إصحاح 6، آية 13
13-"ارجعي ارجعي يا شولميث ارجعي ارجعي فننظر إليك"
"ماذا ترون في شولميث؟ (1)"
"مثل رقص صفين (2)"
"ارجعي" هذه هي الدعوة الموجهة إلى العروس ويتكرر هذا النداء "ارجعي" أربع مرات الأمر الذي يدل على أهمية هذه الدعوة "ارجعي ارجعي يا شولميث ارجعي ارجعي فننظر إليك" ويبدو من هذا ان العروس لم تكن ظاهرة أو منظورة، لذا تناشدها العذارى بان ترجع لكي يستطعن ان يرينها "فننظر إليك" فقط كانت كأنها بعيدة عن المشهد أو المكان اللائق بها، لذلك يطلب إليها بإلحاح ان ترجع لكي يستطاع رؤيتها. ان هذا ينطبق _مع الأسف انطباقا تاما على تاريخ الكنيسة، فقد كانت الكنيسة في أيامها الأولى كعروس متحلية بزينة روحية مقدسة وبجمال المسيح عريسها، ولكن لم يمض وقت طويل حتى كأنها اختفت من المشهد أجيالا عديدة حتى وصفت "بالكنيسة الغير المنظورة" مع أنه لم يكن قصد الرب ان تكون الكنيسة غير منظورة "هل فأريك العروس امرأة الخروف" (رؤ21: 9) لقد كانت ظاهرة ومنظورة في الماضي وستكون ظاهرة ومنظورة في المستقبل، فكيف لا تكون منظورة الآن؟ ان دليل الانحراف المريع، ولكن هوذا النداء يوجه إلى العروس بصوت جلي وواضح ومتكرر "ارجعي ارجعي. . فننظر إليك" فيجب ان تكون كمنارة موضوعة على جبل عال. ان قصد الرب ان تكون الكنيسة منيرة ونورها ظاهر وساطع قدام جميع الناس. أنه يريدها شاهدة أمينة له، وان تظهر صفاته وكمالاته قيل ان تتغير لتكون على صورته ومعه في المجد، ومع أنه لا ينتظر ان تظهر صفات ومميزات الكنيسة السماوية في جميع المعترفين بالمسيح _أي الكنيسة الاسمية، ولكن الرب يعمل بوسائل نعمته ولو في بقية صغيرة من المؤمنين _ ربما في أثنين أو ثلاثة من المؤمنين الأمناء الذين يسلكون معا _ بكل تواضع بحسب نور كلمة الله وبحسب الحق الكتابي المتعلق بالكنيسة ومبادئها. ليتنا نهتم بان نكون في هذه الحالة المباركة.
* * *
ثم يسأل هذا السؤال "ماذا ترون في شولميث؟ والجواب "مثل رقص صفين" أو "مثل جماعة من جيشين" وفي هذا إشارة إلى الشهادة المزدوجة عن قوة العروس الروحية المنتصرة. لقد قال يعقوب قديما عندما لاقاه ملائكة الله "هذا جيش الله" (تك32) "فدعا اسم ذلك المكان محنايم" (نفس الكلمة المذكورة هنا في نشيد 6: 13) أي جيشين من الملائكة لحراسة يعقوب عند رجوعه إلى بيت إيل، أما هنا فقد رأت العذارى شولميث مثل "رقص صفين" والرقص يدل على ان الأعداء قد دحروا ولم يبق على الشعب المنصور بالرب إلهه إلا ان يرقص فرحا بالرب الذي قاده في موكب النصرة. لقد خرجت النساء وراء مريم أخت موسى وهرون بدفوف ورقص مرنمات للرب "فأنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر" (خر15: 20) وكذلك حين رجع داود من قتل الفلسطيني ان "النساء خرجت من جميع المدن بالغناء والرقص"(1صم18: 6) فشولميث قد رأتها العذارى كالغالبة والمنتصرة على أعدائها، والله يريدنا ان نرى لا كضعفاء منهزمين بل كمن "يذهبون من قوة إلى قوة" أنه لمن المؤسف حقا ان نرى من الآخرين في حالة الضعف والهزيمة، بينما لدينا وسائل النعمة الغنية لنغلب وننتصر بقوة الرب الذي يهبنا القدرة على ذلك. قد تكون أمامنا صعوبات ومعطلات متنوعة ولكن الله يريدنا ان نسمو فوقها وان نحيا الحياة الغالبة، ولا يجب ان يساورنا الفكر لحظة واحدة بان هذه الصعوبات تؤدي بنا إلى الهزيمة والفشل، بل بالحري "في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" تفكر في ينابيع وموارد النعمة الني لنا في إلهنا وأبينا وفي الرب يسوع المسيح وفي الروح القدس. تفكر في قوة الصلاة _ "صلاة الإيمان التي تقتدر كثيرا في فعلها" وفي نتائج الثبات في المسيح وتيقن أنك إذا سرت مع الله فأنك بكل يقين تستطيع ان "تسبح اسمه برقص"(مز149: 3). ان الرب يدعو خاصته _ الكنيسة التي هي جسده، ان ترجع إلى حالة النصرة التي كانت عليها قديما، أما إذا لم نستطيع ان ننتصر في المكان والظروف التي نحن فيها الآن فأننا لا نستطيع ان ننتصر في أي مكان أو في أية ظروف أخرى "وأما منتظروا الرب فيجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون"(أش40:31).
* * *
ثم ان رؤية العروس مثل "رقص صفين" يشير بلا ريب إلى اتحاد بيت يعقوب الذي طالما انقسم على نفسه، وذلك سيتم في عهد رئيس السلام. يومئذ لا يكون يهوذا وإسرائيل أمتين الواحدة ضد الأخرى بل يصيران أمة واحدة وهي التي يشار إليها هنا بعروس سليمان الحقيقي "شولميث" أي التي لها سلام، وهذه الواحدة ستصير ظاهرة وواضحة أمام العالم بأسره في الملكوت الألفي، ملكوت السلام "فيزول حسد أفرايم وينقرض المضايقون من يهوذا. أفرايم لا يحسد يهوذا ويهوذا لا يضايق أفرايم" (أش11: 13) عندئذ يعم السلام، والأسباط الإثنا عشر يملكون في أرض ميراثهم. في ذلك الوقت تكون أبواق القتال معلقة والسيوف تطبع سككا والرماح مناجل ولا يتعلمون الحرب فيما بعد (أش2: 4).
* * *
- عدد الزيارات: 4902