مقدمة
لا نعرف شيئاً عن يوئيل بن فثوئيل فيما خلا القليل الذي نستخلصه من رسالته لإسرائيل بأصحاحاتها الثلاثة. بيد أن التقليد اليهودي يضعه في أيام عزيا، الأمر الذي لا يستند إلى دليل قاطع.
معنى اسم يوئيل “يهوه هو الله”، ومعنى اسم أبيه “رؤيا” أو “حكمة الله”، أو “اتسعوا”.
كانت ضربة الجراد المخيفة قد غشت أرض إسرائيل، أكلت كل أخضر، وخلَّفت الجدب والمجاعة. في هذه الظروف أوحى الله إلى يوئيل أن يعمِّق في ضمائر يهوذا - فإنه تنبأ في المملكة الجنوبية وإليها - أن تلك الضربة كانت من الرب، وبسبب خطية شعبه.
وبعد ذلك أخذ الروح القدس أفكاره إلى الأيام الأخيرة، فيرى من خلال الكارثة الساحقة التي ضايقتهم صورة لزمان ضيق يعقوب الذي سيحدث قبل مُلك المسيا. وهكذا صار الخراب الحاصل يومئذ موضوع رسالة نبوية بعيدة الأثر. وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه أثناء دراستنا لنبوءة هوشع، من أن النبوءة تتعدد مراحلها التاريخية، وقد تكون لها تطبيقات كثيرة، لكن لا تقتصر أبداً على ما هو حادث في زمانها، بل تستكمل ملامحها وأغراضها في «يوم الرب» القادم.
ومبدأ آخر له خطورته يشد انتباهنا هنا، من خلال الأسلوب الذي يستخدم به النبي تلك الكارثة التي كان يعاينها الشعب يومئذ، لتكون مجالاً لتدريب نفوسهم. والله يريد لشعبه أن يلمسوا يده في جميع هذه الافتقادات. وبالنسبة للمؤمن لا يوجد ما يمكن أن يُسمى محض صدفة أو أسباباً عارضة. وهوذا الرب يقول عن نفسه إنه «صانع السلام وخالق الشر»، وهو الذي يتساءل «هل تحدث بلية في مدينة والرب لم يصنعها؟» (إش7:45، عا6:3). والشر في هاتين القرينتين هو البلية؛عكس السلام والظروف الهادئة. فإذا ما كنتُ مدعواً لاجتياز ظروف كهذه فلأن الله يرى ضرورة في نفسي لهذه المعاملة التأديبية. فهو بقلبه يعمل لصالحي. إذاً فلأعترف بأعماله ولأتدرب بها. وهذا هو درس عبرانيين 12، الذي يؤكده استخدام يوئيل لضيقات يهوذا في هذه النبوءة الموجزة والقاطعة.
لنتحول للتأمل في ما تنطوي عليه هذه الأصحاحات الثلاثة المثيرة من تعليم. فليت ذاك الذي وحده يفتح البصيرة بالروح القدس، يفتح عيوننا لنرى عجائب من حكمته في كلماته التي أمامنا الآن!
- عدد الزيارات: 4090