Skip to main content

خدمة الله في زمان الخراب 2

(ع 12) وتيخيكس، من الواضح أن الرسول سبق وأرسله إلى كريت (تي 3: 12) وأما الآن فيرسله إلى أفسس إنه أراد أن يخدم بتوجيه من خادم المسيح.

(ع 13) وقد يتعجب الإنسان الطبيعي، أنه في رسالة رعوية هامة كهذه، فإن الرسول يتوقف ليتحدث عن الرداء والرقوق (أو الكتب). ونحن ننسى أن الله الذي يمنحنا البركات الأبدية لا يمكن أن ينسى حاجاتنا الزمنية القليلة. فالرداء الذي نلبسه والكتاب التي نقرأها ليست بلا أهمية لديه. وفي حماقتنا قد نظن أن مثل هذه الأشياء لا يهتم بها, ولذلك يصبح التفكير في مثل هذه الأشياء –الرداء الذي نلبسه والكتب التي نقرأها فخاخاً عظيمة منصوبة أمامنا.

(ع 14و15) اسكندر المشار إليه ليس معلماً شريراً مثل حالة هيمينايس، وليس محباً لهذا العالم الحاضر مثل ديماس بل بالحري عدواً شخصياً للرسول مدفوعاً بعداوة شخصية فلا يهمه ما يقول الرسول، ولكن اسكندر يقاوم أقواله. إن مثل هؤلاء الناس كانوا موجودين أيام الرسول، وللأسف فلا يزالوا موجودين الآن في دائرة الاعتراف المسيحي، الذين يقامون ما يقال ليس بسبب أنه خطأ بل بسبب العداوة للشخص الذي يتكلم. والشعور بشرور هؤلاء الناس ربما يعرضنا بسهولة لعدم التحفظ فنواجه الجسد بالتصرفات الجسدية. لا يجب على خادم الرب أن يجازي الشر أو الشكوى بالشكوى، فلم يقل "سأتعامل معه بحسب أعماله" بل أستودع المسألة كلها للرب، وأمكنه أن يقول "ليجازيه الرب حسب أعماله". وبالرغم من ذلك فهو يحذر تيموثاوس ليتحفظ منه. ويا للأسف ففي دائرة المعترفين بالمسيحية يوجد هؤلاء الذين من الضروري أن نحذر القديسين منه.

(ع 16) وجد الرسول في زمانه، كما لكثيرين بعد ذلك، أن الطريق يضيق كلما اقتربنا من الهدف المنشود. فعندما استدعى للمحاكمة أمام سلطات هذا العالم قال "لم يحضر أحد معي بل للجميع تركوني" هذه المعاملة التي اتسمت بالجبن وخلت من العواطف، لم تترك في قلب الرسول أي استياء أو تذمر، بل على العكس جعلته يصلي لأجلهم "لا يحسب عليهم".

(ع 17) عندما يفشل الجميع ويتركوننا, فإن كلمات الرب تبقى دائماً حقا, "لا أهملك ولا أتركك". ولقد وجد بولس في وقت تخلى القديسين عنه أن الرب وقف معه قواه فإذا كان الرب يعطي قوة فهي ليست لسحق أعدائنا, أو قوة للخلاص من ظروفنا الصعبة القاسية ولكنها قوة روحية لنشهد له أمام أعدائه. فأمكن للرسول أن يقول "الرب وقف معي وقواني لكي تتم بي الكرازة ويسمع جميع الأمم". ومن كلمات الرسول بولس التي كرز بها نعرف أنها الكرازة لغفران الخطايا بهذا الإنسان "بهذا الإنسان" المسيح يسوع الإنسان المقاوم في المجد (إع 13: 38). فإذا كان بولس منح قوة ليكرز بالمسيح، فإن الرب نفسه يدربه بتلك القوة ليخلص خادمه من الخطر المباشر فلم يقل "سأنقذ نفسي" بل "فأُنقذت من فم الأسد".

(ع 18) هذا فضل عن أن الرسول يتطلع بثقة ويقول "وسينقذني الرب من كل عمل رديء ويخلصني من ملكوته السماوي". كما قال المرنم "يحفظك الرب من كل شر، يحفظ نفسك" (مز 121: 7). إنه يصل إلى الملكوت السماوي بالاستشهاد ولكن النفس تحفظ من كل شر.

ومع الملكوت السماوي أمكن لخادم الله الأمين أن يصل إلى نهاية الرسالة بإطلاق تسبحة لذلك الذي بالرغم من تخلي القديسين عنه وظهور قوة الأسد وكل عمل رديء فإنه يحفظ شعبه لملكوته "الذي له المجد إلى دهر الدهور آمين".

(ع 19) ويضيف الرسول تحية ختامية لاثنين من القديسين، بريسيكلا وآكيلا الذين ارتبطا به في خدمته المبكرة وبقيا أمينين له في ختام حياته (أع 18: 2). ومر أخرى يفكر في بيتي أنيسيفورس – ذاك الذي لم يخجل لسلسلته (ص 1: 16- 18).

(ع 20) من الملذ لنا أن نعرف تحركات وأعمال خدام الرب الأمناء إذ يسجل لنا بولس تلك الحقيقة أن "أراستس بقي في كورنثوس"، وأن تروفيمس ترك في ميليتس مريضاً. ومن الواضح أن القوة المعجزية للشفاء التي ارتبطت بشهادته وقد استخدمها الرسول لم يستخدمها لراحة أخ وصديق، كما قال واحد: "المعجزات كقاعدة إنما هي آيات لغير المؤمنين، وليست وسائل لشفاء أهل الإيمان".

(ع21) لا نجد تفاصيل تخص أولاده فمع أنها إشارات لكن لها اعتبار لدى إلهنا وأبينا. وسبق لبولس أن أشار إلى الرداء والكتب والآن يفكر في فصل الشتاء. وعلى تيموثاوس أن يجتهد في المجيء قبل الشتاء. فهذه تضيف صعوبة إلى رحلته.

ويذكر هنا ثلاثة إخوة وأخت بالاسم يرسلون تحياتهم إلى تيموثاوس مع "الأخوة جميعاً" وهذا دليل ليس فقط للمحبة والتقدير اتجاه تيموثاوس بل نرى عناية الرسول لتعزيز المحبة بيين القديسين.

(ع 22). وجميل جداً أن يختم بولس رسالته إلى تيموثاوس بتلك الرغبة أن الرب يسوع المسيح يكون مع روحه. وكم غالباً ما نكون صحيحين في تعليمنا ومبادئنا وفي سلوكنا الخارجي، ولكن إذ نكون في أرواحنا مخطئين فإن كل شيء يفسد. فإذا كان الرب يسوع مع روحنا فإننا سنظهر ذلك في كلماتنا وطرقنا "روح يسوع المسيح" (في 1: 19). ولهذا احتاج تيموثاوس والقديسين معه إلى نعمة ولذلك فإن الرسول يختم رسالته بهذه الرغبة "النعمة معكم".

ولعل نحن أيضاً في أزمنة أكثر صعوبة كم نحتاج أن نعرف لنتقوى بالنعمة التي في المسيح لتحفظ أرواحنا في مواجهة قوى العدو الذي يريد أن يفسد شهادتنا بإثارة الجسد. وكم نحتاج إلى أمانة في حفظ الحق مع وداعة المسيح لئلا يجدف على طريق الحق.

  • عدد الزيارات: 2826