طريق الشر أدى إلى خراب الكنيسة كبيت الله
ورأينا في مستهل هذا الإصحاح الذي أمامنا الحالة الروحية التي يلزم أن تصف الأمناء وأمكنهم أن يميزوا التحول الخطير عن الحق، وأيضاً طريق اله في وسط الخراب. وقبل أن نضع أمامنا طريق الله، فإن الرسول في الأعداد من 14 - 18 يلمس بكل اختصار بعضاً من الشرور التي أدت إلى خراب الكنيسة وهي تحت المسئولية.
(ع 14- 16) تعلمنا من الإصحاح الأول أن جميع الذين في آسيا قد ارتدوا عن الرسول. وهذا يتضمن في معناه أن الكنيسة لم تدم في قمة دعوتها السماوية. وكان الخطوة الأولى في انحراف الكنيسة هي التخلي عن صفتها السماوية. وكانت أعظم الحقائق هي التي بدأت الكنيسة أولاً في التخلي عنها. هذا التفريط في الدعوة السماوية ترك الباب مفتوحاً لدخول العالم والجسد بطريقة سافرة. وبشار إلى خدام الله في عدد 14 كأول مظهر لهذا الفساد. إنه يتتبع الخراب في شكل أفكار بشرية تقود إلى المنازعات، (الكلام غير النافع وبذلك يضلون عن كلمات الحق.
إنه يحذرنا من مجالات الكلام، ويذكرنا ليس فقط بكلمة الحق، ل بكل كلمة الحق التي تفصل بالاستقامة. فكل الكتاب هو كلمة الحق وما يسبب الضرر أن يعطى الكتاب بتفسيرات خاصة أو باستخدام النصوص في غير سياقها الأصلي، ولذلك كما قال بطرس يحرقون الكتاب لهلاكهم.
ثم نحذر من انحراف آخر، فإن الكلام غير النافع ينتج "الأقوال الباطلة والدنسة" فالأقوال الباطلة التي تدنس تتعامل مع الأمور الإلهية كما لو كانت أموراً شائعة، وهم يتعاملون بخفة مع الأشياء المقدسة. والأقوال الباطلة تجعل مناقشاتهم بلا أي موضوع.
كما نحذر أيضاً من الأقوال الباطلة والدنسة ستزداد. وبالقدر الذي تهتم به المسيحي المعترفة فإن بولس لا يضع أي أمل بأن هذا التيار المنحدر سيقاوم، بل على العكس فإننا بالتحديد نحذر من ازدياد الشر.
وفضلاً عن ذلك، فكما أننا نحذر من ازدياد الأقوال الباطلة والدنسة، فإنه يتبعها أيضاً ازدياد في السلوك غير التقوى. فالكلام الدنس يقود إلى سلوك غير تقوي. والتمسك بالكلام الدنس ونشره يقلل دائماً من مستوى السلوك الخارجي. والتساهل في التعليم يقود إلى الرخاوة في السلوك الأدبي.
(ع 17 و18) ونتيجة أخرى مرعبة من ازدياد الكلمات الباطلة والدنسة وعدم التقوى. وهي أنها تدر الحقائق المسيحية الحيوية في أذهان الناس، إذ نقرأ أن أقوال أولئك –الأقوال الباطلة والدنسة –تنتشر كالغنغرينا أو ترعى كآكلة التي تأكل وتدمر الأنسجة الحية في الجسم.
ولذلك خطوة تلو الأخرى، نرى أن الرسول يتتبع بمهارة إلهية تقد الشر الذي أفسد المسيحية
فأولاً: مماحكات الناس حول الكلمات التي لا تفيد ولا تنفع.
ثانياً: المجادلات الكلامية تؤدي إلى الأقوال الباطلة والدنسة.
ثالثاً: الازدياد المستمر لهذه الأقوال الباطلة والدنسة يؤدي إلى انعدام التقوى. وهكذا نجد في دائرة الاعتراف المسيحي أن المسلك الخارجي ينحط إلى المستوى بأن الناس تتصرف بدون خوف الله.
رابعاً: فالسلوك غير التقوى يميل إلى تدمير وسلب الناس من الحقائق المسيحية العظمى والحيوية.
ولكي يرى نتيجة هذا التفسخ الحادث بسبب حالة الشر التي أسقطت المسيحية، فإن الرسول يعطينا مثلين خطيرين: هيميناس وفيليتس وهما رجلان في دائرة المسيحية وكانا يعلمان تعاليم خاطئة.وبدلاً من أن يفصلا كلمة الحق بالاستقامة فإنهما زاغا عن الحق، وعلما بأن القيامة قد صارت ومن الواضح أنهما لم ينكرا القيامة، بل أنهما أعطوا روحنة لمعنى القيامة وأثاراً جدالاً حول حدوثها بمعنى ما. ومثل هذا الخطأ لا نستبعده باستخفاف ظانين أنها طائشة هوجاء صادرة عن أناس مبالغين وغير مسئولين، ومع أن هذا الخطأ يبدو أنه غير منطقي، فإن الرسول يسبق فيرى الكنيسة المعترفة وهي تفسد ويعمل فيها الخطأ وكأنه غنغرينا تأكل فيها. أيصبح من الصعب أن نرى أنها "تقلب إيمان" أولئك الذين يتشربون هذا التعليم! وإذا كانت القيامة قد صارت، فمن المؤكد أن القديسين وصلوا إلى حالتهم النهائية وهم على الأرض، ونتيجة ذلك أن الكنيسة ستكف عن التطلع إلى مجيء الرب، فتفقد الحق المختص بنصيبها السماوي، وبذلك تتخلى عن صفتها كالغريب والسائح. وعندما تفقد الكنيسة صفتها السماوية، فإنها بذلك تستقر في الأرض وتأخذ مكانها هنا داخل نظام العالم في محاولات إصلاحه والتدخل في نظامه.
واليوم قد لا نجد من يحاول أن يعلم بأن القيامة قد صارت، ولكن نتائج هذا التعليم المتهور باقية ونراه بشكل تام وظاهر ي دائرة الاعتراف المسيحي، فالمجهودات الدينية والإدارية، وغيرة المرسلين في المسيحية المعترفة تنادي بأن الكنيسة مستقرة هنا في مكانها وتقوم بعملها ساعية لإصلاح العالم وتهذيب الوثنيين لجعل العالم مكاناً له التقدير وترفرف عليه السعادة.
- عدد الزيارات: 3873