 6 - 10، مز 10: 15، مز 28: 4 - 5، مز 35: 1 - 8، مز 55: 9 و15، مز 58:6 - 9، مز 59: 11 - 13، مز 69: 22 - 28، مز 79: 6 - 7 و12، مز 82: 8، مز 83: 9 - 18، مز 94: 1 - 2، مز 109: 6 - 20، مز 137: 7 - 9، مز 140: 8 - 11، مز 141: 5 و10، مز143: 11 - 12، مز 144: 5 - 8.
[12] ابتداء من العدد العاشر ترد لغة الكلام في زمن المضارع وتتضمن مجيء الرب. ويمكن قراءة العدد 11 كالآتي "الله يحكم بقضاء العدل".
[13] هذه بداية المزامير التي تسمى acrostic، وهي المزامير التي تسير بدايات أعدادها المنظومة شعراً بترتيب حروف الأبجدية العبرانية وهي 22 حرفاً، فكل عدد أو مقطع أعداد يبدأ بحرف عبراني مختلف. ومجموع هذه المزامير تسعة. مز 9، مز 10، مز 25، مز 34، مز 37، مز 11، مز 112، مز 119، مز 145.
[14] عندما يرد "الشرير" بصيغة المفرد فهو يشير إلى ضد المسيح أو المسيا الكاذب لليهود المرتدين. وعندما ترد بلغة الجمع "الأشرار" (مز 11 مثلاً الخ....) فهي تشير إلى اليهود أنفسهم الذين يتبعون ضد المسيح ويتصفون بصفاته.
[15] هناك فئتان من البقية اليهودية التي ستؤمن بإنجيل الملكوت أثناء فترة السبع سنوات للضيقة العظيمة: فئة البقية المحفوظة التي لها هذا النصيب (رؤ 7: 1 – 8، 15: 1 - 5) والتي ستجتاز الضيقة لتتمتع بالملك الألفي على الأرض. وفئة من لها نصيب الاستشهاد (رؤ 6: 9 – 11، 15: 2 – 4، أش 57: 1 – 2، دا 7: 21، مي 7: 2) في هذه الفترة بالتحديد ولكنها ستقوم أخيراً لتحكم مع السيد المسيح في فترة الملك الألفي على الأرض (رؤ 20: 4). هؤلاء الشهداء يتضمنون أولئك الذين سيموتون في 3.5سنة الأولى تحت حكم المرأة..... أي الكنيسة المزيفة (رؤ6: 9 - 11) وكذلك الذين سيموتون في 3.5 سنة الأخيرة تحت اضطهاد الوحش وضد المسيح (رؤ 15: 2 - 4).
[16] قارن تك 6: 5، 11: 5، خر 14: 24 وفي كل حالة فإن الرب يتدخل بالقضاء وينظر لكي يقيم المشهد.
[17] هذه هي أولى المزامير ذات العنوان Michtam وتعني مزموراً ذهبياً أو جوهرة ذهبية. وهي ستة مزامير (مز16، 56، 57، 58، 59، 60)
وتتميز بأن القديسين يسيرون بالإستناد على الله (كما نتبين من هذا المزمور) ويجتازون في أعمق التجارب (كما نتبين في المزامير 56 - 60) وهذا يعتبر بشكل خاص أمراً ثميناً لدى الرب.
[18]"Aijeleth Shahar " أي "أيلة السحر" وهي الأيلة التي تأتي مع فجر النهار.
[19] انظر جبلين "كتاب المزامير" ص 106
[20] على الرغم من أن عظماً لم تكسر منه.
[21] الجسد الإنساني مكون من تراب الأرض ويشبه في الكتاب بآنية الخزف (الطين). والشقفة هي قطعة مكسورة من الخزف.
[22] هذه هي المزامير الأولى للتوبة. ومزامير الندامة تشمل الاعتراف بالخطايا – وهي مزامير 25 و32 و38 و41 و51. هي تنطبق خاصة على اليهودية والتي تحمل ذنب الدم لموت المسيح. والله له مخاصمة معهم بخصوص هذا الذنب، وحتى يعترفوا بخطيتهم وبذنب أمتهم ويقبلون المسيح شخصياً، فإنهم لن ينالوا البركة الحقيقة. وكلما استمرت الضيقة فإن خطيتهم يزداد الشعور بثقلها على نفوسهم، ففي البداية يقولون "إن وجد ظلم في يدي" (مز 7: 3). وبعد ذلك يأتي الاعتراف "بالخطايا" و"الخطايا المستترة" (مز 19: 12) ثم في مزامير التوبة نجد الاعتراف بالخطية. وكل مزمور للتوبة ربما يزداد في عمق الندم حتى يصل إلى مزمور 51 الذي نجد فيه الاعتراف التام بذنب الدم في صليب المسيح. وفي مزمور 130 نجد مزموراً آخر حيث تأتي مسألة الخطية ثم الشعور بعمق التوبة. ولكن هناك الأسباط العشرة في عودتهم عندما يرجعون إلى الأرض فإنهم يجتازون التدريبات الروحية في يوم الكفارة.
[23] غالباً ما يقارن الناس بالأشجار – انظر لوقا 6: 43 – 45، أش 7: 2، 10: 16 – 19، 33 – 34، 65: 22، عاموس 2: 9، قض 9: 8 – 16.
[24] وليم كيلي "كلمات موجزة في المزامير" صفحة 7، أ. هـ أيرنسيد "دراسات في المزامير" صفحة 179، كيل وديليتش صفحة 406.
[25] التطبيق هنا يتطلب الحرص الزائد فالجزء الأول من العدد 5 يرينا تطبيقه المحدود على المسيح. فهو بالتأكيد لا يحتاج إلى فداء. ولذلك فالأمر يتطلب التمييز للأجزاء التي تنطبق عليه والأجزاء التي لا تنطبق.
[26] عدد 10 "ضعفت بشقاوة قوتي" وفي K.J"iniquity" والصحيح أنها "distress" وتعني "punishment" كما جاء في دارى.
[27] وهذه بداية مجموعة المزامير المسماة "Maschil" (انظر عنوان المزمور في K.J وهي 13 مزمور في مجموعها، مز 32، 42، 44، 45، 52، 53، 54، 55، 74، 78، 88، 89، 142. وMaschil معناه يعطي قصيدة. وهذه المزامير تتضح أنها تحمل تعليماً خاصاً للبقية التي ستتعلم.)
[28] الشرير في هذا المزمور يأتي بصيغة المفرد، وبذلك يشير إلى ضد المسيح. وبعد ذلك في مزمور 37: 14 – 34 يأتي في صيغة الجمع والتي تشير إلى الأمة المرتدة التي تتبع ضد المسيح.
[30] إن صراخ البقية قبلاً لأجل خلاصهم من الشرير (مز 37: 40، الخ.....) أما الآن فهي لخلاصهم من خطاياهم.
- عدد الزيارات: 5043