ظلام أدوم
الأعداد الستة عشر الأولى من السفر تتناول قضاء أدوم. والخمسة الأخيرة تعلن الخلاص الذي سيناله بيت يعقوب حينما يسقط بيت عيسو ولا يقوم. وبهذين الأخوين، وببيتهما، ترتبط دروس هامة كثيرة. فقبل أن يولد أيهما اختار الله يعقوب قائلاً «كبير يُستعبَد لصغير». وتلك هي النعمة التي تختار، النعمة العجيبة بكل يقين. ومن هو أقل استحقاقاً من يعقوب الجبان؟ من هو أكثر إعجابا - من أوجه عالمية عديدة - من عيسو الشجاع الكريم؟ لكن الله اختار يعقوب، وهكذا أظهر غرض نعمته.
وليكن القارئ على فهم سليم لهذه الأقوال، فليس الأمر خاصاً باختيار يعقوب للسماء وعيسو المرفوض للجحيم، فهكذا كانت أوهام اللاهوتيين، ولكن ليس هكذا يتكلم الكتاب. فقد اختار الله يعقوب ليرث بركة إبراهيم وليكون مستودع الوعد. إذ ذاك جعل عيسو خاضعاً لأخيه. وذلك تنفيذاً أو تطبيقاً لقاعدة كثيراً ما تجلت في سفر التكوين؛ أي إلغاء الأكبر ومنح البكورية للأصغر. ولنتذكر أبداً أن الله ألغى الإنسان الأول ليجعل الإنسان الثاني أولاً، فإنه «ليس الروحاني أولاً بل الحيواني وبعد ذلك الروحاني». وهذا ما رأيناه في أمر قايين وهابيل، ثم في إسماعيل وإسحق، ثم عيسو ويعقوب، ورأوبين ويوسف، ومنسى وأفرايم.
وطبعاً لهذا فإن عيسو وجنسه الذي يحمل اسمه يَظهرون في الكتاب المقدس رموزاً للجسد. كما يرمز يعقوب إلى الإنسان الجديد الذي يتعلم أن يغلب بواسطة التأديب. وفي آخر أسفار العهد القديم يلخِّص الله أمر هاتين العائلتين، معلناً قوله «أحببت يعقوب وأبغضت عيسو».
- عدد الزيارات: 3729