إصحاح 7، آية 1
1-"ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم. دوائر فخذيك مثل الحلى صنعته يد صناع" (1)
يرسم الروح أمامنا في هذا الفصل صورة دقيقة ومفصلة لعروس الملك، ويعطينا لقبا جديدا "يا بنت الكريم" (أو يا بنت الأمير (2) وهذا يوافق ما جاء في مز45 حيث نقرأ "كلها مجد ابنة الملك".
ولقد سبقت الإشارة في تأملاتنا في ختام الإصحاح السابق إلى ان من امتياز القديسين ان يحيوا حياة النصرة _ الحياة الغالبة _ في كل حين وفي كل الظروف، ومتى كنا في حالة كهذه فلا بد ان ترى فينا الصفات والمحاسن المذكورة في صور تشبيهية في هذا الفصل _هذه الصفات والمحاسن التي لم يذكر مثلها بالتفصيل في الإصحاحات السابقة، الأمر الذي يدل على التقدم والنمو في الحياة الروحية ظاهريا وباطنيا.
* * *
وإذ نقارن هذه الأعداد بالأوصاف التي وصفت بها العروس عريسها (ص5: 10-16) نجد ان العروس تصف عريسها مبتدئة من الرأس حتى تصل إلى القدمين، بينما توصف العروس هنا من القدمين حتى إلى الرأس، ولعل العروس كان منظورا إليها قبل كل شيء _ من الناحية الأرضية، أو كان الإعجاب بسلوكها وبخطواتها العملية كان أفضل من أي شيء آخر.
* * *
يبدأ الكلام هنا بوصف قدمي العروس "ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم" فخطوات العروس تتميز بالاتزان والعظمة الروحية والوقار، كما بالسير في طريق السلام "حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام"(أف6: 15) وكنيسة الله مدعوة لان تسلك وتسير في هناءة السلام الإلهي "لان الله ليس إله تشويش بل إله سلام. كما في جميع الكنائس"(1كو14: 33) "مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام"(أف4: 3).
* * *
ثم "دوائر فخذيك مثل الحلى" (أي مفاصل فخذيك *) والمفاصل هي التي تعطي الرجلين القدرة على السير في الطريق بكل حرية وباتزان. أنها "مثل الحلي" ولا يتسنى لنا ذلك إلا بإخضاع الجسد، وكل ما هو من الطبيعة والذات، فالإنسان الذي صارع يعقوب لم يتركه حتى ضرب حق فخذه "فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه"(تك32: 25) فالنشاط الجسدي وقوى الطبيعة _ أي الذات يجب ان تتعطل وتشل حتى يتسنى للنعمة ان تنشئ فينا القوة الروحية للسير بحسب إرادة الله. لقد أعطي بولس شوكة في الجسد، ولكنه تعلم أخيرا بان الأفضل هو ان تكون له الشوكة ونعمة المسيح من ان يكون بدونها. لقد تعلم ان القوة قد تكملت في ضعفه، ومتى كانت خطواتنا مرتبة ومزينة بنعمة المسيح وبقوة روحه القدوس فأنها تكون في عينيه "مثل الحلي صنعه يدي صناع" حقا ما أحوجنا إلى الاتصال المستمر "بذاك الذي هو الرأس المسيح الذي منه كل الجسد مركبا معا ومقترنا بموازرة كل مفصل حسب عمل على قياس كل جزء يحصل نمو الجسد لبنيانه في المحبة"(أف4: 15و16).
- عدد الزيارات: 3392