إصحاح 3، آية 11
11-"أخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه".
يوجه الروح القدس الدعوة إلى "بنات صهيون" لكي يخرجن وينظرن الملك سليمان متوجا في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه". فلكي يتسنى لنا ان نرى "الملك في بهائه، أو بالحري لنراه "مكللا بالمجد والكرامة" يجب قبل كل شيء ان "نخرج" لأننا لا نستطيع ان نتمتع بالشركة الحقيقية _ شركة مقدسة مباركة معه إلا إذا انفصالنا أولا عن كل شيء سواه "فلنخرج إذا إليه خارج المحلة". يجب ان ننفصل انفصالا عمليا وصادقا عن كل مبادئ هذا العالم الموضوع في الشرير، وعندئذ يكون لنا النصيب الصالح المبارك _ نصيب النظر إلى سليمان الحقيقي _ إلى ذاك الذي هو أبرع جمال من بني البشر، والتفرس في جماله. صحيح أنه سيأتي "بعد قليل جدا" وسنراه "كما هو". سنرى ذاك الذي كلل مرة بإكليل الشوك، سنراه عيانا وعلى رأسه تيجان كثيرة، إلا أنه من امتيازنا إذ نخرج إليه ان نراه الآن بالإيمان، وان نرى مجده بوجه مكشوف _ نرى بالإيمان ذاك الذي رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم وان نشاركه في "فرح قلبه". أنه _ تبارك اسمه _ يريدنا ان ندخل إلى دائرة هذا الفرح _فرح قلبه هو ذلك بقوة الروح القدس "ليكون لهم فرحي كاملا فيهم"(يو17: 13).
* * *
ان ذلك اليوم "يوم عرسه ويوم فرح قلبه" هو اليوم الذي فيه يأتي ابن الإنسان كملك الذي يملك على الأرض، ولكنه قبل ان يأتي كملك الملوك ورب الأرباب سيأتي كالعريس السماوي _ عريس الكنيسة لان وقت ظهوره كملك الملوك هو بعد مجيئه كالعريس لعروسه _ الكنيسة التي هي جسده، ففي رؤيا 19: 6-8 نسمع أجواقا عديدة تهتف قائلة "هللويا فأنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء. لنفرح ونتهلل ونعطه المجد لان عروس الخروف قد جاء وامرأته هيأت نفسها. وأعطيت ان تلبس بزا نقيا بهيا لان البز هو تبررات القديسين" وهذا المشهد _ مشهد العرس والفرح كان مائلا أمام عيني الرب يوم حزنه العميق الذي فيه "من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي"(عب11: 2) ولكننا نراه في هذا الفصل عينه (رؤ19: 11) آتيا بعد عشاء العرس السالف الذكر جالسا على فرس أبيض رمز السلطان والقوة الملكية، وسيكون ذلك أيضا "يوم فرح قلبه" بشعبه الأرضي _ البقية التقية.
سلفت الإشارة (في ع4) إلى الأم "بيت أمي وحجرة من حبلت بي" وهوذا هذه الأم عينها تظهر في المشهد مرة أخرى "التاج الذي توجته به أمه". لما كان الرب هنا على الأرض ماذا عملت له أمه "إسرائيل"؟ أنه لم يكن له مكان أو أدنى ترحيب في قلبها، وليس إسرائيل بصفة عامة فقط بل حتى أورشليم مدينته التي كان يجب ان تقبله وترحب به وبمحبته لها باعتبارها عروسه الأرضية فأنها لم تقبله بل بالحري كانت أشد عداوة لملكها من كل إسرائيل، ولكن عندما يأتي ذلك اليوم "يوم عرسه" ستظهر مرة أخرى تلك الأم المشتتة الآن، ولنلاحظ ان هذه الأم ليست هي العروس _ ليست العروس السماوية أي الكنيسة كما أنها ليست العروس الأرضية أي البقية اليهودية التقية وإنما هي الأمناء في كل إسرائيل مستقبلا.
وأننا عندما نتأمل في العهد الجديد حيث الكلام فيه عن العروس السماوية فأننا نرى فيه "الآب" وليس الأم، فلماذا الآب هناك (في العهد الجديد) والأم هنا (في سفر النشيد)؟ ذلك لأنه بالنسبة لنا كل شيء نبعه أو مصدره إلهي وسماوي، فالأب _ إله وأبو ربنا يسوع المسيح هو إلهنا وأبونا، أما الأم فهي أكثر ارتباطا بما هو أرضي وطبيعي. ان ربنا يسوع المسيح هو الذي أعطانا هذا المركز السماوي والعلاقة الروحية بفضل عمله الفدائي _ هو _ تبارك اسمه وليس الأم. ان الأم هنا بلا ريب هي إسرائيل.
ويرينا الروح القدس في الأعداد الأخيرة من هذا الإصحاح المناظر المجيدة الخاصة بالعريس الحبيب. أنه يرسم أمامنا سريره ومركبته وتاجه ويوم عرسه _ يوم فرح قلبه، أشياء كلها تخصه وحده دون سواه، ومتى تأملنا فيها مليا بقوة الروح القدس فأنها تجتذب قلوبنا إليه وتزيد في تعلقنا به ومحبتنا له وتضرم الرغبة في عواطفنا لخدمته وعبادته.
* * *
- عدد الزيارات: 4279